المعاناة من أجل الحمل باستخدام البويضات المجمدة
هذا المقال ترجمة بتصرف لمقال: The struggle to conceive with frozen eggs لكاتبته: Ariana Eunjung Cha في موقع: washingtonpost.com. الآراء الواردة أدناه تعبّر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبّر بالضرورة عن تبيان.
أثارت بريجيت آدمز ضجة كبيرة قبل أربع سنوات عندما ظهرت على غلاف بلومبرج تحت شعار “جمدي بويضاتك، تحرري حياتك المهنية”. لمن لا يعلم من هي آدمز؛ هي فتاة في ريعان الشباب تخرجت من جامعة فاسار، وتتحدث الإيطالية بطلاقة، تعمل في مجال التسويق الإلكتروني لعدد من الشركات المرموقة. هدفها الوحيد من وراء هذه الحملة هو توفير فرصة لعيش حياة أفضل للمرأة، كما نوهت في المجلة “لنسع للحصول على كل شيء في الحياة”.
وقد أقدمت ادمز على هذه الخطوة وجمدت بويضاتها في أواخر الثلاثين من عمرها، وعلى الرغم من التكلفة الباهظة التي أنفقتها حيث بلغت 19 ألف دولار لكنها كانت تخطط للعمل لبضع سنوات أخرى، ومن ثم العثور على رجل مناسب للزواج.
ولكن للأسف لم تسر الأمور كما كانت تأمل؛ ففي أوائل عام 2017، ومع اقتراب عيد ميلادها الخامس والأربعين، لم تستطع من إيجاد الزوج المناسب بعد، فقررت ادمز أن تكون عائلة بمفردها.
قامت بفك تجميد 11 بويضة كانت قد خزنتها من قبل وقامت باختيار متبرع بالحيوانات المنوية. ولكن أثناء إجراء عملية تذويب البويضات ماتت اثنتان منهم، وثلاث أخريات فشلوا في التخصيب، ولم يبق إلا ستة أجنة، لوحظ أن خمسة منهم غير طبيعيين أي “شاذين” ولم يتبق إلا واحدة تم زرعها في رحمها. وفي صباح يوم 7 آذار، تلقت نبأً صادمًا بأن آخر بويضة تبقت لها والتي تم زرعها في رحمها فشلت هي الأخرى.
لم تتمكن ادمز من الحمل، ولن تتمكن من الحصول على طفلها الجيني أبدًا. وبعد الصدمة التي عاشتها قررت مشاركة تجربتها مع الناس، فكتبت على مدونتها واصفة ما شعرت به في ذلك اليوم: “لقد انهرت تمامًا، أنهيت المكالمة وبدأت برمي كل شيء أمامي، الكتب، الأوراق، حاسوبي ومن ثم سقطت على الأرض. لقد كان أحد أسوأ أيام حياتي، كان هناك الكثير من المشاعر؛ كنت حزينة، غاضبة، بل كنت أشعر بالخجل. تساءلت، لماذا أنا؟ ما الخطأ الذي ارتكبته؟”.
وصرحت أنه في عصر أصبح فيه تجميد البويضات أمرًا شائعًا، من المدهش أن النقاش حول نتائجه غير المضمونة لم يأخذ اهتمامًا كبيرًا إلى حد الآن. فكل ما تقوم به الشركات هو إطلاق إعلانات توهم بها النساء بأن تجميد البويضات يضمن للمرأة الحصول على أطفالها في أي عمر كانت.
لكن للأسف الحسابات ليست ثابتة دائمًا؛ ففي المتوسط الإجمالي؛ لدى المرأة التي تجمد 10 بويضات في سن 36 عامًا فرصة بنسبة 30 إلى 60 في المئة لإنجاب طفل، وبالتالي فإن الاحتمالات أعلى بالنسبة للنساء الأصغر سنًا. كما أن الفرص الناجحة ترتفع بعدد البويضات المخزنة (آخذين بعين الاعتبار التكلفة الباهظة لتخزين البويضة الواحدة). مع العلم أن فرص النجاح تختلف من شخص لآخر لدرجة أن المتخصصين يقولون إنه من المستحيل التنبؤ بنتيجة ثابتة لجميع الأفراد.
ولدينا العديد من الأمثلة لنساء أُخريات خُضنَ هذه التجربة واختلفت نسب نجاحهنَّ من واحدة لأخرى:
لنبدأ بإيمي ويست؛ تبلغ من العمر43 عامًا، أستاذة في لوس أنجلوس بمدرسة Sidwell Friends في منطقة العاصمة، وهي واحدة من المحظوظات. حيث رزقت بطفل منذ 22 شهرًا وبقيت لديها عدة بويضات.
ثانيًا كارولين جورج لى؛ 46 عامًا، وهي ممرضة من هايماركت، فرجينيا، جمدت 25 بويضة وخططت أن يكون لديها عائلة كبيرة. أنجبت توأم بنجاح، لكنها فقدت بقية البويضات لأسباب مختلفة.
ومن ثم هناك الكاتبة ميمي فوكس؛ البالغة من العمر 44 عامًا، حاولت استخدام بويضاتها المجمدة ولكن تم تدمير الدفعة الكاملة المكونة من 18 بويضة أثناء شحنها من عيادة إلى أخرى. تؤكد تجارب النساء الأربع على ضرورة عدم اليقين التام بنتائج هذا الإجراء.
وتحدث مطولًا الدكتور جيمس جريفو أخصائي الخصوبة في جامعة نيويورك لانغون هيلث عن الفكرة الكاملة حول هذا الموضوع، وأضاف أنه من غير الممكن “التحكم” في خصوبتك. تظنين بأنك قد تمكنت من السيطرة على حياتك بالطريقة التي تحبين ولكن هذه أكذوبة العصر الحديث، فليس هناك طريقة علمية مؤكدة لأي شيء، فالعلم نفسه ليس ثابتًا. ويجب أن تدرك النساء النتائج المترتبة عليها بعد اتخاذ مثل هذا القرار.
بالمقابل بدأت جامعة نيويورك لانجون عام 2004 في تقديم خدمة حفظ البويضات لمن تريد، وهو أحد البرامج الأولى في الدولة. وقال جريفو إنه منذ ذلك الحين، وُلد حوالي 150 طفلًا باستخدام بويضات مذابة. وهذا يمثل نسبة نجاح تتراوح بين 50 و60 في المئة، ومع ذلك هذه النتيجة لا تعد ضمان كافٍ.
الأسباب التي أدت لانتشار إجراء حفظ البويضات
قبل أربعين عامًا، وقبل أن تكون صيحة تجميد البويضات قد أخذت رواجًا بين المشاهير الذين انهالوا بتغريدات حول “السيطرة على مستقبلهم” مثل كايتلين بريستو “The Bachelorette” وغيرها من المشاهير، كانت النساء العاملات قد تم تحذيرهن حول ضعف خصوبتهن. كتب ريتشارد كوهين؛ كاتب العمود في واشنطن بوست في عام 1978 أن “ساعة الوقت البيولوجية للمرأة يمكن أن تخلق حالة من الذعر الحقيقي”. منذ ذلك الحين، ولم يترك العلماء والباحثون أي وسيلة من الممكن أن تقدم حلًا في هذا الموضوع إلا وقاموا بطرحها.
وتوصل الأطباء إلى أن العامل الأساسي الذي يؤثر على قدرة المرأة على الإنجاب هو عدد بويضاتها؛ فمنذ لحظة ولادتها، وهي تمتلك عددًا محددًا من البويضات التي لا تزيد ولا تنقص، تسكن في المبايض، وتتقدم في العمر كل شهر، بدءًا من سن البلوغ.
وتختلف جودة البويضات من أنثى لأخرى؛ فمن الممكن أن يوجد خلل في البنية الداخلية للبويضة أو في عدد الكروموسومات الموجودة فيها، وممكن أن يكون عددها أقل أو أكثر من الطبيعي. وهذا هو أحد أسباب تأخر الحمل عند البعض، بل وعامل أساسي من عوامل الإجهاض.
ارتفاع نسبة النساء التي جمدت بويضاتها بشكل هائل
أثبت العلم أنه في سن الخامسة والثلاثين تنخفض فرص الحمل لدى المرأة بشكل حاد مع انخفاض عدد البويضات وجودتها. وبحلول سن الأربعين، يكون لديها فرصة بنسبة 5 في المئة للحمل في أي شهر معين. وفي سن الخامسة والأربعين، تبلغ 1 في المئة.
في المقابل، يجدد الرجال حيواناتهم المنوية بمعدل 1500 في الثانية طيلة فترة حياتهم، وهناك حالات موثقة لرجال مازالوا في سن الخصوبة حتى التسعينيات من عمرهم. ولكن من الطبيعي أن يؤثر العمر على جودة الحيوانات المنوية. أما بالنسبة للنساء؛ يكاد أن يكون تأثير العمر على بويضاتها نحو 90 في المئة.
مما دفع النساء للجوء لتجميد بويضاتهن حتى لو كلفهم الأمر أن يدفعوا مبالغ طائلة حوالي 10000 دولار إلى 16000 دولار لكل دورة تجميد، بالإضافة إلى مئات الدولارات كرسوم تخزين سنوية. وعلى الرغم من عدم وجود ضمانات علمية مؤكدة، ولكن أعلنت جمعية التوليد في الولايات المتحدة الأمريكية أن عدد النساء اللاتي يقمن بتجميد بويضاتهن يزداد شيئًا فشيئًا؛ من 475 في عام 2009 إلى ما يقارب الـ 8000 في عام 2015.
ويمكننا القول إن هذا الإجراء تزداد شعبيته بين الناس أكثر فأكثر؛ وتتوقع جينا بارتاسي -الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة مزايا الخصوبة Progeny- أنه من المتوقع أن تقوم 76000 امرأة بتجميد بويضاتها هذا العام، على سبيل المثال:
إيمي
إيمي ويست؛ وهي أكاديمية حاصلة على درجات علمية من جامعة فيرجينيا وجامعة ستانفورد، وتعد على دراية جيدة بالبحوث المتعلقة بخصوبة الإناث. عندما تعهدت في العشرينات من عمرها بإنجاب طفل في سن الـ 37، ولكن مع اقتراب سن السابعة والثلاثين، كانت غير متزوجة وتعمل لساعات طويلة. لذلك في عام 2011 قررت تجميد بويضاتها.
سارت الأمور على أفضل حال، وحصلت على 26 بويضة. وعندما بلغت الأربعين، أصبحت ويست مستعدة لاستخدامها. استغرق الأمر محاولتين وأربعة أشهر للحمل، ولكنها اليوم هي أم لطفل صغير يتمتع بصحة جيدة، وما زال لديها الكثير من البويضات المخزنة. قالت ويست في إحدى المقابلات “لم أتخيل أبدًا أن أكون أمًّا عزباء“.
كارولين
خطرت لكارولين جويريج لي فكرة تجميد بويضاتها من أوبرا وينفري. تم بث الفكرة قبل سنوات عديدة، قبل أن يكون الإجراء متاحًا في الأسواق حتى.
وفي عام 2008، كانت لي تبلغ من العمر 37 عامًا وتواعد رجلًا عظيمًا التقت به في كنيسة ماكلين، ولكن اختلاف ثقافاتهم جعل مستقبلهم مشكوكًا فيه إلى حد ما؛ فهو مهندس ورائد أعمال كوري أمريكي، وهي ممرضة ألمانية وأيرلندية من عائلة عسكرية. هي تسكن في سياتل وهو في فرجينيا.
ولكن رغم كل تلك الظروف قام بدعمها في خطوة تجميد بويضاتها. وكانت قد بلغت الـ 39 من عمرها، فنصح طبيبها بالقيام بجولتين تجميد من أجل نتائج أفضل، وحصلت على 25 بويضة.
وبعد بضع سنوات تزوجت لي والمهندس وكانا مستعدين لتكوين عائلة. تقول لي إن “فكرة تخصيب 25 بويضة كانت فكرة مبالغ بها بعض الشيء”. لكن عندما بدأوا بها أدركوا أن ليس كل البويضات يقدر لها النجاح.
يشرح أخصائي الصحة الإنجابية أن عملية إذابة البويضات وتخصيبها ونقلها إلى الرحم تشبه الهرم المقلوب؛ تبدأ بعدد معين من البويضات وتفقد بعضها البعض في كل خطوة.
تجميد البويضات في سن مبكرة يأتي بنتائج أفضل
على الرغم من تطور عملية تجميد البويضات بشكل ملحوظ به في السنوات الأخيرة، إلا أن نسبة 5 إلى 15 بالمئة لا تنجو من عملية الذوبان. والبويضات التي تنجو يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية ومن ثم تُترك الأجنة الناتجة لتنمو لمدة ثلاثة إلى خمسة أيام ويتم تصنيفها وفقًا لبعض الخصائص، ثم يتم نقل البويضات التي قد طابقت المواصفات الكاملة إلى رحم المرأة، حيث يلتصق بعضها فقط بجدار الرحم؛ وهي الخطوة الأولى في الحمل الناجح. وهناك قد يواجه الحمل المخاطر المعتادة؛ بما في ذلك الإجهاض التلقائي غير المبرر.
تقول لي إنها ممتنة لتوأمها، لكنها وزوجها كانا يتوقان دائمًا إلى عائلة أكبر. وبعد أن فقدت بقية بويضاتها، استخدمت بويضات تبرعت بها أختها الصغرى وأنجبت توأمين آخرين، وفي الأسبوع الماضي، أنجبت طفلًا خامسًا باستخدام بويضة متبرعة أيضًا. وهي الآن سعيدة بشكل كبير بفضل هذه التقنية الحديثة.
وتنصح النساء بأن لا يفقدن أملهن أبدًا وبأن يكون لديهن خطة بديلة إن لم تنجح بويضاتهن، قائلة: “دائمًا هناك متبرع ودائمًا هناك فرصة بأن تصبحي أمًّا”.
ميمي فوكس
عندما جمدت فوكس بويضاتها في سن الـ 37، سارت العملية بسهولة أكثر مما توقعت. قالت: “شعرت بسعادة غامرة وأظن أنه أفضل قرار اتخذته على الإطلاق”. ومن ثم بدأت فوكس على الفور في البحث على زوج مناسب. ووجدت “حب حياتها” سريعًا، وبعد أشهر تزوج الاثنان.
ولمدة عامين تقريبًا، حاولت الحمل بشكل طبيعي. وعندما شارفت على بلوغ الأربعين من عمرها، قررت استخدام بويضاتها المجمدة. ولكنها كانت تعيش في لوس أنجلوس وبويضاتها المخزنة في سان فرانسيسكو مما أدى لتخريب معظمها في عملية النقل.
عانت فوكس للغاية، ولكن بعد ثلاث سنوات من عمليات التلقيح الاصطناعي وعلاجات الخصوبة، أنجبت توأمين. قالت: “هناك نهاية سعيدة، ولكن مع الكثير من الألم والمبالغ الطائلة، ولكن دائمًا يوجد أمل”.
بريجيت
بعد فترة وجيزة من نشر قصة بلومبرج، بدأت رسائل البريد الإلكتروني تتدفق إلى صندوق بريد بريجيت ادمز. راسلتها نساء من جميع أنحاء العالم لطلب نصيحتها. فقامت بإطلاق مدونة، والتي تطورت لتصبح موقعًا مشهورًا حيث شارك الناس فيه نصائح حول تجميد البويضات.
أصبح لدى العديد من الشابات الأمل بالحصول على حياة سعيدة. لكن في ذلك اليوم المؤلم من شهر مارس، عندما فشلت آخر بويضاتها المجمدة في الحمل، أدركت ادمز مدى ضآلة المعلومات المتوفرة حول هذا الموضوع، وقالت: “هناك وعود زائفة زائدة عن الحد”.
وحرصت على توضيح كمية الوعود الكاذبة التي ملأوا بها رؤوس النساء حيث طالبت العيادات بتقديم البيانات العلمية حول هذا الإجراء، لكن من السهل التنصل من الحقيقة بقولهم إنها ليست متوفرة حاليًا.
ثانيًا، قالت إن العديد من العيادات تقوم بتجميد البويضات دون إجراء فحص الخصوبة لأنه إذا كانت الخصوبة منخفضة فستحتاج المرأة لأكثر من دورة تجميد لزيادة فرص الحمل لديها. وهذا ما حدث مع ادمز. عندما راجعت اختباراتها مؤخرًا، قالت إنها أظهرت بوضوح أن خصوبتها كانت في انخفاض تام، مما يشير إلى أنها ستحتاج إلى أكثر من 11 بويضة للحمل.
في حين أنها لا تزال مؤيدة لتجميد البويضات، قالت آدمز إن النساء بحاجة إلى توعية أفضل حول النتائج المحتملة، بما في ذلك النتائج السلبية. وبعد فترة كبيرة من الحزن بدأت ادمز عملية التلقيح الاصطناعي مرة أخرى، ولكن هذه المرة ببويضة متبرعة وحيوان منوي من متبرع.
قالت إن “اختيار متبرع بالحيوانات المنوية كان ممتعًا، مثل البحث عبر الإنترنت للعثور على الشريك المثالي. من ناحية أخرى، كانت محاولة اختيار متبرعة بالبويضات “مؤلمة”، حيث إن كل امرأة تتمنى أن تكون هي صاحبة بويضة جنينها”.
ولكن عندما جاء الطبيب وقال لي إنني حامل بفتاة نسيت كل ما مريت به من ألم وكنت ممتنة لكل متبرع ساهم بعيشي لهذه اللحظة.
ساهمت في هذا التقرير ماجدة جان لويس.