من يحتاج حلف الناتو أكثر.. فرنسا أم أمريكا؟

«لا أحد يحتاج حلف الناتو أكثر من فرنسا»؛ حين نطق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذه الكلمات كان في الظاهر يدافع عن حلف شمال الأطلسي في مواجهةِ تصريحٍ «خطير» أدلى به نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول «موت الناتو دماغيًا». 

بيدَ أن ترامب- الذي وصف الحلف مرارا أثناء حملته الانتخابية بأنه «عفا عليه الزمن»- لم ينتقل فجأة «من ناقدٍ للناتو، إلى مدافعٍ عنه»؛ حسبما ذهبت تمارا كيث، مراسلة إذاعة NPR في البيت الأبيض منذ عام 2014، بل كان الرئيس الأمريكي في الواقع يدفع عن نفسه تهمةً تمسّه شخصيًا، هي في الواقع جوهر تصريح ماكرون، الذي أدلى به قبل شهرٍ في حوار مع مجلة الإيكونوميست. 

والمتأمِّل كلام الرئيس الفرنسي، يجد أن تشخيصه لحالة «الموت الدماغي» التي أصابت الناتو، إنما جاءَ في سياق شجبه «تقلُّب الشريك الأمريكي»، وغياب «أي تنسيق على الإطلاق في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو»، في إشارةٍ إلى قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من شمال شرق سوريا، الذي علَّق عليه ماكرون قائلا: يبدو أن الولايات المتحدة «تدير ظهرها لنا».  

والحال هكذا، يتبين أن كل هذا اللغط- رغم دلالاته وتداعياته- إنما هو في الحقيقة واجهةً لسعي كلا الرجلين وراء مصلحتهما: على الجانب الأمريكي، يسعى ترامب للحصول على المزيد من أموال الأوروبيين، وإذا كان خوض معركة على مستوى الناتو سيضمن لساكن البيت الأبيض تحقيق مكسب على صعيد السياسة الخارجية، فلا بأس، حتى لو كانت تحفظاته على التحالف لا تزال قائمة. وعلى الجانب الفرنسي، يطمح ماكرون إلى «استعادة السيادة العسكرية» المتآكلة، و«فطم» أوروبا عن الاعتماد على الحماية الأمريكية. 

والحديث عن «المصالح» ذو شجونٍ، لكن لهجة الهمز واللمز الرئاسيّة، لا تنفي أن سؤالا جوهريًا مطروحًا هنا: هل فرنسا حقًا هي أكثر من يحتاج إلى حلف الناتو؟ والإجابة المتوازنة تحتاج إلى استصحاب أبعادٍ ثلاثة: 

هل فرنسا محصَّنة عسكريًا؟.. اسألوا روح تشرشل إن كنتم لا تعلمون التاريخ!

البعد الأول: الماضي؛ الذي استبطنته تصريحات ترامب، وترجمها آدم شو ودانييل والاس عبر تقرير نشرته فوكس نيوز، إذ أوضحا أن الرئيس الأمريكي كان يشير ضمنيًا إلى «تعرُّض فرنسا للغزو مرتين خلال الحربين العالميتين». بكلماتٍ أخرى: ألا يجدر بفرنسا، التي انهارت بعد ستة أسابيع فقط من الهجوم الذي شنه هتلر، أن تكون أكثر تواضعًا حين تتحدث عن القوة العسكرية! 

وإذا كان ماكرون يعتقد أن فرنسا اليوم أقوى من فرنسا عام 1940، فليطلب المشورة من روح ونستون تشرشل الذي قال بعد وقت قصير من صعود أدولف هتلر إلى السلطة في ألمانيا عام 1933: «شكرًا للرب على وجود الجيش الفرنسي». وفي حين كان يُنظَر إلى جيش فرنسا على أنه «حصن قوي ضد العدوان النازي المحتمل على الدول الأوروبية الأخرى»، فإن الهزيمة التي مُنِيَ بها كانت «دراماتيكيّة وغير متوقعة»؛ على حد قول المؤرخ غاري شيفيلد، وهو محاضر أول في كلية كينجز، لندن.

