9 خطوات عملية لكي تقوم بالتغييرِ في نفسك، فمتى تنطلق؟!

ننصحك بالاطلاع على هذا المقال: حتى يغيروا ما بأنفسهم، قد وعينا فمتى ننطلق؟!، بعدها يمكنك استكمال القراءة هنا.

خطة عملية للتغيير

أولًا: اجعل نيّتك لله وفي سبيل رضاه، ورسخ في ذهنك أن النية الصالحة وحدها لا تكفي لابد من ارتباطها بفعل وعمل ونتائج على أرض الواقع.

ثانيًا: تخلص من كل تلك المشاعر والمثبطات التي تلقي باللوم على الآخرين في تشخيص حالتك، فالقوة في التغيير تنبثق من داخلك ولا يمكن للخارج أن يوقفها حين تندفع..، هذا هو الشعور بالمسؤولية والتخلص من تحميل الآخرين مسؤوليتك فتمضي بقوة دون حظ للتثبيط.

ثالثًا: انقد نفسك بصدق وشفافية، حدد قائمة المشاكل والأخطاء ونقاط الخلل في حياتك، ارصد مواقع الزلل والضعف والتقصير وداوها بالتي هي أحسن، وكن حازمًا في إيجاد العلاجات السليمة والحلول الناجعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) رواه الترمذي.

رابعًا: خُطّ لنفسك جدولًا يكون فيه حد أدنى للعبادات وبرنامج إيماني يومي لا تتنازل عنه مهما حصل، واجعل الالتزام به أمرًا مصيريًا، ولابد أن يشمل البرنامج ورد تلاوة للقرآن يومي.

خامسًا: صنّف علاقاتك واهتماماتك، كل ما قد يثبط انطلاقتك قم بتحديده وإبعاده من ساحتك ولو مرحليًا، فلابد للانطلاقة من عزم ولابد للعزم من وسط يعينه، ولا تتحجج بعائلة غير واعية أو غير مدركة ولا ظروف مادية قاهرة، فالإنسان حر في نفسه وفي داخله لا يمنعه شيء من هذه الحرية كما لا يمكن لقوة أن تمنعه من الاتصال بربه ودعائه، ولم نر أكثر تأثيرًا سلبيًا من صحبة مثبطة أو رفقة بهمة خاملة.. ولسرعان ما ينعكس الحال مع رفقة الهمم العالية والأرواح التي تسمو إلى سموق القمم.

سادسًا: حدد خريطة الأهداف المرحلية والمستقبلية، ما ينقصك لترتقي به تعلمه وما ترى أنه مهم للأمة المسلمة خذ غماره بثقة ويقين أنك ستناله إن وجدت في نفسك الرغبة له، وابحث عن كل ما يعينك في هذا التغيير، من كتب من أفكار من أشخاص مؤثرين من مصادر ملهمة، خاصة وأن العالم اختصر اليوم في صفحات الأنترنت فلم يعد لك من حجة للانطواء أو التخلف. لابد أنك ستجد من يشاطرك نفس الاهتمامات في العالم ويحمل نفس أهدافك فاستفد من هذا الفضاء الرائع لمن أراد أن يخدم أمته.

أيها الباحث عن الخلاص والارتقاء، لا يعقل أنك لم تتدبر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو أنك لم تقرأ عن صحابته وروائع إنجازاتهم وعلو هممهم أو أنك لم تدر كيف قامت الحضارة في خلافة الأمويين والعباسيين أو أنك لم تتعلم من عبد الرحمن الداخل كيف أسست همة رجل واحد خلافة الأندلس المبهرة، وكيف ينطلق الرجل من لا شيء ليصنع كل شيء..

