خائفون على “إسرائيل” من غبائها .. وانهيارها !!
“إسرائيل وحدها.. وفي لحظة القوة العسكرية، تبدو إسرائيل ضعيفة للغاية، ويتعيّن على أميركا أن تساعدها في إيجاد استراتيجية أفضل”
الجملة السابقة كانت عنوان افتتاحية العدد الأخير من مجلة الإيكونوميست 23 مارس 2024م، والمقال -كما هي عادة المجلة المتعاطفة جدا مع الكيان المحتل- يخشى أن يؤدي التعنت والعجرفة والغباء الإسرائيلي في النهاية، إلى ما لا تحمد عقباه، للأمريكيين وللإسرائيليين، ويطالب الإدارة الأمريكية بالعمل على عدم حدوث ذلك.
الجحيم للإحتلال؟
ويبدأ المقال بوصف الوضع في غزة بالنسبة لجيش الاحتلال بـ “الجحيم”، فيقول:
“لا يزال هناك طريق ضيق للخروج من جحيم غزة، ومن المرجح أن تفشل محادثات وقف إطلاق النار، وقد يترك ذلك إسرائيل حبيسة المسار الأكثر قتامة في وجودها منذ 75 عاما، المتمثل في احتلال لا نهاية له، وسياسات يمينية متشددة، وعزلة، واليوم، ورغم إنكار العديد من الإسرائيليين لذلك، فإن ما يجري في غزة لن يحدد مصير الفلسطينيين فحسب، بل سيحدد أيضاً ما إذا كانت إسرائيل ستبقى في السنوات المقبلة”.
جوانب فشل إسرائيل
ثم يبدأ المقال في استعراض جوانب الفشل في حرب الكيان المحتل على غزة وتداعيات ذلك عليه:
“إذا كنت صديقاً لإسرائيل، فإن هذه لحظة غير مريحة للغاية، فقد شنت في أكتوبر2023م حرباً مبررة للدفاع عن النفس ضد حماس، التي ارتكب (إرهابيوها) فظائع تهدد فكرة إسرائيل كوطن آمن لليهود، واليوم ربما دمرت إسرائيل نصف قوات حماس، ولكنها من نواحٍ أخرى مهمة.. فشلت في مهمتها”.
ويتابع: ” ففي غزة، أدى تعنتها بعدم التعاون في تقديم المساعدات الإنسانية أو توزيعها، إلى كارثة إنسانية كان من الممكن تجنبها، والخسائر المدنية جراء هذه الحرب في ازدياد مستمر، كما رفضت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة خططاً لإدارة غزة بعد الحرب، إما من قبل السلطة الفلسطينية أو قوة دولية، والنتيجة الأكثر ترجيحا لديها: هي إعادة الاحتلال العسكري، وهذا يعني أنه مع إضافة الضفة الغربية، فستكون إسرائيل مسيطرة بشكل دائم على 4 ملايين إلى 5 ملايين فلسطيني”.
فشل إسرائيل داخليا
ثم تَعرّض المقال للفشل الداخلي للحكومة والدولة اليهودية:
“كما فشلت إسرائيل في الداخل، حيث مشاكلها أعمق من قيادة نتنياهو الرهيبة، فقد أدت حركة المستوطنين المتنامية والسكان المتطرفين، إلى إمالة السياسة إلى اليمين واستقطاب المجتمع، وقبل 7 أكتوبر كان هذا واضحاً من خلال المعركة على استقلال القضاء، وقد زادت هذه الحرب من المخاطر، وعلى الرغم من استبعاد الأحزاب اليمينية المتشددة في الائتلاف من حكومة الحرب، إلا أنها عَرّضت المصلحة الوطنية لإسرائيل للخطر باستخدام الخطاب التحريضي، وتأجيج عنف المستوطنين ومحاولة تخريب المساعدات والتخطيط لما بعد الحرب، ورغم أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قادرة وبراغماتية، لكنها لم تعد تتولى زمام الأمور بشكل كامل”
فشل إسرائيل دوليا
ثم يستعرض المقال صوراً من الفشل الإسرائيلي على المستوى الدولي، فيقول:
“إن فشل إسرائيل النهائي يتلخص في دبلوماسيتها الخرقاء، فقد كان غضب العالم من حربها أمراً لا مفر منه، خاصة في الجنوب العالمي، حيث إسرائيل قامت بعمل ضعيف في مواجهة “الحرب القانونية”، بما في ذلك مزاعم الإبادة الجماعية (الزائفة) التي أضرت بسمعتها، والآن نجد تعاطفاً أقل مع إسرائيل في أوساط الشباب الأمريكيين، وقد حاول الرئيس جو بايدن كبح جماح حكومة نتنياهو من خلال تبني سياساتها ودعمها علناً، لكنه فشل!! وفي 14 مارس الجاري، شجب “تشاك شومر”، أكبر حليف لإسرائيل في مجلس الشيوخ الأمريكي، فظائع حماس، لكنه قال إن لدى إسرائيل زعيم (ضائع) “.
أوهام الفشل الإسرائيلي
ثم يُعَرّج المقال على بعض الأوهام الإسرائيلية التي ستؤدي إلى الفشل لا محالة:
“هناك صورة قاتمة لا يتم الاعتراف بها دائماً في تل أبيب، فيتحدث نتنياهو عن غزو رفح، آخر معقل لحماس، بينما يطالب اليمين المتشدد بإعادة الاستيطان في غزة، والعديد من الإسرائيليين العاديين يخدعون أنفسهم أيضاً، وذلك حين يعتقدون أن التهديدات الموجهة لإسرائيل تبرر قسوتها، وأن الحرب قد ساعدتهم في استعادة الردع!! ولا يرى الكثيرون في إسرائيل شريكاً للسلام، فالسلطة الفلسطينية فاسدة، وتقول استطلاعات الرأي إن 93% من الفلسطينيين ينكرون وقوع فظائع حماس، وخلصوا إلى أن الاحتلال هو الخيار الأقل سوءا من السلطة.
هذه القصة المغرية هي بيان للكارثة، ولنتأمل هنا مسألة الدفاع، فإن الضرر الذي يلحق بسمعة إسرائيل قد يجعل من الصعب القتال في غزة، لأن التهديد على المدى الطويل هو من إيران ووكلائها، بما في ذلك حزب الله، ويتطلب ردع ذلك: شراكة عسكرية مع أمريكا، ودعماً من كلا الحزبين، ومن دول الخليج العربية أيضاً، ويعتمد الاقتصاد الإسرائيلي على صادرات التكنولوجيا، والخبراء الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية، وبدلا من جعل الإسرائيليين آمنين، فإن الاحتلال الدائم يسمم السياسة من خلال تشجيع اليمين المتشدد وتغذية التطرف الفلسطيني … هذه حلقة مفزعة، وسيؤدي هذا المسار الإسرائيلي إلى تكثيف سياساتها العرقية القومية، وتهديدات كبيرة للاقتصاد، ومع تعمق العزلة عن الغرب، فقد يضعف الرد، وقد يتم إدراج شركاتها في القائمة السوداء، ويمكن لرؤساء الشركات العالمية الكبرى نقل شركات التكنولوجيا الفائقة إلى خارج إسرائيل، أو إلقاء القبض عليهم إذا كانوا من جنود الاحتياط اليهود”.
استغاثة بأمريكا
ثم يطالب مقال المجلة الولايات المتحدة، الراعية والداعمة الرسمية والأكبر للكيان المحتل، بالعمل على تصحيح هذا المسار الغبي للحكومة الإسرائيلية الذي يضرهم جميعا:
“يجب على أمريكا أن تساعد إسرائيل على تجنب هذا المصير، وإذا فشلت فسوف تدفع هي نفسها ثمناً دبلوماسياً باهظاً، والأفضل هو وقف مؤقت لإطلاق النار، وفتح الطريق أمام محادثات حل الدولتين، ومن دون ذلك فإن السياسة الأميركية سوف تحتاج إلى إعادة ضبط، فقد فشل احتضان بايدن المبكر، كما فشلت أيضاً محاولات إكراه حكومة إسرائيل، فإذا حاولت أميركا إرغام إسرائيل على الخروج من غزة بينما لا يزال بوسع حماس إعادة تنظيم صفوفها، أو الحد من الدعم العسكري، أو سحب دعمها في الأمم المتحدة، فإن أمن إسرائيل قد يصبح في خطر، ولذلك يتعين على أمريكا أن تستخدم وسائل أخرى، وينبغي لها أن تقوم بتوزيع المزيد من المساعدات الإنسانية من جانب واحد، والامتناع عن توفير الأسلحة اللازمة لغزو رفح، ويتعين عليها أن تعمل على توسيع نطاق العقوبات ضد المستوطنين والمتعصبين اليمينيين، لكي تثبت للناخبين الإسرائيليين أن أميركا تضمن أمنهم، ولكنها لا تضمن التطرف أو الاحتلال الدائم، وينبغي لها أن تستمر في الإشارة إلى حرصها على الاعتراف بفلسطين كجزء من مفاوضات السلام القائمة على حل الدولتين”.
المعركة الآن مجرد بداية
ويختم المقال تحت عنوان “المعركة القادمة” بصعوبة تأثير الولايات المتحدة على الحالة الإسرائيلية الراهنة، وأن مستقبل دولة الاحتلال على المحك الحقيقي، فيقول:
“إلا أن أمريكا لا تستطيع أن تفعل الكثير!! فمعظم الحروب الإسرائيلية تتبعها اضطرابات سياسية، وإن إقالة نتنياهو لن تكون سهلة، ولكن عندما يأتي الحساب سوف يكون كبيرا.
لقد حطمت الحرب العديد من الأوهام: إمكانية تجاهل الفلسطينيين؛ وأن السلطة الفلسطينية لديها أي رغبة في الإصلاح؛ وأن معاداة السامية نادرة؛ وأن إسرائيل تستطيع أن تتحدث عن حل الدولتين في ظل توسع المستوطنات؛ وأن اليمين المتشدد يمكن ترويضه.
هناك صراع من أجل مستقبل إسرائيل ينتظرنا، المعركة في غزة هي مجرد البداية”.