الجبهة الداخلية.. مَن كان قصره من زجاج؛ فلا يرجم «الناتو» بالحجارة!

البعد الثاني: الحاضر؛ الذي استشهد به الرئيس الأمريكي، مخاطبًا ساكن الأليزيه بلهجةٍ تقريعيّة، ولسان حاله ومقاله يقول: كيف تُدلِي بمثل هذا التصريح وأنتَ تواجه مثل هذه الصعوبات في عقر دارك؟ ألم تكن «قسوة» العام الذي مرّت به فرنسا- في إشارة إلى احتجاجات السترات الصفراء– جديرة بأن تشغلكَ- أيا ماكرون- عن توجيه مثل هذا التصريح «القاسي» بحق حلف شمال الأطلسي؟ وإذا كان قصركَ من زجاجٍ، فخليقٌ بك ألا ترجم «الناتو» بالحجارة. 

«أججت الاحتجاجات أعمق أزمة» تواجه ماكرون منذ توليه الرئاسة، ما ألجأ الحكومة إلى نشر مدرعاتٍ عسكرية لأول مرة ضد الشعب، بل ظهرت حاملة جندٍ مدرعة تحمل علم الاتحاد الأوروبي جاءت للمشاركة في «سحق» المتظاهرين في شوارع باريس والدفاع عن قصر الأليزيه، حتى أن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي استغلوا المشهد ليحذروا: «إذا استمرت عضوية بلادنا في هذا التكتل، فربما نرى المشهد ذاته يتكرر في شوارع بريطانيا».

هل فرنسا قادرة على الاستجابة للتهديدات الناشئة والمخاطر المستقبلية؟

البعد الثالث: المستقبل؛ الذي خوَّف به ترامب نظيره الفرنسي، حين أشار إلى «الأعداء» الذين يتربصون بأوروبا، سواء كانوا روسيين أو إرهابيين أجانب أو يتحدثون بلسان أوروبيّ مبين، ناهيك عن التهديدات غير التقلدية، التي تجعل مظلة الحماية التي يوفرها الناتو لأعضائه أثمن من أي وقت مضى، في مواجهة هذا الخضم المتلاطم من التهديدات استعدادًا للقادم المجهول. 

وإذا كانت فرنسا انهارت بعد ستة أسابيع فقط من هجوم هتلر في عام 1940، واحتاجت باريس إلى مدرعاتٍ عسكريةٍ، محليةٍ وأوروبيةٍ، لحمايتها من الشعب؛ فلا غروَ أن يطلب الجيش الفرنسي المشورة من كُتَّاب الخيال العلمي لاستشراف التهديدات المستقبلية المحدقة بالبلاد ومصالحها، خاصة وأن ثلاثين ألف جندي فرنسي ينتشرون حول العالم؛ في مهام تتراوح بين: عملية «برخان» لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي، و«تدابير الطمأنينة» التي يقودها حلف الناتو في الجبهة الشرقية، و«عملية الحارس» التي تهدف إلى حماية المناطق الحساسة على الأراضي الفرنسية من الإرهاب بمشاركة عشرة آلاف جندي و4.700 رجل أمن. 

مثل هذا الاستخدام المُكَثَّف للقوات المسلحة الفرنسية في العمليات القائمة، ربما يراه البعض دليل قوة، لكنه على الجانب الآخر يثير تساؤلات حول القدرة الدفاعية الفرنسية على الاستجابة للأزمات الجديدة أو التهديدات الناشئة، لاسيما وأن فرانسوا ليكوانتر، رئيس الأركان شخصيًا، اعترف بأن «قدرة الجيش الفرنسي على تنفيذ عملية في مهلة قصيرة، مماثلة لتلك القائمة بالفعل في مالي، موضع تساؤل». 

هنا تحديدا تبرز أهمية الدور الذي يضطلع به الناتو في تعويد جيوش الدول الأعضاء على العمل سويًا، وجعلها أكثر فاعلية وقابلية للتشغيل المتبادل في تنفيذ العمليات العسكرية. صحيحٌ أن الحلف لا يضطلح حاليًا بأي عمليات لـ«مكافحة الإرهاب»، بيدَ أن عملياته العسكرية، خاصة في أفغانستان، زادت قابلية «التشغيل المتبادل» في أوساط جيوش الحلفاء والشركاء.

ماذا تقدِّم فرنسا للناتو؟

تاريخيًا، كانت فرنسا عضوًا مؤسِّسًا في حلف الناتو، واستضافت أول مقر دائم للحلف في الخمسينيات والستينيات. حتى حين قررت باريس الانسحاب من هياكل «القيادة العسكرية المتكاملة» لحلف الناتو في عام 1966، لم يقوِّض هذا القرار التزامها بالإسهام في الدفاع الجماعي عن الدول الأعضاء في الحلف، بل كانت تهدف، على حد تعبير الجنرال ديجول، إلى «تعديل شكل تحالفنا، دون تغيير مضمونه». 

والمتأمِّل لتصريحات ماكرون الأخيرة، دون انتزاعها من سياقها، ويضعها في ضوء الخطط الفرنسية القائمة والمستقبلية؛ يجد أن الرئيس الحالي يدور تقريبًا في الفلك ذاته الذي رسمه جدُّه ديجول قبل عقود. خاصة وأن فرنسا اتخذت قرارًا في أبريل (نيسان) 2009 بالمشاركة الكاملة في هياكل القيادة العسكرية لحلف الناتو، وأعلنه رئيس الجمهورية في يونيو (حزيران) 2008.

وما بين الانسحاب والعودة، كان إعلان العلاقات الأطلسية، الذي وقَّعه وزراء الخارجية عقب اجتماع أوتاوا (19 يونيو/حزيران 1974) فرصة للتأكيد، على أعلى مستوى، على مساهمة فرنسا كقوة حاسمة داخل التحالف. ولم يغيب تضامن فرنسا مع حلفائها خلال فترات التوتر إبان الحرب الباردة، من أزمة الصواريخ الكوبية إلى أزمة «الصواريخ الأوروبية»، التي دعمت فرنسا خلالها نشر حلف شمال الأطلسي صواريخ بيرشينج في جمهورية ألمانيا الاتحادية ردًا على نشر صواريخ SS-20 السوفيتية النووية.

ومنذ نهاية الحرب الباردة، كانت فرنسا أحد المساهمين الرئيسيين في عمليات الناتو خلال تسعينيات القرن الفائت وأوائل الألفية الجديدة، إذ شاركت في عمليات إدارة الأزمات منذ بداياتها في عام 1993، سواء ضمن قوة تحقيق الاستقرار في البوسنة من 1993 إلى 1994، أو حملة الناتو الجوية في كوسوفو عام 1999، أو العمل ضمن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان ISAF التي وضعت تحت قيادة الناتو منذ عام 2003. 

صحيحٌ أن فرنسا سحبت جزءًا كبيرًا من قواتها في كوسوفو في أوائل عام 2014، وأعادت قواتها المقاتلة من أفغانستان في عام 2012، إلا أنها لا تزال تساهم في تمويل المهمة، مثلما تساعد في تمويل جميع عمليات الناتو الأخرى. وساهمت أيضًا في عملية «الحامي الموحد» التابعة للناتو في ليبيا عام 2011، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1973. وتشارك حاليًا في مهمة الناتو التدريبية في العراق، وتنشر بانتظام سفن الدعم التابعة لها كجزء من مهمة Sea Guardian  لحماية الملاحة في البحر المتوسط.

وحاضرًا، تُعَدُّ فرنسا هي أحد حلفاء الناتو القليلين الذين يمتلكون أداة دفاعية خضعت للاختبار العمليّ في ميدان القتال؛ بدءًا من عملياتها في الساحل وبلاد الشام، ووصولا إلى إسهاماتها في تحقيق الأمن الشامل للاتحاد الأوروبي. بهذه الخبرة القتالية في الخلفية، وبرغم كل المآخذ التي يمكن تسجيلها على القدرات الدفاعية الفرنسي، تسهم القوات المسلحة الفرنسية إسهاما كبيرًا ومنتظمًا في «تدابير الطمأنينة» التي أطلقها الحلفاء في عام 2014 ردًا على التحركات الروسية العدائية في أوكرانيا، وتدابير «الانتشار المتقدِّم» التي بدأت في عام 2016. ويبلغ عدد القوات التي تنشرها فرنسا كل عامٍ لخدمة هذه الأهداف ما يقرب من أربعة آلاف فرد، يشاركون في مهام المراقبة الجوية وجمع المعلومات الاستخباراتية ومناورات حلف الناتو (20 تدريبًا خلال عام 2018)، بالإضافة إلى توفير كتائب مدرعة وفرق مراقبة  بحرية.

ومستقبلا؛ برغم اللغط الدائر، تتحرك فرنسا في إطار المراجعة الاستراتيجية للدفاع والأمن القومي لعام 2017 التي تصف حلف شمال الأطلسي بأنه «مكوِّن رئيس للأمن الأوروبي». لتؤكد بذلك ما ورد في «الورقة البيضاء» الصادرة في أبريل (نيسان) 2013، والتي تنص على أن «استراتيجية الدفاع والأمن القومي الفرنسية تطبق داخل إطار الناتو وفي ضوء التزامها داخل الاتحاد الأوروبي». 

لترجمة هذه الرؤى إلى واقع؛ خصصت فرنسا 1.81٪ من ناتجها المحلي الإجمالي للمساهمة في ميزانية الناتو لعام 2018، مقابل 1.78٪ في عام 2017؛ لتحتل بذلك المرتبة السادسة من أصل 29 مساهمًا. وخصصت 24.17٪ من ميزانيتها الدفاعية في عام 2017 لعمليات الاستحواذ الكبرى والبحث والتطوير مقابل 24.44 ٪ في عام 2016 (المرتبة السادسة من بين 29 دولة). وتعهَّدت في قابل الأعوام بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2٪ من ثروتها الوطنية بحلول عام 2025. ولدعم هذا الالتزام، أدرجت وزارة الجيوش الفرنسية في مشروع قانون البرمجة العسكرية 2019-2025 مجهودًا غير مسبوق للقوات المسلحة بقيمة 198 مليار يورو خلال السنوات الخمس الأولى.

هل الولايات المتحدة هي أقل المستفيدين من الناتو حقًا؟

يرى ترامب أن الولايات المتحدة هي أقل المستفيدين من الناتو، لكن نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة الخارجية السابق وسفير الناتو  الذي يُدَرِّس الدبلوماسية والعلاقات الدولية في جامعة هارفارد، يرى أن هناك فوائد رئيسية تجنيها الولايات المتحدة من الناتو، بل يرجح أن يظل الحلف يشكل أهمية لأمن أمريكا حتى في المستقبل البعيد.

فوائد عسكرية:

  • قوات حلف شمال الأطلسي التقليدية والنووية الهائلة هي أنجع وسيلة لحماية أمريكا الشمالية وأوروبا من الهجوم.
  • اعتمدت الولايات المتحدة على حلفاء الناتو لمواجهة تنظيم القاعدة في أفغانستان، وتنظيم الدولة في الشرق الأوسط.
  • حلَّت القوات الأوروبية محل الجنود الأمريكيين في مهام حفظ السلام في البوسنة، وساهمت بالأغلبية العظمى من القوات في كوسوفو.
  • سيجد القادة الأمريكيون في المستقبل أن أوروبا هي الشريك الأكثر قدرة واستعدادًا لمواجهة أكبر التهديدات المحدقة بالأمن العالمي: تغيُّر المناخ وعصابات المخدرات والجرائم الإلكترونية والإرهاب والأوبئة والهجرة الجماعية من إفريقيا والشرق الأوسط. وسيظل حلفاء أمريكا في الناتو لا غنى عنهم لصد الهجوم الذي تشنه روسيا والصين.

فوائد اقتصادية:

  • الحفاظ على الناتو مفيد لمستقبل أمريكا الاقتصادي؛ بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وكلاهما يمثلان أكبر اقتصادين في العالم، ويمكنهما توجيه التجارة العالمية لصالحهما إذا بقيا سويًا. إذ يعمل أكثر من أربعة ملايين أمريكي في شركات أوروبية في الولايات المتحدة. وتصدر 45 ولاية أمريكية من أصل 50 سلعًا إلى أوروبا أكثر مما تصدره إلى الصين.
  • ربما يكون معظم أعضاء الناتو بحاجة إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي، لكنهم لا يحصلون على الحماية مجانًا- كما يلمزهم ترامب- بل زادوا إنفاقهم الدفاعي بأكثر من 87 مليار دولار منذ ضم بوتين شبه جزيرة القرم في عام 2014. وسيصل 14 منهم إلى هدف الإنفاق العسكري الذي حدده الناتو – 2% من إجمالي الناتج المحلي – بحلول عام 2024.

هل حلفاء أمريكا في الناتو يستغلون الولايات المتحدة؟

يحاول ترامب أن يصوِّر للأمريكيين أن حلفاءهم يستغلونهم ببساطة. لكن في 11 سبتمبر 2001، شاهد بيرنز واقعًا مختلفًا تمامًا كسفير للولايات المتحدة لدى الناتو. إذ تطوعت كندا والحلفاء الأوروبيون في غضون ساعات من الهجمات لاستدعاء المادة الخامسة من معاهدة الناتو، والتي تلزم جميع الأعضاء بالرد على أي هجوم على أي عضو، لأول مرة في التاريخ. «جاءوا للدفاع عنا عندما كنا في أمس الحاجة إليهم. وأرسلوا قوات للقتال معنا في أفغانستان، وما زالوا إلى جانبنا بعد 17 سنة. فهل سنتخلى الآن عن هذه الحماية المتبادلة، ونخوض وحدنا غمار القرن الحادي والعشرين الخطير؟ سيكون هذا خطأ تاريخيًا»، على حد قول بيرنز في مقالٍ نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

و«الدفاع الجماعي» هو الهدف الأساسي لحلف شمال الأطلسي ومسؤوليته الرئيسية. فوفقًا للمادة الخامسة من معاهدة واشنطن، «يعتبر الهجوم المسلح ضد دولة أو أكثر في أوروبا أو أمريكا الشمالية هجومًا على كافة الدول»، ويتعين على الجميع اتخاذ «الإجراءات التي تعتبر ضرورية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة؛ لاستعادة أمن منطقة شمال الأطلسي والحفاظ عليه». بيدَ أن المادة الخامسة لم تُطبَّق حتى اليوم إلا ردًا على هجمات 11 سبتمبر 2011، ما أدى إلى تنشيط عملية «مكافحة الإرهاب» في البحر المتوسط.

خلاصة القول:

  • فرنسا ليست قلعة حصينة، لا خارجيًا ولا داخليًا، وليست في غنى عن مظلة الناتو- على الأقل حتى إيجاد بديل فعّال- لا سيما في مواجهة التهديدات الناشئة والمخاطر المستقبلية. 
  • في المقابل، قدَّمت فرنسا الكثير على مر السنين، ولا تزال ملتزمةً بواجباتها تجاه الحلف، وتتعهد بالمزيد مستقبلا، رغم كل النقد الموجه لكفاءة الناتو. 
  • في الوقت ذاته، يفتقر الادعاء بأن «الولايات المتحدة هي أقل المستفيدين من الناتو» إلى الدقة؛ إذ تجني واشنطن فوائد عسكرية واقتصادية، على عكس ما يروِّجه ترامب. 
  • ثم هناك المنطق البديهي: لا أحد من الجانبين يُقَدِّم شيئًا مجانًا، بل يبحث الكل عن مصالحه، يدور معها حيث دارت، وحيثما تستقر سيحطّ إلى جوارها رحاله. 

تبيان

تبيان، مجلة رقمية تتناول ما يُهم أمّتنا ومشاكلها وقضاياها الحقيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى