هل يؤدي العلم إلى الإلحاد؟ هل دحض العلم الدين؟
هذا المقال ترجمة بتصرف لمقال: TECTURE: DOES SCIENCE LEAD TO ATHEISM? HAS SCIENCE KILLED RELIGION لكاتبته: Hamza Tzortzis موقع: hamzatzortzis.com. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.
يستند حمزة أندرياس تزورتزيس إلى فلسفة العلم ليشرح لماذا لا يؤدي العلم إلى الإلحاد وأن الادعاءات العلمية لا يجب أن تدحض مزاعم الوحي الإلهي وركز حمزة على سؤالين رئيسيين: هل العلم يقود إلى الإلحاد؟ وهل العلم دحض الدين؟
هل يؤدي العلم إلى الإلحاد؟
أوضح حمزة مجيبًا على السؤال الأول أن الادعاء الذي يقول بأن “العلم يقود إلى الإلحاد” يستند إلى أربع افتراضات خاطئة وهي:
- العلم هو المعيار الوحيد للحقيقة.
- بما أن العلم فعال يجب أن تكون استنتاجاته صحيحة.
- يؤدي العلم إلى اليقين.
- اعتماد الافتراض غير العلمي للطبيعية الفلسفية وسوء فهم الطبيعة المنهجية.
يشهد غالبية فلاسفة العلم على حقيقة أن العلم لا يؤدي إلى الإلحاد.
ونجد أن “هو غوش” أوضح بشكل صريح بأن فكرة دعم العلم للإلحاد غير منطقية بحد ذاتها على الرغم من أن لها حماس كبير، ولقد كان غوش منطقي تمامًا في طريقة تفكيره بأنه لا يمكننا إنكار ما لا يمكن ملاحظته ومع ذلك فإن جل ما يمكن للعلم فعله هو التزام الصمت بشأن هذه المسألة أو اقتراح دليل على أن شخصًا ما يمكن أن يستخدمه للاستدلال على وجود الله.
هل دحض العلم الدين؟
ثم توسع في السؤال الثاني أن الاستنتاجات العلمية استقرائية بطبيعتها، والحجج الاستقرائية لا تؤدي إلى اليقين لذلك فالحقائق العلمية لا ينبغي اعتبارها حقيقة مطلقة فعلى سبيل المثال على الرغم من عدم إثبات وجود ألواح موسى عليه السلام علميًا إلا أن هناك بعض الأشياء التي لا ينبغي أن نشكك فيها كاستدارة الأرض، ووجود الجاذبية والطبيعة الإهليجية للمدارات.
يسخر العديد من الملحدين من الكتابات الدينية لعدم قدرتها على تمثيل الحقائق، وهناك العديد من المناقشات الواقعية وعبر الإنترنت حول العلم والأعراف الدينية. حتى البرامج التلفزيونية الرئيسية تستضيف مناقشات حول وجهات النظر الدينية في العالم الطبيعي. وعند مناقشة هذه الأمور نجد أننا أنشأنا انقسامًا خاطئًا بين العلم والدين، الأمر ليس ببساطة قبول أحدهما ورفض الآخر.
العلم هو إعمال العقل في العالم الطبيعي ويسعى لفهم ماهية العالم، ويشير القرآن أيضًا إلى الظواهر الطبيعية، ولا مفر من وجود صراعات مباشرة حول الاستنتاجات العلمية، فعندما ينشأ خلاف ما، لا يوجد ما يدعو إلى الذعر أو إنكار الآية القرآنية التي لا تتفق مع العلم؛ ولا يمكن لأي شخص أن يستخدم هذا الخلاف ليزعم أن القرآن خاطئ.
والذي يعني افتراض أن الاستنتاجات العلمية صحيحة مطلقًا ولن تتغير، وهذا خطأ فادح، لقد أظهر التاريخ أن العلم يراجع استنتاجاته. وهذا الاعتقاد لا يجعل المرء مناهضًا للعلم. ولنتخيل مدى التقدم الذي لم نكن لنحرزه إذا لم يُسمح للعلماء بتحدي الاستنتاجات السابقة.
العلم ليس مجموعة من الحقائق الأبدية وليس من المفترض أن يكون كذلك.
وبما أننا نستطيع تأكيد أن القرآن هو كلام الله عز وجل عن طريق الحجج والبراهين، فعندئذٍ إذا تعارض القرآن مع المعرفة البشرية المحدودة، فلا ينبغي أن يحدث ارتباكًا كبيرًا. فالله الذي خلق كل شيء لديه المعرفة المطلقة بكافة الامور.
حتى الخمسينيات من القرن الماضي اعتقد جميع الفيزيائيين بمن فيهم أينشتاين أن الكون أزلي، وبرغم تأييد كل المعطيات لهذا الاعتقاد إلا أنه يتعارض مع القرآن، فالقرآن ينص صراحة على أن الكون له بداية. لكن الملاحظات الجديدة باستخدام تلسكوبات متطورة قوية جعلت الفيزيائيين يُسقطون نموذج “الحالة الثابتة” (الكون الأزلي) ويستبدلون هذا النموذج بنموذج الانفجار العظيم (الكون له بداية، ربما منذ حوالي 13.7 مليار سنة).
لذا جاء العلم ليتماشى مع القرآن. وفي ذات الإطار حدث مع رؤية القرآن للشمس حيث يذكر القرآن أن الشمس لها مدار على عكس ما ادعى الفلكيون أنها ثابتة مما أدى إلى تناقض صريح بين ملاحظات العلماء والقرآن. لكن ذلك لم يدم، فبعد اكتشافات تلسكوب هابل راجع علماء الفلك استنتاجاتهم ووجدوا أن الشمس تدور حول مركز مجرة درب التبانة.
لكن هذا لا يعني أن القرآن هو كتاب العلم، بل هو كتاب إرشادات وعبر ولا يقدم أي تفاصيل عن الظواهر الطبيعية. فيمكن فهم معظم الأشياء التي يشير إليها والتحقق منها بالعين المجردة. والهدف الرئيسي من الآيات التي تشير إلى العالم الطبيعي هو كشف القوة والحكمة والقدرة الإلهية. ولا يشمل دورها توضيح التفاصيل العلمية التي يمكن أن تتغير مع مرور الوقت، ومن منظور أن الظواهر الطبيعية لها قوة وحكمة وراءها حقيقة دائمة فقد يستمر الخلاف بين القرآن والنتائج العلمية لأنهما نوعان مختلفان تمامًا من المعارف.
غير أن هذه المناقشة لا ينبغي أن تشجع المسلمين والمتدينين على إنكار الاستنتاجات العلمية فذلك أمر عبثي، بدلاً من ذلك يجب قبول كلًا من النظريات العلمية المؤكدة جيدًا والوحي، حتى لو كانت تتعارض مع بعضها البعض. يمكن قبول الاستنتاجات العلمية عمليًا كنماذج عمل مع الأخذ بالاعتبار أنها غير مطلقة ويمكن أن تتغير، ويمكن قبول الوحي كجزء من معتقدات الفرد. إذا لم يكن هناك أمل في التوفيق بين الاستنتاجات العلمية وبيان القرآن فلا داعي لرفض الوحي وقبول علم اليوم، وعلى غرار ذلك لا ينبغي رفض العلم أيضًا.
ختامًا
كما ذكرنا سابقًا من حقك المعرفي قبول كل من الحقائق العلمية والوحي. فالنهج المتوازن والدقيق فيما يتعلق بالعلم والوحي هو قبول العلم والسماح للأدلة بالتحدث عن نفسها. على أية حال يجب أن يكون هذا في ظل عدم القيام بقفزات إيمانية معرفية هائلة والاستنتاج بأن الأدلة التي حصلنا عليها والاستنتاجات التي توصلنا إليها هي حقيقة مطلقة، فيمكن للعلم أن يتغير. ويشمل هذا النهج قبول الوحي أيضًا.
باختصار:
يمكننا قبول الاستنتاجات العلمية عمليًا وكنماذج عمل، ولكن إذا كان هناك أي شيء يتعارض مع الوحي (بعد محاولة التوفيق بين الاثنين)، فلا يتعين عليك قبول الاستنتاج العلمي في نظام معتقداتك.