علم أصول الفقه.. مقدمة مختصرة
علم أصول الفقه ليس مُجرَّد علم لكنَّه في حقيقة الأمر أحد أكبر إنجازات المُسلمين الفكريَّة وأحد أعظم البناءات العلميَّة التي أتوا بها. إنَّه علم من أدقّ العلوم وأصعبها، والذي من المُمكن اعتباره دُرَّة تاج العلوم الإسلاميَّة في جانب التشريع. “علم أصول الفقه” عندما نتعرَّف عليه سنعلم أنَّ التشريع الإسلاميّ ذو قوَّة ومتانة ورسوخ حتى لا يُقارن بأيّ تشريع آخر. هذا القول ليس من قبيل المُبالغة وليس من قبيل تمجيد المُسلمين لديانتهم، بل هو الحقيقة المحضة.
ولعرض هذه الحقيقة لا بُدَّ أنْ نعرض خريطة للديانات من حيث الجانب التشريعيّ، ثمَّ نبدأ في تعريف أصول الفقه بالفهم المُبسَّط، وخصوصيَّته من بين العلوم، وبيان مجالاته ومذاهبه الكُبرى.
خريطة الأديان من حيث الجانب التشريعيّ (الشريعة)
في البدء يجب أنْ نورد حقيقة أنَّ هناك آلاف الديانات في العالَم. وتُقسَّم تلك الديانات -من إحدى جهات النظر إليها- إلى ديانات ذات شريعة أيْ قوانين تُبيِّن لمُتَّبعيها أمورًا بعينها تأمر بها الديانة -كاليهوديَّة مثلاً-، وإلى ديانات ليس بها شريعة أيْ أنَّها تقتصر على العقيدة فقط. وهذه الأخيرة إمَّا أنْ تكتفي بالعقيدة حقًّا فتكون الديانة مُجرَّد فكرة محضة -كالرُّبُوبيَّة مثلاً-، أو تقتصر على جزء من الشريعة يُسمَّى “الشعائر” -وهي الأفعال الموصوفة للتعبُّد الصريح مثل الصلاة والصوم والزكاة عند المُسلمين- كذلك الأعياد في الديانة.
والديانات ذات الشرائع تختلف فيما بينها في كمّ وكيف تلك الشرائع؛ أيْ مدى احتوائها للسلوك الإنسانيّ وتوجيهه. فمثلاً هناك ديانات ذات شرائع غاية المحدوديَّة وهي التي تقتصر على الزواج وطريقه وماذا يُفعل في المُتَّبِع لها حين يتوفَّى وأمور أخرى بسيطة. وهناك ديانات بها الكثير من الشرائع مثل اليهوديَّة -والأمر هنا به تفصيل كثير-. وهناك ديانات لمْ تقتصر على سعة التشريع بل شملت بتشريعها كلّ حياة الإنسان، وضبطتْ كامل مُعاملاته ولا أعرف غير “الإسلام” من هذا الصنف.
مُسلَّمات التشريع في الإسلام
وإذا سألنا لماذا أتى الإسلام بهذا الكمّ من التشريع الذي يشمل أفعال الإنسان جميعًا؟!.. أجيبك أنَّ هذا السؤال مُتعلِّق تمامًا بنظرة الإسلام للكون ولدور الإنسان فيه على الوجه الآتي. فقد أخبر الله أنَّ الدنيا مُسخَّرة لهذا الإنسان في آيات كثيرة منها (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) -الجاثية 13-، وقد أخبر كذلك أنَّ الإنسان قد خلقه الله -تعالى- خليفةً أو مُستخلَفًا على هذه الأرض في قوله (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) -البقرة 30-، ثُمَّ أخبر أنَّ الغرض من خلق الإنسان هو عبادة الله -يقصد الإيمان به على وجه الوحدانيَّة الخالصة، والسير على أساس هذا في الحياة- في قوله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) -الذاريات 56-.
ثمَّ أخبر أنَّ الدنيا دار عمل ليست مقصودةً لنفسها بل كلّ ما فيها هي أدوات لهذا الاختبار الكبير ومن ذلك قوله: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) -الحديد 20-، ثمَّ أخبر أنَّه سيُحاسب الإنسان على حسب ما يفعله في هذه الدنيا لأنَّ الأصل عنده هو الدار الآخرة التي هي الدار الحقيقيَّة ومن ذلك آيات كثيرة منها (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) -القصص 77-، ثمَّ أعلمنا أنَّ الحياة فيها خبيث وطيب (قُل لَّا يَسْتَوِى ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ) -المائدة 100-، وأقرَّ تشريعات كثيرة تُنظِّم الحياة الدنيا وتُفرِّق الصواب من الخطأ ومن ذلك قوله: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) -آل عمران 179-.
وعلى ذلك التمييز بين الخبيث والطيِّب وبين الخير والشرّ يسير المُؤمنون في حياتهم بفعل الخير الذي أمر به وترك الشرّ الذي نهى عنه. كلّ ذلك ترسَّخ في عقول المسلمين ونفوسهم ورسَّخ بدوره ضرورة استشارة الشرع في كلّ أمر في حياتهم لمعرفة مشروعيَّته من عدمه. لأنَّ الله قد أرسى هذه المُسلَّمة في عديد آياته التي منها قوله: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) -الأنعام 57-.
كيف أظهر علماء المسلمين حُكم الشرع في كلّ أمر؟
وعلى كلّ ما تقدَّم ذكره من مُسلَّمات سلَّم بها المؤمنون بالله، وبِناءً على رغبة علماء المُسلمين في تجلية حُكم الله في كلّ حياة الإنسان اتبعوا توجيهات القرآن وتوجيهات السُّنَّة وأفعال الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- في اجتهاده ليستخلصوا القواعد والضوابط والآليَّات التي بها نعرف حُكم الشارع في كل مسألة.
هذه المعرفة للقواعد والضوابط والآليَّات عَرَفَها أهل العلم وعملوا على تنميتها وإعمال الفكر فيها وتكثير مصادرها إلى أنْ أخرجوا لنا موضوع هذا الحديث “علم أصول الفقه”.
ما هو علم أصول الفقه؟
لنُعرِّفه -بالفهم البسيط- نستدعي الخريطة السابقة لنتذكَّر أنَّ “الإسلام” هو الديانة الوحيدة التي وصل فيها أمر التشريع إلى الكمال أيْ الإحاطة بكلّ أفعال الإنسان. وهنا نسأل: كيف استطاعت الشريعة الإسلاميَّة الإجابة وإبداء الرأي عن كلّ مسألة في الحياة.
مثلاً إذا سألنا علماء المُسلمين ومُفكِّريهم عن كيف نُدير المجتمع ماليًّا فسنجد الإجابة حاضرةً، وإذا سألنا كيف نتعامل مع الأمم الأخرى فسنجد الإجابة أيضًا، وكذا في كلّ أمر دقيق أو عظيم. لكنْ تصوَّر أنَّ هذا السؤال سُئل لرجل دين مسيحيّ مثلاً أو زرادشتيّ فلن يجد لديه الإجابة لسبب بسيط أنَّ ديانته لا تُقدِّم هذا، وأنَّها خالية من أسس يستطيع أنْ يتعامل معها ليستجلي حُكم الدين في كذا.
فوجود الأسس والمبادئ العُظمى وقواعد التفكير فيها والتعامل معها هو العامل الحاسم في خصوصيَّة الإسلام وتشريعه. وهنا يأتي وقت العلم بأنَّ عمليَّة استجلاء حُكم الشرع تُسمَّى بفعل “الاجتهاد”. هذا الفعل “الاجتهاد” هو موضوع “علم أصول الفقه” الأساس.
الأمر كلَّه في هذا العلم يدور حول “معيار الكيف”؛ فكلّ هذا البناء التشريعيّ قد أقامه المسلمون على تحديد المعايير لا على تعديد المعلومات المنقولة إلينا. بمعنى أنَّ علماء المسلمين قد حدَّدوا أصولاً وقواعد استقوها من مصدرَيْ الإسلام نفسه -القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة-، ومن أصول العقيدة الإسلاميَّة، ومن علوم اللغة العربيَّة. هذه الأصول والضوابط العُظمى والقواعد العامَّة هي التي استخدموها في تشييد تلك البنية التشريعيَّة. ومجموع هذه الأصول والقواعد والنظريَّات هي التي تُسمَّى “علم أصول الفقه”.
الفقه تشريع، وأصول الفقه فكر تشريعيّ
وهنا لا بُدَّ من التفرقة بين “علم أصول الفقه” و”علم الفقه” فالأخير هو العلم بحُكم كلّ فعل -ديانةً؛ أيْ بما يتفق مع الديانة- من الأمور المباشرة التي يعيشها الفرد المُسلم، والأمَّة المسلمة في حياتها. وهو -كما نرى جميعًا- علم إجرائيّ؛ أيْ يمتاز بالمُعالجة المباشرة للواقع المُعاش. أمَّا “علم أصول الفقه” فهو الضوابط الكُليَّة والإجرائيَّة التي تسيطر على عمليَّات “الفقه” وتصنعه أيْ هو رأس الفقه لذلك سُمِّي بأصول الفقه. فهو كما أستطيع أنْ أعبِّر “الفكر التشريعيّ والتوجيهيّ” في منظومة العلوم الإسلاميَّة.
تعريف علم أصول الفقه عند أهله
بالقطع لأجل الاختصار سأضطر للاقتصار على تعريف واحد. ولعلَّ أفضل تعريف -ليس من وجهة نظري- في نظر الأصوليِّين -ومن الأكثر تداولاً- هو تعريف الإمام “البيضاويّ” في كتابه “المِنهاج” بأنَّه: “معرفة دلائل الفقه إجمالاً، وكيفيَّة الاستفادة منها، وحال المُستفِيد”. ولأشرح هذا التعريف باختصار. فهو يدلُّنا على ثلاث مجالات لهذا العلم:
هي “دلائل الفقه”: ويقصد بها الأدلّة الشرعيَّة مثل: القرآن، الحديث، الإجماع، القياس، وغيرها من هذه الأدلَّة التي تدلُّ على الحُكم الشرعيّ في الأمور. ونلحظ أنَّ التعريف وصف المعرفة بهذه الدلائل بأنَّها معرفة “إجماليَّة” وليست تفصيليَّة. لأنَّ المقصود “أصول الفقه”، وليس “الفقه” فالحديث في هذا العلم مُنصبٌّ على المستوى الأعلى الكُلِّيّ على الدليل الجُزئيّ أو المواقف المُفرَدَة.
والمجال الثاني: هو تلك الكيفيَّات التي سيعمل من خلالها الأصوليُّ لاستخراج ما تدلُّ عليه تلك الأدلَّة الشرعيَّة. وتلك الكيفيَّات لُغويَّةً وفكريَّةً. والمجال الثالث: ألا وهو مَن يقوم بعمليَّة معرفة الحُكم، أيْ مجموع الأفراد الذين يقومون باستخراج الأحكام من هذه الأدلَّة. وهذا الجانب هو جانب العنصر الإنسانيّ المُباشر للعمل. ومَن يقوم بهذا يُسمَّى “المُجتهد”. هذه هي المجالات الثلاثة التي للعلم في هذا التعريف.
خصوصيَّة علم أصول الفقه بين العلوم الإسلاميَّة
لهذا العلم خصوصيَّة وتميُّز في منظومة العلوم الإسلاميَّة. ومنها ما يجتمع فيه العلم مع غيره، ومنها ما يفترق. وتتمثَّل هذه الخصوصيَّة -من وجهة نظري- في:
- علم جاء من الأصل الإلهيّ؛ حيث بداية إرساء قواعده مع مهد التشريع الإسلاميّ، وحيث أصوله المُستمدَّة -قواعدَ وأدلّةً- مُستقاة من الأصلَيْن (القرآن الكريم، والحديث النبويّ).
- علم تطور وبدأ تمحوُرُه لحلّ مشكلات الواقع الإسلاميّ في بيئته. حيث احتاج التشريع لآليات، وضوابط، وأسس عليها ينبني، فكان هذا العلم استجابةً له.
- إسلاميّ النشأة والتطوُّر في موضوعاته. وليس مثلَ “علم الكلام” -في بعضه- الذي تأثَّر بموضوعات غير إسلاميَّة أُقحمِتْ فيه، ولا مثل “التصوف” (علمًا لا سلوكًا) الذي داخله الكثير من المُؤثرات الموضوعيَّة.
- إسلاميّ النشأة والتطوُّر في منهجه. وقد امتاز الأصوليُّون -في غالبهم- بالرفض لـ”المنطق الأرسطيّ” (أيْ المنطق الذي أقرَّه أرسطو)، وإنْ كان الإمام “الغزاليّ” قد أدخله إلى حيِّز هذا العلم في كتابه “المُستصفى”؛ حيث قدَّم له بمقدّمة منطقيَّة أرسطيَّة واشترطه في ممارسة “علم الأصول”.
- وأميز ما في “علم أصول الفقه” هو امتيازه بكونه عِلمًا وفكرًا للمسلمين. ففي غالبه الفكرُ والحِكمة بيِّنانِ؛ في أصوله وموضوعاته الرئيسة. وفي هذا يمتاز عن “الفقه” مثلاً، أو منظومة “علوم الحديث النبويّ” فهي علوم خالصة. ولا أقصد بهذا الفصلَ بين العلم والفكر على وجه حاسم، أو أنَّ العِلمَيْن السابقَيْن لا فكر فيهما. لكنَّ القصد أنَّ هناك فارقًا بين “علوم إجرائيَّة”، وعلوم تمتاز بقدر كبير من تعاظُم الحيِّز الفكريّ والفلسفيّ فيها.
المجالات الرئيسة لهذا العلم
أمَّا إذا أردنا الدِّقَّة والتحقيق، فهناك الكثير من المجالات التي يضمُّها. ويتمثَّل غالبها في:
- مجال الأدلَّة الشرعيَّة مثل: القرآن، الحديث، الإجماع، القياس، الاستحسان، الاستصحاب، المصالح المُرسلة، اتخاذ العُرف، وغيرها. وأنوِّه إلى أنَّها ليست على درجة واحدة من القوَّة بل مُتفاوتة إلى حدّ كبير عند أهل هذا العلم.
- مجال القواعد الأصوليَّة اللغويَّة، التي بها نقرأ النصوص قراءةَ فهمٍ ووعيٍ على الوجه الصحيح، وبها نعرف كيفيَّات الاستدلال منها.
- مجال القواعد الأصوليَّة التشريعيَّة، أو فلسفة التشريع الإسلاميّ. وهي معرفة غاية الإله من التشريع، والمقاصد التي يقصدها، وأمور أخرى عامَّة وكليَّة.
- مجال القواعد الأصوليَّة التفسيريَّة. وهذه -في رأيي- (فالاتجاه الغالب يعكس المُصطلحَيْن فيرى الضابط تحت القاعدة؛ وهذا صحيح لكنْ ليس الضابط الذي يقصدونه هو الضابط هنا) تنقسم إلى ضوابط كبرى؛ وهي أكبر القواعد التشريعيَّة مثل ضابط (الضرر يُزال)، وضابط (العادة مُحكَّمة)، وضابط (المَشقَّة تجلب التيسير) هذه الضوابط تمتاز بالكُليَّة عن القواعد. وإلى قواعد كثيرة أخرى تحتها محكومةً بها. والقواعد والضوابط هي الحاكمة لأمر التشريع والتوجيه.
- مجال القضايا الفلسفيَّة التي بحثها “علم أصول الفقه”. وتمثيلاً أذكر قضيَّة “التحسين والتقبيح”، وقضيَّة “الوضع اللُّغويّ”، وغيرها كثير.
- مجال مباحث “المنطق الأصوليّ” التي دشَّن البحث فيها -رأسًا- ردُّ الفعل على إدخال الإمام “الغزاليّ” للمنطق الأرسطيّ في بنية العلم -كما سلف-.
- مجال مباحث “المنطق الأرسطيّ” حيث غلب على بنية العلم في كثير من اتجاهاته، بعد إدخال “الغزاليّ” لها.
هذه هي المجالات الرئيسة في هذا العلم. وكما يرى الرائي كمْ هي واسعة، وكمْ تمتاز بأنَّها “فكر”، لا “علم” صرف محض فقط. ولا شكَّ أنَّك ترى طابع الحِكمة لهذا العلم والرئاسة فيه.
مدرستاه الكُبريان في التأليف
هناك مدرستان -والمدرسة في العلوم مُصطلح يعني اتجاهًا مُعيَّنًا له سماته وخصائصه واختياراته- في التأليف في هذا العلم.
- مدرسة الحَنَفِيَّة: وتمتاز في دراستها له بالاهتمام بالفروع؛ أيْ بقضايا الفقه الفرعيَّة، إمَّا عن طريق التمثيل الدائم عليها، وإمَّا عن طريق تأصيل القواعد صدورًا عنها. وهناك اختلافات له عن المدرسة الكُبرى الأخرى. ومن كُتُبه كتاب “تأسيس النظر” لـ”أبي عبد الله بن عمر الدَّبُوْسِيّ”. وبالقطع سُمِّي هذا الاتجاه بهذا الاسم لاهتمام علماء “المذهب الحَنَفيّ” به وتأليفهم عليه.
- مدرسة المُتكلِّمين: وغالبهم مالكيَّة وشافعيَّة. وتميل إلى الأمور العامَّة، والقضايا الكُليَّة ذات الطابع الفكريّ والفلسفيّ. ويقرِّرونها مَدعومة بالأدلة والبراهين، دون التفات لمخالفة أو موافقة هذه الأصول للفروع الفقهيَّة. مثل كتاب “البرهان” لإمام الحرمَيْن “عبد الملِك بن عبد الله الجوينيّ”، وكتاب “الإحكام في أصول الأحكام” للآمديّ، وكتاب “الموافقات” للشاطبيّ.
- وهناك اتجاه ثالث حاول التوفيق بين السابقَيْن، والجمع بينهما فيقرِّر القواعد الكليَّة، مع التفاتها للفروع الفقهيَّة. مثل كتاب “نهاية الوصول إلى علم الأصول” لابن الساعاتي، وكتاب “التوضيح” للشيخ “سعد الدين مسعود بن عمر التفتازانيّ”.
هذه نظرة خاطفة لمْ نتعرَّض فيها إلى شيء تفصيليّ في هذا العلم الجليل والذي سنعيد الحديث فيه بمزيد تفصيل حتى يعرف المسلمون أنَّ تشريعهم تشريع عريق ذو أصول وقواعد تتسق مع عقل الإنسان وفهم دوره في الكون وعبوره سالمًا منه بإذن الله -تعالى-.
شرح سلس وبيان مستساغ. جزاك الله خير الجزاء ونفع بك الأمّة وجعل عملك صالحا خالصا لوجهه الكريم.