الصراع بين الصين والمسلمين الإيغور في تركستان الشرقية

تقع تركستان الشرقية في مناطق شرق آسيا الوسطى وتعتبر هذه المنطقة هي الموطن الأصلي للأتراك والتي ترجع إليهم أصولهم، تحد تركستان الشرقية من الشمال الشرقي منغوليا وتحدها من الشرق الصين وتحدها كازخستان وطاجكستان شمالًا وغربًا ومن الجنوب الهند وباكستان والتبت وكشمير، وتبلغ مساحتها 1.660(مليون كم2) إذ تشكل مساحتها خمس مساحة الصين ويقدر العدد الحالي للسكان المسلمين (18 _20) مليون نسمة منهم ما يمثل حوالي (90 _ 95) % من سكان بعض المدن التركستانية.

حقيقة الصراع

يرجع الفضل لله ثم للقائد الفاتح قتيبة بن مسلم الباهلي الذي فتح بعض تلك البلاد ووطّد فيها الإسلام حيث فتحت مدينة كاشغر (وهي تعتبر من أكبر مدن تركستان) وكان ذلك عام (96 للهجرة) في عهد الدولة الأموية.

وفي عام (323 للهجرة) دخل في الإسلام السلطان ستوق بوغراخان (وهو رئيس الإمبراطورية القاراخانية) فكان نتيجة ذلك أن دخل في الإسلام ما يقارب المليون نسمة تقريبا فأصبح الدين الإسلامي هو الدين السائد والرسمي لتركستان الشرقية فارتقت البلاد في النواحي الحضارية تحت هذا الحكم حيث ضربت النقود باسم هارون بوغراخان (وهو أحد أحفاد السلطان ستوق بوغراخان) [١] وكتبت اللغة التركستانية واللهجة الأيغورية لأول مرة بالحرف العربي.

وفي العام (1760 ميلادي) حدث أول احتلال للصين تركستان الشرقية وفي العام (1949 ميلادي) احتلّت الصين تركستان بعد مجازر دموية ضد المسلمين ففي عام (1952 ميلادي) أعدمت الصين 120 ألف شخص في تركستان الشرقية، معظمهم من علماء الشريعة، ذكر ذلك برهان شهيدي والي تركستان الشرقية ذلك الوقت.

ويتحدث الأستاذ أحمد سلامة عن مأساة المسلمين في تركستان الشرقية فيقول:

إن شوارع تركستان الشرقية مليئة بالجنود الصينيين يَجوبونها وفي أيديهم السلاح ومعهم الأمر بإطلاق النار، وكل يوم يتمُّ جلب ملْء قطار من الصينيين المشرَّدين بهدف توطينهم في تركستان الشرقية، والهوية التركية الإيغورية المسلمة تُناضل من أجل بقائها في وجه الضغط والظلم والخوف والآلام والمعاناة والمذابح التي تتعرَّض لها في وطنها الأصلي، وفي النهاية لقد فقد حتى الآن 60 مليون تركيٍّ مسلم حياته في تركستان الشرقية على يد الاحتلال الصيني، ذلك العدد الذي يمثل عشرة أضعاف الشهداء في البوسنة والعراق وأفغانستان والشيشان وفلسطين.[٢ ]

احتجاجات مسلمي “الإيجور” متكررة ومستمرة؛ رفضًا لممارسات التمييز العنصري ضدهم، فرغم أن الإقليم يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1955م، فإن الحكومة المركزية في بكين هي المتحكم الفعلي في إدارة ثرواته من النفط والغاز والمنتجات الصناعية، والتي تذهب معظم عوائدها إلى أبناء عرقية “الهان”، الذين يتدفقون منذ سنوات بشكل منتظم إلى الإقليم، في مخطط خبيث للحكومة الصينية من أجل خلخلة التركيبة السكانية المسلمة في “سينكيانج”.

