في ذكرى استشهاد ياسين: اخرجوا من عباءتي ليس لمثل هذا رحلت!
يمر علينا في 22 من مارس ذكرى استشهاد الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس وزعيمها حتى لاقي ربه شهيدًا في العام 2004م، حديثنا هنا سيدور حول حركة حماس سنقف بهدوء ونقيم منهجها وواقعها الحالي والحقائق حولها ولنقيمها، هل هي نفسها الحركة التي قادها الشيخ الشهيد أحمد ياسين أم أنها حادت عن الدرب من جانب إدارتها السياسية، أحد تقارير مركز راند الأمريكي كانت تتحدث عن الحركات “المقاومة” وكيف يمكن النظر إلى “أفكارها ومنهجها”.
تقرير راند يشرح حماس
هذه أجزاء تم ترجمتها من الجزء المتعلق بحماس وهو يوضح التالي -بنظرة تحليلية واقعية للتقييم-:
1. أيديولوجية حماس: مثلها مثل العديد من الحركات الإسلامية في العالم العربي، والتي تتضج في منهجية الإخوان المسلمين، بفارق واحد هو أن حماس ترى جدوى في استخدام العنف أي أن الفرق فقط في السلوك وليس في القيمة (راجع هذا المقال عن القيمة والسلوك).
2. ذكر التقرير أن أيديولوجية حماس قائمة على المقاومة “المحلية” مع تبني القيم الإسلامية التقليدية والحد من التدخل الغربي المانع من الوصول إلي هدفها. “ما هو هدفها؟ محلي و لا عالمي؟”.. هدفها محلي فقط وهو (إقامة دولة فلسطينية)..
ويذكر التقرير أن حماس تُقدم تناقضات مثيرة للاهتمام، فمن الجهة الأولى، قيادة حماس تركز على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، و لكنها قيادة تبدو واقعية بما فيه الكفاية لتدرك أن اتساع الصراع لن يشمل أكثر من ذلك، فـ الولايات المتحدة لم تمنع الحكومة الإسرائيلية عن مواصلة سياستها في فلسطين، بل تزيد لها الدعم، وعلى رغم دعم الولايات المتحدة إلا أنه من غير المحتمل أن توجه حماس أي جهد تجاه مقاومة الولايات المتحدة،.. وهذا تناقض رهيب!..
وفي الحقيقة يصب داخل الاستراتيجيات التي كانت مقترحة للحد من خطر حماس وهي: قطع الصلات الأيدلوجية بين (حماس) كـ مجموعة مسلحة، وما بين الراديكاليين -الذين يستهدفون المنظومة العالمية-، وهذا أبشع من خلال التشجيع على الاهتمام بالشأن المحلي فقط ..
وقال التقرير: “حماس ركزت في المقام الأول على القضايا الداخلية والفساد داخل حركة فتح والسلطة الفلسطينية، حيث واصل قادة حماس القول بأنهم يريدون إدخال إصلاحات اقتصادية وسياسية داخلية على السلطة”..
يرى التقرير أن “الانحرافات المنهجية السلوكيات الفاسدة” التي يراها الراديكاليين في حماس، مثل الإيمان بقيمة الديمقراطية، ودخول المجالس التشريعية -الكافرة علي حد وصف التقرير-، ومثل أن حماس لا تجعل من الشريعة الإسلامية أهمية قصوى عن جميع الشواغل الأخرى، كل هذا إيجابي لإنه يصنع (شرخ) بين الأيدلوجيتين،.. ويضعف من قوة حمــاس..
3. أن القضية بالنسبة لهم سياسة بحتة، فـ يقول التقرير أن حماس: “مستعدة للتعاون مع الخصوم إذا كان ذلك يساعد على تحقيق الاستراتيجية طويلة الأجل أو قصيرة الأجل لهم”.
الواقع المحيط بحماس
أولًا: موقف حماس من إيران ومن سوريا
– إيران تدعم حماس بالسلاح والتكتيكات العسكرية، ولم يكن هناك بدائل أخرى أمام حماس تغني عن دعم ايران..
– إيران في الوقت نفسه تدعم بشار الأسد..
– حماس بعد الثورات التي حدثت، أصبح أمامها بدائل أخرى.. (مثل مصر)..
– حماس اتجهت قليلًا لدعم المعارضة السورية..
– إيران بدأت تغضب على حماس.. وتوقف الدعم..
– تم عزل مرسي وقدوم السيسي فأغلق البدائل التي كانت متاحة..
– حماس أصبحت منهكه ولا يوجد أمامها بديل إلا العودة للفلك الإيراني.. وإصلاح العلاقة مع النظام المصري الجديد، لذلك في أغسطس 2014، رأينا تصريح حماس الذي أعربت فيه عن شكرها لمصر لرعايتها للمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل.
ماذا ستستفيد إيران من وجود حماس تحت ظلها؟
أنها تحسن صورتها أمام العالم الإسلامي بإظهارها في دور حماية الفلسطينيين والدفاع عن المقدسات، وحماس سيعود لها المد الإيراني من جديد -تعاون مشترك- بغض النظر عن وضع السوريين تمامًا..
ويوضح نُقطة المد الإيراني في المنطقة الخطبة التي ألقاها نتنياهو في الكونجرس الأمريكي منذ أيام، فقد قال فيها: “تنهار الدول في الشرق الأوسط، إيران تتحرك لملئ الفراغات، فـمجرمو إيران في غزة، وأذنابها في لبنان، والحرس الثوري في مرتفعات الجولان يمسكون إسرائيل بثلاثة مخالب من الإرهاب، والأسد المدعوم من إيران يقتل السوريين، والمليشيات الشيعية المدعومة أيضًا من إيران جامحة في أنحاء العراق. وبدعم من إيران، استولى الحوثيون على السلطة في اليمن، مهددين المضيق الاستراتيجي في مدخل البحر الأحمر. ومع مضيق هرمز، و ذلك يعطي إيران نقطة..”
تفهم إيران الوضع جيدًا ولا تطلب من حماس أن تعلن دعمها لبشار، لكن في نفس الوقت “لا تنتقد نظامه”.. وهذا الحاصل فعلًا من خلال تصريحات حماس عن العلاقة الممتازة بينهم وبين “حكومة سوريا”.. مثال: منذ أيام صرح عضو المكتب السياسي لحركة حماس “خليل الحية”: “شكرًا سورية شعبًا وحكومة على استضافتها لحركات المقاومة”، أو في شهر ديسمبر الماضي قال موسى أبو مرزوق أن حماس كانت تلوم اخوان سوريا على خلافهم مع النظام وأن أكثر ما كان يؤلم مشعل عند ترك الساحة السورية هو تلك العلاقة الحميمة مع الرئيس بشار الأسد..
ويتضح أيضًا من تصريحات حماس لـ حزب الله، منذ أكثر من شهر تقريبًا: وجه رئيس حركة حماس في غزة، إسماعيل هنية، أيضًا، رسالة إلى الأمين العام لـ حزب الله، تقدم فيها بـ أحر التعازي لقياده الحزب وعوائل الشهداء في حزب الله”.. حزب الله الذي يدعم بشار الأسد في قتل السوريين..
ثانيًا: موقف حماس من إسرائيل وفتح وحكومة الوحدة
المتتبع لـ تقارير الغرب من 2006، يجد أن هناك قلق حول حماس قليلًا، وكان الاتجاه الغربي وقتها يتجه ناحية تعليق أي برامج جديدة لدعم السلطة الفلسطينية حتى تنبذ حماس الإرهاب وتقبل بشرعية إسرائيل.. أي تنضم لحكومة الوحدة التي فيها فتح.. هل هذا حدث؟ طبعًا حدث.
قبل حرب غزة الأخيرة، كانت حماس في إطار التصالح مع فتح من أجل حكومة الوحدة، وأصدرت حركة أحرار وقتها تقرير في منتهى الأهمية بعد الحرب اسمه “هل انتصرت غزة” هذا التقرير رصد كل ردود الأفعال الغربية وقتها ومن ضمنها، أنه أكد في آخر مقطع له أن حكومة الوحدة أيدت “تقنيًا” مبادئ الكوارتيت لذا فلا داعي لذلك الخوف من حماس.. على الهامش، الكوراتيت هو مؤسسة دبلوماسية تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وأمريكا مختصة بالنظر في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولها مبادئ تشمل نبذ الإرهاب والاعتراف بإسرائيل!..
سبع استنتاجات سريعة من التحليل السابق
1- حركة حماس معترفة بشرعية النظام الدولي وطبعًا تعمل من داخل منظومته.
2- ستجد بعض التقارير الغربية التي تبالغ في قوة حماس، التقارير التي تسعى للمبالغة في قوة حماس هي التقارير الأخبث على الإطلاق ولا شك في قربها من دوائر اتخاذ القرار الغربي ولذلك هي تقوم بدور “التلميع” على حساب التيارات الراديكالية التي تحاول العمل من خارج المنظومة كتيار القاعدة ومشتقاتها أو ما يسمى السلفية الجهادية بشكل عام.
3- حماس رغم ما يظهر منها من مقاومة إلا أنها بالنسبة لإسرائيل والغرب أقل الضررين، هي كالإسفنجة متروكة لتمتص أي تحرك حقيقي للمقاومة، حماس تحافظ على المقاومة داخل إطار محدد لا تتعداه.
4- حماس في الحرب الأخيرة لم تكن تتفاوض على جزء من الأرض وعاصمته القدس الشرقية، وحتى لم تتفاوض لأجل المعتقلين، حماس تتفاوض لفتح جزئي للمعابر حول غزة وعن توسيع مساحة الصيد.
5- انتهى التقرير بقول “يبدو أن حماس ترى في مصالحها الخاصة أنها منفصلة عن الحركات الجهادية العالمية” تأمل نظرة الغرب لحماس والتي من الممكن بعد فترة من الوقت أن يتم تصديرها كمثال “مقاومة” مقبول مثل تركيا “نموذج إسلامي مقبول” لو أصبحت داخل المنظومة الدولية وداخل قيم الوطنية والقومية.
6- حمل السلاح لا يعني مطلقًا أنك تعمل خارج المنظومة، بل في نموذج مثل “حماس” حركة مسلحة وفي الوقت نفسه إصلاحية وتعمل من داخل المنظومة الدولية وتعترف بشرعية النظام العالمي.
7- الفكرة ليست في نجاح حماس أو فشلها، الفكرة في المنهج، لأنه حتى لو حماس نجحت في ضم الضفة وغزة وحكمتهم فهي لم تنصر القضية الأساس في المنهج والتي بناء عليها يكون التقييم.
المصادر
نشكرك أخي محمد على تنبيهك لنا ومبادرتك بإبلاغنا، وجزيت عنا كل الخير
تم الإصلاح بخصوص مشكلة الروابط وأظنها تعمل الآن، إلا إن كان المصدر نفسه فيه مشكلة.
الروابط ما بتفتح يا ريت تصلحوها