هل تدرك خطورة تركنا لنصرة المسجد الأقصى؟
المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وُضع في الأرض بعد المسجد الحرام، و قبلة المسلمين الأولى، ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد باركه الله تعالى وما حوله.
قال الله تعالى:”سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وُضِع في الأرض أول ؟ قال: “المسجد الحرام” قال: قلت: ثم أي ؟ قال “المسجد الأقصى” قلت: كم كان بينهما ؟ قال:”أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فَصَلِّه، فإن الفضل فيه”.
حدود المسجد الأقصى: يعتقد الكثيرون أن المسجد الأقصى هو فقط الجامع القبلي المبني جنوبي قبة الصخرة، وهو الذي تقام فيه الصلوات الخمس الآن وحقيقة الحال أن المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد أي ما دار عليه السور، وفيه الأبواب، والساحات الواسعة، والجامع القبلي، وقبة الصخرة، والمصلى المرواني، والأروقة، والقباب، والمصاطب، وأسبلة الماء، وغيرها من المعالم.
وعلى أسواره المآذن، والمسجد كله غير مسقف سوى بناء قبة الصخرة والجامع القبلي الذي يُعرف عند العامة بالمسجد الأقصى وما تبقى منه في منزلة ساحة المسجد، وهو ما اتفق عليه العلماء والمؤرخون، وعليه تكون مضاعفة ثواب الصلاة في أي جزء مما دار عليه السور، والذي تبلغ مساحته 144 ألف متر مربع.
وعن عظم أجر الصلاة فيه قال أبو ذر رضي الله عنه: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيهما أفضل: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن -هو الحبل- فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا. قال أو قال: خير له من الدنيا وما فيها”.
أول من بنى المسجد الأقصى في الإسلام هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك كان في العام الخامس عشر من الهجرة.
فالمسجد الأقصى هو للمسلمين خاصة وهذا ما شرعه ربنا تعالى وأقرّه، ومن هنا وجب على المسلمين كافة النفير للدفاع عنه وتحريره من دنس الاحتلال الصهيوني الذي يستبيحه ليل نهار، فلقد بتنا نسمع يوميًا عن اقتحامات يقوم بها الصهاينة للمسجد الأقصى حتى أنهم أصبحوا يعتبرونها مسرحًا للترفيه والرحل الاستطلاعية للكبار والصغار، وأصبح بعضهم يعقد عقد زواجه في باحات المسجد الأقصى الطاهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أعجب والله لحال كثير من أبناء المسلمين وهو يقضي أكثر من ساعة يتابع مباراة كرة قدم لفريق هو ليس منه عقيدة ولا قومية ولا موطنًا، وفي نفس الوقت لا يكلف نفسه قضاء ساعة لمتابعة أخبار المسجد الأقصى وكيف أصبحت أحواله، وما هو مصيره ومآله إن بقينا على صمتنا هذا واستمر الصهاينة في تدنيسه والتجرؤ عليه أكثر وأكثر يومًا بعد يوم.
أبناء الإسلام العظيم إن الله تعالى يختار لمكارم الأفعال المؤمنون الكرام من عباده، فإياكم أن يراكم الله منشغلين بما هو سخيف ووضيع عن نصرة دينه ومقدساته، فيترككم وشأنكم ويستبدلكم بمن هم أحيا لذكره منكم والذين هم على أمور دينهم وأمتهم يحافظون، فالله الله في دينكم، الله الله من أمتكم، الله الله في مقدساتكم، أروا الله منكم الصدق والوفاء بالجهاد والمجاهدة في سبيله، ودعوكم من سفاسف الأمور.
والله إن انشغالكم بمتابعة كرة القدم وما شابهها أكثر من انشغالكم بأمور الأمة ودينها لهو نذير شؤم عليكم وعلى أمتكم ودينها، قال الله تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
فهذه المساءلة الربانية موجهة لكم أيها المؤمنون لتحذركم من الانشغال عن نصرة الله ودينه وعباد ومقدساته بالانشغال بسفاسف الأمور وملهياتها التي لا فائدة منها، ولتحذركم عاقبة ترك الجهاد ونصرة الدين والبلاد والعباد، وإن من أشد عقوبات الله تعالى للمؤمنين المتثاقلين عن الجهاد هو الاستبدال حيث أنه تعالى يشغلهم بما لا فائدة منه وبسفاسف الأمور بسبب تركهم للجهاد ويستبدلهم بآخرين ممن حملوا هم الأمة ودينها ممن قالوا: “وعجلت إليك ربي لترضى”.
فلنحرص على القيام بأمر الله تعالى لكي يستخدمنا في نصرة دينه وعباده ولا يستبدلنا، فإن السعيد من وفقه لما يحب ويرضى، والتعيس من ألهاه الشيطان بدنيا فانية شغله بما لا فائدة فيه لدينه وأمته.
وهنا قد يسأل سائل ( أخ أو أخت ) محب لدينه وأمته وقد انقطعت به السبل، فيقول كيف ننصر المسجد الأقصى وقد حيل بيننا وبينه ومُنعنا عن نصرته بالسدود والحدود، والحديد والنار؟.
أقول اعلم أخي أن الله أوجب عليك نصرة المسجد الأقصى بمالك ونفسك وذلك من خلال خوض المعارك الميدانية بنفسك، ولكن إذا منعك مانع قاهر فإن واجب النصرة يتحول حسب قدرتك، فإن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
بإمكانك النصرة مثلا بالمال أو الدعاء أو الإعلام والتحريض والكلمة الطيبة، فالواجب عليك هنا والذي ستُحاسَب عليه أمام الله هو كل ما تقدر على فعله وتتركه، فكل ما تقدر على فعله فأنت مسؤول عنه أمام الله تعالى، يوم لا ينفعك مال ولا بنون، بل لا ينفعك إلا العمل الصالح والطاعة الخالصة لله تعالى.
قال تعالى:” فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا”.
هذا، والله من وراء القصد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.