حقوق المرأة نحوَ المجتمع الذي تعيش فيه

للمرأة حقوق على مجتمعها، يجب استيفاؤها. ونقصد بالمجتمعُ[1] ما يشتمل عليه من ناسٍ يعيشون معًا في منطقة بعينها، بما يجمعُ بينهم من علائقَ فكريَّةٍ وثقافيَّةٍ واقتصاديَّةٍ ووحدويَّةٍ، وبما في هذا المجتمع من قيمٍ، وبما يتَّجه إليه من اشتمالٍ على كافَّةِ الأشكال التَّنظيميَّة التي تكفل له الاستمرار في الحياة الملائمة للإنسان.

حقوق المرأة في المجتمع

على المجتمع حقوقٌ للمرأةِ، لا يستطيع أن يتجاهل منها شيئًا، ولو فعل فإنَّه -قبل أن يسيءَ إلى المرأةِ- يكون قد أساءَ إلى نفسه؛ في حاضرهِ بشيوعِ الرَّذائل والجرائم، وفي مستقبله بالضَّلال والضَّياع والعجزِ عن ممّارسة حياةٍ كريمةٍ. وإنَّ حقوق المرأة على المجتمع لكثيرةٌ، نذكر منها ما نراه ذا أهميّة وأولويّة.

حق صيانتها من النظر

صيانةُ المرأة من النَّظر أبعد من نظر العفو، أيْ لا ينبغي أن ينظر أحدٌ إليها ذلك النَّظر المتتَّبع الذي يحرج الحرائرَ من النِّساء -ويرضى صاحبات الأهواء-. فقدْ طالبَ الإسلامُ المؤمنين بأن يغضُّوا أبصارهم عن النِّساء خصوصًا، وعن كلِّ ما حرّم الله عمومًا. قال الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم والله خبير بما يصنعون﴾[النور: 30].

روى البخاري بسنده: قال سعيدٌ بن أبي الحسنِ للحسنِ -رضي الله عنهم-: إنَّ نساء العجمِ يكشفن صدورهنَّ ورءوسهنَّ. قال: اصرفْ بصرك، يقول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم﴾ أي أطهر لهم في الدّين وأبعد من الدَّنس[2].

حق التناهي عن المنكر

ومن حقّ المرأة على المجتمع؛ أن يتناهى أفراد المجتمع ونظمه وأعرافه عن المنكر. وذلك أن المنكر إنما سُمِّي بذلك لأنَّ العقول الصَّحيحة تحكم بقبحه، أو تتوقَّف في ذلك؛ فتحكم بقبحه الشَّريعة السّمحة. إنّ المنكر هو الميدان الرّحب الذي يجوب فيه الشِّيطان فيزيِّنُ الباطل والهوى.

حق التواصي بحفظ الفروج

حقوق المرأة نحوَ المجتمع الذي تعيش فيه

ومن حقّ المرأة على المجتمع أن يتواصى أفرادُه جميعًا بوجوبِ حفظِ فروجهم إلَّا على أزواجهم أو ما ملكَتْ أيمانُهم. وحفظُ الفرجِ ليس هوَ ترك الزنا وحدَه، وإنَّما هو تركُ الزِّنا ودواعيه ومثيراته؛ فليس للرَّجلِ المسلم أن يظهرَ من عورتهِ شيئًا لمن لا يحلُّ لها ذلك: من زوجةٍ أو ملك يمينٍ.

روى البخاري بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النّبي :

إنَّ الله كتبَ على ابن آدمَ حظّهُ من الزِّنا، أدركَ ذلك لا محالة، فزنا العين النَّظر، وزنا اللسان النُّطق، والنَّفس تمنّى وتشتهي، والفَرْجُ يُصدّق ذلك كلّه ويكذّبه ([3]).

وروى التِّرمذُّي، حدّثنا بهز بن حكيمٍ، حدَّثَني أبي عن جدّي. قال: قلْتُ: يا رسول الله، عوراتُنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: “احفظْ عورتَكَ إلا من زوجتك أوْ ما ملكت يمينك”. قال: الرَّجل يكون مع الرَّجل؟ قال: “إن استطعت ألا يراها فافعل” قلت: فالرّجل يكون خاليًا؟ قال: “والله أحقُّ أن يستحيا منه النَّاس”[4].

حق احترام الشعور العام

ومن حقّ المرأةِ على المجتمع، أن يُلزَمَ النَّاس باحترام الشُّعور العامِّ في المجتمعِ. ومعنى ذلك أن تمتنع كلُّ صور الاستهتار التي تتفشَّى بين النَّاس اليوم وبين الشَّباب على وجهٍ خاصٍّ؛ كالتَّعاملِ بألفاظٍ خادشةٍ للحياء، وارتداءِ الملابس غير اللائقة بالرِّجالِ؛ كالملابس الحريريَّة والمنقوشةِ والملَّونة والضيّقةِ والشَّفَّافة، وتخنُّثِ بعض الشَّبابِ وتشبُّههم بالنّساءِ في الملبسِ أو المشيِ أو الكلامِ[5].

المصادر

  1. محمود، علي عبدالحليم، المرأة المسلمة وفقه الدعوة إلى الله ، صـ99.
  2. رواه البخاري، كتاب: الاستئذان، باب: قول الله -تعالى-: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا﴾، (في المعلقات).
  3. رواه البخاري، كتاب: الاستئذان، باب: زنى الجوارح دون الفرج، حديث رقم (6243) ورواه مسلم (2657).
  4. رواه الترمذي، كتاب: الأدب، باب: ما جاء في حفظ العورة، حديث رقم (2769).
  5. محمود، علي عبدالحليم، المرأة المسلمة وفقه الدعوة إلى الله، 101 ــ 102.

د. شيرين لبيب خورشيد

الكاتبة لأدب الأطفال والحاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة الإمام الأوزاعي في لبنان في فن… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى