ملخص كتاب: كيف صنع الإسلام العالم الحديث؟
كتاب كيف صنع الإسلام العالم الحديث؛ هو كتاب من تأليف الكاتب الأمريكي مارك جراهام، الذي درس تاريخ القرون الوسطى والدراسات الدينية في كلية كونيتيكت، ثم حصل على الماجستير في تخصص الأدب الإنجليزي من جامعة كوتزتاون، عُرف عنه نقله للحقائق كما هي، دون محاولة تشويه طرف لمجرد أنه مختلف، لذا ألف كتاب “How Islam Created the Modern World” أو كيف صنع الإسلام العالم الحديث، الذي بدأه بإهداء لوالديه كينيث وميشيل جراهام؛ اللذين علَّماه محبة الحقيقة، وفضيلة الاحتفاظ بذهن متفتح. وقد ترجم الكتاب للعربية وقدمه الأستاذ الدكتور عدنان خالد عبد الله.
مقدمة المؤلف
يبدأ الكاتب التمهيد لكتابه بذكر سريع لنتائج أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيف أثر هذا على المسلمين، وكيف أن صفات مثل الإرهاب والتطرف والبربرية أصبحت تُلحق بهم أينما ذُكروا في وسائل الإعلام. وقد أدت هذه النظرة -كما يصف جراهام- إلى ارتكاب الأعمال الوحشية والفظائع ضد المسلمين، باعتبارهم متوحشين وأشرارًا. لذا يقول جراهام إن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ كان لا بد من سد الثغرة أو الفجوة التي نتجت عن سوء الفهم هذا. وهذا لن يحدث إلا إذا قام أحد بنقل التاريخ الأساسي للإسلام كما هو، مما يدحض -بصورة تلقائية- الصورة الحالية له باعتباره حضارة متوحشة.
ويقول جراهام: “هذه قصة ينبغي أن تروى .. وهي قصة ديانة أصبحت عند الكثيرين متوحشة ومناقضة للحداثة. ولكنها بَنَتْ إمبراطوريةً من الثروة والألق لم يرَ العالم مثيلًا لها، وهي قصة ولادة النهضة في أوروبا في القرون الوسطى، إنها قصة: كيف صنع الإسلام العالم الحديث؟”
مقدمة المترجم
ذكر المترجم في مقدمته أن هناك ثلاث ملاحظات أساسية يجب على القارئ العربي أن ينتبه لها في الكتاب؛ الأولى: أن كاتب الكتاب يؤمن بتلاقي الحضارات وتفاعلها مع بعضها البعض سلبًا وإيجابًا، وستظل الثقافة الإنسانية على هذا الحال حتى يرث الله الأرض ومن عليها. الثانية: أن الحضارة الإسلامية لم تتلقَ إنجازات كل من الإغريق والفرس والهنود تلقيًا سلبيًا، بل تفاعلت مع هذه الإنجازات وطوَّعتها وأضافت إليها، ثم سلمتها للحضارة الغربية. وأما الثالثة: أن الحضارة الإسلامية مثلها مثل باقي الحضارات التي سبقتها وجاءت بعدها؛ اعتمدت على أمم وأقوام أخرى من غير جنسها، فتفاعلت معهم واندمجت فيهم، وأغنتهم واغتنت منهم.
ويشير المترجم إلى أن المؤلف -بسبب عدم إجادته للعربية- اعتمد على الكتب المترجمة، وهذا ما أوقعه في العديد من إساءة التأويل، لكنه يؤكد أن هذه الهفوات لا تقلل من أهمية الكتاب وعظمته. وعمومًا يضم هذا الكتاب بين طياته عشرة فصول، وملحقَيْنِ وقراءات إضافية.
الفصل الأول: الإسلام يصبح إمبراطوريةً
يسرد المؤلف هنا كيف بدأ الإسلام؛ وهو أمر يعرفه الجميع، إذ نزل الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أواخر شهر رمضان من عام 610م في غار حراء، حيث كان الرسول يذهب للتأمل والتعبد والاختلاء بنفسه. يحكي الكاتب القصة كلها بداية من الوحي الذي قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- “اقرأ“، إلى أن ذهب لبيت السيدة خديجة زوجته مذعورًا يرتعش، حتى جاءه الوحي متجسدًا في جبريل عليه السلام، فأصبح محمدًا خاتم الأنبياء وآخر المرسلين.
وتدور أحداث هذا الفصل عن تاريخ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي، ويشير إلى بعض المعارك التي خاضها المسلمون مع غيرهم، وكيف كان الآخرون متوحشين تجاه المسلمين. يذكر الكاتب بعدها كيف انتقل الإسلام في السنوات التالية للشعوب المسيحية، وتعاطَفَ الكثير من المسيحيين مع الإسلام واعتنقوه، على رأسهم القس البيزنطي دوغتيير؛ الذي شُنق، وحاكم فلسطين؛ الذي أمر الإمبراطور بقطع رأسه.
يتطرق الكاتب بعد ذلك إلى نبذة عن عصر الخلفاء الراشدين، الذين حكموا المسلمين لمدة ثلاثين عامًا، وقال إنهم اهتموا بالنواحي الرُّوحية والدينية بنفس قدر اهتمامهم بالحياة السياسية. ويرى الكاتب أنه منذ اللحظة التي توفي فيها الرسول لم يعد الإسلام كيانًا روحيًا وسياسيًا واحدًا، بسبب ظهور العديد من الطوائف والفرق، وأن السبب في انهيار الخلافة الراشدة -على حد قوله- هو التحزُّب. ويذكر نبذة عن كل من الأمويين والعباسيين، وأنه على الرغم من أن العباسيين قد تضرجت أيديهم بالدماء، وأن بداياتهم -على حد وصفه- كانت وحشية، إلا أن العرب والفرس استطاعوا في هذه الفترة؛ في عاصمتهم الجديدة بغداد، أن يبتكروا ويكتشفوا، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف للنهضة الأوروبية.
الفصل الثاني: بيت الحكمة
يتناول هذا الفصل فترة العصور المظلمة التي كانت تعاني منها أوروبا، وكم كانت تتعرض -على أيدي السفاحين وقطاع الطرق- إلى كل ألوان الوحشية. ويتناول الكاتب الحكاية التي يتعلمها كل طفل في المدرسة، وهي أنه خلال الحروب الصليبية استطاعت أوروبا تخليص نفسها من العصور المظلمة، وجلبت العديد من شذرات التعاليم الإغريقية والرومانية التي اندثرت، والتي كان المسلمون محتفظين بها يحتضنونها بكل أمانة لحين وصول الورثة الحقيقيين لأفلاطون وأرسطو ومطالبتهم بها، وحين حقق المسلمون هذه المهمة النبيلة عادوا إلى خيامهم وجمالهم ونمط حياتهم المعتاد، ومضت أوروبا في طريقها نحو النهضة والهيمنة على العالم.
يقول الكاتب إن الغرب دلَّسَ في التاريخ، ولم يذكر عن تاريخ المسلمين العظيم شيئًا، ولم يتناول من شخصيات المسلمين إلا الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وصلاح الدين الأيوبي، وسليمان القانوني؛ على الرغم من أن أوروبا في حقيقة الأمر قد تتلمذت على أيدي علماء المسلمين لأكثر من نصف ألفية، وأنه على الرغم من حقيقة أن المسلمين احتفظوا بتراث الشعوب الأخرى وحفظوه، إلا أنهم كانوا فنانين وشعراء وفلاسفة وعلماء رياضيات وكيمياء وفلك وفيزياء، وهذا ما أنكره عليهم الغرب والمستشرقون، وبينما كانوا يتمتعون بالحضارة كانت أوروبا في قمة الهمجية، ويؤكد أن العالم الإسلامي كان بمثابة العملاق الذي بنيت على أكتافه النهضة الأوروبية.
الفصل الثالث: أبقراط يرتدي العمامة
يبدأ الكاتب هذا الفصل بذكر السببين اللذين دمَّرا المعرفة الطبية، وأغرقا أوروبا في الجهل الطبي لأكثر من نصف ألفية، السبب الأول هو إغلاق الإمبراطور البيزنطي زينو لمدرسة إديسا للطب الأبقراطي عام 489م، والثاني إغلاق الإمبراطور جستنيان لأكاديمية أثينا التي أسسها أفلاطون بنفسه عام 529م. وعليه، فقد بدأت أنظار المسيحيين تتوجه إلى الإمبراطورية الأخرى الوحيدة المتاحة، والمتمثلة في بلاد فارس الساسانية، وفي جنديسابور بدأ الأطباء النسطوريون المسيحيون والفلاسفة الأفلاطونيون الجدد بوضع أساس الثورة الطبية الإسلامية.
