تاريخ المعارك والحروب في غزة
غزة هي أرض الشوق وموطن النضال، ففيها نضج رجال الأمة وعلت كلمة الإسلام، فصغيرها رجل وكبيرها مناضل وقتيلها شهيد بإذن الله، وإن قلوب الأمة لتشتاق إليها ولتتألم لألم أهلها، وقد صدق الشافعي إذ قال بغزة عندما حنّ إليها:
وإني لمشتاق إلى أرض غزة *** وإن خانني بعد التفرق كتماني
سقى الله أرضًا لو ظفرت بتربها *** كحلت به من شدة الشوق أجفاني
فما قصة غزة؟ وما صلتها بالعرب؟ وكيف دخلها الإسلام؟ وكيف كان حالها قبل الإسلام؟ وماذا حدث بها بُعيد الاحتلال الإنجليزي لها؟
ما قصة غزة؟
تعد غزة إحدى أعرق وأقدم المدن، إذ قد لا تجد فاتحًا ولا غازيا ولا شعبًا عاش في بلاد الشام إلا وسكن فيها حينًا من الزمان، ولذا كان لا بد لنا من أجل أن نعرف تاريخ هذه المدينة العريقة من أن نمر على كل عصر من العصور ولو بشكل سريع، فقد كان لكل عصر لمسته الخاصة في تاريخ غزة.
غزة وصلتها بالعرب
كما هو معلوم عند الكثيرين فإن غزة واقعة على أهم طريق تجاري قديم يصل الهند بمصر والشام، وأول من لاحظ ذلك هم المَعِينيون، وهم من العرب الذين سكنوا في جنوب الجزيرة العربية، ومن أجل ذلك أسسوا مدينة في غزة وأغنوا أسواقها التجارية بالبهارات والطيب والبخور واللبان، واستمر المعينيون فيها حتى غلبهم السبائيون، وقد كان بنو سبأ آنذاك أمة عربية عظيمة، وقد ذكرت قصة ملكتهم في القرآن الكريم في أيام نبي الله سليمان.
غزة قبل الفتح الإسلامي
عهد الكنعانيين في غزة
قد هاجر الكنعانيون -وهم من القبائل العربية- إلى فلسطين وسكنوها في سنة 2500 ق.م، وقد عرفت غزة وقتها بـ«أرض كنعان»، ولم يكن الكنعانيون شعبًا ضعيفًا؛ فقد امتلكوا قوة أهَّلتهم لغزو مصر في عهد قوتها وتأسيس كيانٍ لهم فيها، وقد قاتلوا بني إسرائيل وصدوهم أمدًا طويلا، لكن عندما تفرقت كلمتهم وضعفت قوتهم هزموا على يد بني إسرائيل وانتهى أمرهم، وقد ذُكر في القرآن الكريم قصة آخر ملوك بني كنعان (جالوت) الذي قتل على يد نبي الله داوود.
عهد الفراعنة في غزة
تعد غزة صلة الوصل بين مصر وباقي البلدان، وهذا ما جعل الجيوش الفرعونية تحتلها كلما مرت بها متجهة لاحتلال الشام.
عهد الهيكسوس في غزة
عدت غزة المدينة الرئيسية للهيكسوس أو الملوك الرعاة، وهم قوم اختلف في أصلهم، وكان لهم من القوة والبطش ما أخاف المصريين، فقد تمكنوا من السيطرة على مصر حينًا من الزمن، فحكموا مصر وفلسطين معًا، وقد ذكرت في القرآن الكريم قصة نبي الله يوسف الذي عاش في عهد الهيكسوس.
عهد الفلسطينيين في غزة
فتح الفلسطينيون غزة في أقدم أزمنة التاريخ، ويعتقد أن ذلك كان قبل زمن إبراهيم عليه السلام، وهم من أعطوا فلسطين اسمها، وكان لهم ملك عظيم وقوة ضخمة وتجارة مزدهرة، وكان فيهم من البأس ما فيهم، ومن الصنعة ما ابتدعوا لأنفسهم.
عهد بني إسرائيل في غزة
كان أول قيام بني إسرائيل ككيان في عهد نبي الله موسى عليه السلام، والذي أخرج الله به بني إسرائيل من تحت أيدي فرعون إلى أرض كنعان التي كان بها «قوم جبارون» كما وصف بنو إسرائيل أهل غزة عندما أمرهم نبي الله موسى أن يحاربوهم، لكنهم خافوا وجبنوا؛ مبررين خوفهم بأن فيها {قوما جبارين}، فأنزل الله بهم عقوبة أن يتيهوا في الصحراء أربعين عامًا، فلا يسلكوا سبيلًا إلا وانتهى بهم في أرض كنعان.
وبقي الحال على ذلك إلى أن جعل الله طالوت ملكًا على بني إسرائيل فجهز الجيش لقتال جالوت، آخر ملوك بني كنعان، وقد رويت القصة في القرآن الكريم، وشاء الله أن تنتهي المعركة بانتصار داوود على جالوت، وكتب الله لداوود أن تجتمع فيه النبوة والحكم، فكان نبيًا حاكمًا لبني إسرائيل، ثم حكم من بعده نبي الله سليمان عليه السلام، والذي تمكن من أن يُدخل غزة تحت حكمه صلوات الله عليه وعلى نبينا.
غير أن كلمة بني إسرائيل قد تفرقت بعد وفاة نبي الله سليمان؛ فانقسم ملكهم إلى مملكتين (إسرائيل) في الشمال، و(يهوذا) في الجنوب، وكانت غزة تحت حكم يهوذا، وفي هذه الأثناء قَويت شوكة الفلسطينيين وازدادت قوتهم فاستولوا على غزة من يهوذا، واستمر النزاع على غزة فترة طويلة من الزمن، إذ كانت في أيدي بني إسرائيل فترة وفي أيدي غيرهم فترة، وظل اليهود في تشاحن وانقسام، إلى أن تغلب الآشورين عليهم في 722 ق.م.
عهد الآشوريين في غزة
استولى الآشوريون على غزة حينًا من الزمان وفرضوا عليها الجزية، واستمر ذلك إلى أن تحالف أهلها مع مصر، فعاد فرعون إليها.
عهد البابليين في غزة
كان بين الفراعنة والبابليين العديد من القتالات والمعارك الدامية، والتي استطاع بها البابليون أن ينزعوا غزة من تحت حكم الفراعنة، وتصبح تحت حكمهم.
عهد الفرس في غزة
استولى الفرس على غزة سنة 538 ق.م، واستمر الأمر على ذلك حتى وصل الإسكندر المقدوني إليها فنزعها من تحت أيديهم في سنة 332 ق.م.
عهد اليونان في غزة
استطاع الإسكندر المقدوني إخراج الفرس من غزة وأن يستولي عليها في معركة عظيمة بين جيش الإسكندر وجيش العرب والفرس، والتي انتهت بعشرة آلاف قتيل جُلّهم من العرب.
وقد أدرك الإسكندر أن لغزة أهمية حربية وتجارية عظيمة؛ ولذا أعطاها عناية كبيرة وعمل على تطوير جميع جوانبها الزراعية والتجارية والحربية، حتى كانت أعظم مدينة في المنطقة، وسميت بـ«المدينة العظيمة» على لسان المؤرخين اليونانيين.
ومع وفاة الإسكندر تفرقت الكلمة بين قادة جيشه، حيث عمل كل واحد منهم على الحصول على جزء من ملك الإسكندر، وكانت فلسطين مطمعًا ثمينًا في أعينهم، لأهميتها الحربية والتجارية، وبدأت المعارك فيما بينهم حتى ضعفت قوتهم وذهب بأسهم، الأمر الذي جعل كُلًّا من البطالسة في مصر والسلوقيين في العراق يستغلون الأمر ويسارعون للسيطرة على فلسطين وغزة، وقد استطاعوا تحقيق ذلك بعد معارك عديدة.
عهد الأنباط في غزة
استغل الأنباط النزاع الكبير بين خلفاء الإسكندر والمنازعة بين البطالسة والسلوقيين، فجهزوا جيوشهم وعقدوا أمرهم على توسيع ملكهم، حتى بلغوا بملكهم ما بين خليج العقبة وحدود مصر وغزة وشواطئ البحر المتوسط، وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد.
عهد تدمر في غزة
عندما أخذت مملكة الأنباط تضعف وتتقهقر تقدمت مملكة تدمر وتطورت حتى استطاعت السيطرة على غزة، واستمر ذلك حتى جاء الرومان في 271 للميلاد.
عهد الرومان في غزة
لم يستطع الرومان السيطرة على غزة إلا بعد حصار طويل امتد سنة كاملة، فلما استطاعوا فرض قوتهم عليها قاموا بتخريبها وتدميرها تمامًا، ثم قاموا بعد ذلك بإعادة بنائها حتى قال بعض حكامهم «إنها مدينة عظيمة»، وكانت دولة حرة مستقلة، وقد انتشرت فيها الوثنية والكره للمسيحيين واليهود، وقد استتب الأمن في عهد الرومان وازدهرت البلاد اقتصاديًا ومعماريًا وصناعيًا في عهدهم، ومع نشوء الدولة البيزنطية اشتد انتشار المسيحية ووصلت إلى غزة، لتصبح غزة -بعد ثورة شديدة بين الوثنية والمسيحية- دولة مسيحية.
غزة بعد الفتح الإسلامي
غزة والعرب
كان لغزة علاقة وثيقة مع العرب، وظهر ذلك جليا في عهد العرب الأوائل، المعينيين وبني سبأ، الذين أتوا إليها في 3750 ق.م، واستمر أحفادهم يفدون إلى غزة بقصد التجارة، إذ كان لهم رحلتان تجاريتان في السنة، رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى غزة ومشارف الشام، ففي غزة مات جد النبي صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، وقد هبطها عبد الله والد النبي عليه الصلاة والسلام يوم خرج في تجارة إلى الشام، وبذلك نجد أن تاريخ غزة العربي لم يبدأ من الفتح الإسلامي لها وإنما سبق ذلك بكثير.
الفتح الإسلامي
تم الفتح الإسلامي لغزة في سنة 634م/13هـ، بعد معركة سُطرت في التاريخ لعظمها، فقد كانت غزة محاطة بالأسوار والحصون المنيعة، وتم فتحها على يد الصحابي الكريم عمرو بن العاص وهو يقود أحد الجيوش التي جهزها أبو بكر رضي الله عنه لفتح الشام، وقد هَزم عمرو بن العاص جيش الروم فيها وأخرجهم منها أذلة.
ويكفينا حديثًا عن هذه المعركة ما أوصى به أبو بكر الصديق رضوان الله عليه عمرو بن العاص عندما جهزه بجيشٍ قوامه سبعة آلاف من الجند فقال: «قد وليتك هذا الجيش فانصرف إلى أهل فلسطين… واتق الله في سرك وعلانيتك واستحيه في خلواتك فإنه يراك في عمل… وإياك والوهَن أن تقول جعلني ابن أبي قحافة في نحر العدو ولا قوة لي به وقد رأيت يا عمرو ونحن في مواطن كثيرة ونحن نلاقي ما نلاقي من جموع المشركين ونحن في قلة من عدونا… ولا تداخلك نجدة الشيطان فتقول إنما ولاني أبو بكر لأني خيرهم وإياك وخداع النفس…. والصلاة ثم الصلاة أذِّن بها إذا دخل وقتها… وإني قد وليتك على من قد مررت به من العرب فاجعل كل قبيلة على حميتها وكن عليهم كالوالد الشفيق الرفيق… وإذا رأيت عدوك فاصبر ولا تتأخر فيكون ذلك منك فخرًا والزم مع أصحابك قراءة القرآن».
ثم قال أبو بكر: «سيروا على بركة الله تعالى وقاتلوا أعداء الله وأوصيكم بتقوى الله فإن الله ناصر من ينصره».
وهذه لم تكن إلا بضع جمل من وصية خليفة رسول الله رضي الله عنه، والتي على الرغم من طولها مُلئت بمفاتح النصر، وإن العين لتبكي والقلب ليخشع والجسم ليقشعر إذا قرأها فسلَّم قلبه وتدبر في معناها فاهمًا لحِكَمها، فلم تكن هذه الوصية وصيةً لعمرو فقط، بل هي وصية للأمة، ففيها السر الذي به فتح المسلمون العالم وسادوا على عدوهم، فعندما عمل عمرو بما وصاه خليفة رسول الله به نال نصرًا عظيمًا وفتحا مبيًنا، وهزم الروم في أرضهم وبين أسوارهم، وأخرجهم منها أذلة رعاعا بعدما كانوا سادة وطغاة.
الصليبيون
قد استقرت الأمور بعد الفتح الإسلامي فلم يعد يحدث تغيير كبير أو عظيم على البلاد، إلى أن جاء عهد الصليبيين في 1093م، حيث إن البابا آنذاك أرسل رسالة استغاثة للبطريرك لإنقاذ المسيحيين في فلسطين، زاعمًا أنهم يعاملون كالعبيد، فاستغل البطريرك الأمر وأظهر أنه يريد «تحرير المسيحيين من العبودية» على حد وصفه، فجهز جيشا قوامه أربعمائة ألف جندي ومشى بهم لفلسطين، فلما وصلوا أخذوا يقتّلون بالمسلمين إلى أن بلغ عدد القتلى 70 ألف مسلم في سبعة أيام، يذبحون المسلمين كأنهم يذبحون الغنم ويحرقون جثثهم أكوامًا، وهذا مصداق وصف الله لحال المشركين إذا تمكنوا من المسلمين في قوله: {وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلًا ولا ذمة} [التوبة: 08].
عهد صلاح الدين
كتب الله لهذا الدين النصر والتمام في كل العصور ولو بعد حين، فسخر الله لمقاتلة الصليبين صلاحَ الدين، فأخذ يتجهز للخروج متجهًا لمقاتلة الصليبيين بعد إعلان أمير المؤمنين الجهاد في 1165م، فافتتح صلاح الدين مصر ثم أتبعها بسوريا، ثم قامت معركة حطين التي مكّنه الله من خلالها من أن يفتتح كامل فلسطين، واستطاع بلوغ غزة وفتحها سنة 1187م.
غير أن جيش صلاح الدين بدأ يضعف بعد كل معركة، فلم يعد يمتلك القوة الكافية للدفاع عن المدن الساحلية، مما جعل ملك إنجلترا يستغل ذلك، ويهاجم غزة ويحتلها 1191م/578هـ، لكن الأمر انتهى على معاهدة بين ملك إنجلترا وصلاح الدين على تجريد غزة من حصونها ودفاعاتها.
المغول على مشارف الشام
بعد وفاة صلاح الدين، تنازع أولاده على الملك الذي خلفه أبوهم، فبدؤوا يتقاسمون فيما بينهم الأراضي والمدن، وقامت فيما بينهم منازعات وحروب، وكان من نتائج هذه المعارك أن تقام دولة المماليك في مصر، والتي قابلها أهل الشام بالرفض، فاجتمع جيش الشام لإخضاع المماليك في مصر، وجهز المماليك جيشًا ضد أهل الشام، فلما اجتمع الجيشان في غزة للقتال، جاء خطر عظيم يحدق بالإسلام ومدنه، وهم المغول، وكانوا قد تمكنوا من أخذ قسم كبير من العراق، فاجتمعت كلمة الجيشين على إقامة الهدنة ومواجهة هذا الخطر.
ولما بدأ المغول يتوسعون في الرقعة الإسلامية حتى بلغوا الشام، إذ لم يكونوا يدخلون معركة إلا وانتصروا بها، لكنهم ذاقوا خيبات الهزيمة على يد جيش سيف الدين قطز في معركة عين جالوت، والتي كانت أول هزيمة لهم وبداية تراجعهم.
عهد الدولة العثمانية
في بداية قيام الدولة العثمانية، عزم العثمانيون أمرهم على توسيع سلطانهم باتجاه الشام، واستطاعوا السيطرة عليها وعلى غزة في 1501م/922هـ، وقد تولى حكم غزة آل رضوان، والذي عرف عهدهم بِـ «عهد الباشاوات»، ومنهم حسين باشا الذي جعل غزة عاصمة فلسطين.
غزة في العصر الحديث
عهد الاحتلال الفرنسي (نابليون)
بعدما وصل نابليون إلى مصر بحملته الشهيرة سنة 1799م، أخذ يفكر بأن يمد حملته لتبلغ الشام، فجهز جيشه وخاض الصحراء حتى بلغ غزة، ودخلها بعد معركة، وعدّها المفتاح الأهم للحرب الاقتصادية والعسكرية، ويُذكر أنه وصفها بأنها «المخفر الأمامي لأفريقيا وباب آسيا»، وقد عاث نابليون الفساد في أرض غزة فهدم جوامعها وأسوارها ومدارسها.
وكان طمعه من احتلال غزة وبلاد الشام هو تأمين مصر من أيدي الأتراك، غير أن تقدمه خالطه الكثير من الصعوبات، كتفشي الطاعون بين جنده وتهديد مكان فرنسا في أوروبا بعد تهييج إنجلترا ملوك الفرنجة عليها، الأمر الذي دفعه للتراجع والانسحاب.
عهد إبراهيم باشا
في سنة 1831م عزم محمد علي باشا -والي مصر- أمره على الاستقلال عن الدولة العثمانية، لكن السلطان العثماني رفض ذلك بالكلية، مما جعل محمد علي يقتنص الفرصة المناسبة ويعد الجيش ليستولي به على مدن فلسطين الواحدة تلو الأخرى، فبدأ بغزة عام 1831م، لكن السلطان لم يقبل بذلك فجهز الجيش لردع محمد علي، لكن جيش محمد علي استمر بالتقدم حتى كاد يصل الأناضول لولا تدخل الدول الأجنبية، والتي تدخلت وأقامت صلحا بين الطرفين، على أن تظل فلسطين وغزة تابعةً للولاية المصرية، لكن إبراهيم باشا -ابن محمد علي- انسحب منها بعد الثورات التي قامت في كامل أرجاء فلسطين ضد سياسته.
الاحتلال الإنجليزي
بعدما ضعفت الدولة العثمانية أصبح الشرق الأوسط مطمعًا للدول الاستعمارية، فها هي بريطانيا قد جهزت جيشًا لاحتلال فلسطين، لكنها تفاجئت بالمقاومة الشديدة من العثمانيين والعرب في بداية الأمر، غير أن إصرارها على احتلال فلسطين مكنها من احتلال غزة في اليوم السابع من شهر تشرين الثاني 1917م، والتي كانت مفتاحًا لاحتلال كامل فلسطين.
النكبة
بعيد انسحاب البريطانيين من فلسطين، والذين مهدوا لليهود من أجل قيام دولتهم، أعلنت إسرائيل في 1948م قيامها على أرض فلسطين كدولة، مما أغضب الدول العربية، فأعلنت الحرب بينها وبين هذا الكيان المحتل، لكن الحرب انتهت بخسارة الجيوش العربية وتهجير عشرات القرى الفلسطينية في شتات الأرض، وقد سُميت هذه الخسارة بـ«نكبة 48».
حكومة عموم فلسطين
تم تأسيس حكومة عموم فلسطين في غزة بعدما حدثت نكبة 48 بناءً على إعلان صادر من الجامعة العربية، على أن تكون الحكومة تحت حكم الدولة المصرية برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي، وبذلك أصبحت غزة تابعة للدولة المصرية بعد النكبة.
احتلال الكيان الصهيوني 1956م
مع حدوث العدوان الثلاثي على مصر، والذي أضعف مصر وشغلها عن الدفاع عن غزة وسيناء، اندفعت إسرائيل لفرض سيطرتها على غزة وصولًا لسيناء، وقامت بالعديد من المجازر البشعة والشنيعة كمجزرة رفح، والتي استبِيحت بها دماء المسلمين، فأصبحوا يصفون على الجدران ويرشون جملة واحدة، شل الله أيدي عدوهم وأخزاهم في الدنيا والآخرة، لكن ما لبثت غزة أن رجعت تحت حكم مصر في العام التالي.
انحلال حكومة عموم فلسطين في 1959م
في 1959م، انحلت حكومة عموم فلسطين لتنضم إلى الجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) برئاسة جمال عبد الناصر، واستمر الأمر على ذلك حتى حدثت النكسة في 1967م.
النكسة 1967م
في 1967م، حدثت نكسة 67 أو ما تسمى بـ«حرب الأيام الستة»، التي خسرت فيها الدول العربية ضد جيش المحتل، واستطاعت بها إسرائيل احتلال العديد من المناطق العربية مثل غزة، وبذلك أصبحت غزة تحت سيطرة الكيان الصهيوني، الذي استغل الفرصة فأخذ يعمل على تهجير أهلها منها بمختلف الطرق، وبدأ يبني عشرات المستعمرات على أراضيها.
معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979م
في 1979م وبعد نكسة 67 التي خسرت بها مصر غزة وسيناء، أقامت مصر معاهدة سلام بينها وبين إسرائيل على أن تستعيد مصر سيناء وترفع يدها عن غزة لتبقى تحت الحكم الصهيوني.
منظمة التحرير الفلسطينية
تأسست منظمة التحرير الفلسطيني في 1964م بناءً على مؤتمر فلسطين الأول، وكان رئيسها يعتبر رئيسًا للشعب الفلسطيني أينما كان، وكانت تهدف في نشأتها إلى «تحرير فلسطين»، لكن هدفها وعلى مر السنين قد حُرّف وأصبح «إقامة دولتين في المنطقة»، أي أن تكون دولة فلسطين ودولة إسرائيل موجودتين في جوار بعضهما، وبذلك يسقط الحق باسترجاع الأرض، لكن هذا الهدف أغضب الكثيرين والذين عملوا على تأسيس منظمة الرفض.
ومع ذلك، وفي فترة رئاسة (ياسر عرفات) قد وقّعت اتفاقية أوسلو في 1993م، والتي تضمنت أنه بمقابل الاعتراف بإسرائيل رسميًا سيتم الاعتراف بمنظمة التحرير كصاحبة الحكم في غزة والضفة الغربية.
انتفاضة الحجارة 1987م
قد أعلنت القيادة الوطنية الموحدة في 1987م عن قيام الانتفاضة الأولى أو ما تدعى بـ«انتفاضة الحجارة»، حيث إن الفلسطينيين قد قاموا قومة واحدة على الكيان المحتل، من اضطرابات واحتجاجات حتى إن الأطفال حملوا الحجارة وألقوها على الجنود والدبابات.
انتفاضة الأقصى
قامت انتفاضة الأقصى في 2000م، والتي كانت مختلفة عن سابقتها، فقد تحول الحجر لصاروخ، إذ أخذت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الراية في الانتفاضة، فأخذوا يتبادلون الصواريخ مع الكيان، وقد تمكنوا أيضًا من هدم جدار العزل الذي حسبت إسرائيل أنه سيحميها من الاختراق.
قانون الانسحاب
اًصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي في 2005م قانون الانسحاب، والذي يلزم الإسرائيليين بالانسحاب من المستوطنات في غزة والضفة الغربية، وبذلك أخليت كافة المستوطنات في غزة وأقام بها الفلسطينيون الأعراس والاحتفالات.
انتخاب حماس
قد استطاعت حركة حماس أن تنتصر في الانتخابات البرلمانية في عام 2006م وتستلم حكم البلاد، وكان أول شأنها أن رفضت جميع الاتفاقيات التي تعترف بوجود دولة إسرائيل.
الانقسام الفلسطيني
حدثت العديد من الخلافات بين حركتي حماس وفتح، والتي أسفر عنها قيام حرب 2007م، وقد انتهت بخسارة قيادية مهمة وانقسام في البلاد، حيث استلمت حماس حكم غزة والسلطة الفلسطينية حكم الضفة الغربية برئاسة محمود عباس.
حرب غزة 2008-2009م
بدأت الحرب في 2008 بعد أن خرقت إسرائيل الهدنة التي كانت بينها وبين حماس، حيث أخذت إسرائيل تقصف كل مبنى حكومي في غزة، حتى إنها قصفت المدارس والمساجد زاعمةً أنها مستودع للأسلحة! لكن حماس لم تسكت على ذلك فقد أخذت تقصف جنوب إسرائيل، وقد استخدمت إسرائيل الطائرات الحربية والغزو البري للقطاع أثناء هذه الحرب، واستمرت الحرب عشرين يومًا استشهد فيها أكثر من ألف فلسطيني.
حرب غزة 2014م
مثلت حرب «العصف المأكول» رد حماس على الجرائم والاعتداءات التي فعلتها إسرائيل على الفلسطينيين، مِن قتل واعتقال وتهجير، وكان فتيل هذه الحرب هو الجريمة التي تجرأ اليهود على فعلها بولد صغير؛ فقد خطفوه وعذبوه وحرقوه حيًا! وقد تمكنت حماس من الانتصار في هذه الحرب.
مسيرة العودة الكبرى
في عام 2018، قامت مسيرات تدعو إلى السماح بعود المهجرين إلى أراضيهم، وترفض أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، وكان أهل غزة يخرجون بمسيرات كل يوم جمعة على حدود جدار العزل ولمدة سنة.
الانتفاضة الرابعة 2021م
تمثلت الانتفاضة الرابعة بكونها سلسلة من الاحتجاجات التي بدأت ب 2021 ولم تنته بعد، وكانت في جميع أرجاء البلاد من غزة والضفة الغربية والقدس، ومن أشهر ما حدث بها هو الاشتباكات بين الفلسطينيين واليهود في حي الشيخ الجراح ضد سياسة إخلاء الفلسطينيين من بيوتهم وإعطائها لليهود.
طوفان الأقصى
طوفان الأقصى هي الحرب القائمة اليوم والتي لا تخفى على أحد، ونسأل الله أن ينصر المسلمين المرابطين ويرفع كلمة الإسلام والدين.
الخاتمة
في الختام، نجد أن تاريخ غزة لوحده دليل على عزتها ورفعتها، وقوتها ومكانتها، فهي أرض حرية بلا أغلال، نضال بلا استسلام، أعان الله رجالها على الانتصار وأيدهم بقوة ورفعة من لدنه.
المصادر
- إتحاف الأعزة في تاريخ غزة /عثمان مصطفى الطباع.
- تاريخ غزة عارف العارف.
كل الشكر لكم على هذه التجميعة المهمة لتاريخ غزة