http://gty.im/451721448

وبمساعدة الحكومة الصينية، صار أتباع عرقية “الهان” هم المسيطرون على غالبية المصانع والشركات في “سينكيانج”، ولا يقبلون عمالة بها من غيرهم؛ مما اضطر الإيغوريين إلى امتهان أعمال متدنية؛ مثل الخدمة في المنازل، وأصبح الإيغوريون مواطنين من الدرجة الثانية، فهم ممنوعون من مجرد تمثيل هامشي في الهيئات الحكومية، كما لا يُسمح لهم باستخدام لغتهم في المدارس، وتفرض الصين عليهم حالة من العزلة، كما تقيد ممارستهم للشعائر الدينية، وتمارس رقابة دينية وتدخلًا قسريًّا، يطال تنظيم النشاطات الدينية والثقافية ودُور النشر، حتى المظهر والسلوك الشخصي لأفراد شعب تركستان الشرقية.

تقوم الحكومة الصينية بتقييم أئمة المساجد سياسيًّا بشكل منتظم، وتطالب بجلسات “نقد ذاتي”، وتفرض رقابة على المساجد، وتطهِّر المدارس من المعلمين والطلاب المتدينين، وتراقب الأدب والشعر بحثًا عن إشارات سياسية معادية، وتعتبر كل تعبير عن عدم الرضا إزاء سياسات بكين “نزوعًا انفصاليًّا”، وهو يعتبر حسب القانون الصيني جريمة ضد أمن الدولة، تصل عقوبتها إلى الإعدام).

قرارات متعنتة

ومن القرارات التي أصدرتها الحكومة الصينية ضد مسلمي تركستان منها ما نشرته وكالة الأناضول للأنباء في العام (2015 ميلادي) بعنوان (الصين تواصل حظر الصوم على شرائح واسعة في تركستان الشرقية) حيث قالت:

حظرت السلطات الصينية الصيام على الموظفين والطلاب والمدرسين، طوال شهر رمضان في “تركستان الشرقية”، (إقليم شينجيانغ، أويغور ذاتي الحكم).

وذكرت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ، أن السلطات أمرت بفتح المطاعم في المنطقة، خلال رمضان، حيث أرسلت دائرة الأغذية والأدوية، تعميما بهذا الخصوص.

وتزيد القيود المفروضة شدة الاحتقان لدى مسلمي المنطقة، فيما تشدد السلطات التدابير الأمنية، في الأماكن التي يقطنها المسلمون بكثافة، خلال شهر رمضان. [٣ ]

ومن القرارات التي صدرت أيضا فبحسب ما ذكرته صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الصين حظرت ارتداء البرقع والنقاب، وإطلاق اللحى “بطريقة غير عادية” في إقليم ذات أغلبية مسلمة، فيما تزعم أنها “حملة ضد التطرف الديني”. [٤]

وفي هذا العام أعلنت السلطات المحلية في تركستان الشرقية أنها حظرت قائمة أسماء إسلامية، مكونة من 29 اسما، تمنع بموجبها الأسر من إطلاق أسماء مثل “محمد” و”قرآن” على أطفالهم حديثي الولادة، وأضاف البيان أن “الأطفال حديثي الولادة، والذين سيحملون هذه الأسماء، سيتم منعهم من الحصول على الرعاية الصحية الممولة من الحكومة، ومن التعليم”، وأوضح أن “الحظر شمل أسماء ترتبط بالدين الإسلامي مثل: محمد، إسلام، قرآن، جهاد، مدينة، مكة وغيرها.”. [٥ ]


المصادر

[١] ماذا تعرف عن تركستان الشرقية.

[٢] إبادة المسلمين في تركستان الشرقية

[٣] الصين تواصل حظر الصوم على شرائح واسعة في تركستان الشرقية.

[٤] الصين تحظر النقاب واللحى في إقليم تركستان الشرقية

[٥] الصين تمنع تداول اسم الرسول و الإسلام و القرآن في تركستان الشرقية

ياسين البدري

باحث في مجال الحضارة الاسلامية ومهتم بتاريخ الدولة الأموية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى