الصراع على صنم العجوة .. مَن يصنعه ومَن يأكله!

“زلزال سياسي يضرب أمريكا” .. “هذا الحكم كارثي”..”لا ينبغي للدولة أن تسيطر على أجساد النساء .. “ما أفعله بجسدي عائد لي .. “لتجنب كسر مؤسسة كبرى، يحتاج القضاة التسعة إلى كبح جماح أنفسهم” .. “القضاة التسعة يواجهون أزمة شرعية”.

هذه عينة من الهجوم العنيف الذي تتعرض له “المحكمة العليا”؛ أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة الأمريكية في الأيام الأخيرة.

وذلك بسبب التسريب الذي قامت به شبكة بوليتيكو الإخبارية على موقعها على الإنترنت؛ حيث نشرت مسودة وثيقة لرأي المحكمة العليا تلغي فيها الحق الدستوري في الإجهاض الذي كان يجري العمل به منذ عام 1973م والذي يعرف بقضية “رو ضد ويد”.

ويمثل الإجهاض قضيةً مثيرةً للجدل في الولايات المتحدة، تقسِّم الأميركيين بشكل حاد على أسس حزبية وأيديولوجية ودينية.

وكان رئيس قضاة المحكمة العليا “جون روبرتس” قد أكد أن هذه المسودة المسربة حقيقية، وأن الرأي بمنع الإجهاض يحظى بدعم خمسة من القضاة التسعة، وهو ما يكفي لجعله قانون البلاد. وكتب القاضي صامويل أليتو، في المسودة المكونة من 98 صفحة يقول إن القرار الذي كان يضفي الشرعية على الإجهاض في جميع أنحاء الولايات المتحدة خطأ فادح.

ورغم أن ما تم تسريبه هو مسودة أولية، وأن القرار النهائي سوف يصدر في نهاية شهر يونيه 2022؛ إلا أن الأمر اعتبر زلزالًا سياسيًا واجتماعيًا في الولايات المتحدة. ووجد استطلاع أجراه مركز “بيو” للأبحاث، نشر مؤخرًا خلافات عميقة حول الإجهاض على أساس الانتماء الحزبي، وهو أوسع بكثير مما كان عليه قبل عقدين من الزمان.

فيقول 59% من البالغين في الولايات المتحدة إن الإجهاض يجب أن يكون قانونيًا في جميع الحالات أو معظمها، في حين يعتقد 39% أن الإجهاض يجب أن يكون غير قانوني في جميع الحالات أو معظمها.

وإذا أقرّت المحكمة العليا هذا القرار فستعود الولايات المتحدة إلى الوضع التي كانت عليه قبل 1973 الذي يعطي لكل ولاية حرية سن قوانين تبيح الإجهاض، أو تحظر الإجهاض أو تقييده بشدة، وهي خطوة من المرجح أن تتخذها 26 ولاية أمريكية.

وقبل الخوض في التفاصيل ننقل عن مؤلف كتاب حقائق عن الإجهاض: فيقول Conrad Birmingham:

على مدى الخمسين عامًا الماضية من عمليات الإجهاض في الولايات المتحدة؛ قُتل ستون مليون طفل منذ قضية رو ضد وايد. وهذا الكتاب عبارة عن أرشيف بسيط لحقائق الإجهاض، العدد أكثر من ستين مليون.

ما هي قضية “رو ضد ويد” التي جعلت الإجهاض حقًا دستوريًا؟

الإجهاض

“رو ضد ويد هي القضية التي نجم عنها إصدار قرار المحكمة العليا الأمريكية بمنح النساء حق الإجهاض في كافة الولايات المتحدة. وأعطى قرار رو ضد وايد في عام  1973 النساء في الولايات المتحدة حقًا مطلقًا في الإجهاض في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وحقوقًا محدودة في الثلث الثاني من الحمل.

ودارت القضية حول سيدة تدعى “نورما مكورفي” وأطلق عليها “جين رو” كانت حبلى بطفلها الثالث في عام 1969 وكانت ترغب في إجهاض طفلها. ولكن القوانين التي كان معمولًا بها في ولاية تكساس التي كانت تقيم بها، كانت تحظر هذا الأمر؛ ما حدا بها إلى إقامة دعوى قضائية ضد المدعي العام المحلي المدعو “هنري ويد”.

وكان قرار المحكمة منَح للنساء دستوريًا الحق المطلق في الإجهاض في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، فلا يجوز تجريم الإجهاض من قبل سلطة الولايات. وعلى الرغم من هذا القرار، سعى مُشرِّعون في عدد من الولايات الأمريكية “المحافظة” إلى إصدار قوانين من شأنها وضع عوائق تقيد قدرة النساء على الحصول على الإجهاض.

ثم تم تدعيم هذا القرار في قضية “بيرنت بلاندوود ضد كيسي” عام 1992؛ حيث حكمت المحكمة العليا أنه ليس من حق الولايات وضعقيود غير محتملة على النساء اللواتي يسعين للحصول على الإجهاض قبل مرور 24 أسبوعًا من الحمل.

ما الذي فجَّر القضية مرة أخرى بعد 50 عامًا؟!

يتعرض الحكمان السابقان لمحاولات للنقض من جانب قانون سارٍ في ولاية ميسيسبي يحظر الإجهاض بعد الأسابيع الـ 15 الأولى من الحمل، بما في ذلك الحمل الناتج عن الاغتصاب والعلاقات الجنسية بين الأقارب من الدرجة الأولى. وصُدّق على هذا القانون في عام 2018 لكنه لم يطبق نظرًا لطعنٍ تقدمت به منظمة جاكسون لصحة المرأة. وتطالب ولاية ميسيسبي بنقض حكم “رو ضد ويد” ومعه حق النساء الدستوري في الإجهاض في الولايات المتحدة.

وحظرت محكمتانِ فدراليتانِ القانون الذي أقرته ولاية مسيسبي؛ مما سمح بوصوله إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة، ووافقت المحكمة العليا في مايو 2021 على مراجعة قانون ولاية مسيسيبي الذي يهدف إلى جعل معظم عمليات الإجهاض بعد 15 أسبوعًا من الحمل غير قانونية، ولا يسمح القانون بالإجهاض بعد 15 أسبوعًا، مع استثناء حالات الطوارئ الطبية، أو في حالة التشوه الشديد للجنين. لكنه لا يعطي استثناءً لحالات الاغتصاب أو الحمل الناتج عن زنى المَحارم. وإذا أجرى الأطباء عمليات إجهاض خارج حدود القانون؛ فإنه ينص على تعليق أو إلغاء تراخيصهم الطبية، مع إمكانية تعرضهم لعقوبات وغرامات إضافية.

وجاءت موافقة المحكمة على النظر في القانون، بعد أن رفضت أيضًا حظر قانون الإجهاض في ولاية تكساس الجنوبية أيضًا المُحافِظة كذلك؛ الذي يمنع الإجهاض بعد نحو 6 أسابيع من الحمل، من دون إعطاء أية استثناءات للاغتصاب أو الحمل الناتج عن زنى المحارم. وتعد هذه القضية أول مراجعة لقانون الإجهاض في المحكمة منذ فترة طويلة.

وتمكنت ولايات جنوبية “محافظة” مثل تكساس ومسيسيبي، من تمرير تشريعات محددة ومعقدة لعمليات الإجهاض داخل حدودها. ومعظم الولايات الأخرى في الولايات المتحدة تسمح بالإجهاض حتى 22 أو 24 أسبوعًا من عمر الحمل، وفي ولاية فيرجينيا يسمح بالإجهاض حتى 26 أسبوعًا.

وبعد أن استمعت المحكمة العليا الأميركية إلى الحجج المؤيدة والمضادة المتعلقة بقانون ولاية مسيسيبي -الذي يحظر الإجهاض بعد 15 أسبوعًا من الحمل- جاء هذا التسريب لرأي المحكمة العليا الذي يؤيد إلغاء الشرعية الواسعة للإجهاض.

ما الذي فعله ترامب في “مزاج ” المحكمة العليا؟!

تتكون المحكمة العليا الأميركية من رئيس وثمانية قضاة، يرشحهم الرئيس الأميركي ويوافق أو يرفض تعينهم مجلس الشيوخ. ويظل القضاة في مناصبهم مدى الحياة ما دام سلوكهم حسنًا، ولا تنتهي خدمتهم إلا بالوفاة أو الاستقالة أو التقاعد أو الإدانة والعزل من مجلس الشيوخ.

عادةً ما يصنف قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية تبعًا لتوجهاتهم وفلسفتهم القانونية إلى: محافظين، معتدلين، أو ليبراليين. حاليًا هناك 6 قضاة محافظين و3 ليبراليين ولا يوجد معتدلون، وتكفي الأغلبية البسيطة “5 أصوات” لتمرير أي قانون جديد.

خلال فترة ولايته الوحيدة قام دونالد ترامب، بتسمية 3 قضاة محافظين في المحكمة العليا، وتم تعيينهم بالفعل؛ مما قلب توازن المحكمة لصالح التيار المحافظ بـ6 قضاة مقابل 3 فقط من الليبراليين. مما يجعله أول رئيس منذ رونالد ريغان يسمي ثلاثة قضاة في فترة واحدة، ويكون بذلك قد وفى بوعده الانتخابي الذي نص فيه على اختيار قضاة المحكمة العليا من أجل تغيير قانون “رو ضد ويد”.

ويبلغ أقدم القضاة الذين عينهم ترامب 57 عامًا فقط، وهو ما يمكن أن يبقي الثلاثة بسهولة في ضمن المحكمة لمدة 30 عامًا أخرى حسب متوسط الأعمار. وأبدى القضاة المحافظون -خاصة الثلاثة الذين عينهم ترامب- (وهم نيل جورسيتش، وبريت كافانو، وإيمي كوني باريت) رغبةً في إلغاء التشريعات السابقة، والتشدد تجاه عمليات الإجهاض، وتشجيع النساء على عرض أطفالهم للتبني بدلًا من التخلص منهم قبل الولادة.

والإجهاض ليس القضية الوحيدة المثيرة للجدل الذي تتناولها حاليًا المحكمة العليا، فهي على وشك إصدار قرارات بشأن حقوق حمل السلاح؛ وهي قضية محورية يقاتل عليها اليمين الأمريكي، والصلاحيات التنظيمية للحكومة الفيدرالية، والفصل بين الكنيسة والدولة، وإذا غلبت “رؤية اليمين” على القانون الأميركي في كل هذه المجالات؛ فإن أعدادًا متزايدة من الليبراليين سيقاتلون بشراسة باعتبار القضاة -في هذه الحالة- مجرد مخالب غير منتخبة وغير شرعية لليمين المحافظ، وأن المحكمة قد خاطرت بتحويل نفسها إلى مجرد مظهر آخر من مظاهر الحزبية المتطرفة في أميركا، وأن تُعامل وفقا لذلك.

وإذا بدأ القضاة باسم التيار المحافظ في تمزيق السوابق القضائية التي استمر العمل بها لمدة نصف قرن؛ فسوف يكون هناك ضغط سياسي متزايد لإعادة تشكيل المحكمة.

ولم يعد رئيس المحكمة العليا “جون روبرتس” وهو آخر رجل قانون معتدل في قانون التوازن الذي استمر خمسة عقود، قادرًا على كبح جماح الأغلبية المحافظة، وبعبارة أخرى، فإن إلغاء قانون الإجهاض -إن تم- قد ينذر بسلسلة من الأحكام المشحونة للغاية والمستقطبة.

ورغم أن تداعيات ذلك على شرعية الإجراءات القضائية في الولايات المتحدة لم تتضح بعد؛ إلا أنه يبدو عميقًا أن الثقة بين القضاة -وهم مجموعة كان يشار إليها في السابق باسم “الإخوة”- قد ولَّتْ.

ورغم تصديق مجلس الشيوخ على تعيين مرشحة الرئيس بايدن “كيتانجي براون جاكسون”؛ وهي أول امرأة سوداء في هيئة المحكمة العليا والتي ستحل محل القاضي ستيفن براير، بعد تقاعده في يونيو 2022؛ فلن يغيّر تعيين جاكسون التوازن الأيديولوجي الحالي في المحكمة التي يوجد بها ستة محافظين.

تسريب الوثيقة .. والصراع على أكل صنم العجوة!

كل شيء مباح في السياسة الأمريكية، ولا يُتوقع بطبيعة الحال أن هذا التسريب لوثيقة المحكمة قد كان صدفة عابرة، أو رمية من غير رامٍ! والأيادي تشير إلى الليبراليين واليسار، خاصة وأن التسريب قد جاء مع اقتراب الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر 2022، وشعبية الرئيس “جو بايدن” الديمقراطي الليبرالي ليست على ما يرام، وسط أزمة اقتصادية كبيرة، وارتفاع التضخم لأعلى مستوى منذ 40 عامًا، ورفع سعر الفائدة لأعلى معدل منذ عقدين، وارتفاع الأسعار. ومعلوم أن الاقتصاد هو أكثر ما يؤثر على صوت الأمريكي في صناديق الاقتراع. والآن جاءت الفرصة للفت نظر الناخبين في اتجاه آخر عن تراجع أداء الرئيس ومشاكل الاقتصاد بقضية محورية في حياة الأمريكيين.

وفي مقال لمجلة THE WEEK بعنوان: “آفاق معركة الإجهاض تغيّر سياسات الانتخابات النصفية” قالت: أثار هذا الكشف للوثيقة موجةً من النشاط بين مسؤولي الولايات؛ حيث تحرك الجمهوريون لحظر الإجهاض أو تقييده بشدة، وتعهد الديمقراطيون بتحويل ولاياتهم إلى ملاذات آمنة للنساء اللواتي يسعين إلى الإجهاض. وقالوا بأنه “سيتم الترحيب بهن وخدمتهن”.

وتعهد كبار الديمقراطيين بجعل حماية الإجهاض محور انتخابات التجديد النصفي هذا العام. ويأمل الديمقراطيون، أن يؤدي ذلك إلى تحفيز الناخبين الشباب والنساء الذين لا يعجبهم أداء الرئيس بايدن. ويعمل مُشرِّعو الولايات الديمقراطية على تكثيف خططهم لتوفير ملاذ للنساء اللواتي يسعين إلى الإجهاض.

وتوقع تحليلٌ أجرَتْه جامعة فيرجينيا مؤخرًا أن رد الفعل العنيف لإلغاء قانون “رو ضد ويد” يمكن أن يعزز الديمقراطيين في الولايات المتأرجحة مثل ميتشجن وجورجيا وبنسلفانيا. وتوقع حاكم ولاية إلينوي جي بي بريتزكرتسونامي من النشاط بين الناخبين الديمقراطيين. وقالت السناتور آمي كلوبوشار (وهي ديمقراطية من مينيسوتا): إن النساء سيصوتن هذا الخريف بأرقام لم نشهدها من قبل.

واستطلاعات قضية الإجهاض تصب في صالح الديمقراطيين؛ ففي استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في يناير 2022 قال 69 في المائة من الأمريكيين إنهم يعارضون إلغاء القانون، وقال 33 في المائة إنهم سيكونون غاضبين إذا حدث ذلك.

ومن جهته، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى المحافظة على حق النساء في الإجهاض، مؤكدًا أنه إذا تم المضي قُدُمًا في القرار؛ فقد يشكك هذا في الحريات الأخرى كحقوق الشواذ من الجنسين في الزواج.

وأصدرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر -وكلاهما ديمقراطيانِ- بيانًا مشتركًا قالا فيه: إذا كان التقرير دقيقًا؛ فإن المحكمة العليا ستقوم بفرض أكبر تقييد للحقوق في الخمسين عامًا الماضية.

حرية الإجهاض في اللعبة السياسية

لن نخوض في التحليل الأخلاقي أو الديني لقضية الإجهاض أو غيرها من مظاهر الانحلال الأخلاقي الضاربة بعنف في الولايات المتحدة الأمريكية، بقدر ما سنتناول حجم المشكلة وتوظيفها سياسيًا، والورطة الأخلاقية المهنية لأكبر مؤسسة قضائية أمريكية فيها.

حسب موقع “تعداد الولايات المتحدة” التابع للدولة يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة قرابة 331 مليون في عام 2020، ويبلغ عدد النساء ( 168,185,643 مليون ) بنسبة تبلغ حوالي 51.1 في المائة؛ في حين يبلغ عدد الرجال (164,729,431 مليون) أيْ أن هناك ( 97.948 ذكر ) لكل ( 100 أنثى ).

وحسب موقع statista.com الشهير للإحصائيات، فإن عدد الإناث في الولايات المتحدة عام 2022 يبلغ 170.08 مليون، في حين يبلغ عدد الرجال 162.76 مليون.

وفي حال اعتماد قرار المحكمة العليا بصورة نهائية بمنع الإجهاض؛ فستفقد ما يقرب من نصف النساء الأمريكيات في سن الإنجاب (15-49) إمكانية اللجوء إلى الإجهاض بشكل قانوني، وفقًا لتقدير أصدرته منظمة الأبوة المخططة، وهي منظمة رعاية صحية تقدم عمليات الإجهاض.

وحسب موقع مكافحة الأمراض والوقاية منها التابع للدولة فقد “تم الإبلاغ” عن إجمالي 630 ألف عملية إجهاض في عام 2019.

ولنصبر قليلًا على مسألة الإحصائيات حتى ندرك حجم هذه المشكلة في المجتمع الأمريكي وتأثيراتها الاجتماعية ولماذا تقوم المعركة السياسية حولها.

حسب معهد Guttmacher وهو مؤسسة بحثية ملتزمة بتعزيز الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية؛ فإن المرأة الأمريكية تريد في المتوسط ​​إنجاب طفلين. ولتحقيق هذا الهدف، ستقضي المرأة ما يقرب من ثلاث سنوات من الحمل، ونحو ثلاثة عقود -أكثر من ثلاثة أرباع حياتها الإنجابية- في محاولة لتجنب الحمل.

ومن الإحصائيات التي أوردها المركز حول الإجهاض في الولايات المتحدة:

  •   معدل ” الحمل غير المقصود ” في الولايات المتحدة أعلى بكثير في العديد من البلدان المتقدمة الأخرى.
  •   في عام 2011 كان ما يقرب من نصف حالات الحمل (45٪ أو 2.8 مليون) من 6.1 مليون حالة حمل في الولايات المتحدة، كانت حملًا غير مقصود.
  •   النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا يكون لديهن أعلى معدل حمل غير مقصود من أي فئة عمرية.
  •   في عام 2011 انتهت 42٪ من حالات الحمل غير المقصود بالإجهاض.
  •   لأول مرة منذ عام 1975 انخفض عدد حالات الإجهاض في الولايات المتحدة إلى أقل من مليون (958.700 في عام 2013) و( 926.200 في عام 2014 ). وذلك بسبب ارتفاع استخدام وسائل الحمل وتأمينها من قبل القطاع العام.

وفي تقرير لصحيفة النيويورك تايمز في 14 ديسمبر 2021، تحت عنوان “مَن الذي يقوم بالإجهاض في الولايات المتحدة” وردت الإحصائيات التالية:

ما يتعلق بطبيعة الارتباط:

  •   46 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن عازبات لم يسبق لهن الزواج، ولا يعشن حتى مع شريك “علاقات محرمة عابرة متنوعة ومتعددة”.
  •   31 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يعشن مع شريك بدون زواج.
  •   14 في المائة فقط من أولئك اللواتي يجهضن متزوجات.
  •   9 في المائة متزوجات سابقات.

ما يتعلق بالمرحلة العمرية:

  •   31 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن ما بين 20 إلى 29 سنة.
  •   20 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن ما بين 30 إلى 34 سنة.
  •   15 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن في سن 35 فما فوق.
  •   9 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن دون سن 20 سنة.

ما يتعلق بعدد الأولاد:

  •   60 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن أمهات بالفعل ولديهن طفل أو أكثر.
  •   40 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن لم يسبق لهن ولادة أي طفل.

ما يتعلق بفترة الإجهاض:

  •   43 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يفعلن ذلك خلال أول 6 أسابيع من الحمل.
  •   36 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يفعلن ذلك خلال 7-9 أسبوعًا من الحمل.
  •   13 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يفعلن ذلك خلال 10-13 أسبوعًا من الحمل.
  •   3 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يفعلن ذلك خلال 14-15 أسبوعًا من الحمل.
  •   4 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن يفعلن ذلك بعد أكثر من 16 أسبوعًا من الحمل.

ما يتعلق بالمستوى التعليمي:

  •   41 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن طالبات في المرحلة الجامعية.
  •   27 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن حاصلات على التعليم الثانوي.
  •   23 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن خريجات جامعيات.
  •   9 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن لم يحصلن على التعليم الثانوي.

ما يتعلق بالمستوى المعيشي:

  •   49 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن دون خط الفقر.
  •   26 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن ضِعف خط الفقر.
  •   25 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن أكثر من ضِعف خط الفقر.

ما يتعلق بعدد عمليات الإجهاض:

  •   58 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن أجرينها مرة واحدة.
  •   24 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن أجرينها مرتين.
  •   11 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن أجرينها 3 مرات.
  •   8 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن أجرينها 4 مرات.

ما يتعلق بالانتماء الحزبي ” ويقيمون في ولايات ديمقراطية “:

  •   68 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن ممن صوّتن لـ جو بايدن.
  •   32 في المائة من أولئك اللواتي يجهضن هن ممن صوّتن لـ دونالد ترامب.

نعيد هنا ما ذكره مؤلف كتاب حقائق عن الإجهاض:

على مدى الخمسين عامًا الماضية من عمليات الإجهاض في الولايات المتحدة، قُتل ستون مليون طفل منذ قضية رو ضد وايد، العدد أكثر من ستين مليون.

وهكذا يمكن أن نستوعب حجم المشكلة وتمددها في كافة شرائح المجتمع الأمريكي، وكذلك ما يراه الساسة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في قضية الإجهاض كساحة تأثير هائلة في الجماهير. وليست النساء المتأثرات المباشرات للإجهاض فقط، بل يمتد كذلك إلى “اقتصاد الإجهاض” من شركات طبية ومستشفيات وعيادات ومنظمات ( دفاع – وهجوم )، ومكاتب استشارات وتوعية “بالإجهاض – أو عدم الإجهاض” تخدم ملايين النساء سنويًا. فهذه ملايين أخرى من البشر سوف تتأثر بعنف في مصدر رزقها.

ديمقراطية صنم العجوة!

في 26 يونيه 2015 في نهاية عهد أوباما، وقُبيل مجيء ترامب، أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكمًا تاريخيًا مشئومًا، يقضي بمنح الحق للشاذين جنسيًا من الجنسين بالزواج في كافة الولايات الأمريكية، وهو الحكم الذي وصفه الرئيس باراك أوباما، بأنه:

انتصار لأمريكا.. وانتصار للحب!

وجاء قرار المحكمة العليا -وهي أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة- بفارق ضئيل بين أعضائها التسعة؛ حيث صوت خمسة قضاة لصالح السماح بزواج الشواذ جنسيًا، في مقابل اعتراض أربعة من قضاة المحكمة، ليطالب حكومات الولايات بالاعتراف وتوثيق هذا النوع من الزواج.

والناظر في موقف “المحكمة العليا” الأمريكية الآن، المتشدد والمحافظ في قضية الإجهاض، يظن أنها محكمة في دولة أخرى غير تلك التي حكمت بجعل زواج الشاذين جنسيًا من الجنسين حقًا دستوريًا!

إن الحديث إذن عن “استقلال القضاء” و”الفصل بين السلطات” و”عدم خضوع القضائي للسياسي”، أنْ لا ينبغي للقضاة أن يكونوا حزبيين أو مؤدلجين فكريًا -أو على الأقل يخلعون كل هذا عنهم عندما يرتدون رداء القضاة-؛ كل هذه ليست إلا مجرد دعاوى وأكاذيب ترددها “أكبر دولة ديمقراطية” في العالم.

إن ما يقوم به الساسة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري -سواء تجاه الشعب الأمريكي، أو مؤسسات الدولة- هو عبث محض لتحقيق أجندة حزبية خالصة، ولا يقل بأي حال عمَّا تمارسه دول أخرى تتهمها الولايات المتحدة بالاستبداد والرجعية والتخلف السياسي.

ويبدو أن معاول الهدم التي يحملها ساسة وقادة “أكبر دولة ديمقراطية في العالم” تضرب الآن بعنف أكثر في قواعد بنيانهم المتصدع في مواضع كثيرة. وبعد حين قد تختفي كل أسواق العجوة .. فلا يجدون أصنامًا تصنع أو تؤكل، وعندها قد يأكل بعضهم بعضًا.

حسن قطامش

خبير إعلامي.. كاتب مستقل الفكر.. منحاز للحق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى