خفايا التهويل المُمنهج لكارثة التغير المناخي

تحرير/ عبد المنعم أديب

حالة من الذعر والهستيريا تطبق على قلوب الشعوب، بمجرد ذِكر عبارة “التغيُّر المناخيّ”. وقد ساهمت غالبية وسائل الإعلام بأنواعها، ومن خلفهم رجال السياسة والنخب والمنتفعون من النخب والشركات العالمية على تأجيجها مُصوِّرة إيَّاه وحشًا كاسرًا يبغي إبادة البشرية برُمَّتها؛ مما يستلزم بذل الغالي والنفيس في سبيل ردعه. على الجانب الآخر، عكف علماء وباحثون على دحض هذا التضخيم الإعلامي المُمنهج للكارثة؛ مُرتكزينَ في ذلك على بيانات ودراسات علمية، وأماطوا اللثام عن عُقم الحلول والتدابير المُكلِّفة، التي تقدَّمَ بها العلماء والنخب؛ بُغية التصدي لتحديات الاحتباس الحراريّ، دون أن يكون لها تأثير يُذكر على حل مشكلة ارتفاع الحرارة في العالم. بينما كان الأجدر بهم إنفاق الأموال على الأبحاث والتطوير والابتكار؛ لاستنباط حلول بيئية طويلة الأجل، وتركيز الاهتمام على أولويات أخرى أكثر إلحاحًا؛ لتعزيز الرفاهية العالمية، وتوطيد القدرة التكيفية المنشودة.

التوجه المُتشكِّك في النشاطات المناخية

التغير المناخي

هناك أسماء تصدرت هذا التوجه المُتشكِّك؛ منهم الكاتب الدنماركي “بيورن لومبورغ” (رئيس مركز إجماع كوبنهاغن، والمدير السابق لمعهد التقييم البيئي للحكومة الدنماركية (EAI) في كوبنهاغن). الذي ذاع صيته دوليًا في عام 2001 بكتابه الأكثر مبيعًا والمثير للجدل “حماة البيئة المتشككون The Skeptical Environmentalist”، وكتابه الجديد “الإنذار الكاذب: الإضاءة على المليارات التي نتكبدها على التغير المناخي؛ فيما يتأذى الفقراء وتبقى مشاكل الكوكب دون حل، False Alarm: How Climate Change Panic Costs Us Trillions, Hurts the Poor, and Fails to Fix the Planet “. ورالف شولهامر (أستاذ مساعد في الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة ويبستر فيينا)، وغيرهما الكثير من علماء وباحثين يرتكزون في آرائهم على العلم والبيانات والتفكير المنطقي.  

في مُقابلة أجراها معه الصحفي “بارناباس هاينتس” من منصة “هايب وهايبر Hype & Hyper”؛ أوضح لومبورغ أن العلم يدحض هذا التهويل حول مشكلة التغير المناخي وحلوله، وأشار إلى ما أكدته “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” بأن مشكلة الاحتباس الحراري قائمة، ولا أحد ينكرها، لكنها لا تؤدي إلى نهاية العالم. إنها مشكلة من صُنع الإنسان، عكفت وسائل الإعلام على تضخيمها وتهويل تبعاتها. أضف مساهمة الرئيس الأمريكي نفسه في ذلك التهويل. واسترسل في استيضاح وجهة نظره بالتنويه على بعض المفاهيم الخاطئة في هذا الإطار.

تطرق لومبورغ إلى ما أشارت إليه الأمم المتحدة، حول الارتفاع الحتميّ لمنسوب البحار، بمعدل يقارب المتر الواحد في نهاية العِقد؛ جرَّاءَ ارتفاع حرارة المياه. ويجادل نشطاء البيئة أن ثمة 187 مليون شخص عرضة للتأثر من هذا الارتفاع، وهو ما ينطوي على تداعيات وكوارث جمّة. إلا أن هذه المخاوف خاطئة -ناهيك عن أن الرقم مبالغ فيه جدًا-؛ فخلال الثمانين عامًا القادمة سيزداد ثراؤنا وقدراتنا التكيُّفيَّة اللازمة لبناء مشروعات حماية متطورة، للتصدي لارتفاع منسوب مياه البحار، والتكيف مع الوضع الجديد. ولم ينفِ لومبورغ أن ثمة كلفة ناجمة عن مشروعات الحماية تلك، قد تشكل 0.1% من الإنتاج الإجمالي المحلي في العالم. وهو ليس بالرقم البسيط لكنه لا يعني -كما يروجون- انقراض البشرية التي لا تفتأ الناشطة الشابة “غريتا ثانبيرغ” الإشارة إليه بوجوب توظيف كل أموالنا لمكافحة التغير المناخي.

كيف يغذي الإعلام أسطورة المناخ؟

التغير المناخي

ثمة أسطورة أخرى يتداولونها حيال ازدياد الأعاصير وتداعياتها على الإنسانية؛ حيث يجادل لومبورغ أن هناك انحسارًا في عددها، خلافًا لما تروج له وسائل الإعلام بأنواعها. ففي الماضي لم تتوفر التكنولوجيا المتقدمة كالأقمار الصناعية لرصد عدد الأعاصير، والكثير منها كانت تعصف بالبحار دون أن يعلم بها أحد بسبب الافتقار لتلك التكنولوجيا آنذاك. لكن ثمة احتمال أن يشتد تأثيرها بسبب الاحتباس الحراري، بَيْدَ أنَّ لا أحد قادر على التكهن بذلك، باستثناء الصحف ووسائل الإعلام طبعًا التي تتفوق على العلم في تكهناتها ومعلوماتها. بينما تغافلت عن عَمدٍ ذِكر حقيقة عدم تعرض البحر الأطلنطي -على سبيل المثال- إلى إعصار في آب للمرة الأولى منذ 25 عامًا. وعندما يضرب إعصار ولاية فلوريدا يوجهون أصابع الاتهام إلى الاحتباس الحراري؛ بينما يتجاهلون حقيقة أن تأثير الكوارث على الإنسان تراجع تراجعًا هائلًا على مدار السنوات المائة الأخيرة. وهو ما يتكشَّف بالرسم البياني لحصيلة الوفيات من الكوارث المتعلقة بالمناخ خلال تلك الفترة.

ففي عشرينيات القرن الماضي، بلغ عدد ضحايا كوارث المناخ من فيضانات وجفاف وغيرها زهاء نصف مليون شخص كل عام -خاصة في الصين والهند- لم تسمع بهم من قبل. وفي عام 2010، تراجع إلى 18.000 حالة وفاة؛ أيْ بنسبة 96%. وفي عام 2020 انخفض إلى نحو 14.000، بينما لم يتجاوز عددهم في العام الماضي الـ7000 شخص. وهو ما يعكس تنامي مستوى ثراء الدول ووسائل مقاومتها. في المقابل في حال ضرب الإعصار الذي ضرب فلوريدا سابقًا، منطقة غواتيمالا مثلًا؛ لكانت حصيلة الضحايا تتجاوز عشرات الآلاف ناهيك عن دمار بالغ سيلحق باقتصادها.

وتجدر الإشارة إلى أن إلقاء اللائمة على التغير المناخي حيال ازدياد حرائق الغابات غير دقيق؛ حيث تثبت البيانات أن حرائق الغابات تتراجع تراجعًا كبيرًا في كمية المساحة المحترقة كل عام منذ عام 1900. أستراليا -على سبيل المثال التي سجلت أدنى معدل للحرائق على أرضها على الإطلاق-؛ في أوائل القرن العشرين كانت تنشب الحرائق في حوالي 12% من أستراليا كل عام، وانخفض إلى حوالي 6-8% في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فيما بلغت نسبة الحرائق في عامي 2019-2020 أقل بقليل من 4%.

وفي لقاء أجراه معه “مارك موس” على “يوتيوب”؛ أشار لومبورغ إلى مضمون مقالة صحيفة “فاينانشال تايمز” بعنوان “ردة فعل مبالغ فيها تجاه التغير المناخي”، التي ألقت الضوء على أحدث تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. مفاده أن معدلات الاحترار العالمي بمقدار 0.5 درجة مئوية في الربع الأخير من القرن العشرين؛ كان «محتملاً تمامًا» بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي هي من صُنع الإنسان. على هذا الأساس، يمكن التكهن بارتفاع محتمل في متوسط درجة الحرارة العالمية على مدار السنوات المائة القادمة، وقدره 1.8 إلى 4 درجات مئوية. رغم أن معلومات ظهرت لاحقًا تفيد أنه على الرغم من الارتفاع المستمر في الانبعاثات الكربونية؛ لم يطرأ أي ارتفاع في الاحترار العالمي على الإطلاق. على ذلك يمكن بلورة التهديد المزعوم لكوكب الأرض، من خلال افتراضات النمو الاقتصادي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ -التي ترتكز عليها افتراضات الانبعاثات وبالتالي افتراضات الاحترار العالمي- التي خلُصت إلى أنه بحلول عام 2100 تقريبًا، ستزداد رفاهية الناس في العالم النامي عما هم عليه اليوم زهاء 8.5 بدل أن تكون 9.5، والغريب أن هذا المقدار سيجعلهم أفضل حالًا من الناس في العالم المتقدم اليوم.

عقم السياسات المعتَمَدَة من قِبَل نخب العالم لتسوية مشكلة المناخ

التغير المناخي

وجه الصحفي “بارناباس هاينتس” سؤالًا للومبورغ حول سبب إيمانه بأن السياسات الإقليمية والعالمية للاتحاد الأوروبي في مجال البيئة غيرُ ناجعة. أوضح لومبورغ أن السياسات الراهنة -ومنها الصفقة الخضراء الأوروبية- ستؤدي -في سعيها لحل بعض المشكلات البيئية- إلى زيادة معدل برودة الأرض، إلى جانب إفقار البشرية على نحو أكبر. وفي النهاية ليست أوروبا إلا جزءًا صغيرًا من العالم، حتى في حال نجاح الولايات المتحدة وأوروبا في تحقيق صِفريَّة الانبعاثات الكربونية المنشودة في الوقت الراهن؛ يرجح أن تنخفض الحرارة بمعدل 0.14 درجة أقل، وهي نسبة تكاد لا تُذكر.

وهنا يسخر لومبرغ من السياسات المتبعة في أوروبا؛ وكأنها تطلب من الصين والهند وبقية دول آسيا الجنوبية والشرقية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية؛ بضرورة إفقار بلادهم وإرباك سُبُل حياة شعوبهم لتحقيق مشاريع أوروبا. كما أن ما يقترحه السياسيون سيكلف 2000 يورو أو حتى 5000 يورو للفرد سنويًا. وفي الولايات المتحدة، تقدر تكلفة تحقيق صِفريَّة الانبعاثات بـ 11000 دولار للفرد سنويًا في عام 2050.

عمد لومبورغ إلى تفنيد الحلول المطروحة، من قبل نخبة العالم حيال حل مشكلة المناخ؛ والتي تضمنت استخدام السيارات الكهربائية، باعتبارها تحقق صِفريَّة الانبعاثات الكربونية، في الوقت الذي يتغافلون فيه عن أن ثمة مخزونًا من الطاقة لا بأس به في خزان السيارة هو في الأساس وقود أحفوري. وبالطبع، معظم البطاريات تُنتج في الصين أو في مكان آخر؛ حيث ينبعث قدر هائل من ثاني أكسيد الكربون عادةً من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، دون أن نتناسى الكلفة الباهظة لهذا النوع من السيارات التي لا تمتلك كل دول العالم القدرة على اقتنائها.

وبالتالي، فإننا نقترح سياسات؛ حتى الأثرياء عاجزون عن تطبيقها، ناهيك عن الكلفة الباهظة والآثار غير المستدامة. ومن غير المجدي، أن تطالب الناس بالحد من السفر والامتناع عن استخدام وسائل التدفئة وتناول اللحوم -بغض النظر عن تداعياته على الأقل بالنسبة للعاملين في هذا الإطار من أصحاب مزارع وعمال-، وشراء السيارات الكهربائية وما إلى ذلك من حلول عقيمة. واستذكر فترة الخمسينات، عندما كانت تعاني لوس أنجلوس من نسبة عالية من التلوث بسبب السيارات، عندها لم يكن الحلُّ الطلبَ من الناس إيقاف سياراتهم؛ بل ابتكار قطعة تدعى “المحول الحفزي” لتفادي ضرر الانبعاثات. وهنا بيت القصيد، الابتكار والتطوير كان الحل الأنجع.

ألقى لومبورغ الضوء على نقطة هامة تتعلق بالدول المسؤولة عن 75% من الانبعاثات الكربونية التي لا تنتمي إلى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي؛ حيث من غير المعقول الطلب من أفريقيا -التي تعصف بها مشكلات جمّة، تتعلق بارتفاع الوفيات من الأمراض المعدية وانعدام الأمن الغذائي وتراجع التعليم- أن تعمل على وقف عجلة التنمية وخفض الانبعاثات الكربونية.

في مقالته “COP27: A Parade Of Climate Hypocrisy” أشهر لومبورغ سيفه في وجه النفاق الذي يعتري القمم المناخية؛ مُلقيًا بسهام السخرية والاستهزاء في وجه نخبة العالم، والعظات التي يغدقون بها الإنسانية والدول الفقيرة حيال ضرورة إيقاف الانبعاثات الكربونية، والتنبه لمخاطر الوقود الأحفوري، ووجوب الاستعاضة عنه ببدائل الطاقة الخضراء -مثل ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح-؛ ومن ثم يعودون أدراجهم إلى أوطانهم على متن طائراتهم الخاصة!

فيما انبرى الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” بوصف الدول التي تقصد تعزيز الاستثمار بالتنقيب عن الغاز والنفط -بالطبع كان يعني أفريقيا بكلامه- أنها متوغلة في الوهم؛ متناسيًا أن كل الدول الثرية بلغت ما بلغت من الثراء نتيجة استغلالها للوقود الأحفوري. ولا نغفل دور منظمات التنمية الدولية التي تواطأت مع الدول الثرية، ورفضت تمويل مشاريع استغلال الوقود الأحفوري التي تعود بالفائدة على البلدان الفقيرة لانتشال شعوبها من براثن الفقر.

وفي الوقت الذي تعتلي فيه الدول الثرية “حملة نصب” للتبشير الأخضر لحماية المناخ؛ تجد أن أكثر من ثلاثة أرباع إنتاجهم الضخم من الطاقة الأولية يأتي من الوقود الأحفوري! .. وقد أفادت وكالة الطاقة الدولية أن أقل من 12% من طاقتها تأتي من مصادر الطاقة المتجددة؛ فيما لا تشكل الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح أكثر من 2.4% فقط من مصادر طاقتها. ومع ذلك ينبرون إلى تقديم حلول بديلة غير ناجعة تتمثل في الطاقة المتجددة وضرورة استغلال الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح، والتي تستلزم رفدها ببطاريات ضخمة لتحقيق الهدف المنشود منها في حال انعدام الشمس والرياح والنأي عن الوقود الأحفوري.

وهي الأهداف نفسها التي تراها تتراجع عنها الدول الغربية في الوقت الراهن، لتعود أدراجها إلى تفعيل المصانع العاملة بالفحم ومحطات الطاقة النووية. في المقابل، أظهرت دراسة في بنغلاديش أن الأسر التي تعتمد على الكهرباء شهدت قفزة في الدخل بمعدل 21%، ​​وانخفاض معدل الفقر بنسبة 1.5% كل عام. حتى أفريقيا نفسها التي تستمد نصف طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة، تتكون تلك المصادر من الخشب والقش والروث؛ فيما تحصل على 0.3% فقط من طاقتها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح رغم كل هذا الضجيج المثار حول فائدتها.

الحلول البديلة ذات الفاعلية الأمثل

التغير المناخي

يرى لومبورغ أننا بأمسِّ الحاجة إلى حلول ذكية لحماية المناخ، وبلا شك دعم الطاقات المتجددة ليست منها. قد تكون فرضُ ضريبة على الكربون ضرورية؛ إلا أن مساهمتها في الحل ضئيلة للغاية. ومن هنا تتجلى “أهمية الابتكار والتطوير” في مجال الطاقة كأمثل الحلول لحماية المناخ؛ إلا أن ما نلمسه على أرض الواقع يشيْ بتراجع هائل في هذا الإطار بسبب المفهوم القائل إن التطوير في مجال الطاقة يستدعي تقديم دعم واسع النطاق لاستخدام ألواح الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية؛ عوضًا عن توظيف هذه الأموال لدعم الأبحاث والباحثين لابتكار طاقة خضراء أرخص من الوقود الأحفوري، في غضون الأربعين عامًا القادمة، واستنباط حلول أكثر استدامة.

وذكر لومبورغ أحد علماء الأحياء وهو “كريغ فينتر” الحائز على جائزة نوبل، كان قد أطلق فكرة جنونية باستخدام علم الأحياء التركيبي؛ لتحويل الطحالب إلى خلايا تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتنتج الطاقة، وتعمل على تأمين الوجبات لاحقًا، رغم جنونية الفكرة. وهناك آلاف الأفكار المبتكرة لكنها تستوجب الدعم والتمويل الذي يُهدر في سياسات أثبتت عقمها. وتجدر الإشارة إلى أن قادة الدول ونخبها -وعلى رأسهم أوباما وبيل غيتس أيضًا- قد تعهدوا على هامش اجتماعات اتفاقية باريس بمضاعفة الاستثمارات في أبحاث الطاقة الخضراء والابتكار والتطوير، لكن هذه الوعود كما غيرها كانت حبرًا على ورق.

وهنا تبرز من جديد أهمية الابتكار وتطوير حلول تسهم في إيجاد طاقة خضراء غير مكلفة يمكن للجميع الوصول إليها. ففي فترة السبعينات اعترى الغالبية قلق عارم من نفاد الطعام، عندها لم يكن الحل في تقليل الطعام في منطقة من العالم، بغية تقديم الوفر إلى المنطقة الأخرى في أفريقيا؛ بل تمثل في ابتكار بذور أكثر إنتاجيةً ساهمت في زيادة المحاصيل. وهو ما دفع بالهند لتتربع على عرش المصدرين للأرز بعد أن كانت المجاعة تنهش أوصالها.

بغية حل مشكلة الاحتباس الحراري، ينبغي أن تعكف الدول الثرية على تعزيز الاستثمار في البحث والتطوير على تقنيات خضراء أفضل، وذات تكلفة أقل من الوقود الأحفوري يتسنى للجميع -حتى الدول الفقيرة- الحصول عليها. عندها فقط يمكن استقطاب الشعوب نحو التغير وحماية المناخ دون تفاقم معاناتهم. عدا ذلك، فإن إرغام الناس على استخدام وسائل طاقة ضعيفة وغير موثوقة وذات كلفة باهظة؛ هو مجرد إهانة لهم.

في الختام .. ضرورة التنبه إلى تلك الأخطار

ونختم بما قاله رالف شولهامر في النهاية، هناك خطر من أن سياسات المناخ ستفعل بأوروبا ما فعلته الماركسية بأمريكا اللاتينية. إن القارة التي تتوافر فيها كل الظروف لتحقيق الازدهار على نطاق واسع وتهيئة بيئة صحية؛ سوف تفقر وتدمر نفسها لأسباب أيديولوجية. في نهاية المطاف سينزلق الناس والمناخ معًا إلى الهاوية باطراد. واختتمت صحيفة فاينانشال تايمز مقالها حول سياسة التهويل حيال التغير المناخي، بالتنويه إلى أن “الاحترار المتوقع حاليًا، حتى في حال حدوثه، لن يسبب أي ضرر يُذكر. على النقيض من ذلك، وكما أوضح ديتر هيلم، أكبر خبير اقتصادي في مجال الطاقة في بريطانيا؛ فإن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، من خلال التحول إلى مصادر طاقة غير كربونية سينطوي على تكاليف أعلى بكثير.

ظهرت إرهاصات مخاطر هذه السياسات التي يتبعها الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار على اقتصاد دولِهِ. والأخطر هو السعي نحو تقويض هذه الأضرار عبر فرض ضوابط تجارية، بحق الدول التي لا تبدي استعدادها لقبول الالتزام بالنسب المنشودة لانبعاثاتها الكربونية؛ مما يترتب عليه الإضرار الأكبر بالاقتصاد العالمي عمومًا، واقتصاد الدول النامية على وجه التحديد، يتجاوز الأضرار الناجمة عن افتراضات متصورة للاحتباس الحراري. وآن الأوان أن نضع حدًا لهذه الحماقة.

هذه السياسات المناخية التي تتبعها الدول الكبرى -من جانب آخر-؛ لا يمكن فصلها عن السياسات التناحرية بين هذه الدول، ومن خلال سياسات المناخ تبرز النزعة في التحكُّم الكامل في الشعوب وتحرُّكاتها، وتوجيه سلوكها، والسيطرة الكاملة للدول الأعظم على بقية النشاط البشري.

المصادر

  1. False alarm on climate change? | Interview with Bjørn Lomborg
  2. COP27: A Parade Of Climate Hypocrisy
  3. Climate Alarmism or Realism | Bjorn Lomborg

ربى الخليل

مترجمة محترفة، عملت في مراكز بحثيَّة، وأعمل الآن في شبكة رابتلي.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا لكم معلومات وافية ومهمة ل تعريفنا لمايدور حول مشكلة المناخ وحلولها الوهمية والحقيقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى