محطات في الإرهاب الدولي المعاصر-الجزء الثاني
نتابع ما بدأناه في الجزء الأول ونستكمل محطات جديدة من الإرهاب الدولي المعاصر في حق المسلمين.
حملات إعلامية ضروس للتنديد بالإرهاب، وتضخيم الأحداث بصورة مبالغة رهيبة، والزج بالإسلام في أتون القضية، حتى باتت الحرب على الإرهاب حربًا على الإسلام، وبات في قناعة العالم أن كل مسلم إرهابي، بل لا إرهابي إلا المسلم، هذا مع تغييب قضايا الاستبداد التي أفرزت ما أطلقوا عليه الإرهاب والتطرف، وتهميش كيل الغرب بمكيالين تجاه قضايا حقوق الإنسان، فضلًا عن غياب الضمير العالمي تجاه الدم المسلم، ويقظته المفرطة مع الآخرين، وغياب تعريف دقيق لذلك الإرهاب أو الإرهابيين، اللهم إلا ما ينطق به الحال أنهم الإسلاميون لا غيرهم.
لقد جف سيل الكلام في براءة الإسلام من الإرهاب، وانقطعت الحجج مع غرب قد أصم آذانه وغيب عقله وأبان مكنونات نفسه، فصار عرض مواقف الغرب الإرهابية خير ناطق في إثبات من الإرهابي حقيقة وواقعًا، وسيل المواقف المفجعة والمفزعة لأحسن دليل وشاهد على دموية المناكفين لهذا الدين الحنيف… سكت الكلام ونطقت الأحداث، وفي ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
الإرهاب المباح في عرف الغرب
-
عرقلة حرية ممارسة الشخص للدين
اقترب رجل أمريكي في طائرة متجّهة إلى شيكاغو من امرأة تجلس أمامه بعدة صفوف وطالبها بخلع ملابسها. وعندما رفضت، مزّق ملابسها وتركها، كما أشارت محكمة أمريكية الأسبوع الماضي، «عارية ومعتدَّى عليها» … هذا الرجل الذي يدعى (جيل باركر باين)، أًدين الأسبوع الماضي وسيصدر الحكم قريبًا.
بالتأكيد هذه حالة واضحة من الاعتداء الجنسي. لكنَّ المرأة التي اعتدى عليها (باين) كانت مسلمة وكان الجزء الذي مزّقه من ملابسها هو حجابها. لذا، اعترف باين بالذنب في تهمة «عرقلة حرية ممارسة الشخص للدين»، وهي جريمة عقوبتها أقل من الاعتداء الجنسي.
-
لقد تطايرت أسنانه في الهواء
نشرت وسائل إعلام إسرائيلية الأحد 22 مايو/ 2016 شريط فيديو يظهر فيه عربيٌ في متجرٍ كبير وهو يتعرّض للضرب المبرح من قبل شرطيين في تل أبيب، وتحدّث شهودٌ عن اعتداءٍ غير مبرر. وقال (إيريز كريسبين) أحد الشهود على صفحته على فيسبوك: “لم يسبق أن شاهدت شيئًا مماثلًا. لقد تطايرت أسنانه في الهواء. لقد كان العربي محطمًا”.
-
لا يزال هناك العديد من الأسلحة النووية
قال (جورج شوالتز)، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، إن العالم الذي نعيش فيه في الوقت الحالي يعتبر عالما خطيرا للغاية، وأوضح شوالتز قائلا: “في الأيام الماضية -عندما كان على رأس عمله- كان لدينا برنامجًا وإستراتيجية، وكنا مقتنعين حينها أنها ستجدي نفعا، وما أراه الآن هو عالم تغيير فيه كل شيء تقريبا، وأينما نظرت سترى حالة من عدم الاستقرار.” وأضاف:
“لا يزال هناك العديد من الأسلحة النووية، إلى جانب التهديد الذي يفرضه التغيير المناخي، وبكلمات أخرى، هناك أمور ينبغي العمل عليها من خلال أكثر من دولة وفي وقت واحد، ودول تعاني من صعوبات في إدارة أمورها فكيف ستساهم في صورة إيجابية مع هذه التحديات؟ ولهذا اعتقد أننا نمر بوقت خطير للغاية”.
-
مسلمي بورما
رفضت الغرفة الثانية من برلمان «ميانمار» مقترحا بمنح الجنسية للمسلمين الروهينغيين بوصفهم “بنغاليين”، وذلك بـ228 صوتا مقابل 154. ويرى مقدمو المقترح أن الحكومة لن تقبل على الإطلاق بمنح الجنسية للمسلمين بوصفهم من الروهينغا، لذلك قدموا المقترح بوصفهم “مسلمين بنغالا”.
وانتقد النائب في البرلمان عن الحزب الوطني الأراكاني (كين ساو واي)، قرار رفض المقرح، داعيًا الحكومة والبرلمان إلى:
“التعاطي مع هذه المسألة على أنها قضية وطنية”.
وقال ساو واي:
“السكان في أجزاء كبيرة من ولاية أراكان لا يحملون الجنسية، ولا يُعرَف من يحمل الجنسية، ومن هو لاجئ مخالف للقانون، فكيف للدولة أن تحقق بهذا الشكل أمنها القومي؟”.
أما النائب الآخر عن ولاية أراكان (بي تهان)، فرأى أن رفض البرلمان للمقترح سيعزز سيادة القانون في البلاد.
ومع اندلاع أعمال العنف ضد مسلمي الروهينغا في يونيو/ 2012، بدأ عشرات الآلاف منهم بالهجرة إلى دول مجاورة، على أمل الحصول على فرص عمل، مما أوقعهم في قبضة تجار البشر.
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير صدر في مايو/ 2013، سلطات ميانمار بممارسة التطهير العرقي ضد مسلمي ولاية أراكان.
يذكر أن نحو مليونًا من المسلمين يعيشون في مخيمات «أراكان» بعد أن حرموا من حق المواطنة بموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982، إذ تعتبرهم الحكومة مهاجرين غير قانونيين من بنغلاديش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة بأنهم «أقلية دينية مضطهدة».
اندلاع شرارة حرب البوسنة عام 1992 غير كل شيء عند مسلمي البوسنة والهرسك. فخلال ثلاث سنوات كانوا هدفاً رئيسيا لعملية التطهير العرقي الممنهج ولعمليات الطرد والقتل الجماعي، وكانت تلك أول جرائم إبادة جماعية تشهدها الأراضي الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. ويملك معهد البحوث والتوثيق في سراييفو كثيرا من البيانات التي توثّق لضحايا حرب البوسنة. وحسب هذا المعهد فإن نسبة المسلمين من البوسنة والهرسك الذين كانوا من بين الضحايا المدنيين لتلك الحرب تصل إلى حوالي 80% من مجمل عدد الضحايا. وبعد الحرب لعب الدين الإسلامي دورا هاما في بناء دولة البوسنة والهرسك.
-
نمط الحياة كله في غزة قاهر
يقول (فضل أبو هين)، الأخصائي النفسي في حديثه لمراسل «المركز الفلسطيني للإعلام»:
“إنّ الأطفال هم الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني، وهم يتعرضون لضغوط شديدة في حياتهم، ليس فيما يتعلق بخوفهم من الحرب والحرق فحسب، بل إنّ نمط الحياة كله في غزة قاهر جداً، حيث الحصار والفقر والبطالة والتلوث.
حسب قوله
ويؤكّد (أبو هين):
“إنّ أخطر ما يحدث مع الطفل، هو أنّه يتعرض لظروف قاهرة جداً دون أن يعرف الأسباب بخلاف كبير السن الذي يحلل الأمور بطريقته”
وتؤكد الإحصائيات الواردة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من 400 ألف طفل على الأقل في غزة يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي، إثر معاناتهم من الصدمة، أو لظهور أعراض الضيق المتمثلة بالأرق والأزمة والذعر والكوابيس واضطرابات الطعام، والعصبية، والاكتئاب، وغيرها، علماً بأن الدراسات تشير إلى أن 52 ٪ من سكان قطاع غزة تحت سن الـ (18).
حالة الغضب والحزن الشديد التي سيطرت على كل أجواء قطاع غزة عقب احتراق أطفال عائلة (الهندي)، أعادت إلى أذهان أهالي القطاع حوادث مماثلة رافعين أكفهم بأشد الدعوات على من يتسبب في حصار غزة ويحرم أهلها العيش الهانئ.
وقبل ثلاثة أعوام بالتمام نشب حريق بمنزل يعود لعائلة (ضهير) في حي الشجاعية، راح ضحيته أسرة بأكملها “الأب حازم ضهير، وزوجته سمر، وأربعة من أطفالهم تتراوح أعمارهم ما بين الشهرين والسبع سنوات”.
وفي ظل قلق الفلسطينيين في غزة من نشوبٍ حربٍ جديدة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني على إثر المناوشات والاشتباكات الأخيرة التي حدثت على حدود قطاع غزة؛ باتوا يخشون أن تطال حوادث الحرائق عوائل أخرى في ظل تردي الوضع المعيشي لآلاف الأسر في قطاع غزة، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي الذي يشكل غيابه تهديدًا واضحًا لحياة السكان.
وحسب الإحصائيات الرسمية، فإنّ 447 طفلاً فلسطينياً استشهدوا في العدوان الصهيوني على قطاع غزة صيف عام 2014 (العصف المأكول) وأنّ هذا العدد هو أكبر مما كان عليه أثناء الحربين السابقتين.
وتراوحت أعمار الأطفال الشهداء في حينه بين (10- 17) عاماً، فيما أصيب أكثر من 2877 طفلاً بجروح وُصف عدد كبير منها ب”إعاقات دائمة”.
هذا غيض من فيض تطالعنا به وكالات الأنباء العالمية، بل ما خفي كان أعظم، وكل الأحداث الإرهابية الدولية بحق مسلمين، ولو وقعت بحق مسيحي أو يهودي لقامت الدنيا وما قعدت، والمبررات جاهزة من أمثال: حقوق الإنسان… حماية الأقليات… مواثيق الأمم المتحدة في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر… وغيرها وغيرها من المبررات التي تتلاشى مع كل من هو إسلامي.
أما المصيبة الكبرى هو تصديق البعض منا بإرهاب الإسلام، وتعاطيه مع هذه القضية بإيمان تام وقناعة راسخة، فصارت الحرب على الدين الحنيف وأهله حربين: حربًا خارجية، وحربًا داخلية.
محنة وأي محنة أن يهان الإسلام دين السلام، وأن تلفق له تهم هو منها برئ، وهو الذي ينص في كل أدبياته ومبادئه على حرمة الدماء إلا بحقها، وحرمة الظلم على كل من كان حتى الحيوان… لكنه مخطط شيطاني لتبرير إرهابهم، تخدمه آلة إعلامية لا تكف صباح مساء عن التضليل والتزييف.