بلاد المسلمين: ميدان لنهب الثروات وبيع المنتجات

أما نهب الثروات فقد مرت نبذة عنه في موضوعنا السابق “كيف يكون منطقيًا جوع الناس رغم ثراء بلادهم؟!” بإشراف النظام العالمي الذي تتزعمه أمريكا ودول أوروبا الغربية على عمليات استخراج الثروات النفطية والمعدنية وغيرها من الموارد، ثم الإشراف على نقلها وتحديد أسعارها والتجارة بها والاستيلاء على أثمانها في بنوكهم.

وفي مقابل ذلك يقوم الغرب المستعمر في بلادنا التي تضم نحو خمس سكان الأرض، بتحويلها إلى سوق لتصريف منتجاته بدءًا من الأسلحة والآليات والحواسيب ومختلف منتجات التكنولوجيا، وانتهاء بالصناعات الاستهلاكية العادية من أنواع الأطعمة والملبوسات والمواد الاستهلاكية المصنعة…

فالمسلمون يستوردون من الغرب حتى الملابس الداخلية والشباشب.. بل حتى الخبز والورق الناشف، وبالرغم من أن العدو المستعمر يفرض على الدول المستعمرة ومنها العالم الإسلامي أسعار ثرواتها المعدنية ومنتجاتها الزراعية والحيوانية.

وهي عصب صناعاته وموارد غذائه، بل يفرض عليها قيمة عملاتها الشرائية; فإنه في الوقت ذاته يفرض أعلى الأسعار والرسوم على منتجاته المصدرة إلينا، بل وتبلغ المأساة مداها إذا علمنا أن الغرب ذاته وعلى رأسه أمريكا يقوم بعملية منع انتشار التصنيع الحديث والتكنولوجيا، بل وحتى التصنيع المتوسط في معظم بلاد العالم الإسلامي كي نبقى سوقًا لتصريف منتجاته بل إنهم يفرضون حتى السياسات الاقتصادية وبرامج التنمية وخطط الزراعة والإنتاج الحيواني التي يتحكم بها بالتفصيل صندوق النقد الدولي، بحيث لا تصل بلادنا إلى الاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية كالقمح والسكر والأرز وغيره.

وهناك أمثلة كثيرة صارخة على هذا. فقد منع صندوق النقد الدولي السودان -مثلا- من البدء بمشروع اكتفاء ذاتي بالقمح بعد وصول حكومة (البشير) إلى السلطة، ولما أصرت هددها بوقف المساعدات. وأغرتها أمريكا بإمدادها بالقمح لمدة عشر سنوات بقروض غير ربوية. وبكميات من المنح الغذائية على شكل هبات بدون مقابل!

وكان الغرض واضح. وهو تحويل الأراضي الخصبة إلى أراضي بور لا تصلح للزراعة. وربط رغيف الخبز في السودان بالقرار الأمريكي.. ويكفي أن نعلم أن مصر التي كانت في العهد الروماني تكفي الإمبراطورية الرومانية من القمح، تعيش اليوم على احتياطي من القمح الأمريكي يكفي المصريين من الخبز لمدة ثلاثة أشهر. وليس هنا محل سرد الإحصائيات والتقارير. فباختصار يمكن القول بأن الحال الاقتصادي والغذائي والصحي للشعوب الإسلامية مرعب بسبب هذه السياسات.

تسخير اليد العاملة الإسلامية لخدمة صناعات الغرب

قوات الأمم المتحدة ونهب الثروات

فبسبب سياسات التجويع والحصار وحكومات الظلم… هاجر من بلاد المسلمين ملايين العمال. ومئات الآلاف العلماء والمثقفين وحملة الشهادات إلى بلاد الغرب ولاسيما أوروبا وأمريكا، ليسدوا ثغرات ضخمة في البنية التحتية لمصانعهم بأبخس الأثمان، وفوق ذلك فإن الدول الرأسمالية الغربية جميعها ولاسيما الأوروبية قد أنشأت مصانعها المتخصصة في الصناعات البسيطة والمتوسطة في بلاد المسلمين، ولاسيما في مجالات الأغذية والملبوسات والمواد الاستهلاكية تحت مسمى (الماركات) العالمية الشهيرة التابعة لها. لتستفيد من رخص اليد العاملة في بلادنا دون أن تخل بالقاعدة الصارمة المفروضة من قبلهم بأن لا تكون تلك الصناعات من مستوى التكنولوجيا حتى لا تستفيد تلك البلاد من الخبرات الصناعية.

بل إن نظام التسخير للعمالة -شبة المجانية- من قبل الغرب لليد العاملة في البلاد الإسلامية وبلدان العالم الثالث، دخل المجال العسكري منذ الحرب العالمية الأولى والثانية.. ويكفي أن نعلم أن وقود المعارك الضخمة التي دارت رحاها في شمال أفريقيا وغيرها من ساحات المواجهة بين دول الحلفاء ودول المحور -كمعركة العلمين وغيرها- كانت من الجنود المجندين من دول المستعمرات ومعظمها دول عربية وإسلامية..

وأن نعلم أن فرنسا خسرت في فيتنام في معركة سقوط (دان بيان فو)، أكثر من 16000 من القوات الخاصة كان منهم الآلاف من الجزائريين والمغاربة وجنود المستعمرات الإفريقية وكثير منهم مسلمون… واليوم تشكل قوات الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام في مختلف مناطق التوتر ولاسيما في البلاد الإسلامية من جنود ومرتزقة ومتطوعين من المسلمين، أو من قطعات عسكرية ساهمت بها حكومات نوابهم في بلادنا!

وها هي أمريكا اليوم تقوم باستخدام جنود بعض بلادنا لغزو بلاد أخرى، ولما تفتحها، تشكل من أبنائها شرطة وعساكر، تجعلهم درعا واقيا لعساكرها، وتستخدمهم في ذبح أبناء بلدهم المستعمَر ذاته!! كما يجري الآن في العراق.

بل إن نظام الاستعباد والعمالة المسخرة لخدمتهم وصل إلى مجال الدعارة والترفيه في استيراد نساء المسلمين للترفيه عن جنود المستعمرين الغزاة لبلادنا كما حصل وذكرت بعض الصحف ووسائل الإعلام عن استخدام القوات الأمريكية والغربية في حرب الخليج الثانية لما يسمى بعاصفة الصحراء أو تحرير الكويت لمئات العاهرات من بعض الدول العربية استقدمن بالاتفاق مع حكومات تلك البلاد للترفيه عن القوات الأمريكية والغربية في استراحات معارك عاصفة الصحراء، وهم يحررون الكويت!

فهذا النظام الاستعبادي الجديد هو اختراع جديد لإعادة نظام العبودية بأسلوب معاصر يتناسب مع العقلية العبقرية لحضارة ما يسمونه الجنس الأبيض الأوربي الأمريكي.

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى