هدي الصحابيات وخارطة مسؤوليات المرأة المسلمة
في المقال السابق، تناولنا “مكانة المرأة من خلال نصوص الوحي وتطبيق المجتمع النبوي“، وفي هذا المقال تتمة نطلع فيها على هدي الصحابيات بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونستعرض في ظل ما تقدم خارطةً لمسؤوليات المرأة المسلمة اليوم.
مقدمات
إن النظر في هدي الصحابة -رضوان الله عليهم- مهمٌ ومعين على فهم الهدي النبوي. ومن تطبيقات ذلك أننا لا نفرد النظر في نص الآية (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) دون النظر بشمولية لمجموع المواقف المبينة لكيفية تعاملهم مع هذه القضية.
ونجد في مرحلة “الصحابيات بعد وفاة النبي” تأكيدًا واستمرارًا للقضايا الكبرى المُشغلة المذكورة آنفًا، وهي: نصرة الإسلام، طلب العلم، العمل والامتثال. وكما أن هدي الصحابيات فيه تأكيدٌ على أن خدمة الإسلام واجب مشترك بين النساء والرجال، ففيه تأكيدٌ أيضًا لما وردت فيه الأدلة من عدم جواز دخول المرأة بعض المجالات مثل: تولي رئاسات الدول، والقضاء.
وكان لتلك التربية النبوية المنشئة لتلك القضايا تأثير قوي واضح على الطبقات الأولى من التابعيات، ثم بدأ هذا التأثير في تناقص عجيب، حتى بلغنا اليوم هذا المبلغ الحرج، لذا فنحن اليوم بحاجة حقيقية إلى إعادة حالة المرأة المسلمة العالمة المعلمة، الخادمة للإسلام والمسلمين.
نماذج عن قضية العلم والتعليم
والنماذج في هذه القضية واسعة، نذكر منها -لا على سبيل حصر- ما يلي.
مجال التبليغ والأداء
قد كانت عائشة -رضوان الله عليها- نموذجًا مثاليًّا في التحديث؛ إذ رَوَتْ ألفين وواحدًا وثمانين حديثًا، وروى عنها ناس كثر أكثرهم من الرجال، وبعض الرجال روى عنها أحاديثَ كثيرة.
ويبلغ عدد الصحابيات الروايات في الكتب الستة “مئة وخمسة عشرة” صحابيةً. منهن أم عطية؛ وكان جماعة من الصحابة وعلماء التابعين بالبصرة يأخذون عنها غسل الميت، لأنها التي روت تغسيلها لابنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذا أم سلمة وميمونة كانتا ممن اشتهرن بكثرة التحديث وإذاعة العلم النبوي، وبعض أولئك قد روى عنهن أبناؤُهن، وبعضهن روى عنهن صحابة وتابعون.
الفتيا وحل النوازل العلمية
جاء في تهذيب التهذيب -وهو من الكتب الأساسية في الرواة والتراجم- عن التابعي الإمام القدوة “مسروق بن الأجدع” قوله: “والذي نفسي بيده لقد رأيت مَشْيَخة أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – يسألونها عن الفرائض” [در السحابة]، يقصد بذلك “عائشة”. وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنه قال: “ما أَشْكل علينا أصحابَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثٌ قطُّ فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا” [أخرجه الترمذي]. وقال عطاء بن أبي رباح: “كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة” [سير أعلام النبلاء].
ومن تلميذات عائشة مَن استشربن منها وصف الفقه والعلم، ومن أشهرهن “عمرة بنت عبد الرحمن”، جاء في تهذيب التهذيب: “قال أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي، سمعت ابن المديني ذكر عمرة بنت عبد الرحمن ففخَّمَ أمرها. والمديني من أئمة الجرح والتعديل. وقال: عمرة أحد الثقات العلماء بعائشة الأثبات فيها”. قال ابن سعد صاحب الطبقات -وهو من أكبر كتب التراجم-: “كانت عالمة”. وذكرها ابن حبان من الثقات.
وهي من مشائخ الإمام الزهري، وهو أحد أركان السنة والرواية ومن أئمة التابعين، وحدّث عنها كثيرًا، وهي من الأسانيد الصحيحة جدًّا. قال سفيان ابن عيينة: “أثبتُ حديثِ عائشة حديثُ عمرة والقاسم وعروة”. يقصد من بين كل من روى عنها ومنهم علماء وأئمة.
“أسماء بنت عميس”، جاء في تهذيب التهذيب: “كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسألها عن تعبير الرؤيا”. و”أسماء بنت أبي بكر”: “سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا عن مُتْعَةِ الحَجِّ، فَرَخَّصَ فِيهَا، وَكانَ ابنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا، فَقالَ: هذِه أُمُّ ابْنِ الزُّبَيْرِ تُحَدِّثُ: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهَا، فَادْخُلُوا عَلَيْهَا فَاسْأَلُوهَا، قالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، فَقالَتْ: قدْ رَخَّصَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِيهَا. [وفي رواية]: فَأَمَّا عبدُ الرَّحْمَنِ فَفِي حَديثِهِ المُتْعَةُ، وَلَمْ يَقُلْ: مُتْعَةُ الحَجِّ، وَأَمَّا ابنُ جَعْفَرٍ فَقالَ: قالَ شُعْبَةُ: قالَ مُسْلِمٌ: لا أَدْرِي مُتْعَةُ الحَجِّ، أَوْ مُتْعَةُ النِّسَاءِ” [صحيح مسلم].
نماذج في خدمة الإسلام
نذكر أم عمارة نسيبة بنت كعب، ومما جاء عنها في “سِيَر أعلام النبلاء”: “الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية. شهدت أم عمارة ليلة العقبة، وشهدت أُحُدًا، والحديبية، ويوم حنين، ويوم اليمامة، وجاهدت، وفعلت الأفاعيل. رُوي لها أحاديث، وقطعت يدها في الجهاد. وقال الواقدي: شهدت أحدًا، مع زوجها غزية بن عمرو، ومع ولديها. خرجت تسقي، ومعها شن، وقاتلت، وأبلت بلاءً حسنًا، وجرحت اثني عشر جرحًا”.
وأسماء بنت يزيد بن السكن، مما جاء عنها في “سير أعلام النبلاء”: “روت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- جملة أحاديث، وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعةً من الروم. وقيل: إنها حضرت بيعة الرضوان، وبايعت يومئذ”. أسماء بنت أبي بكر، وهي من أمثل النماذج التي تمثلت فيها معاني العزة والإباء، ومما جاء في مواقفها: عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال: “رأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ علَى عَقَبَةِ المَدِينَةِ، قالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عليه، وَالنَّاسُ حتَّى مَرَّ عليه عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَوَقَفَ عليه فَقالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ لقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عن هذا، أَما وَاللَّهِ إنْ كُنْتَ، ما عَلِمْتُ، صَوَّامًا، قَوَّامًا، وَصُولًا لِلرَّحِمِ، أَما وَاللَّهِ لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةٌ خَيْرٌ، ثُمَّ نَفَذَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَبَلَغَ الحَجَّاجَ مَوْقِفُ عبدِ اللهِ وَقَوْلُهُ، فأرْسَلَ إلَيْهِ، فَأُنْزِلَ عن جِذْعِهِ، فَأُلْقِيَ في قُبُورِ اليَهُودِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فأبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ، فأعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ: لَتَأْتِيَنِّي، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إلَيْكِ مَن يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، قالَ: فأبَتْ وَقالَتْ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حتَّى تَبْعَثَ إلَيَّ مَن يَسْحَبُنِي بقُرُونِي، قالَ: فَقالَ: أَرُونِي سِبْتَيَّ فأخَذَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ، حتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقالَ: كيفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بعَدُوِّ اللهِ؟ قالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عليه دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، بَلَغَنِي أنَّكَ تَقُولُ له: يا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ أَنَا، وَاللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُما فَكُنْتُ أَرْفَعُ به طَعَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ المَرْأَةِ الَّتي لا تَسْتَغْنِي عنْه، أَما إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا، أنَّ في ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا فأمَّا الكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا المُبِيرُ فلا إخَالُكَ إلَّا إيَّاهُ، قالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا”.
و”الشفاء بنت عبد الله”، مما جاء عنها في “تهذيب التهذيب”: “روت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهي من المهاجرات الأول، وكان عمر بن الخطاب يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها، وربما ولاها شيئًا من أمر السوق، وقال لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- علمي حفصة رقية النملة”. و”فاطمة بنت قيس”، مما جاء عنها في “تهذيب التهذيب”: “قال ابن عبد البر: كانت من المهاجرات الأول وكانت ذات جمال وعقل وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى عند قتل عمر”.
نماذج من حمل قضية العلم من التابعيات
منهن كريمة المروزية، وهي أهم روايات صحيح البخاري، انتهى إليها الإسناد إلى صحيح البخاري. وكان المحدثون يرحلون ليقرأوا عليها صحيح البخاري كاملًا لينالوا شرف عرضه عليها، ومما جاء عنها في “سير أعلام النبلاء”: “الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسندة. وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير والتعبد. وقال أبو بكر بن منصور السمعاني: سمعت الوالد يذكر كريمة، ويقول: وهل رأى إنسان مثل كريمة؟”.
نماذج حمل المرأة المسلمة هم قضية الإسلام من التاريخ الإسلامي
“أم زينب فاطمة بنت عباس”، يقول “ابن كثير” في كتابه “البداية والنهاية”: “الشيخة الصالحة العابدة الناسكة أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية بظاهر القاهرة، وشهد لها خلق كثير، وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمديةِ في مُواخاتهم النساء والمردانِ، وتنكر أحوالهم وأصول أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا تقدر عليه الرجال.
وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية، فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثني عليها ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من المُغني أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها، وهي التي ختَّمَتْ نساءً كثيرًا القرآنَ”.
المرأة المسلمة وخارطة المسؤوليات
المسؤوليات:
أولًا: المسؤولية الذاتية المتعلقة بالنجاة في الآخرة ودخول الجنة، وهي في الحقيقة أصل من أصول الإسلام، ومما يشهد لها:
ما جاء في أول خطابٍ عامٍّ للناس حين صدع بالدعوى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: “.. يا صفيةُ عَمَّةَ رسولِ اللهِ! لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا، يا فاطمةُ بنتَ مُحَمَّدٍ! سَلِينِي من مالي ما شِئْتِ لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا”. (فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَـحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِىء مِنْهُمْ يَوْمَئِذ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)) [عبس]، (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم].
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا). [الأحزاب].
واجبات وأعمال تحت المسؤولية الذاتية
جميع الفرائض والنواهي داخلة فيها، ومما له أولوية وتأكيد:
تزكية النفس وتحقيق العبودية والتسليم. (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب]. (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) [النساء]. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الممتحنة].
الاحتشام والعفاف
(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) [التحريم]. (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور].
وفي الحديث: “صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا” [صحيح مسلم].
الحجاب
وهو من أصول الشريعة الموافق لمقاصدها وطبيعة الأحكام الواردة في الرجال والنساء. (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور].
ترك النياحة
“أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ في الأحْسابِ، والطَّعْنُ في الأنْسابِ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ. وقالَ: النَّائِحَةُ إذا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِها، تُقامُ يَومَ القِيامَةِ وعليها سِرْبالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ” [صحيح مسلم]. “أَخَذَ عَلَيْنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مع البَيْعَةِ، أَلَّا نَنُوحَ، فَما وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ، إلَّا خَمْسٌ: أُمُّ سُلَيْمٍ، وَأُمُّ العَلَاءِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، امْرَأَةُ مُعَاذٍ، أَوِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ” [صحيح مسلم]. “وَجِعَ أَبُو مُوسَى وجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عليه ورَأْسُهُ في حَجْرِ امْرَأَةٍ مِن أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شيئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ منه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والحَالِقَةِ والشَّاقَّةِ” [صحيح البخاري].
- الصالقة: من ترفع صوتها وقت المصيبة.
- الشاقة: التي تشق ثيابها عند المصيبة.
حفظ اللسان
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات]. وحديث: “يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ، وأَكْثِرنَ منَ الاستغفارِ، فإنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ، فقالتِ امرأةٌ منهنَّ جَزِلةٌ: وما لَنا يا رسولَ اللَّهِ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثرنَ اللَّعنَ، وتَكْفُرنَ العَشيرَ.. إلى آخر الحديث” [صحيح ابن ماجة].
الصدقة
“يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ، وأَكْثِرنَ منَ الاستغفارِ، فإنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ، فقالتِ امرأةٌ منهنَّ جَزِلةٌ: وما لَنا يا رسولَ اللَّهِ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثرنَ اللَّعنَ، وتَكْفُرنَ العَشيرَ.. إلى آخر الحديث”. [صحيح ابن ماجة]
مراعاة الضوابط في الزينة
وهذا من الأمور التي أباحتها الشريعة مع بعض الضوابط، وجاء التشديد في مخالفتها خاصة الأمور التي فيها استكثار وخداع مثل الوصل والوشم، “لَعَنَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ” [صحيح البخاري].
تعلم أمور الدين
وهو مما له أولوية كما رأينا في تطبيقات المجتمع النبوي. خاصة الأحكام الفقهية المرتبطة بها. (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) [الأحزاب]. من العلماء من قال: تعلمنه وتفكرن فيه وتدبرنه. وهذه الآيات من سورة الأحزاب يأخذ منها العلماء حكمًا عامًّا بغض النظر الأحكام التفصيلية من حيث الوجوب ونحوه.
الثبات
أمام فتن الشهوات والشبهات وظلم من الأعداء. وقد ورد أن أكثر أتباع الدجال النساء. وقد مضى معنا كيف كانت المرأة المسلمة في المجتمع المكي رمزًا للثبات.
شواهد من التاريخ على ما سبق
ورد عن أبي سعيد الخدري أنه قال: “وَكانَ أَكْثَرَ مَن يَتَصَدَّقُ النِّسَاءُ” [صحيح مسلم]. و”خرجَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مِن عندِ جُويريةَ، وَكانَ اسمُها بَرَّةَ فحوَّلَ اسمَها فخرجَ وَهيَ في مُصلَّاها ورجعَ وَهيَ في مُصلَّاها، فقالَ لم تَزالي في مصلَّاكِ هذا؟ قالَت نعَم. قالَ قد قُلتُ بعدَك أربعَ كلِماتٍ ثلاثَ مرَّاتٍ لَو وُزِنَت بما قلتِ لوَزَنَتهُنَّ سُبحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ عددَ خَلقِه ورِضا نَفسِه وزِنةَ عَرشِه ومِدادَ كلِماتِهِ” [صحيح أبي داود]. وهذان شاهدا امتثال.
ومما في الثبات ما ورد عن صهيب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “… فأتي الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد -والله- نزل بك حذرك، قد آمن النَّاس. فأمر بالأُخْدُود في أفواه السِّكك، فخُدَّت، وأضرم النِّيران. وقال: من لم يرجع عن دينه فأَحْمُوه فيها. أو قيل له: اقتحم. ففعلوا، حتَّى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمَّه اصبري فإنَّك على الحقِّ” [رواه مسلم]. وأيضًا “سمية بنت الخياط” وقصة صمودها العجيبة. وفي التصدق عن عائشَةَ: “قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأزواجِه: أسرَعُكُنَّ لُحوقًا بي أطوَلُكُنَّ يدًا. قالَتْ عائشَةُ: فكُنَّا إذا اجتمَعْنا في بيتِ إحدانا بعدَ وَفاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَمُدُّ أيدِيَنا في الجِدارِ نتَطاوَلُ، فلم نزَلْ نَفعَلُ ذلك حتى تُوُفِّيَتْ زَينَبُ بنتُ جَحشٍ – وكانتِ امرأَةً قصيرَةً ولَم تكُنْ أطوَلَنا – فعرَفْنا حينئِذٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما أراد بطولِ اليَدِ الصدَقَةَ، وكانتْ زَينَبُ امرأَةً صنَّاعَةً باليَدِ، وكانتْ تَدبُغُ وتَخرِزُ وتتصَدَّقُ في سبيلِ اللهِ”. وفي حفظ اللسان عن عائشة -رضوان الله عليها- أنها قالت في ذكرها حادثة الإفك: “وكانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ”. تساميني: أي تنافسها في المنزلة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يمنعها ذلك من حفظ لسانها.
وفي العلم “فاطمة بنت محمد السمرقند”، ابنة العلامة محمد بن أحمد السمرقندي، كانت فقيهةً عالمةً متمكنةً من أهل المشورة، حتى كان والدها لا تأتيه الفتوى إلا وعرضها على ابنته وسمع رأيها بها، فكانت الفتوى تخرج وبها توقيعان توقيعه وتوقيع ابنته.
مقترحات
من القضايا الكبرى التي نحن بحاجة إلى إحيائها في زمننا هذا هي إحياء المسؤولية الذاتية لدى المرأة المسلمة، وهو موضوع دعوي يحتاج اهتمامًا كبيرًا وعملًا.
المسؤولية الأسرية لـ المرأة المسلمة
شواهد
“أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ. قالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِن رَسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وأَحْسِبُ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَ: والرَّجُلُ في مَالِ أبِيهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” [صحيح البخاري]. الراعي ها هنا هو الحافظ المؤتمن على ما يليه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور]. “كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه” [صحيح ابن حبان].
الواجب التربوي
“خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ صالِحُ نِساءِ قُرَيْشٍ، أحْناهُ علَى ولَدٍ في صِغَرِهِ، وأَرْعاهُ علَى زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ” [صحيح البخاري]. “مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ” [صحيح الجامع].
حفظ حق الزوج
بطاعته وعدم كُفران عشرته، وفي ذلك توصية وتغليظ: “يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ، وأَكْثِرنَ منَ الاستغفارِ، فإنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ، فقالتِ امرأةٌ منهنَّ جَزِلةٌ: وما لَنا يا رسولَ اللَّهِ أَكْثرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قالَ: تُكْثرنَ اللَّعنَ، وتَكْفُرنَ العَشيرَ.. إلى آخر الحديث” [صحيح ابن ماجة]. حفظها لنفسها وما يهم زوجها حالَ غيابه، (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله). شأن الزوجية الأخص، فعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ” [متفقٌ عَلَيهِ]. حفظ المال وتدبيره “خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ صالِحُ نِساءِ قُرَيْشٍ، أحْناهُ علَى ولَدٍ في صِغَرِهِ، وأَرْعاهُ علَى زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ” [صحيح البخاري]. “دَخَلَتْ هِنْدٌ بنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ علَى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ ما يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا ما أَخَذْتُ مِن مَالِهِ بغيرِ عِلْمِهِ، فَهلْ عَلَيَّ في ذلكَ مِن جُنَاحٍ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خُذِي مِن مَالِهِ بالمَعروفِ ما يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ” [صحيح مسلم].
شواهد
أم سليم ودورها الأساسي في تفعيل دور “أنس بن مالك” مع النبي -عليه الصلاة والسلام-. وأم الدرداء وأبو الدرداء، حيث كانت داعمًا أساسيًّا له، وأكثر أحاديثه روتها هي عنه. ومن لطيف ما ورد عنها قولها: “اللهم، إن أبا الدرداء خطبني، فتزوجني في الدنيا، اللهم، فأنا أخطبه إليك، وأسألك أن تزوجنيه في الجنة، فقال لها أبو الدرداء: فإن أردت ذلك، فكنت أنا الأول، فلا تتزوجي بعدي؛ قال: فمات أبو الدرداء، وكان لها جمال وحسن، فخطبها معاوية، فقالت: لا والله، لا أتزوج زوجًا في الدنيا، حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة”. حلية الأولياء (1/ 224 – 225).
المسؤولية الإصلاحية العامة
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) [آل عمران]. (وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة].
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران]. (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت]. وحديث “مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا” [صحيح مسلم]. والأمر بالمعروف يشمل كل ما هو من المعروف.
واجبات وأعمال
من واجبات المرأة المسلمة الدعوة إلى الله: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف]. وإنكار المنكر ومحاربة الفساد الخاص والعام، والنصيحة وتقديم المشورة فيما يتعلق بالشأن العام خاصة إذا كان لها علاقة بالمصلح، ودعم ومؤازرة المصلحين.
شواهد
“أنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ، بَعَثَ إلى أُمِّ الدَّرْدَاءِ بأَنْجَادٍ مِن عِندِهِ، فَلَمَّا أَنْ كانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، قَامَ عبدُ المَلِكِ مِنَ اللَّيْلِ، فَدَعَا خَادِمَهُ، فَكَأنَّهُ أَبْطَأَ عليه، فَلَعَنَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَتْ له أُمُّ الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ، لَعَنْتَ خَادِمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ، فَقالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يقولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: لا يَكونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَومَ القِيَامَةِ” [صحيح مسلم]. وقصة صاحبة المزادتين الطويلة الواردة في “صحيح ابن حبان” وما فيه من بيان تأثيرها الدعوي، وتلميذة ابن تيمية فاطمة بنت عباس التي وصفها ابن كثير بقوله “وتقوم على الأحمدية في مؤاخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم وأصول أهل البدع وغيرهم”.
مقترحات
إحياء المحاضن التربوية النسائية أمر مركزي ومهم، ويستلزم قبله مشروعًا لصناعة المربي، وتخريج متخصصات في النوازل الفكرية، وهو يستلزم قبله مشروعًا لبناء نساء لديهن تمكن فكري أداتي بحثي وتمكن شرعي.
في المقال القادم نختم هذه السلسة في آخر الموضوعات: “المرأة في مواجهة التحديات”، إضافة إلى “استعادة دور المرأة المسلمة”.
المصادر
هذه المادة مستفادة من سلسلة “التأصيل المنهجي لقضايا المرأة”، لصاحبها الأستاذ/ أحمد السيد .
المقالة جد قيمة و رجاءا لا تنشروا صور النساء و النقاب ليس فرض في ديننا