في يوم من الأيام، وبينما كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بين حاشيته قال لهم: (أخبروني من صقر قريش من الملوك؟)،  قالوا: (ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء)، قال: (ما قلتم شيئًا). قالوا: (فمعاوية)، قال: (ولا هذا)، قالوا: (فعبد الملك بن مروان)، قال: (ما قلتم شيئًا)، قالوا: (يا أمير المؤمنين، فمن هو؟)، قال:(صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية، الذي عبر البحر، وقطع القفر، ودخل بلدًا أعجميًّا مفردًا، فمصَّر الأمصار، وجند الأجناد، ودوَّن الدواوين، وأقام مُلكًا عظيمًا بعد انقطاعه، بحسن تدبيره وشدة شكيمته).

كيف ترضى أن تكون جاهلًا بتاريخ فلسطين أو تجهل كيف قامت دولة المرابطين أو أن تغيب عنك تفاصيل الحروب الصليبية. أو أنك لا تدرك كيف يسير النظام العالمي من حولك وكيف تحاك المكائد والمؤامرات على أمة الإسلام، اختر ما شئت من المصادر، كتبًا كانت أو محاضرات وكل ما من شأنه أن يوسع دائرة معرفتك ويضاعف درجة العلم لديك، حتى تصل لدرجة تجعلك على استعداد للمشاركة بإيجابية في أي أمر يخص الإصلاح والدعوة وبناء جيل النصر والتمكين، إن لم نقل يجعل منك بنفسك أهًلا لتكون أحد قادة هذا الجيل.

التغيير

سابعًا: لا تخبر أحدًا بعزمك حتى يظهر في عينيك في جوارحك وتصرفاتك، فعادة الحديث عن التغيير قبل الشروع فعليًا فيه أول أسباب الانتكاس والتراجع، ينتهزه الشيطان لتهوين أهميته، وقد يغلب القول على الفعل فتثبط الهمة ويقعد المرء، ولكن حين تكون الأفعال هي المهمة وهي الأبلغ من كل كلام، ستسعى حتمًا للدفع بكل طاقتك للعمل بجد مدخرًا طاقة الحديث عما تنوي الإقدام عليه، فيكون التأثير أكبر، ثم حين تنجو من هذه المرحلة وتضع لنفسك موطأ قدم في موكب التغيير هنا يمكنك الحديث بثقة فقد أصبحت مجربًا وحرّي بك أن تنصح وتدعو من تحب.

ثامنًا: كن مؤثرًا فيمن حولك وجذبهم إليك واحدًا واحدًا، فإن لم تنجح فلا تيأس وجرب في دائرة أخرى وانتخب لها آخرين ولو كانوا مجاهيل بالنسبة إليك..

تاسعًا: الآن وقد أعددت نفسك وكسرت روتين حياة مثبطة وهزمت خمول نفس متضررة، تذكر أن من جدَّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل، وأن العارف المصِرّ هو من يجني ثمار تعبه ويبلغ أهدافه، واجعل نصب عينيك (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا)، ولابد بعدها من حفظ هذا الإنجاز والحرص على ديمومته، وإياك بنقض الغزل فهو يبدأ من استصغار الذنب، بل كن بهمة عالية وروح سامية تسابق للقمم لا ترضى لنفسها سقوطًا للدنية.

شبهات وجب ردها

التغيير

نظرية المؤامرة

هي نظرية زرعت زرعًا في مجتمعاتنا المسلمة، ما إن نذكر قدوة حتى تتوجه أصابع الاتهام إليها وما إن نتحدث عن إنجاز حتى تحوم به تشويهات المؤامرة، والكل يبحر في فلك المؤامرة، حتى لا يأمن مسلم من أخيه.. فأي نجاح يحققه لابد أن يكون خلفه مؤامرة، وبالعكس أي فشل يقع فيه لابد أن خلفه مؤامرة، -حقيقة- هي حلقة متعبة مستنزفة وتعبث بشباب الأمة، ولا زالت تعتبر من أهم الأسباب التي تعيق التغيير. فمهما حاول المرء أن يغير، سيبرر كل سقطة أو فشل بأنه بسبب المؤامرة وبالتالي لن يتمكن من تحقيق أي تغيير لأن التغيير أمر داخلي، لا يمكن أن يتحقق إن كانت القناعة في أن السبب خارجي…!

نظرية الانهزامية

كلما بزغت همة تريد أن تحقق تغييرًا وجهت لها عبارات التخذيل والتثبيط، لو أنك في بلاد الغرب لحققت، أما هنا فأنت مقيّد، فقد أصبح محفورًا في أذهان الشباب المسلم أن تحقيق التغيير يكون بالهجرة للغرب، وأن النجاح مرهون بتغيير الأرض والعيش تحت ظل حكومة تحترم الحريات وهي البلاد الغربية حسب ما تم تعويدهم.. جرعات مستمرة من قناعة أن (الغرب أفضل)..

تخلق تلك الانهزامية والاستسلام لكل ما يواجه المسلم في حياته وهي نظرية مدروسة، عملت عليها الولايات المتحدة بقوة حين كرست إنتاجاتها السينمائية ومملكة هوليود لإنتاج الأفلام التي تعظم القوة الأمريكية والرجل الأمريكي وتصغر من الرجل المسلم والعربي وتخلق في نفسه ذلك الشعور بالتدني والضعف، حين ينبهر بسينما موجهة خصيصًا لخلق هذه الانهزامية في نفسه ويصبح أكبر ما يشغل باله أن يتشبه بذلك الممثل الكافر أو تلك الممثلة الساقطة لما أبهره من قوة أو “تحضر” مزعوم.

في الواقع هذا الصنف من الشباب لو أدمن على قراءة تاريخ المسلمين لتغيرت نظرته تمامًا، فتاريخ المسلمين حقائق ووقائع صادقة لا تحريف ولا تمثيل فيها، وقصص نجاحات وبطولات لا تزوير فيها، بينما هوليود فهي محض تمثيل ولا تمت للواقع بصله، إنها بطولات وهمية يريدون من خلالها إصباغ صفة القوة والعظمة والريادة لجانبهم في العالم ولم يجدوا أفضل من التمثيل لترسيخها في أذهان المسلمين، وهذا ما يفسر غزو السينما الأمريكية ديار المسلمين وشاشاتهم الفضائية وتجارة الفيديو، فقد استُدرج شبابنا يفرغوا حنينهم للعزة والمجد في أفلام العدو المتربص بهم..!

من أين أبدأ؟

التغيير

كثيرًا ما يردد المرء (ولكن من أين أبدأ؟) ويمكث أمدًا يفكر من أين يبدأ، ثم يبرر تخلفه بعدم توفر الفرصة، وهذا مجرد تهرب في الواقع، لأن التغيير يبدأ من دائرة التأثير الذاتي لكل شخص وهي دائرة تشمل كل القرارات والأفعال التي تقع تحت تأثيرك وحدك، وتحتاج إلى قرار منك أنت وحدك، ولا تحتاج إلى التدخل من أي طرف آخر.

فابدأ بها اليوم ولا تسوف، انطلق ولا تتأخر، فقد انطلق آخرون ورأوا من لذة المسابقة ما إن عرفته لسارعت للفوز بها بدل الركون لحياة مملة مثبطة تتوق للمجد ولا يمكنها أن تصل إليه إلا في خيالها وأحلامها. وشتان بين لذة الحقيقة ولذة الخيال.

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الفكر الإسلامي، شغوفة بالإعلام وصناعة الوعي.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقال أكثر من رائع بارك الله فيكي ي دكتوره وأنا بقراء المقال حسيت انو اغلب الكلام موجه ليا أو بيحكي عن حالي. وبإذن الله من بعد المقال ده ححاول كثيرا عدم مشاهده الافلام الاجنبيه لأنها مأثرة فيا بشكل كبير لحد ما وححاول أقرا في كتب السيرة والصحابة بعون الله
    مره ثانية.. شكرا لكي دكتورة /ليلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى