التوحيد هو الحل الوحيد
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير
خلق الله سبحانه الخلق ليعبدوه ويوحدوه، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) [الذاريات: 56-57]، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أنه لم يتركهم هملًا بل أرسل إليهم رسلا، قال الله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا) [المزمل: 15] وقال تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر: 24].
وقد دعا الأنبياء صلى الله عليهم وسلم إلى توحيد الله تعالى وموالاة الموحدين، واجتناب الشرك ومعاداة المشركين، قال الله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [ الأعراف: 59]، قال الله تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [الأعراف: 65]، وقال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 73]، وقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 85].
وهكذا كل نبي بعثه الله إلى قومه دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وإفراده في ربوبيته وأسمائه وصفاته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة من عَلّات ، وأمهاتهم شتى ، ودينهم واحد) [رواه مسلم]، قال جمهور العلماء: معنى الحديث أصل إيمانهم واحد ، وشرائعهم مختلفة ، فإنهم متفقون في أصول التوحيد ، وأما فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف.
تعريف التوحيد وأقسامه.
جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات “يوحّدوا”، “واحد”، “يوحَّد”، “التوحيد”، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة: 73]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أّول ما تدعوهم إلى أن يوحّدوا الله تعالى) [رواه البخاري]، وقال عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس: على أن يوحَّد الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج) [رواه مسلم]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعذب ناس من أهل التّوحيد في النار حتى يكونوا فيها حمما ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة قال فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السيل ثم يدخلون الجنة) [رواه الترمذي].
معنى التوحيد وأقسامه
- التوحيد لغة: مشتق من وحّد الشيء إذا جعله واحدا، فهو مصدر وحّد يوحد، أي جعل الشيء واحدا.
- وفي الشرع: إفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.
أقسام التوحيد
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب التفسير رحمه الله: قد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
- الأول: توحيده في ربوبيته
- الثاني: توحيده جل وعلا في عبوديته-أي توحيد الألوهية-
- الثالث: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته.
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن منده وابن جرير الطبري وغيرهما وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقرره الزبيدي في تاج العروس، وشيخنا الشنقيطي في (أضواء البيان) وآخرين رحم الله الجميع، وهو استقراء تام لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كل فن، كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى اسم وفعل وحرف، والعرب لم تفه بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء.
1- توحيد الألوهية
وهو إفراد الله بالعبادة، بأن يعبد الله وحده لا شريك له، ولا يصرف لغيره أي نوع من أنواع العبادة من صلاة ودعاء وذبح ونذر…. إلخ، ومن عبد غير الله بأن صرف له شيئا من العبادات كالدعاء والنذر فهو مشرك بالله رب العالمين، قال الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) [النساء: 36]، وقال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162-163]، وقال تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 1-2].
2- توحيد الربوبية
وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير، قال الله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62]، وقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك: 1]، وقال تعالى: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) [يونس: 31].
3- توحيد الأسماء والصفات
وهو إفراد الله جل وعلا بما له من الأسماء والصفات، وذلك بأن يثبت العبد لربه ما أثبته الله لنفسه في الكتاب العزيز، وما أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة، وأن ينزه ربه من كل عيب وينفي ما نفاه الله عن نفسه من كل نقص، قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11]، وقال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه: 8]، فنحن نؤمن بصفات الله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به، نمرها كما جاءت بدون تمثيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل، ليس كما يفعل المعتزلة المعطلة والأشاعرة المؤولة والمفوّضة…..إلخ.
فائدة: قال الله تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم: 65]، في هذه الآية الكريمة ذكر الله سبحانه وتعالى أقسام التوحيد الثلاثة من توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
أهمية التوحيد وخطر الشرك
للتوحيد أهمية عظيمة ومكانة مرموقة عند الله تعالى، ومما يدل على ذلك أن الله سبحانه ما بعث من نبي إلا وكان أول ما أمره أن يدعوا قومه إليه توحيد الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25]، والتوحيد من أعظم حقوق الله سبحانه وتعالى وجزاء الموحدين الجنة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (بينما أنا رديف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل فقال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ قلت لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ بن جبل قلت لبيك رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق الله على عباده قلت الله ورسوله أعلم قال حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ بن جبل قلت لبيك رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه قلت الله ورسوله أعلم قال حق العباد على الله أن لا يعذبهم) [رواه البخاري].
ومما يدل أيضا على أهمية التوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي طوال حياته يدعوا إلى توحيد الله وإعلاء كلمة الله، والتحذير من الشرك وأهله، فلما حضره الموت صلى الله عليه وسلم كان يقول لأصحابه رضي الله عنهم: (قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) [رواه البخاري]، أي يحذرهم من هذا العمل الذي يعتبر وسيلة إلى الغلو فيها وعبادتها من دون الله تبارك وتعالى.
عاقبة الشرك
الشرك ظلم عظيم، ومحبط للأعمال، ومأوى أهله النار وبئس القرار، قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]، وعن عبد الله بن مسعود قال: (لما نزلت الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) [رواه مسلم].
مهما عمل المرء من خير، صدقة كانت أو دفاع عن المظلومين أو مساندة للمستضعفين فإن هذا لا ينفعه إذا مات مشركا بالله رب العالمين.
قال الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء: 48]، إن الله سبحانه وتعالى حرم الجنة على المشركين الذين ماتوا على شركهم ولم يتوبوا، وجعل مصيرهم جهنم لهم فيها عذاب أليم خالدين فيها لا يخرجون منها أبدا، فإن الذي عليه السلف الصالح أن الجنة والنار لا تفنيان أبدا وباقيتان.
قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة: 72]، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)، [البينة: 6]، وقال تعالى: (حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [الحج: 31]، وقال تعالى: (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) [يونس: 52].
فضل التوحيد
- التوحيد سبب للحياة الطيبة السعيدة في الدنيا والآخرة: قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى من بني آدم وقلبه مؤمن بالله ورسوله وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة والحياة الطيبة تشتمل وجوه الراحة من أي جهة كانت).
- التوحيد سبب للنصر والتمكين: قال الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور: 55]. قال الإمام السعدي: (فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد: الاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، والتمكين من إقامة الدين الإسلامي، والأمن التام، بحيث يعبدون الله ولا يشركون به شيئا، ولا يخافون أحدا إلا الله، فقام صدر هذه الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكنهم من البلاد والعباد، وفتحت مشارق الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام، فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح فلا بد أن يوجد ما وعدهم الله، وإنما يسلط عليهم الكفار والمنافقين، ويديلهم في بعض الأحيان بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح).
- التوحيد سبب لتكفير الذنوب وحلول البركة بأهله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة) [رواه الترمذي]، وقال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96].
- التوحيد شرط لنيل الشفاعة يوم القيامة: عن أبي هريرة أنه قال: (قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه) [رواه البخاري]، فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون للمشركين بل تكون للموحدين الذين قالوا لا إله إلا الله ففقهوها وعملوا بمقتضاها مخلصين بقلوبهم وأنفسهم، فإن من قال لا إلا الله ثم نقضها بشرك أو كفر فهذا لا تنفعه مهما قالها.
خاتمة
إنه لا عز للمسلمين إلا بتحقيق التوحيد الخالص والدعوة إليه، ومحاربة الشرك وأهله، ولتعلم أخي المسلم أن المعصية والبدعة تضعف التوحيد وتنافي كماله فهي بذلك سبب للضعف والذل والهوان، قال الإمام ابن باز رحمه الله: (فالله جل وعلا جعل للنصر أسبابا وجعل للخذلان أسبابا ، فالواجب على أهل الإيمان في جهادهم وفي سائر شئونهم أن يأخذوا بأسباب النصر ويستمسكوا بها في كل مكان في المسجد وفي البيت وفي الطريق وفي لقاء الأعداء وفي جميع الأحوال ، فعلى المؤمنين أن يلتزموا بأمر الله، وأن ينصحوا لله ولعباده، وأن يحذروا المعاصي التي هي من أسباب الخذلان، ومن المعاصي التفريط في أسباب النصر الأسباب الحسية التي جعلها الله أسبابا لابد منها، كما أنه لابد من الأسباب الدينية، فالتفريط في هذا أو هذا سبب الخذلان والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم وهو أصدق القائلين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7] هذه الآية العظيمة خطاب لجميع المؤمنين أوضح فيها سبحانه أنهم إذا نصروا الله نصرهم سبحانه وتعالى).
وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.