فهم مبدأ المجاهدة في الإسلام
قيمة المجاهدة من القِيَم التي يقع فيها الكثير من الفهم الخاطئ والقاصر والمُقتصِر. وبذلك قد يُصَدُّ البعضُ مِنَّا عنها، ويعتبرها قيمةً تتعلَّق بالخاصَّة من أهل الله، ولا علاقة لها به هو المُسلم العاديّ الذي لا يرى نفسه مع أهل الجهاد الأعلى. وهذا الفهم خاطئ تمامًا، وما أدخله على العقول إلا التقديم غير الرشيد لقيمة المُجاهدة.
وها قد خصَّص الإمام النووي بابًا طويلًا أسماه “باب في المجاهدة”، وبه تسنح لنا الفرصة لنسير معًا هذه الطريق التي بدأناها سويًّا من استنباط المعاني وبلورتها في أشكال وأنساق فكريَّة قابلة للفهم لكلّ أحد، وسنبدأ بإذن الله معًا في أشدّ الإيجاز.
معنى المجاهدة
والمجاهدة التي يَظنُّ البعض أنَّها لخاصَّة الخاصَّة من الذين يبذلون كلّ وسعهم في نُصرة الدين، وأنَّها لهؤلاء الذين يمتلكون قوَّةً وعزيمةً ليست لدى المجموع؛ بهذا الفهم ليست هي المُجاهدة المطلوبة من الشرع؛ بل هذه تُسمَّى صفوة المجاهدة. أمَّا عن المجاهدة المطلوبة في الدين فسأصوغها في السطور التالية.
المُجاهَدَة بهذا الوزن “مُفاعَلَة” لا تقتصر على بذل الجُهد من الشخص، بل تُصوِّر بذل الجُهد في صورة الفعل وردّ الفعل، فهي “مُجاهَدَة” أيْ من طرفَيْنِ، لا “جهاد” أو “جهد” الذي نتصور فيهما الفعلَ من طرف واحد. ولنتذكَّر أنَّ الذي قرَّر الوزن هو “القرآن” نفسه في آية (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) -العنكبوت 69- فما هو الطرف الآخر؟ قد يكون الجواب هُم هؤلاء الذين يريدون إطفاء شعلة الإسلام وإلحاق الأذى به.
لكنَّ الجواب الأوفق هو المُشتَهَر وهو مجاهدة النفس؛ لأنَّ النفس لا تنفكّ تتدخل وتؤثِّر في جميع ما يُقرِّر الإنسان. والإنسان أثناء مُجاهدته لآخرِيْنَ أو لإغواء الشيطان يعمل أيضًا على مُجاهدة نفسه؛ فالله قد “غرز” وكوَّن في النفس علائق تُسمَّى “غرائز” تدفع الإنسان دفعًا نحو مُمارسة حياته؛ منها غريزة الحياة أو المُحافظة على الحياة -ولهذا نجد النفس تهاب ما يضرُّها أو يزهق رُوحها-، ومنها الغرائز السادَّة لحاجات الإنسان الأساسيَّة من طعام وشراب وغيرهما، وهكذا.. فالنفس تُوجِّه الإنسان في كلّ وقت وتُوعِز إليه، وبذلك تكون أَولَى ما يُجاهِد فيه الإنسان.
ولنلخِّص تعريف المجاهدة بأنَّها: مجموع الأفعال الماديَّة والمعنويَّة التي يفعلها المُسلم بمُدافعةٍ لآخر، إرضاءً لله وامتثالًا لأوامره ونواهيه. وأقصد بالأفعال الماديَّة الأفعالَ الحقيقيَّةَ المُدرَكَة من الآخرين، وأقصد بالأفعال المعنويَّة كلَّ مُعالجةٍ يقوم بها المُسلِم في داخل نفسه فكرًا أو شعورًا؛ مثل مُدافَعَة النفس عن الحقد على الآخر أو الغيرة منه، وصدُّها عن ذلك ومُجاهدتها في مطلوب الله في كلّ أمر.
المجاهدة هي مبدأ المسئوليَّة في الإسلام
وبهذا التعريف السابق وبعض الشرح القاصر -للاختصار فقط- أستطيع أنْ أقرِّر أنَّ قيمة المجاهدة في الإسلام هي “مبدأ المسئوليَّة” في الفعل الأخلاقيّ الإنسانيّ؛ وتعني المسئوليَّةُ التبعةَ التي تقع على كلّ إنسان قرَّرَ طريقًا في الحياة. ولا أريد إدخال السياق في حيِّز فكريّ صعب، لكنْ باختصار “مبدأ المسئوليَّة” هو دورُك اللازم عليك من اختيارك، وهو قابليَّتك للسؤال عن هذا الدور والفعل.
وهذا المبدأ مبدأ أصيل، أعني بذلك أنَّه موجود في كلّ اختيار إنسانيّ فمتى قرَّرتَ قرارًا أو اخترتَ اختيارًا أو آمنتَ برأي أو فكرة فقد أصبحتَ مسئولًا، وقد صنعتَ هذه المسئوليَّة في لحظة التصرُّف أو الاقتناع. والمسئوليَّة نوعانِ: أمام النفس وتؤثِّر عليها، وأمام الآخر -فردًا أو جماعةً أو مصدرًا معنويًّا-.
وهُنا يجب أنْ نقرِّر أنَّ المجاهدة هي مسئوليَّة كلّ مُسلم أمام دينه الذي آمَنَ به، وعقيدته التي اعتقدها، وشريعته التي شرعها له الله. ولعلَّ الأمر يتضح لنا أكثر إذا صُغنا المفهوم بهذا الشكل: المُجاهدة هي أنْ تبذل الجُهد في مُدافعة نفسك أو غيرك أو كلَيْهما كي تسير على وفق اعتقادك بالإسلام، وعلى وفق ما رسمه لك من طريق يُسمَّى “الشرع”. وأظنُّ الأمر قد اتضح بهذه العبارة.
ويعني ما سبق أنَّ كلَّ فعل تفعله في سبيل تطبيقك لهذا الدين أمام نفسك وأمام غيرك هو نوع من المُجاهدة؛ لأنَّنا الآن أمام طرفَيْن؛ الأوَّل أنتَ وإرادتُك تطبيق الإسلام في جانب، والآخر غرائزك التي قد تقودك إلى غير ما تريد أو الآخرون -إنسانًا أو شيطانًا-.
أصل المجاهدة أداء مطلوب الله لا الزيادة فيه
ومن السابق نعرف أنَّ المجاهدة ليست درجةً ملائكيَّةً مطلوبةً من الذين يريدون مُجاورة الأنبياء في الجنَّة فقط، بل هي مطلوبة من كلّ مُسلم متى أسلم وآمَنَ. فالمُجاهدة ليست الزيادة البالغة في الأفعال، بل أنْ تحقِّق مُراد الشارِع -الله- فيك. ولا شكَّ أنَّ مفهوم المُجاهدة ومبدأ المسئوليَّة يتأثَّر بوضع “الإسلام” والمُسلمين قوَّةً وضعفًا؛ فقوَّتهم وضعفهم يُغيِّر مجال المُجاهدة لا أصل المُجاهدة. فمجاهدة المُسلم في عالَم إسلاميّ قويّ مُستقرّ، غير مُجاهدته في عالَمٍ القابض فيه على أساسات دينه كالقابض على جمر -كما أخبر الحديث-.
الأهمُّ أنْ تعلم أنَّ أبسط الأمور التي تفعلها لدينك متى توفَّر فيها عنصر “المُدافعة” للنفس أو للغير فهي مجاهدة منك؛ فقيامُك من سريرك الدافئ لصلاة الصبح على خلاف هواك مُجاهدة، ودفعُك الصائل -المُهاجِم- عن بلاد الإسلام مُجاهدة. وقد أتى الإمام النووي بأثر ليدُلَّ على هذا المعنى فيه نجد سبب نزول الآية الكريمة (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ) -التوبة 79- من أنَّ أناسًا كانوا يتصدَّقون بالكثير جدًّا فيتحدث بعض الناس أنَّه للمِراء وللشُهرة، وآخرين يتصدَّقون بالقليل جدًّا فيتحدث الناس أنَّ الله لا يحتاج قليلهم هذا. وقد أدرج الأثر في الباب ليدُلَّ على أنَّ المُجاهدة بالقليل وبالكثير.
وكذلك أتى بحديث “خيرُ الناس مَن طال عُمرُه وحسُنَ عملُه” دون تفريق بين عمل وعمل، وكذا أتى بحديث
المُؤمن القويّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير.
أيْ في كلِّ واحد من الصنفَيْنِ خير. فلا تستصغر أبدًا ما تفعله لوجه الله، وفي سبيل دينك مهما بدا لك صغيرًا. فما علمك أنَّ هذا الصغير قد يكون لدى ربّك كبيرًا وشفيعًا؛ فأبشر برحمة الله.
نوعانِ من المُجاهدة؛ كلاهُما مطلوب
ويتبيَّن أمام النظر الصحيح في مبدأ المسئوليَّة، وقيمة المُجاهدة أنَّ المُجاهدة نوعانِ. أوجزهما في الآتي:
- مُجاهدة الامتناع: وهي مجاهدة السُّوء فيك وفي غيرك. وتكون بالانتهاء عمَّا نهى الله عنه؛ فأنْ تمتنع عمَّا نهاك الله على رغبتك فيه، أو استدعاء الموقف له -امتناعك عن الغضب وما يتبعه مثلًا في موقف استدعى غضبك- هو مُجاهدة في سبيل الله. بل إنَّ هذا النوع من المُجاهدة من أعظم ما تأتي أيُّها المُسلم، فلا تستصغره.
وتخيِّل حِكمة الإسلام في هذا النوع؛ فمتى انتهى كلُّ شخص عن الشرّ الذي يأتيه من نفسه أو تجاه الآخرين أزال عن نفسه وعن مُجتمعه أذى كثيرًا، وسهَّل مهمة الإصلاح على غيره، ورشَّد سلوك المُجتمع العُموميّ. ولينظر كلٌّ إلى حاله ويراجع أفعاله ويضبطها على ميزان الإسلام. ومن أمثلة هذا الفعل أثر عن الصحابيّ الجليل “ابن مسعود” يقول فيه:
صليتُ مع النبيّ ليلةً، فأطالَ القيام حتى هممتُ بأمر سُوء. قِيلَ: وما همَمتَ به؟ قال: هممتُ أنْ أجلس وأدعه.
فكما ترى قد أدرج النووي هذا الأثر ليدُلَّ على أنَّ الامتناع عن السُّوء نوع من المجاهدة. وكما ترى أيضًا فإنَّ النفس جميعها أمَّارة بالسوء حتى مع الأبرار الأتقياء؛ فلا تيأس متى حدَّثتك نفسُك بالسُّوء، بل جاهدها وقاوِم.
- مُجاهدة الإقبال: وهي الفعل -الذي يُسمَّى إيجابيًّا رغم أنَّ النوع الأوَّل إيجابيّ أيضًا. لكنَّ الناس اعتادوا على تسمية فعل الامتناع سلبيًّا، وفعل الإقبال والاشتراك إيجابيًّا -الذي تريد به العُلُو والارتقاء والاقتراب إلى ربِّك أكثر فأكثر-. وأتى النووي بأثر مُشابه للأثر السابق مع الصحابيّ “عبد الله حذيفة بن اليَمَان” يروي فيه كيف صلَّى النبيّ صلاةً بالغة الطول -ومعنى رصد الأثر لهذه الحادثة أنَّها نادرة لا أصل-، وهُم مُمتثِلون مُتدبِّرون معه. وكذلك حديث السيدة “عائشة” -رضي الله عنها-:
كان رسول الله إذا دخل العشر (تقصد العشر الأواخر من رمضان) أحيا اللَّيل، وأيقظ أهله (كي يصلُّوا تقصد)، وجَدَّ، وشدَّ المِئزر.
المجاهدة درجات؛ فاسعَ إلى خيرها
وجدير بالذكر أنَّ كلا النوعَيْنِ السابقَيْنِ درجات فوق بعض، فليس أمر المجاهدة كلّه سواء. وفي حديث “المُؤمن القويّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف” دلالة على أنَّ المُجاهدة درجات، ومطلوب الشارع منك أنْ تبذل أقصى ما يمكنك في سبيل هذا الدين. وقد أورد الإمام في الدلالة على السعي نحو أقصى قدر من المُجاهدات أثرًا عن الصحابيّ “أنس بن النَّضر” الذي عاهَد الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليجاهد أقصى الجهاد وكان المسلمون في حروب وكرب مع أعدائهم. فقاتل في معركة “أُحُد” حتى أصيب بعشرات الطعنات والضربات، حتى عرفتْه أختُه وحدها من علامات في أصابعه.
وفي المجاهدة في الأمور الاعتياديَّة أورد الإمام حديثًا آخر يقول: “عليك بكثرة السُّجُود؛ فإنَّك لن تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئة”. فلا تظنَّ أنَّ النووي وهو إمام كبير أدرج هذا الحديث هُنا عبثًا أو زيادةً، بل أدرجه ليقول لك إنَّ سجودك مُجاهدة بإذن الله. فجاهِد بها، واسعَ إلى أقصى الخير والمُجاهدة أيُّها الصالح.
مجاهدة المُسلم منعٌ لظلمه نفسَه
وهُنا نتوقف أمام حديث أورده يعدُّ دليلًا على ما سقتُه سابقًا على أنَّ المجاهدة هي مبدأ المسئوليَّة، يقول فيه الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-:
نعمتانِ مَغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحَّة والفراغ.
وتعني “مغبون” هنا منقوص أو ضعيف أو مظلوم.
والمعنى العُموميّ أنَّ غالب الناس يضعف أمام فهم المِنحتَيْن العُظميَيْنِ: الصحة والوقت، ويظلم نفسَه فيهما فيُسيئ للأُولى ويُضيِّع الأخرى على ما هو زائل. وإدراجهما هُنا هو تقرير لمسئوليَّة الإنسان فيما يملك تجاه الله، وأنَّ المُجاهدة تكون بالتعامُل الرشيد الذي وصفه الإسلام للمُسلم في كافَّة شئون حياته، وأنَّ اهتمامك بصحَّتك نوع من المجاهدة، وإنفاقك الوقت في مطلوب الشرع نوع من المُجاهدة أيضًا.
بعض قواعد هامَّة في المُجاهدة
وهنا أستخلص بعض القواعد الهامَّة من الأحاديث التي أدرجها الإمام في الباب:
- أحبُّ المُجاهدة عند الله هي في الأمر الذي وصفه لك، وحثَّك عليه، وأمرك به. وبذلك يُحدِّد المسلم طريق “المجاهدة الصحيحة”، و”المجاهدة المُزيَّفة”. وفي هذه القاعدة يقول الحديث: “وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مِمَّا افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه”.
وإذا استنبطنا المعاني من الحديث نجد أنَّه يرسم نهجًا واضحًا في المُجاهدة؛ وهي التزام الأوامر التي أمر بها الشارع على سبيل الوجوب، واجتناب النواهي التي نهى عنها الشارع على سبيل الحُرمة. ثمَّ الأوامر التي أمر بها على سبيل الاستحباب، والنواهي التي نهى عنها على سبيل الكراهة؛ وهكذا فهي درجات. أمَّا “المُجاهدة المُزيَّفة” فهي أنْ تأتي بشيء ليس من مطلوب الشارع أصلًا فتجاهِد به. - المُجاهدة دلالة على صدق العهد مع الله. فبما أنَّ المُجاهدة هي مبدأ المسئوليَّة فهي تمثِّل كلّ الأفعال التي تصدُقُ فيها عهد الإيمان مع الله؛ أيْ تكون صادقًا في إيمانك بفعلها، وتُفعِّل إيمانك بها. ولا يتصوَّر أنْ تكون “مؤمنًا” بالله ثمَّ لا تقيم الصلاة التي فرضها الله عليك لأنَّ نفسَك وشيطانك يغويانِك عنها، أو لا تكترث والإسلام -كفكرة- يُشوَّه مثلًا، أو والنبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعتدي عليه أفَّاكٌ أثيمٌ، أو وأراضي الإسلام مُنتهَكَة، أو مصادر الإسلام يُشكَّك فيها عيانًا بيانًا. فإيمانُك لا يكون صادقًا إذا لمْ تُفعِّله وتجتهد في سبيله. أمَّا طريقة مُجاهدتك فتكون على حسب ما تستطيع أنْ تقدِّمه وهو كلام سيخرج بنا عن السياق هُنا.
- المُجاهدة تكون بالاستعانة على النفس أوَّلًا. فكما عرفنا سابقًا أنَّ النفس هي أوَّل مُواجهات الإنسان فيما يخصُّه وحده، أو ما يتعلَّق بتصرُّفه مع الآخرين. ونقرأ هذا في حديث طلب فيه النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- من “أبي فراس ربيعة بن كعب” أنْ يسأل ما يريد. فطلب “ربيعة” مُجاورة النبيّ في الجنَّة. فقال له النبيّ: “فأعنِّي على نفسِك بكثرة السُّجود”. ومن هُنا نستشفّ أنَّ أوَّل المجاهدة يكون في النفس، ونستشفّ أيضًا أنَّ السُّجود بما فيه من اقتراب شديد بالله مُعين في المُجاهدة.
- الصلاة مُعينة على المجاهدة. وتُستفاد هذه القاعدة من الحديث السابق، ومن حديث “أرِحْنا بها يا بلال” -على اختلاف ألفاظ- والراحة هُنا لاستكمال المُجاهدة، ومن آية (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) -البقرة 45-.
نتيجة المُجاهدة
وها هي آيات الله -تعالى- البيِّنات تُبشِّرك بنتاج مُجاهدتك؛ فتقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) -العنكبوت 69- والمُراد أنَّ سُبُل الله في الدنيا والآخرة تنفتح أمام كلّ مُجاهد في الله متى عقد العزم وأخلص النيَّة. وكذلك آية -المُزمِّل 20-:
(وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا)
والمعنى تراه واضحًا. لكنْ اعلمْ وأبشرْ أنَّ أصغر ما تأتيه من مُجاهدتك سيكون نورًا لك في قوله: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) -الزَّلزلة 7-. فهيَّا إلى المجاهدة، إلى حياة قويمة صحيحة سليمة، وإلى رحمة الله الواسعة.