التنصير الناعم ما بعد الاحتلال الغربي في العالم الإسلامي

كان القرن العشرين قرنا شهد به العالم الإسلامي مؤامرات الاحتلال الغربي وهجماته التنصيرية العاتية التي تسعى إلى تنصير أكبر عدد من المسلمين أو على الأقل إفساد عقيدتهم، وأنفقوا من أجلها أموالا طائلة، وبذلوا جهودا جبارة، وأعدوا الخطط والاستراتيجيات، وحركوا جيوشا من المنصرين.

والصراع بين الحق والباطل سيستمر إلى قيام الساعة، وأهل الكفر يجتهدون إخراج المسلمين عن دينهم، وأن أهل الحق يدافعون عن عقيدتهم وأيضا يجتهدون إنقاذ البشرية من الضياع والكفر، وهذه سنة التدافع أي دفع الكفر بالإيمان، والباطل بالحق، والشر بالخير.

قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].
والتنصير الناعم في حقيقته هو الامتداد الحقيقي للحروب الصليبية، فلئن كانت الحروب الصليبية معارك وحملات عسكرية، فإن التنصير الناعم هو حملات صليبية «سلمية» تستهدف نفس أغراض الحروب الصليبية.

وذكر الله سبحانه وتعالى أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنا إلا إذا تركنا ديننا وتبعنا دينهم. قال تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].

وعلينا استخدام مصطلح التنصير بدلا من مصطلح التبشير، والمنصرون ليسوا سوى طلائع للمحتل الغاشم.

تعريف التنصير

لغة: هو الدعوة إلى اعتناق النصرانية أو الدخول النصرانية. ونصّره جعله (جعله نصرانيا). (1).

واصطلاحا: هي حركة دينية سياسية استعمارية بدأت بالظهور إثر فشل الحروب الصليبية بغية نشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث عامة وبين المسلمين خاصة، بهدف إحكام السيطرة على تلك الشعوب. (2).

مفهوم التنصير والتبشير

التنصير: التنصير في مفهومه العام ظاهرة بدأت مع ظهور رسالة عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام- وقد حصل لهذا المفهوم تطورات بحسب ما حصل للنصرانية الأولى من تحريف بدأ على يد شاؤول أو بولس في القرن الأول الميلادي. وأدخلت عليها ثقافات يونانية [إغريقية] وهندية وفارسية، فأصبحت النصرانية خليطا من الوحي الإلهي الذي أنزله الله تعالى على نبيه ورسوله عيسى ابن مريم -عليهما السلام- وأفكار البشر الذين سبقوا في وجودهم ظهور النصرانية (3).

وأيضا مفهوم التنصير في البيئة الإسلامية، فقد صِيغ المفهوم وتحددت وظيفته بما يؤدي إلى إخراج المسلمين من دينهم وليس بالضرورة إدخالهم في النصرانية (4).

التبشير: تلاعب بالمصطلحات لتضليل المسلمين: يقول الأستاذ سلمان العودة في كتابه (وسائل المنصرين): «ومن الخطأ استخدام لفظة «تبشير» الذي كثيراً ما يقال عن التنصير؛ وذلك لأن لفظة «تبشير» فيه دلالة على أن هؤلاء القوم يدعون إلى البشارة وإلى الخير، ويبشرون الناس بالسلام، وبالرحمة، وبالبر، وبالجود، وبالسعادة، وهم ليسوا كذلك، والأولى بلفظة «التبشير» هو المسلم؛ فهو المبشر حقاً؛ ذلك أن لفظة «تبشير» من صفات النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الفتح:8]. وهكذا من سار على دينه فهو المبشر حقاً، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً وأبا موسى إلى اليمن كما في الصحيحين قال: ((بشرا ولا تنفرا)). فالتبشير: هو اسم على دعوة المسلم الحق، وليس على دعوة النصراني بحال».

وأيضا يقول الأستاذ محمد قطب رحمه الله في كتابه (المستشرقون والإسلام): الأولي أن نستخدم كلمة «المنصرين» بدلا من «المبشرين» التي لا تبين حقيقة العمل الذي يقومون به.

فشل التنصير الخشن

جميع الحملات الصليبية تستهدف فرض عقيدة التنصير بقوة السلاح. وكانت الحروب الصليبية شكلا من أشكال التنصير، والمنصرون كانوا دائما من طلائع الاحتلال الغربي الغاشم.

واستراتيجية التنصير هي دائما ظاهرة متجددة ومتغيرة وتأتي التغييرات في تعديل الأهداف وتوسيع وسائل التنصير.
ومن الأساليب القديمة التي يتبعونها لنشر النصرانية والتي تعرف بـ«إرساليات الإيمان» Faith missions، ويقصد بها نشر النصرانية بالقوة وإكراه المسلمين على الردة وإدخالهم في النصرانية، بغض النظر عن أن المُعتنِق تبناها عن قناعة أو بغير قناعة.

وهناك أحداث تاريخية معروفة توضح لنا أن الغربيين يعتبرون استخدام القوة العسكرية والاحتلال المباشر واضطهاد الشعوب وقهرها إحدى الطرق الهامة لنشر النصرانية ومثال ذلك:

  1. في الأندلس مارسوا عملية التنصير على المسلمين بالقوة وفرضوا قوانين الارتداد الإجباري من الموريسكيين الأندلسيين المسلمين.
  2. وفي أفريقيا أيضا نصَّروا المسلمين بالقوة. وقد ذكر الباحث المستشرق توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام) The Preaching of Islam الذي نشره عام 1898، أن خمسين ألفًا من المسلمين أُكرِهوا على قبول العماد أي التنصير في سنة 1880م في القرن الأفريقي.
  3. وأيضا في سوريا نصَّروا أهل المنطقة بالقوة، كما ذكر الأستاذ عمر فروخ في كتابه (التبشير والتنصير في البلاد الإسلامية): «في عام 1930م قام اليسوعيون الفرنسيون بجمع عدد كبير من العلويين في جنينة أرسلان بسوريا وحملوهم على الإقرار بالمذهب الكاثوليكي بالقوة المسلحة».

بداية التنصير الناعم ومراحله

  1. بعد فشل الحروب الصليبية وبداية التنصير الناعم

بدأت الحملات التنصيرية الناعمة بعد فشل الحروب الصليبية وإستراتيجية التنصير الخشن التي بدأت في عام 1095م وانتهت في عام 1291م.

يعد (ريمول لول) الإسباني الكاتلوني هو أول من تولى عملية التنصير في العالم الإسلامي بعد فشل الحروب الصليبية في مهمتها، في القرن الرابع العشر.

يقول الأب اليسوعي ميبز: «إن الحروب الصليبية الهادئة التي بدأها مبشرونا في القرن السابع عشر لا تزال مستمرة إلى أيامنا، إن الرهبان الفرنسيين والراهبات الفرنسيات لا يزالون كثيرين في الشرق» (5).
وذكر د. مصطفى خالدي، في كتاب (التبشير والاستعمار في البلاد العربية) أن لويس التاسع قد غير إستراتيجية التنصير الخشن إلى التنصير الناعم بعد فشل الحروب الصليبية وكان من ضمن هذه الإستراتيجيات ما يلي: تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف الغرض نفسه، التفريق بين النوعين من حيث نوع السلاح المستخدم في المعركة، وتجنيد المبشرين (المنصرين) الغربيين في هذه المعركة السلمية لمحاربة الإسلام، ووقف انتشاره ثم القضاء عليه معنويا، واعتبار هؤلاء المبشرين (المنصرين) في تلك المعارك جنودا للغرب.

وفي المؤتمر الذي عقد بالقاهرة عام ١٩٠٦ والذي سمي بمؤتمر المبشرين وقف الخطباء يعلنون أن استراتيجيتهم التنصيرية بعد احتلال العالم الإسلامي قد فشلت ويقولون: لقد فشلنا، فتحنا المدارس والمستشفيات والملاجئ وأعطينا الأموال وقدمنا الخدمات ثم لا يدخل في النصرانية بعد ذلك إلا طفل صغير خطفناه من أهله قبل أن يعرف عقيدة أهله أو رجل كبير جاء إلينا من أجل المال ولا نضمن عقيدته بعد ذلك.
وعندما فقدَ الأمل الأبُ الروحي للتنصير في العالم الإسلامي صموئيل زويمر قرر أن يغير دعوته التنصيرية إلى نشر الأفكار الهدامة بين المسلمين.

وقال صموئيل زويمر في مؤتمر القدس التنصيري عام (1935)م: «… لكن مهمة التبشير التي ندبتْكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريما، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام؛ ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها».

«… إنكم أعددتم نَشْئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام، ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار لا يهتمُّ بعظائم الأمور، ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهرة، وإذا تبوَّأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء، وقد انتهيتم إلى خير النتائج وباركتكم المسيحية ورضي عنكم الاستعمار، فاستمروا في أداء رسالتكم فقد أصبحتم بفضل جهادكم المبارك موضع بركات الله».

نهاية الاحتلال المباشر في العالم الإسلامي وإعلان استراتيجية جديدة لتنصير الناعم:

بدأت موجة جديدة للتنصير الناعم بعد نهاية الاحتلال الغربي المباشر في العالم الإسلامي وجميع حملات التنصيرية لم تفلح عقائديا في تشكيك المسلمين عن دينهم.

كان مؤتمر كولورادو الذي عقد في الخامس عشر من مايو عام 1978م، من أخطر المؤامرات التنصيرية ما بعد الاحتلال الغربي المباشر في العالم الإسلامي.

وقام المنصرون -في هذا المؤتمر- بنقد الطرق القديمة للتنصير وقالوا: «لا يمكننا بعد اليوم اعتماد الأساليب القديمة للتنصير فى مواجهة الإسلام الذى يتغير بسرعة وبصورة جوهرية… لقد كانت استراتيجية التنصير الأوروبية الأمريكية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعقلية الاستعمارية.. وإن الغرض من عقد هذا المؤتمر هو الإيمان بعدم جدوى وفعالية الطريقة التقليدية لتنصير المسلمين». ثم كشف المنصرون في هذا المؤتمر عن قمة اللاأخلاقية في أساليبهم لتنصير المسلمين. وقد عبر عن هذا الأمر بشكل صريح (ديفيد. أ. فريزر) في بحثه الذي قدمه في مؤتمر كولورادو بعنوان «تطبيق مقياس اينكل في عملية تنصير المسلمين» ففي الصفحة 242 يقول: «لكي يكون هناك تحول إلى النصرانية فلا بد من وجود أزمات ومشكلات وعوامل تدفع الناس -أفرادا وجماعات- خارج حالة التوازن التي اعتادوها وقد تأتي هذه الأمور على شكل عوامل طبيعية كالفقر والمرض والكوارث والحروب وقد تكون معنوية؛ كالتفرقة العنصرية، أو الوضع الاجتماعي المتدني، وفي غياب مثل هذه الأوضاع المهيئة، فلن تكون هناك تحولات كبيرة إلى النصرانية».

وفي مؤتمر (كولورادو) أعلنوا أن أساليبهم القديمة ما قبل الاحتلال الغربي المباشر في العالم الإسلامي كانت فاشلة وضعيفة كما يقول (آرثر. ف. كلاسر) نقلا عن الترجمة العربية لوقائع هذا المؤتمر ما يلي:

«إن التصريحات التي كان يطلقها المنصرون الأوائل مثل زويمر كافية لأن تخلق ردًّ فعل قويا لدى المسلم حتى يستعصي على التنصير».

وعلي سبيل المثال فإن ما تقوم به (جامعة كولومبيا الدولية) بأمريكا يوضح الدور المتخصص، حيث تقوم الجامعة المذكورة بإعداد دروس خاصة في التنكر والتخفي لتسيسير تنصير المسلمين، وهو ما تسميه بعض المجلات الأمريكية: «الحرب الصليبية الباردة»، وهو ما نشرته مجلة (الأم جونز) الأمريكية في شهر يونيو 2000م، وقد وصل عدد المنصرين لهذا الغرض 3 آلاف منصر لتنصير المسلمين فقط ينتشرون في 50 دولة إسلامية(6).

بعد ثورات الربيع العربي ونزوح كثير من المسلمين عن ديارهم بدأ الغرب في استغلال هذه الظروف الحرجة وهم يطبقون مخططات مؤتمر (كولورادو). وبعض النازحين السوريين في لبنان والأردن قالوا: رأينا هيئات الإغاثة الغربية -وتحت شعار مساعدة النازحين السوريين- يقومون بتنصير المسلمين في مخيمات النازحين.

وسائل التنصير الناعم

وكما نعلم، فإن التنصير الناعم هو الذي يحدث عن طريق الإرساليات الطبية والتعليمية والحملات الإعلامية والمساعدات والجمعيات الخيرية الإجتماعية وغيرها. وسنسلط الضوء على وسائل التنصير الناعم في التعليم والطب ووسائل الإعلام.

  1. التعليم

لقد دخلت بعثات الاحتلال الغربي العالم الإسلامي منذ بداية محاولات الغربيين احتلال بلادنا وهم يحملون رسالة تنصيرية، فاتخذوا العلم والتعليم ستارا لهم، وفتحوا المدارس والمعاهد والجامعات في أرضنا بهدف تنصير المسلمين أو على الأقل إفساد عقيدتهم وزرع عقولهم بأفكار الهدامة المناقضة بعقيدتنا الإسلامية مثل القومية والديمقراطية والعلمانية.

وفي مجال التعليم يقول (بيزوز) -الذي تسلّم رئاسة الجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1918م، وكانت تسمّى حينئذ الكلية البروتستانتية الإنجيلية-:

 «لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سورية ولبنان، ومن أجل ذلك تقرّر أن يختار رئيس الكلية البروتستانتية الإنجيلية من مبشري الإرسالية السورية».

فمثلا، الصومال تواجه اليوم حملات صليبية عسكرية ومدنية، وفي شمال الصومال أسس الغرب مدرسة كبيرة اسمها (أبارسوا)، هذه المدرسة لها نشاطات غريبة تحوم حول محاربة الأخلاق ونشر الفساد بين الطلاب وترويج الديمقراطية المزعومة، وبالمناسبة أسسوا أيضا جامعة (برواقو) ومديرة الجامعة نصرانية تخدم من مجال التنصير ومعظم الأساتذة من المثليين. وأيضًا، عندهم منح دراسية في الدول الغربية… ومع ذلك فإن سلطات هذه المنطقة تدافع عن هذه المدرسة، بل سجنت الصحفي (عبد المالك موسى علدون) لأنه كشف أهدافهم الخبيثة. 
يقول هوارد ويلين (رئيس الجامعة الأمريكية السابق في بيروت): «التعليم في مدارسنا وجامعاتنا هو الطريق الصحيح لزلزلة عقائد المسلم وانتزاعه من قبضة الإسلام»(7).

وفي أندونيسيا -التي تعتبر أكبر تجمع إسلامي ونسبة المسلمين فيها 80% تقريبا- يواجهون أخطر مؤامرات الاحتلال الغربي وحملات التنصير وتمكن النصارى من السيطرة على المراكز الحساسة في الدولة؛ في الاقتصاد والجيش والتعليم.

يقول الأستاذ سلمان العودة وهو يتكلم عن إندونيسيا في كتابه (وسائل المنصرين) ص15: «أحسن المدارس بناءً وتعليما -في أندونيسيا- هي مدارس تنصيرية وهي دائما مأوى لأولاد الكبراء والضباط».

ذكر د.عبد الودود شلبي في كتابه (الزحف إلى مكة حقائق ووثائق عن مؤامرة التنصير في العالم الإسلامي) وهو يسأل عن نفسه خطر مدارس التنصير قائلا:

ماذا يفعل التعليم بأبنائنا وبناتنا في مدارس التنصير؟

سؤال دفعني إليه هذا التقرير الذي نشرته مجلة (لافيد) الإيطالية؛ التقرير منسوب إلى (دائرة تنصير الشعوب) في روما، يقول هذا التقرير:

«إن عدد المدارس والمعاهد التي تشرف عليها هذه الدائرة قد بلغ 58,000 ثمانية وخمسين ألف مدرسة، و26,000 ستة وعشرين ألف معهد وجامعة، وقد بلغ عدد المدرسين العاملين في المدارس التابعة لهذه المؤسسة 417,000 أربعمائة وسبعة عشر ألف مدرس ومدرسة».

يقول هذا التقرير: إن ميزانية الكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا قد بلغ في عام واحد: 117,000,000 مائة وسبعة عشر مليون دولار أمريكي، وأن مؤسسة واحدة تُدعى (روماسيا) قدمت إلى الكنيسة 80,000,000 ثمانين مليونًا.

  • الطب

المنصرون وقادة التنصير يؤكدون مهمة استخدام التنصير في مجال الصحة والعلاج لأنها سهلة وحساسة، وهذه الوسيلة يعتبرونها وسيلة ناجحة ومهمة ولم تتغير حتى الآن.

وعلاقة التنصير الناعم بالطب علاقة قوية، ومن المعروف أن مجال الطب يحتل مكانة كبيرة في نفوس المجتمعات، ولأجل ذلك دخل المنصرون في هذا المجال بكل قوة، وكانت من أولويات أهداف المنصرين بناء المستشفيات، وفتحوا المستشفيات في العالم الإسلامي من الجزيرة العربية إلى إندونيسيا.

قال (بول هاريسون) في كتابه (الطب في بلاد العرب): «لقد وجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونساءها نصارى».

وقد بيَّن الدكتور (بيتر مكوليا) الاستغلال النصراني للكوارث، وأكد أن الأمم المتحدة وجميع منظماتها مثل منظمة الصحة العالمية هم مجرد وسائل التنصير، وقال:

 «الشفاء نوعان: شفاء طبيعي، وشفاء فوق طبيعي، فنحن نقدم لهم بيدٍ الشفاءَ الطبيعي بالقارورة، ونقدم لهم باليد الأخرى الشفاء فوق الطبيعي وهو الدعوة إلى النصرانية». وليس خافيا عليكم أن الأمم المتحدة بمنظماتها، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، واليونسكو، وغيرها، هي وسائل بيد مجلس الكنائس العالمي وعملائه المغروسين في أنحاء العالم»(8).

ويقول س.أ. موريسون محرر في مجلة (العالم الإسلامي) التبشيرية، وهو يشير إلى أهمية الطبيب المنصر الذي يريد استغلال هذه المهنة للتنصير:

 «وحينئذٍ تكون الفرصة سانحة حتى يبشر هذا الطبيب بين أكبر عدد ممكن من المسلمين في القرى الكثيرة في طول مصر وعرضها».

المستر هاربر يقول بوجوب الإكثار من الإرساليات الطبية لأن رجالها يحتكون دائما بالجمهور ويكون لهم تأثير على المسلمين أكثر مما للمبشرين الآخرين (مؤتمر القاهرة 1906م).

المنِّصرة (إيد هاريس) تقول: «يجب على الطبيب أن ينتهز الفرصة ليصل إلى آذان المسلمين وقلوبهم».

في كتاب (الزحف إلى مكة) يقول الدكتور عبد الودود شلبي:

«في بداية عام 1985م نشرت وكالة (فيدش) التابعة للفاتيكان تقريرا عن الحركة التنصيرية في الخليج: أن هناك ست جمعيات تنصيرية مسجلة أمريكية تعمل في الخليج، كما أن هناك حوالي 1300 منصرا متفرغا في الشرق الأوسط ومعظمهم يديرون مراكز طبية»، ص 23.

  • وسائل الإعلام

أوْلت الكنيسة وهيئات التنصير اهتماما بالغا باستخدام وسائل الإعلام الجديدة وينشرون الكتب والمطبوعات لأجل التنصير.

نشرت مجلة (المجتمع) الكويتية في عددها الصادر في 18 أكتوبر 1988م تحت عنوان ضخم في الافتتاحية «الأقمار الصناعية في خدمة التنصير».

لقد صرح الجنرال (T.B.simatupang) رئيس مجلس الكنائس الأندنوسي أمام مؤتمر مجلس الكنائس العالمي المنعقد في (جنيف) بسويسرا سنة 1978م، قائلا: «إنه يجب السيطرة على وسائل الإعلام خاصة التلفزيون» (9).

  • وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد:

ريموند جويس في موضوعه: (الوضع الحالي للمطبوعات ووسائل الإعلام الأخرى الموجهة للمسلمين) في الصفحة 531 يقول:

«وكتب دينس كلارك يقول: الفرص السانحة والاستعدادات والإمكانات الإعلامية الجديدة في العالم الإسلامي الآن أكبر من أي وقت مضى… يجب أن يكون أحد أهدافنا العمل على إيجاد مطبوعات إعلامية جديدة».

  • الترجمات المطبوعات:

وليام. د. رايبرن في موضوعه: (الوضع الراهن لترجمات الإنجيل إلى لغات المسلمين) يقول في الصفحة 546 ما يلي: «ونظرا لتعدد اللهجات في اللغة العربية فإنه يجري العمل على ترجمة الأناجيل الأربعة إلى اللهجة العربية اللبنانية، وقد نشرت الكتب المقدسة أيضا باللغات الجزائرية والتشادية والمصرية والفلسطينية والسودانية إلا أن تلك الترجمات لم تجد قبولاً يذكر، وعلى الرغم من أن هناك دائما اهتماما ثقافيًا أو قوميا باللهجات المحلية إلا أن سيطرة اللغة الفصحى لم تتأثر بأية محاولة في هذا الصدد».

من أشهر المؤتمرات التنصير في القرن العشرين

  1.  مؤتمر القاهرة عقد هذا المؤتمر سنة 1906م.
  2. مؤتمر (إدنبرة) عقد هذا المؤتمر في القاهرة سنة 1910م.
  3. مؤتمر (لكنو) عقد هذا المؤتمر في مدينة لكنو الهندية سنة 1911م.
  4. مؤتمر كاليفورنيا عقد هذا المؤتمر سنة 1978م.
  5. مؤتمر كولورادو عقد هذا المؤتمر سنة 1979م.

أهداف التنصير

  • محاربة الوحدة الإسلامية.

يقول القس سيمون: «إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية، وتساعد على التخلُّص من السيطرة الأوروبية، والتبشير عامل مهمٌّ في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أن نحوِّل بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية»

  • مساعدة القوات الاحتلال الصليبي لسيطرة العالم الإسلامي

ويقول اللورد (كرومر) أول معتمد بريطاني في مصر وهو يثبت أن هدف الاحتلال الغربي في العالم الإسلامي هو تمكين الحضارة المسيحية في بلادنا ومحاربة الإسلام والمسلمين: «إن مهمة الرجل الأبيض الذي وضعته العناية الإلهية على رأس البلاد [يقصد مصر] هو تثبيت دعائم الحضارة المسيحية إلى أقصى حد ممكن بحيث تصبح هي أساس العلاقات بين الناس. ولكن كان من الواجب -منعا من إثارة الشكوك- ألا يعمل على تنصير المسلمين وأن يرعى من منصبه الرسمي المظاهر الزائفة للدين الإسلامي كالاحتفالات الدينية وما شابه ذلك».

  • محاربة عقيدة المسلمين لأنها عامل قوة المسلمين لمواجهة حملات التنصير

ولقد لخص (جلادستون) رئيس الوزراء البريطاني كل ذلك في قولته المشهورة «ما دام هذا القرآن موجودا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق» (10).

  • نشر العلمانية بين المسلمين ما داموا يرفضون مدارس التنصير

ويقول (صموئيل زويمر): «ما دام المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية، فلا بد أن ننشئ لهم المدارس العلمانية، ونسهل التحاقهم بها، وهذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب».

وختامًا

فإن الحملات الصليبية العسكرية والسلمية ما زالت تستهدف عقيدتنا وتهدد الأمن القومي للمسلمين. فعلينا كمسلمين أن نواجه هذا الخطر وغيرَه من مؤامرات العدو المحتل.

{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33].

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأنفال:37].

الهوامش:

(1). المصدر: لسان العرب لابن منظور، المحيط، طبعة بيروت (٦٤٨/٣).
(2). المصدر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ص 159.
(3) كتاب التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته. لمؤلف: علي بن إبراهيم الحمد النملة. ص2.
(4) د. فروخ ـ الخالدي، التبشير والاستعمار، ص 39.
(5) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ص (169).
(6) التنصير الطبي الخفي في بلاد المسلمين، ص113.
(7) الطريق إلى مكة، ص 79.
(8) مقالة نشرها أستاذ سلمان العودة في موقع طريق الإسلام. رابط المادة: http://iswy.co/e47uc
(9) كتاب التنصير ووسائل الإعلام في أندونيسيا نقلا عن مجلة الإصلاح، دبي، العدد الثامن، ذو الحجة 1398هـ.
(10) راجع: دراسات في الفكر الإسلامي الحديث، ص96.

المراجع:

١- الغارة علي العالم الإسلامي، المؤلف: ا.ل شاتليه، لخصها ونقلها إلى اللغة العربية: مساعد اليافي ، محب الدين الخطيب.
٢- استراتيجية التنصير في العالم الإسلامي، د.محمد عمارة
٣- التبشير والاستعمار في البلاد العربية، للمؤلفان:دكتور مصطفى خالدي والدكتور عمر فروخ
٤-  التنصري مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته،  أ. د. علي بن إبراهيم الحمد النملة.
٥- الزحف إلى مكة حقائق ووثائق عن مؤامرة التنصير في العالم الإسلامي،  د.عبد الودود شلبي.
٦- تنصير المسلمين بحث في أخطر استراتيجية طرحها مؤتمر كلورادو التنصيري، عبدالرزاق ديار بكرلي.

عبد الحفيظ علي تهليل

طالب جامعي مهتم بقضايا الأمة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أحسنتم النشر وجزاكم الله خيرا، ردّالله كيد النصارى والصهاينة،ونشكر الله على نعمة الوعي لجيل اليوم رغم إغراء أفكارهم بالباطل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى