الإعلام الأمريكي.. يغض الطرف عن الإدانات الدولية لإسرائيل

هناك دعاية قوية حول العالم تعتم على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

هذا ما قاله المخرج والمنتج الأمريكي الشهير (مايكل مور)، وجاءت تصريحاته تزامنًا مع عرض فيلمه “From Ground Zero.. Stories from Gaza” (من نقطة الصفر.. قصص من غزة) في دور السينما الأميركية، حيث يسلط الفيلم الضوء على ما يحدث في المنطقة منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، ويتناول قصصًا إنسانية، ويتألف الفيلم من 22 فيلمًا قصيرًا شارك فيها مخرجون فلسطينيون.

وقال (مور): «أصبحنا ضحايا حملة دعائية قوية تهدف إلى تجريد 5 ملايين شخص (فلسطيني) من إنسانيتهم، مسجونين خلف الجدران والأسلاك الشائكة، ومحكومًا عليهم بالمجاعة، في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، دُمرت جميع المستشفيات والمدارس في غزة تقريبًا، وتحولت نصف المنازل فيها إلى أنقاض».

ما قاله مور حول الدعاية القوية التي تعتم على الإبادة الجماعية بغزة، تزامن مع المقال المنشور مؤخرًا في مجلة فورين بوليسي وكتبه (هوارد دبليو فرينش) أستاذ في كلية الصحافة بجامعة كولومبيا بعنوان: “لماذا نتجاهل انتقادات حقوق الإنسان لإسرائيل؟” الذي يناقش تجاهل وسائل الإعلام الأمريكية لانتقادات حقوق الإنسان الموجهة لإسرائيل بشأن أفعالها في غزة، على الرغم من التغطية الواسعة لهذه الانتقادات في وسائل الإعلام الدولية. يسلط الكاتب الضوء على الفجوة بين التغطية الإعلامية الأمريكية والدولية في سياق الحرب الإسرائيلية على غزة، مع التركيز على تقارير منظمات حقوق الإنسان، التي لا تحصل على الاهتمام الكافي من التغطية الإعلامية في الصحافة الأمريكية.

الإعلام الأمريكي .. يغض الطرف عن الإدانات الدولية لإسرائيل

وجاء في المقال: “في اليوم الأخير من عام 2024، عندما أصدر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرًا نقديًا حول تدمير إسرائيل للمستشفيات في غزة، توقعت أن تكون العناوين الرئيسية لليوم التالي مليئة بهذه النتائج المثيرة للقلق.

بدأت أول يوم في السنة الجديدة مع برنامج (نيوز آور) على BBC، وقد نقل بالفعل هذا الخبر في الجزء الأول من بثه، لكن عندما انتقلت إلى الصحف الأمريكية أثناء تناول قهوتي الصباحية: نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وول ستريت جورنال، لم أجد أي ذكر لتقرير الأمم المتحدة، كان الأمر نفسه ينطبق على القنوات الإخبارية التي تنقلت بينها، بالإضافة إلى النشرات الإذاعية وبرامج التلفزيون العام التي تابعتها في وقت لاحق من ذلك اليوم.

من الممكن، بالطبع، أنه فاتني شيء في اللحظات التي لم أكن فيها أتابع الأخبار، ولكن نقص التغطية الواسعة يسلط الضوء على اتجاه أوسع في تغطية وسائل الإعلام الأمريكية للحرب الإسرائيلية في غزة.

خلال 15 شهرًا من الحرب، أدان العديد من المحللين إدارة بايدن لفشلها في انتقاد التكتيكات الإسرائيلية التي أوقعت دمارًا شاملًا في غزة، ولغياب صوتها بشأن المأساة الأخلاقية لقتل أكثر من 45,000 إنسان، وحتى باستخدام سلطتها لتكميم الانتقادات ضد إسرائيل، وذلك عندما دفعت منظمة أمريكية التمويل للتراجع عن تقرير عن المجاعة الوشيكة في شمال غزة، لكن إدارة بايدن ليست في هذا وحدها، فالإعلام الأمريكي أيضًا قلَّا من قسوة هذه الأزمة القاتمة.

كان هذا واضحًا في التغطية التي كانت ضعيفة أو غائبة تمامًا في أوائل ديسمبر، بعد أن اتهمت منظمة العفو الدولية -وهي منظمة حقوقية تحظى بأقصى درجات الاحترام- إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة، وخلص تقريرها إلى أن إسرائيل قد «تسببت عن عمد في فرض ظروف قاسية على حياة الفلسطينيين في غزة تهدف -على المدى الطويل- إلى القضاء عليهم وتدميرهم».

أخبار الصفحات الأولى في الإعلام الأمريكي، في بعض الحالات، وضعت “رفض إسرائيل الشديد لهذه التهم الموجهة إليها” قبل “مضمون التهم بانتهاكاتها للقانون الدولي”!

سيكون من الخطأ القول بأن الإعلام الأمريكي قد تجاهل الحرب أو لم يقدم انتقادات جدية لسلوك إسرائيل، ففي 26 ديسمبر، على سبيل المثال، نشرت نيويورك تايمز تحقيقًا مطولًا يظهر أن إسرائيل خففت من قواعدها الخاصة بالحرب وسمحت لضباط إسرائيليين من الرتب المتوسطة بإلقاء القنابل على أعضاء حماس المشتبه بهم من المستوى المنخفض، حتى لو كانت تلك الضربات تعرض أفراد أسرهم أو مدنيين آخرين في الجوار للخطر، ولكن مثل هذا التحقيق كان نادرًا.

وللعثور على تغطية أكثر صراحة ووضوحًا لطبيعة وتكلفة هذه الحرب، يجب التوجه إلى منافذ إعلامية خارج الولايات المتحدة، مثل صحيفة هآرتس الإسرائيلية!

تهجير أهل غزة

ففي تقرير حديث، قال ضباط عسكريون إسرائيليون مجهولون لصحيفة هآرتس إن هدف فرقتهم كان التهجير القسري لما يقرب من 250,000 فلسطيني متبقين في شمال غزة، قال الضباط إن قائدهم، العميد (يهودا فاخ) قال لهم: «بفقدانهم لأرضهم فقط، سيتعلم الفلسطينيون الدرس اللازم من المجزرة التي ارتكبتها حماس في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر»، كما ذكر أحد الضباط أن (فاخ) قال إنهم «يحتاجون إلى جعل الأمور صعبة على القوافل (المساعدات الإنسانية) التي تدخل إلى غزة ومضايقتهم.. فلا يوجد أبرياء في غزة».

قدمت منطمة (هيومن رايتس ووتش) تقييمها الخاص الشهر الماضي، وخلصت إلى أن إسرائيل ترتكب “أفعال إبادة جماعية”، جاء ذلك بعد أن قدمت جنوب إفريقيا دعواها القانونية الرئيسية التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية إلى محكمة العدل الدولية في (لاهاي) في أكتوبر، وقد أعلنت أربع عشرة دولة أخرى أنها تعتزم دعم قضية جنوب إفريقيا، التي رفضتها إسرائيل باعتبارها “افتراء بالدم”.

كصحفي مستقل، ليست لدي القدرة على الفصل فيما إذا كان سلوك إسرائيل في غزة يشكل إبادة جماعية، لكن ما أعرفه، جيدًا، هو أنه لا يوجد اتهام أخطر من الإبادة الجماعية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وإذا سمحنا بالتعود على رفض تقارير من منظمات وشخصيات جادة، ورفضها وتجاهلها باعتبارها غير صحيحة أو حزبية، أو تجاهل نشر الأخبار عنها في الإعلام، فمن المحتمل أن تعاني الإنسانية ككل، وليس فقط الفلسطينيين”.

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى