رمضان.. يا مرحبًا بمطهرنا من الذنوب «مراجعة أربعة كتيبات عن الاستعداد لرمضان»

لا يكن همُّ أحدكم في شهر رمضان كثرة الصيام والقيام، ولكن ليكن همه الصدق في العمل، فإن الصيام والقيام لا ينفعان بلا إخلاص.

سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه

شهر رمضان هو نفحةٌ إلهية، تفيض بركاتها على القلوب العطشى لنور الهداية، فتصفو الأرواح، وتسمو النفوس في رحاب الطاعة، هو شهرٌ تتجلّى فيه رحمة الله، فتُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلّق أبواب النيران، وتُصفّد الشياطين؛ ليغدو الطريق إلى الخير ممهّدًا، والسبيل إلى التقوى مشرّعًا، ورمضان هو ضيفٌ كريم، يحلّ على القلوب ليغسل أدرانها، ويضيء ظلمتها، ويحيِيَ فيها معاني الصبر والإحسان، فيه تهفو الأرواح إلى لياليه المضيئة بوهج القيام، وأيامه المليئة بعطر الذكر والقرآن؛ فتزهر القلوب بمحبة الله، وترتقي في مدارج الإيمان، هو شهرُ العتق من النار، شهرُ المضاعفة والعطاء، تتجلّى فيه أسمى معاني التراحم والتكافل، فيفيض الخير بين الناس، وتتوحد القلوب على درب الهداية، فطوبى لمن اغتنم أيامه، وأشرق في لياليه بنور الطاعة؛ ليحظى بجزيل العطاء وغفران الكريم.

عن المؤلف

يتناول هذا المقال مجموعة من مؤلفات د. مجدي الهلالي، داعية إسلامي مصري، أسس مؤسسة الصحابي عقبة بن عامر، التي تهتم بالتربية القرآنية للأفراد، وله العديد من المؤلفات في مجال الدعوة والتربية، وتتميز كتاباته بالتركيز على التربية الإيمانية وتزكية النفس، بهدف مساعدة الأفراد على الارتقاء بأنفسهم والتخلص من مثبطات الهمم، كما شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، وله العديد من الخطب والتسجيلات والمقالات في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية.

هذا المقال يتناول أربعة من كتيباته وهي: (حتى لا نخسر رمضان – ماذا نريد من رمضان – أيامًا معدودات – كيف نُحيي قلوبنا في رمضان) نلقي الضوء على أبرز ما ورد بها استعدادًا للشهر الفضيل.

د. مجدي الهلالي
د. مجدي الهلالي

ما هو المقصد من رمضان؟

 رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب، بل هو محطة إيمانية متكاملة، تهدف إلى تزكية النفوس، وتقوية الصلة بالله، وتحقيق الغاية العظمى من العبادة، وهي الوصول إلى التقوى وقد دل على ذلك قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى ليست مجرد حالة روحانية مؤقتة، بل هي أسلوب حياة، ينعكس على سلوك المسلم في كل تفاصيل حياته وتحقيقه يتطلب من المسلم كلًا من:

  • الإخلاص في النية: استشعار فضل رمضان وتوجيه الأعمال فيه خالصة لله.
  • المحاسبة المستمرة للنفس: عن طريق مراقبة الأعمال والسلوكيات اليومية والاستزادة من صالحها وتقويم مفاسدها.
  • التوبة الصادقة: استغلال رمضان للعودة إلى الله والاستغفار من الذنوب والعزم على عدم العودة إليها.
  • التهيئة والاستعداد لرمضان: عبر وضع خطة عملية للاستفادة من أيامه ولياليه المباركة بأقصى ما تبلغه طاقة العبد.
  • التفاعل مع معاني الصيام: فحكمة الصيام ليست في الامتناع عن الطعام والشراب فقط بل العمل على تربية النفس وكبح شهواتها؛ لتقوية الإرادة، وجهاد النفس على الاستقامة.
  • الاستعانة بالعبادات كوسيلة لإحياء القلوب: مثل تحقيق الخشوع والطمأنينة في الصلاة، وتنظيم أوقات الذكر والاستغفار في الليل والنهار.

كيفية الوصول؟

معظمنا يدرك الغاية الكامنة خلف الشهر الفضيل، بل إن وسائل تحقيقها والوصول إليها لا تخفى على أحد وما من عبد مؤمن إلا سبق له ممارستها، لكن لا يصل الجميع لتمام الغاية المنشودة، وحل هذه المعضلة يكمن في فهم الأساليب الصحيحة وكيف يمكن تطبيقها بشكل واقعي.

خطوة البداية تتمثل في تقسيم الوسائل إلى قسمين رئيسَين، يصلح العبد في أولهما العلاقة بينه وبين الله، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الجانب الشعوري الوجداني، ويصلح في ثانيهما علاقته بمجتمعه ويسمى الجانب السلوكي الاجتماعي.

 ولا يمكن الاســتغناء بأحد القسمين عن الآخر؛ فكلاهما له دور في إنجــاح مهمة المسلم على الأرض وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء: 125]، فإسلام الوجه لله -وهو أمر شعوري ووجداني- لا بد أن يصاحبه إحسان إلى الخلق، ومن الخطأ الذي يقع فيه البعض التركيز على جانب دون الآخر، ويمكن تحقيق الأمرين باتباع مجموعة من الأساليب هي كما يلي:

 أولاً: العلاقة مع الله

  • اغتنام الصيام: وذلك بتقليل ساعات النوم في النهار، والتوسط في المطعم والمشرب، والإقلال من الكلام والضحك والبعد عن اللغو وسائر آفات اللسان.
  • التعلق بالمساجد: ففيها حثٌ للمسلم على العبادة وربطٌ على القلوب بالطاعة وحبسٌ للنفس عن المعصية.
  • القرآن الكريم: فهو الوسيلة الأعظم لشفاء القلوب وهدايتها، وعلى قدر صلة العبد به تكون صلته بالله (وتفصيل ذلك في جزء قادم).
  • قيام الليل: فالتعرض لنفحات الليل واقتسام الغنيمة مع المجتهدين هي من أعظم وسائل غرس الإيمان في القلب؛ لأن الإنسان إذا خلا بربه واتصل به قلبه في جنح الليل طهر القلب ونزلت عليه الفيوضات، وهي وسيلة تجمع بين تدبر القرآن وما فيه من كنوز، وبين الركوع والسجود وما فيهما من معاني الذل والخضوع لله عز وجل.
  • الاستفادة من الأوقات الفاضلة: وهذه تقسم إلى ثلاثة على مستوى اليوم، وفيه ثلاثة أوقات يسميها العلماء بأوقات السير إلى الله بالطاعات وهي آخر الليل، وأول النهار وآخره، وعلى مستوى الأسبوع فليوم الجمعة شرف عظيم وفيه ساعة لا يرد فيها الدعاء، وعلى مستوى الشهور فإن شهر رمضان له أفضلية عن بقية الشهور بليلة القدر.
  • الاعتكاف: وهو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو مستحب في كل وقت في رمضان وغيره، وأفضله في العشر الأواخر من رمضان ليتعرض المؤمن فيها لليلة القدر فيتصيد من نفحاتها.
  • الدعاء: فالدعاء هو العبادة، ولا يرد القدر سواه، ففيه يتمثل فقر العبد وذله لله، ومن الأوقات التي ينبغي للعبد أن يحرص فيها على الدعاء بين الأذان والإقامة، ودُبر الصلوات المكتوبة، وفي الثلث الأخير من الليل، وللصائم عند فطره دعوة لا ترد.
  • الفكر والذكر: ولكي يستفيد المســلم من الذكر ويواطئ لسانه قلبه فيحدث فيه الأثر المطلوب لا بد من ربطه بعبادة التفكر، فمثلا التفكر في الذنب والتقصير يدعو للاستغفار، والتفكر في بديع صنع الله يدعو إلى التسبيح الحمد، والتفكر في حاجة العبد وفقره إلى الله يدعو للحولقة.. هكذا.

ثانياً: العلاقة مع الناس

  • الإحسان إلى الزوجة والأولاد: وحقيقة هذا الإحسان بالسعي للسير على طريق الله والتسابق فيه للوصول للجنان، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مساعدتهم في تنظيم أوقاتهم، وتخصيص أماكن للعبادة لكل منهم، والقيام بجلسة يومية قصيرة الزمن عظيمة الفائدة يقرأ فيها القرآن بشكل جماعي أو يستمع فيه إلى بعض الخواطر النافعة.
  • صلة الرحم: صلة الأرحام في رمضان من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله، وهي سبب في البركة وزيادة الرزق وطول العمر ويمكن تحقيق ذلك من خلال الزيارات العائلية أو دعوات الإفطار مع الحرص على ألا يكون فيها من مظاهر التفاخر والترف ما يبعدها عن مقصودها بإكثار أعمال الطعام وكثرة الكلام والانشغال بها عن العبادة، أو التواصل من خلال الهاتف ووسائل التواصل مع من بعدت أماكنهم، ولا ينبغي أن يتعلل البعض بوجود قطيعة أو عداوة قديمة بينه وبين رحمه، فقد جاء رجل للنبي ﷺ فقال: ((يَا رَسُول اللَّه، إِنَّ لِي قَرابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِم وَيُسِيئُونَ إِليَّ، وأَحْلُمُ عنهُمْ وَيَجْهَلُونَ علَيَّ، فَقَال: لئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلكَ)) [صحيح مسلم: 2558].
  • إطعام الطعام: وقد دل على فضله قوله ﷺ: ((إِنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها من باطِنِها، وباطِنُها من ظَاهِرِها، فقال أبو مالِكٍ الأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: لِمَنْ أَطَابَ الكَلامَ، و أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلانَ الْكَلامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)) [صحيح ابن خزيمة: 2137].
  • الإصلاح بين الناس: وقد وعد رسول الله ﷺ القائم بهذا العمل الجليل بدرجة أعلى من درجة الصائم القائم المتصدق؛ لما في ذلك من إشاعة جو التراحم والتواد بين أفراد المجتمع، قال رسول الله ﷺ: ((ألا أُخبِرُكم بأفضلَ من درجة الصَّلاة والصِّيام والصَّدَقة؟ قُلنا: بَلَى يا رسول الله، قال إِصلاحُ ذاتِ البَيْن، وفسادُ ذات البَيْن هي الحَالقةُ)) [مسند أحمد: 28156]، وعلى المسلم أن يبدأ بنفسه فيعفو عمن ظلمه، ويحسن لمن أساء إليه، ويكون قدوة لغيره في الحلم ورحابة الصدر.

رمضان والقرآن

رمضان والقرآن

ارتبط شهر رمضان بالقرآن ارتباطًا وثيقًا، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، ونزوله في هذا الشهر المبارك دليلٌ على عظمته ومكانته، وقد كان النبي ﷺ يدارس جبريل عليه السلام القرآن في رمضان، ليكون ذلك درسًا للأمة في تعظيم هذا الشهر بالتمسك بكلام الله، فتلاوة القرآن تشرح الصدور، وقيام الليل به يزيد القلوب خشوعًا، فهو غذاء للروح، وربيع للقلوب، وسراج السائرين إلى الله، ومن الوسائل الفعالة للاستفادة القصوى من القرآن في رمضان ما يلي:

  • الوضوء ودعاء الله قبل بدء القراءة: فيُلِح العبد على الله أن يفتح قلبه لكلام كتابه وأن يعينه على تدبر معانيه.
  • التدبر العميق في المعاني: فلا ينبغي أن يكون هدف المؤمن من القراءة هو إنهاء أكبر عدد من الصفحات، بل التركيز على فهم الآيات وتطبيقها في الحياة اليومية ليكون ذلك سبيلًا في تحقيق الهداية.
  • الاجتهاد في التعامل مع القرآن كأنه أنزل عليك: فيتعامل العبد وكأنه هو المخاطب، فيرد على أسئلة الآيات، ويؤمّن في مواضع الدعاء، ويُسبح في مواطن التسبيح، ويسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار في مواضعها.
  • جعل القرآن رفيقًا طوال اليوم: ويمكن تحقيق ذلك من خلال سماعه أثناء أداء الأعمال اليومية أو الإمساك به في أوقات الفراغ، على أن يكون مكان التلاوة هادئًا بعيدًا عن الضوضاء للمساعدة على التركيز والتدبر.
  • مراجعة الحفظ وتثبيته: وذلك عبر تكرار الآيات في الصلوات والنوافل، مما يعمق الارتباط بالقرآن والحرص على قراءة تفسير مختصر لما يتم قراءته أو حفظه؛ للعمل على فهم معاني الآيات وأسباب نزولها وأثرها في حياة الإنسان.
  • ربط الآيات بالحياة اليومية: من خلال التأمل في آيات الرحمة والعبرة والأحكام والتفكر في تطبيقها عمليًا.
  • المشاركة في جلسات مدارسة القرآن: من خلال تبادل الفهم والتأمل مع الأهل لزيادة الأثر الروحي للقرآن، كما يمكن تحديد أهداف يومية للقراءة الجماعية لتُحفّز أفراد العائلة على ختم القرآن.
  • جعل القرآن مصدرًا للخشوع في الصلاة: الاستفادة من التلاوة أثناء الصلاة، وربط التدبر بها، والتركيز على الآيات المتعلقة بالتقوى والإصلاح حتى يكون لها أثر حقيقي في تحسين المسلم.
  • تحقيق التفاعل القلبي مع القرآن: العيش مع الآيات واستشعار عظمتها ومعانيها، وتحويل القرآن إلى منهج حياة يكون هو الموجّه فيها للأخلاق والتصرفات والتعاملات، كما يجب البعد عن العجلة في القراءة وأن تكون التلاوة بتأنٍّ وترتيل ليؤثر القرآن في القلب.
  • تحويل رمضان إلى موسم قرآني خاص: ليس فقط بتلاوته، بل بجعله محور تغيير الذات وتزكية الروح، والعمل على مراجعة النفس عند قراءة القرآن من خلال معرفة مدى انعكاس معانيه على السلوك اليومي.

علامات النجاح في رمضان

علامات النجاح في رمضان

إذا أردنا معرفة مدى استفادتنا من رمضان، فعلينا أن نراقب أثره على سلوكنا فيما تلاه، فإذا رأينا تحسنًا في أخلاقنا، وزيادة في أعمالنا الصالحة، وابتعادًا عن المعاصي، كان هذا خير دليل أن قلوبنا قد تأثرت حقًا به، ومن العلامات التي تدل على تحقق ذلك ما يلي:

  • زيادة الحس الإيماني: ويظهر ذلك في كثرة استشعار مراقبة الله في كافة العمل ما ظهر منه وما بطن، والإكثار من الطاعات فالصلاة من شأنها أن تُشعر المسلم بخضوعه وانكساره لربه، والصدقة تقوم بمعالجة القلب من داء حب الدنيا والتعلق بها، والصيام يساعد المرء على السيطرة على نفسه وإلزامها تقوى الله، والذكر يهدف إلى تذكُّر الله زيادة الإيمان به والتوكل عليه، وهكذا بقية العبادات القلبية والبدنية.
  • تحقيق الصدق مع النفس: وذلك بمحاسبتها على أعمالها في مختلف الجوانب فتحاسب الجوارح على عباداتها، ويحاسب اللسان على أقواله، ويراجع القلب في خشوعه وصدق نواياه، ومدى استشعاره مراقبة الله.
  • الحرص على الاستمرار في الدعاء والمناجاة: فالدعاء طريق صلة بين العبد وربه، وترفع به الحوائج إلى الله ما صغر منها وما عظم.
  • الاستعداد للموت قبل نزوله: فقد ورد عن الرسول ﷺ عندما سُئِل عن علامات ومظاهر دخول النور القلب وإحيائه له فقال: ((التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ)) [مستدرك الحاكم: 7958]، وهذه الأخيرة يكون الاستعداد لها بالتحلل من المظالم، ورد الحقوق، ودوام الاستغفار والتوبة، وكتابة الوصية​.

كيف نحافظ على أثر رمضان بعد انتهائه؟

ما إن يرحل رمضان حتى نشعر بفراغ روحي، وكأن نفحاته الإيمانية التي ملأت قلوبنا بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا، ففيه يعتاد المرء على الطاعات، وصفاء القلب، والالتزام بالعبادات، ومما يجب الحرص على إدراكه أن الثبات على روحانية رمضان ليس مجرد أمنية، بل هو اجتهاد وعمل مستمر، يتطلب إدراكًا عميقًا لقيمة ما اكتسبناه، وسعيًا جادًا لتحويل العبادات الموسمية إلى عادات دائمة، تبقي على وهج القرب من الله حيًا في قلوبنا طوال العام، ويمكن أن نحافظ على هذا الأثر العميق بعد انتهائه من خلال اتباع الآتي:

  • الاستمرار في قراءة القرآن: وذلك بتعهد القرآن ولو بقراءة جزء صغير يوميًا؛ فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
  • صيام النوافل: الاستمرار في صيام الاثنين والخميس، أو الأيام البيض، فهذا مما يساعد على الحفاظ على روحانية رمضان.
  • الحرص على قيام الليل: ولو بركعتين بعد العشاء؛ فذلك يُبقي العبد متصلًا بالعبادة.
  • المداومة على الصدقة والأعمال الصالحة: فلا تجعل الصدقة مقصورة على رمضان، بل ينبغي أن يكون عطاء المؤمن في كل وقت.

كيف نُعدّ برنامجًا يوميًا في رمضان؟

كيف نُعدّ برنامجًا يوميًا في رمضان؟

لتحقيق أقصى استفادة روحية من رمضان، يجب وضع برنامج يومي متوازن يساعد المسلم على استثمار وقته بين العبادة، العمل، والراحة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال النظام التالي:

  • قبل الفجر: الاستيقاظ للسحور، فالسحور بركة كما أوصى النبي ﷺ، كذا الاستغفار، وقيام الليل خاصة الثلث الأخير منه؛ لأنه وقت التنزل الإلهي واستجابة الدعاء.
  • بعد الفجر: صلاة الفجر في المسجد، مع أذكار الصباح، وتلاوة بعض آيات القرآن، ثم الحصول على قسط من الراحة إن أمكن.
  • خلال النهار: أداء المهام اليومية سواء العمل أو الدراسة، مع الحفاظ على الذكر المستمر والنية الصالحة، وأداء الصلوات في وقتها مع الحرص على السنن الرواتب.
  • قبل المغرب: تلاوة بعض الآيات القرآنية من الورد المخصص، ثم التفرغ للدعاء في اللحظات الأخيرة قبل الإفطار، فللصائم عند فطره دعوة لا ترد.
  • بعد العشاء: صلاة التراويح، وحضور بعض الدروس الدينية أو حلقات العلم إن أمكن مع الحرص على تخصيص وقت للدعاء والذكر، والتخطيط لليوم التالي.
  • قبل النوم: مراجعة اليوم، ومحاسبة النفس، وتجديد النية لليوم التالي حتى يستمر العطاء والسعي طوال أيام الشهر الفضيل.

رمضان هو المحطة النورانية التي يُجدد فيها القلب عهده مع الله، وهو نفحة ربانية تَهُبّ مرة في العام، فطوبى لمن اغتنمها وأحسن استقبالها، ولنعلم أن النجاح الحقيقي في رمضان ليس في كثرة العبادات فحسب، بل في تحقيق الأثر الإيماني العميق الذي يستمر بعد انقضائه، فلنجعل من رمضان نقطة تحول، لا محطة عابرة، فلنجاهد أنفسنا حتى تظل قلوبنا حية بذكر الله، خاشعة في الصلاة، متصلة بالقرآن، متسامحة مع الخلق.

بلّغنا الله وإياكم رمضان سالمين غانمين لا فاقدين ولا مفقودين، وجعلنا الله وإياكم فيه من المعتوقين، وبلغنا ليلة القدر، وأذاقنا لذة القرب منه، ووفقنا للاستقامة بعده.

رضوى التركي

كاتبة، آخذة بعنان قلمي في سبيل الله، تخصص تربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى