ماذا لو كانت “مارين لوبان” إسلامية!
لا ينفك اسم (مارين لوبان – marine le pen) عن وصف “اليمينية المتطرفة” ولا ينفك اسم (حزب التجمع الوطني – Rassemblement National) عن وصف “اليميني المتطرف” وذلك في فرنسا قبل غيرها من الدول الأخرى. ورغم أن “الحزب المتطرف” قد تأسس على يد والدها (جان ماري لوبان) عام 1972 أي قبل 50 عامًا، إلا أن الحزب مازال باقيًا ويمارس نشاطه السياسي المعتاد كأي حزب آخر.
لم تفكر مارين لوبان “المتطرفة” ولا حزبها “المتطرف” في الدخول إلى مرحلة الكُمون أو الجمود السياسي، بحيث يكون وجودهما أمرًا غير محسوس أو مؤثر في الساحة السياسية، كأحزاب أخرى كثيرة لا يسمع بها أحد، خشية التصادم مع الدولة أو المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، ومن ثم ينتهي أمر الحزب المتطرف وأفكاره.
الأمر لم يكن كذلك، بل كان في الاتجاه المعاكس تمامًا، فمع تولي مارين لوبان رئاسة الحزب في يناير 2011، رشحها الحزب للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2012 وحلت في المركز الثالث بعد ساركوزي وهولاند، بحصولها على نسبة 17.90%.
وشاركت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017 وحلت في المركز الثاني بعد ماكرون بحصولها على 33.94%. وأخيرًا شاركت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022 وحلت في المركز الثاني أيضًا بعد ماكرون بحصولها على 41.46%.
وهذه الأرقام الإيجابية المتصاعدة التي حققتها مارين لوبان تعني تصاعد التأثير في المجتمع الفرنسي وتصاعد الحضور وتصاعد القبول والرضى الشعبي عن أيديولوجيتها وسياساتها.
وهو ما جعل حزب التجمع الوطني “اليميني المتطرف” بقيادة مارين لوبان يكون “الحزب الأول” في هذه الانتخابات الأخيرة! فرغم حلوله في المرتبة الثالثة وراء “ائتلاف ماكرون” و “تحالف اليسار” وذلك بحصوله على 18.68% من أصوات الناخبين، فإنه يعتبر “الحزب الأول” حيث إنه كحزب منفرد دون “تحالف أو تكتل” حصل على أصوات 4.248.626 ناخبًا فرنسيًا.
فحسب تعداد وكالة فرانس برس، فقد احتل التجمع الوطني المرتبة الأولى في (نحو 11300) مدينة وبلدة من أصل 35 ألفًا، متقدمًا على ائتلاف ماكرون “معا” (ما يزيد عن 9000) وتحالف اليسار في (نحو 7500) وحزب الجمهوريين اليميني في (قرابة 4900).
بهذه النتيجة يكون “الحزب المتطرف” الذي تقوده مارين لوبان “المتطرفة” قد حقق نتائجًا تاريخية لم يسبق أن حصل عليها اليمين المتطرف من قبل، ففي انتخابات سنة 2017 حصل التجمع الوطني على نسبة 13.2% وحصد 8 مقاعد فقط، بعد تصويت 1.2 مليون ناخب له.
في الانتخابات الأخيرة أول أمس، ومع حصوله على 89 مقعدًا، فإن مارين لوبان “اليمينية المتطرفة” وحزب التجمع الوطني “اليميني المتطرف” لديهما القدرة على طرح تصويت يطالب بحجب الثقة عن الحكومة، وهو ما جعل رئيسة وزراء فرنسا تقول أن نتيجة الانتخابات التشريعية تمثل خطرًا على البلاد!
بل يمكنها الآن تمرير أي (مشروع قانون) مقترح منهم إلى المحكمة الدستورية، كذلك سيتلقى الحزب حوالي 10 ملايين يورو سنويًا حتى عام 2027، وهو الذي كان مديونًا في نهاية عام 2020 بقرابة 24 مليون يورو!
لقد أثبتت الانتخابات الفرنسية بيقين أن أعدادًا كبيرة من الناخبين الفرنسيين يحملون أفكارًا “يمينية متطرفة” يؤمنون بها ويصوتون لها ويدافعون عنها، كما يمكنهم التعبير عنها وممارستها بحرية كاملة وبدعم مالي وإعلامي من الدولة.
وأثبتت الانتخابات الفرنسية بيقين أن “النظام العلماني” لديه القابلية والاستعداد للتعايش مع الأحزاب والأشخاص والأفكار التي يصنفها هو كـ “متطرفة” بأريحية وهدوء وسلام.
كما أثبتت الانتخابات الفرنسية بيقين أن “التجربة الديمقراطية” التي تسمح بـ “حرية الممارسة السياسية” هي تجربة مخصوصة ومقبولة في “مجتمعات معينة” ومع “أشخاص معينة” وممنوعة في “مجتمعات معينة” وعلى “أشخاص معينة”.
نعيد السؤال الأول مرة أخرى: هل لو كانت مارين لوبان وحزبها يحملون أفكارًا إسلامية، ويلتزمون بـ “التجربة الديمقراطية” وآلياتها، هل كان “النظام العلماني” الغربي سيسمح لهم بالبقاء في المشهد السياسي؟!
بالطبع لاااااا
فالنظام العلماني الغربي لديه فلك معين…ولا يسمح بالعمل خارجه ، كما أنه يزين بمكيالين متباينين داااائماً…..