قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام، أبيدوا أهله!
فطن أعدائنا لقوة الإسلام التي لم يفطن لها أبنائه بعد، فتراهم يقولون ولا يجدون غضاضة من الاعتراف أنهم يريدون القضاء عليه، فهو مصدر القوة الوحيد للمسلمين، ويسجل التاريخ اعترافاتهم بذلك في كلمات تصرخ بالتحذير لنا أن أفيقوا فلن يرضى عنكم الغرب حتى يُبيد دينكم ويجعلكم تتبعون ملته، أفيقوا وتمسكوا بدينكم قبل فوات الأوان تعزوا وتنعموا ويكون النصر حليفكم.
على مر التاريخ نرى مواقف الحضارة الغربية من الإسلام مليئة بالكره والحقد الذي يتبلور في أقوالهم التي ترجمت إلى أفعال في الحروب الصليبية الرهيبة والتي أتت بملايين الجند من كل أنحاء أوروبا لاستئصال الإسلام، كان الجندي فيهم يترنم بأعلى صوته حين كان يلبس بزة الحرب قادمًا لاستعمار بلاد المسلمين:
أمـاه أتمي صلاتك لا تبكي، بل أضحكي وتأملي، أنا ذاهب إلى طرابلس، فرحًا مسرورًا، سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة، سأحارب الديانة الإسلامية، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن.
وكانوا يأتون في حملات إثر حملات يدفعهم الحقد والكره لديانتنا وصدق الله القائل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) حتى إذا اندثرت وفشلت هذه الحملات عادوا إلينا مجددًا بجيوش حديثة وفكر جديد وذات الهدف وهو تدمير الإسلام وإبادة أهله، فاستباحت جيوشهم الأمة وعاثوا فسادًا في الأرض، وهدموا مساجدنا أو حولوها إلى كنائس.
ولنستعرض بعض مقولاتهم حول ما فعلوه ويفعلونه بالمسلمين في أنحاء مختلفة من عالمنا الإسلامي المستباح:
الأندلس
تقول سيجريد هونكة، مستشرقة ألمانية تكتب في مجال الدراسات الإسلامية، واشتهر عنها بنظرتها المعتدلة للإسلام: “في 2 يناير 1942 رفع الكاردينال (دبيدر) الصليب على الحمراء، القلعة الملكية للأسرة الناصرية، فكان ذلك إعلانًا بانتهاء حكم المسلمين على إسبانيا. وبانتهاء هذا الحكم ضاعت تلك الحضارة العظيمة التي بسطت سلطانها على أوروبا طوال العصور الوسطى، وقد احترمت المسيحية المنتصرة اتفاقاتها مع المسلم لفترة وجيزة، ثم باشرت عملية القضاء على المسلمين وحضارتهم وثقافاتهم. لقد حرَم الإسلام على المسلم، وفرض عليهم تركه، كما حرَم عليهم استخدام اللغة العربية والأسماء العربية وارتداء اللباس العربي، ومن يخالف ذلك كان يحرق حيًا بعد أن يعذب أشد العذاب.
وهكذا انتهى وجود المسلمين في الأندلس فلم يبق مسلم واحد يظهر دينه وكانوا يعذبون في ما كان يعرف بمحاكم التفتيش، وهي عبارة عن قاعات تعذيب تكون غالبًا في الأديرة والكنائس ويديرها الكهان، أما مهمتها فكانت التفتيش عن كل مسلم في الأندلس وتعذيبه بوحشية حتى يرتد عن دينه، ومن بعض صور التعذيب غرف بحجم جسم الإنسان أفقية أو عمودية ويبقى سجين هذه الغرب ممدًا أو واقفًا بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن حتى تبلى وتأكلها الديدان، ويستخدمون الآلات للتعذيب منها آلات لتكسير العظام، وآلة على شكل تابوت مثبتة فيه سكاكين حادة، وصندوق في حجم رأس الإنسان يوضع فيه الرأس الذي يريدون تعذيبه وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد بانتظام على رأس المسكين، وقد جن بعضهم من هذا اللون من العذاب، وغيرها وغيرها من صنوف العذاب التي كانوا يتفننون بها.
الحبشة
بتأييد من فرنسا وانجلترا، استولت الحبشة على إرتيريا المسلمة وفعلت بها الأفاعيل: صادرت معظم أراضيها وأسلمتها لإقطاعيين من الحبشة وأعطتهم الحرية في قتل أي مسلم دون الرجوع إلى السلطة! وفُتحت للفلاحين المسلمين سجونًا جماعية كانوا يلاقون فيها أشد العذاب من جلد بالسياط وربط للأيدي والأرجل بالعشر سنين. كل هذا قبل استلام هيلاسيلاسي السلطة في الحبشة، الذي كان يتباهى بخطته لإنهاء المسلين في 15 سنة، بدأ بسن تشريعات لإذلال المسلمين وأمر بقتلهم لأقل سبب، ومن ذلك أنه وُجد شرطي قتيل قرب قرية مسلمة فأرسلت الحكومة كتيبة كاملة قتلت أهل القرية كلهم وأحرقتهم، ثم اتضح فيما بعد أن القاتل هو صديق المقتول.
ثار أحد العلماء وهو الشيخ عبد القادر على هذا الظلم والجور والإبادة مع مجموعة من رجال قريته، فجمعت الحكومة أطفالهم ونسائهم وشيوخهم في أكواخ من الحشيش والقصب وأشعلت فيهم النيران. كما أصدر هيلاسيلاسي أمرًا بإغلاق مدارس المسلمين وأمر بفتح مدارس مسيحية وأجبر المسلمين على إدخال أبنائهم فيها ليصبحوا مسيحيين في عملية تنصير حقيرة. كانت حكومة الإمبراطور الظالم تلاحق كمثقف أو صاحب فكر لتزجه في السجن حتى الموت أو تجبره على مغادرة البلاد لأن دائمًا المستبدين يخافون من أصحاب الوعي، وحتى يعم الجهل شعب إرتيريا المسلم.
والأمثلة كثيرة وهاتان الدولتان ليستا استثناء لما عاناه المسلمون وما زالوا يعانونه على يد المحتل الكافر في أحداث يكاد القلب ينفطر لذكرها في كل رقعة من العالم الإسلامي.
مواقف مختلفة للغرب
ولكن هل مواقف الغرب واتباعه هي مواقف استثنائية عاطفية أم أنها تعبر عن قناعة وأفكار راسخة في أذهان قادته تجعل ما يرتكبونه جرائم مع سبق الإصرار والترصد؟!
لنستعرض بعضًا من هذه الأقوال علّ أن يستنير بها المضَلَلون من أبناء أمتنا الإسلامية الذين ما زالوا مبهورين بالحضارة الغربية وما فتئوا يدافعون عنها ويبررون أفعالها ليل نهار ولم يفطنوا بعد لحربها الدائرة على ديننا وأنه هو المستهدف في هذه المعركة والله المستعان:
يقول أيوجين روستو، رئيس قسم التخطيط في الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967: “يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، إنما هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية. لقد كان الصراع محتدمًا بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة، ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي، إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي، فلسفته، وعقيدته، ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي، بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها.”
يقول باترسون سمث في كتابه “حياة المسيح الشعبية”: “باءت الحروب الصليبية بالفشل، لكن حادثًا خطيرًا وقع بعد ذلك حينما بعثت انجلترا بحملتها الصليبية الثامنة ففازت هذه المرة، إن حملة -اللبني- على القدس أثناء الحرب العالمية الأولى هي الحملة الثامنة والأخيرة، ولا غرابة ان تنشر الصحف البريطانية صوره كاتبة تحتها عبارته الشهيرة (اليوم انتهت الحروب الصلبية)”.
والفرنسيون أيضًا صليبيون: فالجنرال غورو عندما تغلب على جيش ميسلون خارج دمشق توجه فورًا إلى قبر صلاح الدين وركله بقدمه قائلًا:
ها قد عدنا يا صلاح الدين.
وزار بعض البرلمانيين الفرنسيين رئيس خارجيتهم مسيو بيدو وطلبوا منه وضع حد للمعركة الدائرة في مراكش فأجابهم “أنها معركة بين الهلال والصليب”.
قال راندولف تشرشل، لورد بريطاني، بعد سقوط القدس عام 1967: “لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء، إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود، إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين، وقد أصدر الكنيست اليهودي ثلاث قرارات بضمها إلى القدس اليهودية ولن تعود إلى المسلمين في أية مفاوضات مقبلة ما بين المسلمين واليهود.”
وخرج أعوان إسرائيل في باريس بمظاهرات قبل حرب 1967 يحملون لافتات سار تحت هذه اللافتات جان بول سارتر -فيلسوف وروائي وكاتب مسرحي وناقد أدبي وناشط سياسي فرنسي- وكتبوا على هذه اللافتات وعلى جميع صناديق التبرعات لإسرائيل جملة واحدة من كلمتين هما: “قاتلوا المسلمين”. فالتهب الحماس الصليبي الغربي، وتبرع الفرنسيون بألف مليون فرنك خلال أربعة أيام فقط، كما طبعت إسرائيل بطاقات معايدة كتب عليها هزيمة الهلال، بيعت بالملايين لتقوية الصهاينة الذين يواصلون رسالة الصليبية الأوروبية في المنطقة وهي محاربة الإسلام وتدمير المسلمين، وعندما دخلت قوات إسرائيل القدس عام 1967 تجمهر الجنود حول حاط المبكى -حائط البراق- وأخذوا يهتفون مع موشي دايان:
هذا يوم بيوم خيبر.. يا لثارات خيبر. وهتفوا أيضًا: محمد مات.. خلف بنات.
ترى ما سبب هذه العداوة الضارية للإسلام؟ يبدو من تصريحاتهم أنهم يرون فيه قوة وجدارًا صلبًا يحول دون سيطرتهم على العالم.. وسنتعرّف على سبب هذه العداوة الضارية ضدّ الإسلام والمسلمين وكلّ ما يمت له بصلة في المقال المقبل.
بارك الله فيك، على هده التوعية والجهد المبدل