الهيمنة على العقول أشد وأخطر
مع كل ما ذكرناه من واقع محبط ومؤسف فسیظل لا قیمة له أمام الهیمنة على العقول، فهي الهیمنة التي لولاها لما استطاعوا الهیمنة علینا في باقي المجالات، بل هي أول هیمنة یجب أن نواجهها، وبیدنا ذلك بإذن لله.
لا یوجد أحد لم یسمع عن السلاح النووي أو الكیماوي، ولكن هل سمع أحد عن “سلاح الدبلوماسیة الشعبیة”؟ ذاك السلاح الذي عرفه السیاسي الأمریكي “إدوارد جیرجیان” فقال: “معركة كسب العقول والقلوب”.
الخطورة لیست في كونهم یسعون لكسب عقول وقلوب أمتهم وشعوبهم، ولكن الخطورة في أنهم یسعون لكسب عقول وقلوب شعوبنا وأمتنا المستعبدة، ویعتبرون ذلك عنصرًا مهمًا جدًا في المعركة!
یتحدث عن ذلك الباحث جارفینكل في كتابه “مرشد تطبیقي لكسب الحرب على الإرهاب” فیقول:
كل سلطة غیر مسلمة اختارت أن تضع یدها على الشرق الأوسط واجهت مشكلة كسب القلوب والعقول المسلمة.
وهو یقصد هنا الاحتلال القدیم الذي كان اعتماده على القوة العسكریة فقط، ثم ینصح “جارفینكل” الاحتلال الحدیث بأن یُراعي البعد الفكري في المعركة، فینصح بوجوب تدشین حملة متواصلة من إظهار الاحترام والتقدیر للإسلام، مع تعبئة بعض المسلمین لیكونوا حماة وواجهة لتلك الحملة، لیتم إقناع الشعوب أن أمریكا غیر معادیة للإسلام أبدًا ولا ترید الاعتداء على الشعوب وإنما هي تواجه المتطرفین والإرهابیین فقط لأنهم یعتدون علیها.
أمريكا واحتكار قوى التغيير
وهذا النوع من الحملات التي تُصدر للشعوب كي تخدعهم وتزیف وعیهم هو عین ما نقصده بسلاح “الدبلوماسیة الشعبیة”! إن الاحتلال الحدیث بالفعل قد أدرك أن المعركة لا یمكن أن تحسم ما لم یتم احتواء وتوجیه الشعوب، فهو یرید على الأقل أن یحیّدهم عن مواجهة مخططاته، وإنه من اللحظة الأولى التي سعت فیها أمریكا لامتلاك العالم سعت لامتلاك واحتكار ثلاث قوى رئیسیة:
- احتكار السلاح بكل عناصره.
- احتكار الاقتصاد بكل عناصره (وبدأ ذلك جزئیا في معاهدة بریتون وودز عام 1944 حینما تحول الدولار إلى المعیار النقدي العالمي كما شرحنا).
- احتكار وسائل الاتصال بالجماهیر.
وهذا هو محل الشاهد وبیت القصید، فإن احتكار وسائل التواصل مع الجماهیر لا یقل أهمیة عن الاحتكارین السابقین بل هو على رأس ذلك. وإن مركزًا كهولیوود -على سبیل المثال- بامتداده الاستخباراتي وعمقه الإعلامي ما هو إلا قاعدة لإطلاق المدافع الإعلامیة العابرة للقارات، وإنه من الجهل أن یتم التعامل معه على أنه مجرد مركز لشركات تصدر الأفلام الترفیهیة بدون أي رسائل سیاسیة أو فكریة!
وجدیر بالذكر أن تعلم أن الخارجیة الأمریكیة تخصص من میزانیتها جزءًا لیس بالقلیل للعملیات والبرامج الثقافیة الدولیة، والعجیب أن 49 % من هذه البرامج یستهدف النساء! كما حدث 2007 في برنامج (الزائر الدولي) الذي ترعاه الخارجیة الأمریكیة، ففي هذا البرنامج تم استقدام حوالي 50 امرأة عربیة ما بین برلمانیة وسیدة أعمال، ورئیسة اتحاد نسائي، وأستاذة جامعیة، وخبیرة نفطیة، وطبیبة، وناشطة في مجال المرأة وحقوق الإنسان والطفل، وصحافیة ضمن برامج “غسیل المخ” التي ترعاها أمریكا رسمیًا!
إنهم لما أدركوا أن “الوعي” هو أخطر ما تملكه الشعوب، وأن إدراك الحقائق یهدد منظومتهم الخدّاعة، وأن الشعوب حینما تفقد الوعي تكون في حكم الأموات، حینها سعوا لاستهداف هذا الوعي، تارة بالتغییب وتارة بالتوجیه والتزییف؛ ولذلك فإننا نرى أن معركة الوعي الیوم هي روح المعارك وأصلها، ونعتقد أن المعرفة صارت من أخطر أسلحة المعركة، وقد استطاع عدونا للأسف أن یجردنا منها بعدما أمسك بزمامها هو، ولا أبالغ إن قلت أن الحرب الیوم في الحقیقة لا تعدو كونها حرب “معلومات” على كل المستویات، ولا یمكن أبدًا أن یحسمها الجهلاء مهما امتلكوا من عوامل القوة، فكیف إذا كان الجهلاء لا یمتلكون من عوامل القوة شیئًا؟!
ولذلك ستجد أنه لم یُبذل ویُنفق في أي مجال من مجالات الهیمنة مثل ما بذل في “الهیمنة الفكریة” وإنك لو عددت كم المنظمات والمؤسسات القائمة على هذا الغزو الفكري والمستهدفة للشعوب مباشرة لصعقت من الصدمة.
المنظمات والمؤسسات القائمة على هذا الغزو الفكري
1- منظمة الیونسكو.
2- منظمة الأمم المتحدة.
3- السفارات الغربیة وتدخلاتها المباشرة في تغییر المناهج!
4- منظمات المجتمع المدني (منظمات المرأة – فریدم هاوس مثلًا – منظمات حقوق الإنسان).
5- نخب “ثقافیة عامة”: یتم إبرازهم في الإعلام وتصدیرهم كقادة رأي للجماهیر.
6- نخب أكادیمیة من دكاترة جامعة ومعیدین تلقوا قیمهم كلها من الخارج وعادوا لبلادنا معبئین بقیم الغرب (هذا لیس للتعمیم قطعًا).
7- الجامعات والمدارس والمراكز الدراسیة والثقافیة الأجنبیة في بلداننا.
8- منتجات هولیوود ومشتقاتها والتي تخاطب أعمارًا مختلفة (كرتونات – أفلام – الخ).
9- مواقع الإنترنت المنشأة للتوجیه الأخلاقي والفكري (ویدخل فیها المواقع الإباحیة).
10- وزارات الثقافة في بلادنا وما تدعم طباعته من كتب وأنشطة تهدم قِیَمنا.
11- وزارات التعلیم.
12- وزارت الإعلام.
13- یغلف كل ذلك في النهایة “الأجهزة الأمنیة” التي تراقب وتتدخل في توجیه الخطاب الدیني والثقافي بل وتوجیه أبسط المقالات التي یمكن أن یقرأها المواطن البسیط في صحیفة من الصحف، بل وانتقل الأمر إلى ما یُكتب ویُنشر على الإنترنت وأصبحت هذه الأجهزة تمارس التوجیه والإرهاب الفكري عبر سن قوانین “للجرائم الإلكترونیة” ضمن قوانین “مكافحة الإرهاب”.
اضغط هنا لتحميل كتاب معركة الأحرار كاملًا PDF – الطبعة الثانية
هذا الحديث فات اوانه ولا يصلح لهذا الزمان.. فى وقتنا الحالى تم احتلال عقول الأمه بالغصب بواسطه أسلحة النيرو والموجات الكهرومغناطسيه.. الجميع تحت المراقبه والسيطرة.. نحتاج لوعى شامل للتخلص من تلك اللعنه والعودة لدين ربنا
بارك الله فيك أخي أحمد ،،، وشكرنا موصول إلى موقع تبيان
Good