وقد أحدث المسلمون ثورة في الطب بسبب ترحيبهم طوال مائتي عام للعلوم اليونانية والرومانية بحفاوة. ويذكر الكاتب أهم الإنجازات الطبية للمسلمين؛ والتي يمكننا ذكر أهمها في النقاط التالية:
- تأسيس أول مستشفى على الطراز الحديث (البيمارستان) عام 805م على يد هارون الرشيد.
- تطوير علم العقاقير وافتتاح أول صيدلية رسمية في بغداد في فترة حكم المأمون في القرن التاسع عشر.
- تأسيس المكتبات الشاملة في المستشفيات الإسلامية، وكان أكبر المكتبات الطبية في العالم في هذا الوقت، لا سيما في بغداد ودمشق والقاهرة، وكذلك مكتبة الخليفة الحكم بن عبد الرحمن الذي أسسها في الأندلس عام 960م.
- ظهور أعظم أطباء مسلمين عرفهم العالم؛ على رأسهم الرازي وابن سينا.
الفصل الرابع: العمل العظيم
يبدأ الكاتب هذا الفصل بمقولة أراها عظيمة في الواقع؛ إذ يقول: “العلم، كبقية الأشياء الأخرى في التاريخ الأوروبي، يصبح ذا أهمية فقط عندما يبدأ الأوروبيون بممارسته، وإلا فإنه يعد غير موجود، وأود أن أكشف باكرًا حقيقة محرجة؛ وهي أن الأوروبيين كانوا يعرفون القليل عن العلم باستثناء ما علمهم إياه المسلمون”.
يقول جراهام إن المسلمون لم ينقلوا أو ينسخوا النصوص اليونانية ويحفظوها فقط، بل تعلموها ودمجوها بمناهج الهند وفارس، واتخذوا هذا أساسًا منهجيًا لوضع أسس جديدة للعلوم، كان من أهمها:
- الحساب: وضع الخوارزمي علم الأعداد (الأرقام)، لذا يعد واحدًا من أكثر العلماء تأثيرًا في علم الحساب.
- الفلك: ساهم المسلمون في العديد من الابتكارات الفلكية. على رأسها تطوير الإسطرلاب؛ والذي عرفته أوروبا بعد مرور 100 عام من ذلك، كما أسس المسلمون علم الفلك من الألف للياء، وبنوا المرصد عام 830م في بيت الحكمة، وقاموا بحساب طول السنة الشمسية إلى العشرية السادسة؛ والتي وضعها عمر الخيام.
- علم البصريات: كان ابن الهيثم شغوفًا بالضوء طوال حياته، لذا وضع العديد من النظريات التي كانت أساس علم البصريات الحديث. وكان أول مَن اكتشف نظرية القصور الذاتي قبل أن يكتشفها نيوتن بعدة قرون، كما أنه حاول حساب سرعة الضوء، وبنى مخرطة خاصة لتساعده على القيام بتجاربه، وألف كتاب المناظير؛ أو كما عرف في عصر النهضة باسم موسوعة البصريات.
الفصل الخامس: ما بعد (ألف ليلة وليلة)
يؤكد جراهام في هذا الفصل أن الفن الإسلامي بكل أنواعه ليس غريبًا على الإطلاق، وأنه جزء من التراث الثقافي للغرب. وهذا يتمثل فيما يلي:
- الجيتار – القِيثارة: يفتخر الغرب بموسيقى الروك التي أصبحت ممكنة فقط بعد اختراع الجيتار، والذي هو في الواقع اختراع عربي، والكلمة في العربية هي (القيثارة)، وقد قدمت القيثارة لأوروبا عن طريق الأندلس، وكذلك دخلت عدة آلات موسيقية أخرى مثل الدف.
- الموسيقى: افتتح زرياب أول مدرسة موسيقية خاصة للفقراء والأغنياء على حد السواء، وأصبح مؤسس التقاليد الموسيقية في الأندلس، ولا زالت آثار أسلوبه تُسمع في موسيقى الفلامنكو والمعلوف؛ وهي الموسيقى الكلاسيكية لشمال أفريقيا.
- الشعر: تطور الشعر العربي من الطريقة القديمة الجامدة إلى حد ما، إلى الطريقة الحديثة، بعد أن وقع تحت تأثير الحضارة الأندلسية المفعمة بالحياة، وطوَّره مُقدَّم بن معافى القبري الضرير وغيَّره إلى الشكل الجديد للقصيدة، بأسطر مختصرة وقافية جديدة، وعرف هذا بفن الموشحات
الفصل السادس: سلاح الإسلام السري
يقول الكاتب في هذا الفصل إن الكنيسة بعد أن بدأت تفقد هيبتها وقوتها، حاولت أن تقوم بالحركات التبشيرية لأراضٍ غريبة وغير معروفة، وحاولت زعزعة استقرار العالم الإسلامي، وإفقاره ماديًا وفكريًا.
ويتناول هذا الفصل أهم الفلاسفة العرب والمسلمين الذين لم يأخذوا الفكر اليوناني ويحفظوه فقط؛ بل طوَّروه وأضافوا عليه طوال خمسة قرون. على رأسهم الفيلسوف العربي الأول أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، الذي يعد أول فيلسوف إسلامي حقيقي، ثم جاء ابن سينا وحاول أن يوفق بين الفلسفة الحديثة والإسلام، ثم أبو بكر ابن عبد المالك ابن طفيل، الذي اشتهر بكتابه الفلسفي الخيالي (حي بن يقظان)، وابن رشد الذي عرفته أوروبا باسم أفيروس، وكان أعظم فيلسوف لدى الأوروبيين، وعلى الرغم من محاولة الكنيسة دحض حقيقة تأثير المسلمين الفلسفي على أوروبا، وحفظهم لأعمال فلاسفة اليونان أمثال أفلاطون، وتطويرهم لها، إلا أنهم فشلوا في نهاية المطاف في إخفاء هذه الحقيقة.
الفصل السابع: حرب العصور الوسطى على الإرهاب
كان الإسلام في فترة العصور الوسطى مسيطرًا بالكامل على العالم المسيحي، وكانت تحت سلطته آسيا وإفريقيا وأجزاء من أوروبا، وكان هذا بمثابة حالة مفجعة بالنسبة للاهوتيين، لذا ليس من المستغرب أن يحاول هؤلاء رسم صورة سيئة للمسلمين ونعتهم بالكفار القاسين، والترويج لفكرة أن الحروب الصليبية كانت من أجل إنقاذ الأرض المقدسة من المسلمين الأشرار. يؤكد الكاتب أن معظم التاريخ الغربي عن الحملات الصليبية لا علاقة له بالحقيقة، ويقول إن الروايات المحرفة ثقافيًا ودينيًا تحريفًا مبالغًا فيه، هي سبب تأجيج نار الكراهية بين المسلمين والمسيحيين حتى الآن.
وبعد تناول عدد من الأحداث والحروب في هذه الفترة، يقول الكاتب إن الجهاد في اللغة العربية يعني النضال لا الحرب المقدسة، وإن هذا النضال ببساطة هو الكفاح لأن تكون مسلمًا أفضل، وخلافًا للمفهوم الشائع؛ فإن الإسلام ليس دينًا عدوانيًا أكثر من المسيحية، بل إن القرآن يبدو وديعًا مُقارنةً بالإنجيل الذي يغض النظر عن العديد من النصوص التي تسرد أعمال الإبادة الجماعية. ويؤكد أن القرآن يهتم بالعدالة الاجتماعية أكثر من الدعوة للحروب والنزاعات، ويسمح القرآن للمسلمين بإشهار السلاح للدفاع عن وطنهم وعقيدتهم.
الفصل الثامن: الحرب العالمية الأولى
يتناول هذا الفصل الصراع بين المغول والمسلمين، ويوضح كيف خسر المسلمون جزءًا كبيرًا من أراضيهم أمام المغول وتفشيهم وسيطرتهم. وبعد موت جنكيز خان وتقسيم إمبراطورية المغول بين الأبناء؛ بدأت أنظار المغول تتجه لأوروبا، حيث سيطرت على العديد من الأراضي الأوروبية على رأسها روسيا.
قام هولاكو -الكاره للإسلام- بشن غزو على الخلافة الإسلامية، ويعتبر هذا الغزو آخر الحملات الصليبية وأسوأها، وتسبب هذا في سقوط بغداد وتدميرها تدميرًا شاملًا، وقتل المغول كل مسلم وجدوه في طريقهم، وحرقوا المباني وعذبوا وقتلوا واغتصبوا، وفعلوا كل ما لا يمكن أن يفعله بشر، وأصبح الإسلام مهددًا بالخطر، فالمغول سيجتاحون بقية الشرق، ثم ينطلقون إلى أوروبا لتحقيق رغبتهم بفتح العالم، حتى جاءت معركة عين جالوت واستطاع قطز هزيمتهم هزيمة ساحقة.
الفصل التاسع: المغيرون على المكتبة المفقودة
يسلط هذا الفصل الضوء على المميزات التي جناها العالم الأوروبي من التجارة مع المسلمين؛ حيث قدم المسلمون آخر ما توصل إليه العلم من تقنيات الري، كما جلبوا لأوروبا العديد من الأكلات الشهية، مثل: قصب السكر، الأرز، المانجو، الموز، الليمون، الباذنجان، البطيخ، السبانخ، الخرشوف وغيرها. كما قدموا لهم أهم صادر زراعي إسلامي؛ وهو القطن، ويؤكد الكاتب في نهاية الفصل أن التاريخ الحقيقي للتفاعل بين الكيان الإسلامي والأوروبي كان أكثر من مجرد منافسة عسكرية شريرة، بل كان تبادلًا فلسفيًا وعلميًا وثقافيًا استمر لقرون طويلة، وأثر على الأجساد والعقول والأرواح.
الفصل العاشر: أبناء إبراهيم، أبناء أرسطو
يطرح الكاتب في بداية الفصل السؤال المحتوم والبديهي: ماذا حل بالإسلام، تلك الحضارة التي أنجبت النهضة الأوروبية؟ ويقول: “يبدو أنه بينما كانت قوة أوروبا الثقافية والاقتصادية والسياسية تنمو بسرعة، بقي العالم الإسلامي راكدًا”. ويؤكد الكاتب أن أوروبا توسعت على حساب غيرها؛ لا سيما العالم الإسلامي. ويسأل: أهو أمر مفاجئ أن ثروات أوروبا زادت مع انخفاضها في العالم الإسلامي؟
ويؤكد جراهام أن ظهور الاستشراق، ووجود بعض الأشخاص الذين يكتبون عن الإسلام بهذه الطريقة التي يتبعها المستشرقون، هي واحدة من الأسباب التي جعلت النظرة للإسلام والمسلمين بهذا الشكل، ويؤكد أن هدف هؤلاء الوحيد؛ كان البحث عن تاريخ يتوافق مع مخططاتهم الاستعمارية وتحيزاتهم الثقافية والدينية. وعليه فإنهم بينوا التخلف الفطري والنزعة المتخلفة للإسلام. ولم يأخذوا بعين الاعتبار أن الصفات التي نعتوا بها الإسلام باعتباره مُعاديًا للحداثة ومتعصبًا وميالًا للقتال وكارهًا للمرأة، كلها صفات يمكن أن تنطبق أيضًا على المسيحية الأوروبية خلال العصور الماضية.
ويختتم الكاتب الفصل بقوله: “لقد آن الآوان لكي تنتصر الذكرى على فقدان الذاكرة المتراكمة. إن الإسلام يخص الغرب بقدر ما يخص المصريين واليونانيين. نحن ورثة ابن رشد والرازي بقدر ما نحن ورثة أفلاطون وأبقراط. والغرب يخص الإسلام، ويشكل جزءًا غنيًا من تاريخه الذي بدأت كتابته للتو. وخلال كتابة هذا التاريخ الجديد يمكننا أخيرًا أن نتجنب كل ما أدى إلى تفرقنا، ونتعلم من جديد عما نتشارك به كأبناء لإبراهيم وأرسطو”.
الملحق
ألحق الكاتب الفصول العشرة بملحق (1)، وفيه يتناول آيات من القرآن الكريم تتحدث عن: الله، الملائكة، يوم الحساب، المحبة، المسيح، الرحمة، الذنب، الإرادة الحرة والبعث. وملحق (2)، يتناول فيه بعض المفردات الغربية المستعارة من العربية، وقد رتبها حسب الترتيب الأبجدي.
قراءات إضافية
ينصح الكاتب في هذا الجزء؛ المهتمين بقراءة التاريخ الإسلامي البحث عن المصادر الجيدة الموثوقة، وعدم الاعتماد على المصادر التي لها توجهات دينية، لأنها تفسر نصوص الإسلام حسب هواها.