أحداث غيرت مجرى التاريخ الإسلامي… ربما لم تسمع عنها من قبل!

نستكمل الجزء الثاني من مقال معارك غيرت مجرى التاريخ الإسلامي، فليس بإنسان ولا عاقل من لا يعي التاريخ في صدره ومن درى أخبار من قبله أضاف أعمارًا إلى عمره.

معركة نهاوند 21 هـ

كان النعمان بن مُقَرِّن على رأس الجيوش الإسلامية متوجهًا إلى نَهاوَنْد بعد أن تجمعت الجيوش الفارسية في مدينة “ماه” على بُعد مئة وثلاثين كيلو مترًا منها، وعندما وصلت الجيوش وجد المسلمون أن الجيش الفارسي عسكر خارج مدينة نَهاوَنْد فحَفَّز سيدنا النعمان الجيش وبدأ في التكبيرات ونشب القتال وكان قتالًا عنيفًا وشديدًا، وكان من أشد قتال مرَّ بالمسلمين، ومضى يومين على القتال بين المسلمين والفرس وما زالت الحرب سجالاً بين الطرفين، ولم يحقق أيُّ الفريقين انتصارًا.

وأدرك الفرس أن المعركة إن استمرت على تلك الحالة ستكون الغلبة للمسلمين و بعد أن انتهى اليوم الثاني، أدرك الفرس أنه لا مناص من الهزيمة التي حتمًا ستلحق بهم، فانسحب الجيش الفارسي ليتحصن بداخل مدينة نَهاوَنْد وهنا ظهر النعمان بفكره المتفرد فجمع مهرة الرماة وخبأ الجيش خلف جبل من الجبال المحيطة على أن يخرج عند التكبير ثلاثًا وأعد خطة للإيقاع بالفرس واخراجهم من حصونهم، وكانت الخطة أن يخرج الرماة ويقذفون سهامهم على حصون الفرس فيستهزئون من عدد المسلمين بالخارج و تأخذهم العزة بالإثم فيخرجوا لقتالهم وحينها يكبر النعمان ويخرج الجيش ويتم الإيقاع بالفرس وبالفعل وقع الفرس في المصيدة التي أعدها لهم صاحب العقلية العسكرية الفذة وكتب النصر للمؤمنين.

بلاط الشهداء 114 هـ

في بلاد السند توغل الجنيد بن عبد الرحمن المري فيها وفتح عددًا من بلدانها، ثم توقف الفتح حتى أيام الغزنويين في أواخر القرن الرابع والقرن الخامس الهجري. وفي بلاد الغال غزا “عبد الرحمن الغافقي” أمير الأندلس، جنوبها الغربي واستولى على مدينة (بوردو) ثم صعد شمالًا والتقى مع (شار مارتل) بين مدينتي تور وبواتيه في معركة ضارية جرت سنة 114ه / ـ 732م، استشهد فيها عبد الرحمن وهزم جيشه، بسبب انشغال الجند بحماية الغنائم التي كانوا غنموها، واستشهد معه في تلك المعركة كثير من المسلمين، حتى أطلق على تلك المعركة “بلاط الشهداء“.

موقعة الزلاقة 479 هـ

قد لبى الملك المجاهد يوسف بن تاشفين دعوة المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، ليصد عنه عدوان ألفونسو السادس ملك قشتالة بعد أن قتل المعتمد على الله بن عباد رسله وصلبهم بعدما تعمدوا إذلاله في طلبهم للجزية. حيث طلب أحد الرسل أن تضع زوجة ألفونسو مولودها الجديد في أكبر مساجد إشبيلية. لأنه تم التنبؤ لها أنها إن ولدت هناك سيدين المسلمون بالولاء لولدها.

اجتاز المجاهد يوسف بن تاشفين البحر إلى الأندلس سنة 479هـ على رأس جيوش من البربر وتمكن من هزم الملك الإسباني في واقعة شهيرة جرت في سهل الزلاقة. وخضعت بعدها دويلات طوائف الملوك لسلطان المرابطين.

بعث ابن تاشفين رسالة إلى ألفونسو السادس يقول فيها: “بلغنا أنك دعوت أن يكون لك سفنًا فتعبر بها إلينا فقد عبرنا إليك وستعلم عاقبة دعائك وإني يا ألفونسو السادس أعرض عليك الإسلام أو الجزية عن يد وأنت صاغر أو الحرب ولا أُؤجلك إلا ثلاث” فرد عليه ألفونسو: “فإني اخترت الحرب فما ردك على ذلك” فقلب يوسف بن تشفين الورقة ثم قال:

الجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه بأُذنك والسلام على من اتبع الهدى.

وقعت المعركة في سهل في الجزء الجنوبي لبلاد الأندلس يقال له الزلاقة. يقال أن السهل سُمي بذلك نسبة لكثرة انزلاق المحاربين على الأرض بسبب كمية الدماء التي أريقت ذلك اليوم وملأت أرض المعركة. تسمى لدى المؤرخين الغربيين بنفس الاسم العربي لها.

هاجم ألفونسو المسلمين ووجدهم مستعدين وقاوموا مقاومة عنيفة واستمرت المعركة حتى العصر ما بين المجموعة الأولى وقوات ألفونسو كلها حتى أرهق كلا الطرفين، فما كان من ابن تاشفين إلا أن أرسل جنوده على دفعات إلى أرض المعركة مما أدى لتحسين موقف المسلمين ثم عمد ابن تاشفين على اختراق معسكر الصليبين ليقضي على حراسه ويشعل النار فيه، الأمر الذي أدى إلى تفرق جيش ألفونسو بين مدافع عن المعسكر ومحارب للقوات الإسلامية.

حوصر ألفونسو وبقية جنده ولم يتبق منهم سوى ألفونسو الذي قطعت قدمه في المعركة ورجع معه 450 فارسًا أغلبهم مصابون. هرب الذين تبقوا من جيش ألفونسو ولم يصل منهم إلى طليطلة سوى 100 فارسٍ.

إن يوسف بن تاشفين لو أراد استغلال انتصاره في موقعة الزلاقة، لربما كانت أوروبا الآن تدين بالإسلام، ولدُرِّس القرآن في جامعات موسكو، وبرلين، ولندن، وباريس!

موقعة حطين 583 هـ

لما ورث صلاح الدين الأيوبي مملكة نور الدين، وأقام الدولة الأيوبية حمل الأمانة بهمة وتفاني، وتتالت انتصاراته إلى أن توجه بمعركة حطين (583هـ ـ 1187م) حيث أسر فيها ملك بيت المقدس الصليبي (جان لوزجنان) وكبار أمراء الصليبيين، وقتل أرناط الذي قطع طريق الحج وكان سبب انهيار الهدنة بينه وبينهم. ثم تابع صلاح الدين بعد حطين، فاسترد طبريا، وعكا، وقيسارية، وحيفا، ويافا، وصيدا.. مما سبب قدوم الحملة الثالثة .

موقعة عين جالوت 27 رمضان 658 هـ

اتفق وقوع هذا كله في العشر الأخير من رمضان من هذه السنة، فما مضت سوى ثلاثة أيام حتى جاءت البشارة بنصرة المسلمين على التتار بعين جالوت ولله الحمد، وذلك أن الملك المظفر قطز صاحب مصر لما بلغه أن التتار قد فعلوا بالشام ما ذكرنا، وقد نهبوا البلاد كلها حتى وصلوا إلى غزة وقد عزموا على الدخول إلى الديار المصرية وقد عزم الملك الناصر صاحب دمشق على الرحيل إلى مصر وليته فعل.

وكان في صحبته الملك المنصور صاحب حماة، وخلق من الأمراء وأبناء الملوك، وقد وصل إلى قطية، وتهيأ الملك المظفر للقائه وأرسل إليه وإلى المنصور مستحثين، وأرسل إليه يقول: تقدم حتى نكون كتفًا واحدًا على التتار.

فتخيل من ذلك وخاف أن ينتصر عليه، فكرَّ راجعًا.. وما زال التتار وراء الناصر حتى أخذوه وأسروه عند بركة زيزاء وأرسلوه مع ولده العزيز وهو صغير وأخيه إلى ملكهم هولاكو وهو نازل على حلب فكانوا في أسره حتى قتلهم في السنة الآتية.

والمقصود أن المظفر لما بلغه ما كان من أمر التتار بالشام المحروسة وأنهم عازمون على الدخول إلى الديار المصرية بعد تمهيد مملكتهم بالشام بادرهم هو قبل أن يبادروه وبرز إليهم، وأيده الله تعالى وأقدم عليهم قبل أن يقدموا عليه فخرج بالعساكر المصرية وقد اجتمعت الكلمة عليه، حتى انتهى بمن معه من العساكر المنصورة إلى الشام واستيقظ له عسكر المغول وعليهم كتبغانوين وكان إذ ذاك في البقاع فاستشار الأشرف صاحب حمص والقاضي مجير الدين بن الزكي في لقاء المظفر فأشاروا بعضهم بأنه لا قبل له بالمظفر حتى يستمد هولاكو فأبى إلا أن يناجزه سريعًا فصمدوا إليه فكان اجتماعهم على عين جالوت يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان فاقتتلوا قتالًا عظيمًا شديدًا فكانت النصرة ولله الحمد للإسلام وأهله.

فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة وقتل كتبغانوين وجماعة من بيته وقد قيل: إن الذي قتل كتبغانوين الأمير جمال الدين آقوش الشمسي واتبعهم الجيش الإسلامي يقتلونهم في كل موضع وفي كل مأزق، وقد قاتل الملك المنصور صاحب حماة مع الملك المظفر في هذه الوقعة قتالًا عظيمًا وكذلك الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، وكان أتابك العسكر وقد أسر من جماعة كتبغانوين الملك السعيد بن العزيز بن العادل فأمر المظفر بضرب عنقه واستأمن الأشرف صاحب حمص وكان مع التتار، وقد جعله هولاكو نائبًا على الشام كلها فأمنه الملك المظفر ورد إليه حمص وكذلك رد حماة إلى المنصور وزاده المعرة وغيرها.

وأطلق سلمية للأمير شرف الدين عيسى بن مهنا بن مانع أمير العرب، واتبع الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري وجماعة من الشجعان التتار يقتلونهم في كل مكان، إلى أن وصلوا خلفهم إلى حلب وهرب من بدمشق منهم وكان هروبهم منها يوم الأحد السابع والعشرين من رمضان صبيحة النصر الذي جاءت فيه البشارة بالنصرة على عين جالوت فتبعهم المسلمون من دمشق يقتلون ويأسرون وينهبون الأموال فيهم، ويستفكون الأسارى من أيديهم قهرًا ولله الحمد والمنة على جبره الإسلام ومعاملته إياهم بلطفة الحسن.

ولما كسر الملك المظفر قطز عساكر التتار بعين جالوت ساق وراءهم ودخل دمشق في أبهة عظيمة، وفرح الناس به فرحًا شديدًا ودعوا له دعاء كثيرًا وأقر صاحب حمص الملك الأشرف على بلده وكذلك المنصور صاحب حماة واسترد حلب أيضًا من أيدي التتار.

معركة الفلوجة الأولى 4 إبريل عام 2004

هزيمة أمريكا في العراق.. نعم.. هكذا جرت الاحداث في مدينة الفلوجة فما كانت تلك المعركة إلا محاولة فاشلة من القوات الأمريكية لدخول مدينة الفلوجة والسيطرة عليها. المعركة حدثت بعد أن تم قتل العديد من أهل الفلوجة فكان رد الفعل بأن تم قتل أربعة من قوات المرتزقة من شركة بلاك وتر الأمريكية وتم سحل جثثهم في الشوارع لتعلق الجثث فيما بعد على جسر في أطراف المدينة يطل على نهر الفرات.

وتكبد الجيش الأمريكي في هذه المعركة خسائر جسيمة دفعت الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بالاعتراف قائلًا:

لقد واجهت قواتنا أسبوعًا قاسيًا.. وأنا أصلي كل يوم من أجل أن تتراجع الخسائر.. لقد ملأت أرقام الموتى قلبي بالعذاب.

واستمرت سيطرة المقاومة المسلحة على مدينة الفلوجة حتى موعد معركة الفلوجة الثانية.

معركة الفلوجة الثانية 7 نوفمبر عام 2004

وقعت المعركة بعد هزيمة الجيش الأمريكي في معركة الفلوجة الأولى وبعدما ضاعفت القوات الأمريكية تعزيزاتها 7 مرات عن المعـركة الأولى، وبلغت أعداد جنودها أكثر من 15 ألف جندي، مقابل حوالي 1000 مقاتل من أهالي الفلوجة كانوا متحصنين داخل المدينة.

وبعد أن كانت قد أنهكت واستنزفت سكان المدينة ومقاتليها بالمفاوضات العبثية التي تمت في ظل وساطة مشبوهة قام بها “إخوان العراق” الحزب الإسلامي وبعض الشخصيات المشاركة في مجلس الحكم العميل وبالحصار الخانق بحيث قطعت عنهم التموين والمدد من الخارج نهائيًا وقامت بضربات جوية متواصلة والتي لم تتوقف منذ هزيمتها المخزية في معركة الفلوجة الأولى وحتى بداية هذه المعركة أرادت القوات الأمريكية هذه المرة أن تمحو المدينة عن بكرة أبيها، وكان هذا لسان حال المارينز الأمريكي، فعندما سألت صحيفة أوروبية ضابطًا من المارينز في بغداد عن وجهته.. قال لها بلهجة صارمة:

نحن ذاهبون لمحو الفلوجة.

وقد بدأت القوات الأمريكية معركتها الثانية على الفلوجة بهجوم مكثف واسع النطاق قام بها قوات مشاة بحرية الولايات المتحدة على المدينة، مستخدمين مختلف الطائرات العمـودية والمقاتلة من الجو، والدبابات والمدافع الثقيلة والصواريخ من البر، وكل ذلك ضد حوالي 1000 مقاتل من أهالي الفلوجة، وبعض العـرب والذين لم يكونوا يملكون إلا أسلحة خفيفة وفوق الخفيفة وإلا سلاح الأيمان والعقيدة.

ولما عجزت القوات الأمريكية عن اقتحام المدينة بعد عدة محاولات لاختراقها من جهاتها الأربعة، وتلقت ضربات موجعة جدًا اضطرت إلى استقدام طائرات B52 العملاقة وقاذفات أخرى من الخليج، واستمرت القوات الأمريكية في تطوير وتيرة هذا الهجوم، وتصعيده حتى وصل إلى ذروة الوحشية والهمجية: بكل ما تضمنته معنى الوحشية، والهمجية، من استخدام الكيميائي، والفسفور الأبيض، إلى القنابل العنقودية، والقنابل فائقة الوزن إلى الإجهاز على الجرحى والعبور عليهم بالعربات، إلى التمثيل بجثث الشهداء، وسحلهم بحبال الدبابات.

وعن أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليًا التي استخدمتها القوات الأمريكية ضد مجاهدي الفلوجة وإخوانهم من المقاتلين العرب، والتي أدت بعد ذلك إلى سقوطها بيد الأمريكان، رغم صلابة المقاتلين واستماتتهم المتناهية في الدفاع عن مدينتهم ورغم أنهم لم يملكوا في مواجهة كل أنواع تلك الأسلحة إلا الأسلحة الخفيفة وسلاح الايمان والعقيدة .

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى