الزواج بين آفات المجتمع والشرع
المجتمع الذي أصبح ضجة في دائرة العادات والتقاليد، الذي تلبثت مفاهيمه على الأجيال، وأحاطت بها بعض المفاهيم الغير منهجية وليس لها أسس ثابتة مبنية على القيم والمبادئ الدينية. وقد أخذتنا هذه العادات إلى بعض الاتجاهات الذي أصبحت في عقول الفتيات والفتيان المصطلحات والمفاهيم الخاطئة التي أدت إلى البعد عن المفاهيم العقائدية التي أشار إليها الإسلام وألزمنا باتباعها على الأسس الواضحة والثابتة.
وقد أضحت تلك المفاهيم لدى الفتيات بشتى الصور المختلفة في بعض العلاقات الارتباطية التي هي أساس وبداية النشأ، ولكن من تدمير عقولهم لسلب العادات والتقاليد أصبحت تلك الأفكار التي تأثر بها تفكيرهم من المجتمع، وأوهم عقلها الذي رسخ فيه تلك هذه المفاهيم بأنها قد أجاز لها أن تتعامل بطلاقة وحرية بعيداً عن مفاهيم دينها والتزامها بالقيم والأخلاقيات الدينية. وقد نوضح بعض المفاهيم التي يجب على كل فتاة مراعاة الله في حياتها التي تبدأ بعلاقة تكون على منهاج وسنه الله وشرعيته..
ماذا تعني العلاقات؟ وما هي شروطها؟ وماتلك الحدود الواجبة التي يجب علينا اتخاذها في بناء تلك العلاقات؟
في البداية العلاقة بين الطرفين ما هي إلا وعد وميثاق للزواج، ولكن لا ننسى أن الخاطب لا يزال أجنبياً عن مخطوبته فلا يجوز له الخلوة بها، ولا مصافحتها ولمسها، ولا الخروج معها والسفر بها؛ لأنها مجرد خطبة بين الرجل المرأة ليس عقد النكاح، فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطوبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك. ولا ينبغي لأحد أن يتساهل في هذا الأمر؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له). وقد أوهمت نفسها وتخيلت أن الله أحل لها الخلوة مع الخطيب لمجرد الارتباط بمسمى العلاقة، وكأن القلم رفع عنها في الضحك والخروجات والمتاع.
أكرمنا الله بالحدود الشرعية الواجبة تجاه المخطوبين وألزمنا بتلك هذه الشروط لإقامة حياة زوجية على منهاج صحيحة ومستقيمة، وخالية من الفتن التي أغرقت فيها تلك الفتيات كالتحدث إلى التليفون، وكأن المخطوب أحل الله له ذلك بشتى الطرق ومباح عليهم التحدث معاً في أمور قد تكون لن يجوز التحدث إليها. ومع ذلك سمحت نفسها تلك الفتاة بتلك المحرمات التي حرمها الله في حدود إقامة العلاقة بين الطرفين، وغفلت عن شرع الله في ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان).
وهذه الحدود الشرعية التي أوجبنا الدين الالتزام بها، والسير على منهجها واتباع القيم والثوابت للحفاظ على القيم والمبادئ الدينية التي غفلت الأمة عنها والفتيات بمقتدى المسميات التي رسخت في عقولهن عن طريق المجتمع. لا يجوز للمخطوبة أن تخرج مع خاطبها قبل العقد، يقول العلماء في ذلك: (شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها، سواء كانت بكراً أم ثيباً -التي سبق لها الزواج-، ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب؛ فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس.
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال، ولا نزع الحجاب أمامه، وكما قلنا لا يجوز للخاطب أن يمس المخطوبة، أو يخلو بها أو يقبلها؛ لأنه أجنبي عنها حتى يعقد النكاح، وإنما أبيح له النظر إليها عند الخطبة ليكون زواجه منها على بصيرة، وهذا أحرى أن يكون سبباً للوفاق ودوام النكاح.
قد يقنع الشيطان الخطيبين بالتحايل في ارتكاب الزنا أو مقدماته، فيقول الخاطب لخطيبته هل تزوجيني نفسك وتجيبه بنعم ثم ينغمسان في الأفعال المحرمة تحت غطاء وهمي بأن الشرع يبيح لهما ذلك. يقول العلماء: (قول الخاطب لمخطوبته هل تزوجيني نفسك على سنة الله ورسوله؟ وجوابها بنعم، لا يعتبر زواجاً، ولا قيمة له في نظر الشرع، وهذا لا يبيح لهما ممارسة علاقة بينهما، واعتقادهما بصحة هذه العلاقة بناء على هذا القول من تزيين الشيطان لبعض الناس الذين أعرضوا عن تعلم ما يجب عليهم
من أمر دينهم، ولو كان هذا زواجاً لما عجز كل زان وزانية عن فعله. ولا يكون عقد الزواج صحيحاً إلا إذا كان بحضور ولي المرأة وموافقته؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( لا نكاح إلا بولي). وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل).
يجب على المخطوبة أن تعلم أن الخاطب إذا وجد من مخطوبته الحزم والشدة والاستقامة والصلاح فإنه سيزداد تمسكه بها؛ لأنه رأى منها شخصية قوية لا تستسلم لعواطفها، ومن هذا الذي لا يحب أن تكون زوجته قوية الشخصية حريصة على عرضها، وبالتالي فإن هذا سينعكس في حياته ويغير مسيرة حياته إلى استقامة وصلاح كان سببه المخطوبة ذاتها.
الخلاصة:
أن الخاطب- كما قلنا- أجنبي عن مخطوبته ، فلا يحل له مصافحتها ولا النظر إليها بتلذذ، ولا الخلوة بها، ولا الكلام معها بكلمات الحب وما شابه ذلك، وإنما أباح الشرع له أن ينظر إليها عند الخطبة من غير شهوةٍ أو خلوة، لأن ذلك أدعى لدوام النكاح بينهما، حتى لا يكون فيها شيء يكرهه وهو لا يدري يكون سبباً للنفور منها في المستقبل. وما يحدث من تجاوز من بعض الناس وتساهلهم في التعامل مع المخطوبة، نظراً وخلوةً ونحو ذلك: منكر من المنكرات الشائعة، التي يجب البعد عنها، والتحذير منها.
إليك يا بنت الاسلام! اتقِ الله وأحفظي قلبك، فهو العهد الذي بينك وبين الله..