شامل باساييف .. بطل الأمة الشيشانية في مقاومة الروس
زعيم مجاهدي الشيشان شامل باساييف الذي استشهد في عملية عسكرية قامت بها القوات الروسية بالقرب من إنجوشيا.. شامل وما أدراك من شامل، رجل نصر المسلمين في أذربيجان ضد عدوان الأرمن والروس، ثم نصرهم في أبخازيا ضد العدوان الجورجي النصراني وأصيب هناك إصاباتٍ بالغة، ثم أرسل إخوانه لنصرة المسلمين في طاجيكيستان ضد التحالف العلماني-الشيوعي-الروسي.
ثم نصر المسلمين في الشيشان، وبعدها نصر هذا البطل المستضعفين من المسلمين في داغستان ورفض التخلي عنهم، رجل ترك رئاسة الوزراء واستقالَ من منصبه ليتفرغ لنصرة المسلمين، قائد عسكري استطاع أن يأسر عشرة آلاف أسير بثلاثة آلاف مقاتل غروزني 1996م، تَقَدّم جنده لعبور حقل ألغام إيثاراً لسلامةِ إخوانه على سلامةِ نفسهِ ورغبةً في الشهادة في سبيل الله، ثم فقد ساقه أثناء ذلك في اختراق حصار غروزني عام 2000.
من هو شامل باساييف؟
شامل بن سلمان بن باسييف “عبد الله شامل أبو إدريس” كما أطلق عليه البعض، ولد شامل في عام 1965م في قرية فيدينو (مقاطعة فيدينو)، تلك القرية الصامدة التي قاد منها الإمام شامل الداغستاني الجهاد ضد الروس لأكثر من ثلاثين عامًا في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي).
وما زالت قلعته صامدة، شامخة، وشاهدةً على بطولات المسلمين في القوقاز، لشامل ثلاثة إخوة، هو أكبرهم. أحدهم استشهد أثناء الدفاع عن فيدينو في بداية معارك 1995م والآخر شرواني قائد من قادة المسلمين وواحد من أبطالنا في القوقاز (شرواني هو الذي قاد الدفاع البطولي عن قرية باموت حين صمد مع ثلاثمائةٍ من إخوانه ضد عشرة آلاف مجرم روسي لمدة 15 شهر).
لم تكن شجاعة شامل وإخوته نبت جديد في الأسرة فالجد الأكبر لشامل كان أحد مساعدي الإمام شامل الداغستاني وقد استشهد (جد شامل) في معركة ضارية ضد المجرم الكبير الجنرال يرمولوف. أما جد شامل المباشر (والد أبوه) فقد قاتل الشيوعيين أثناء حرب عام 1917 وذلك حين حاول لينين السيطرة على شمال القوقاز الذي كان حينها إمارة شمال القوقاز الإسلامية بقيادة الإمام نجم الدين ونائبه الحاج أوذون (أوذون حاجي). استشهد جدّ شامل جوعًا في سيبريا بعد أن أسره الشيوعيون ونفوه إلى هناك.
ولما استشهد ترك المجرمون جثته في الجليد شماتةً ولم يدفن حتى جاء الربيع، نما شامل وتربى وهو يسمع ما حدث للإسلام وأهله في بلاد القوقاز من أبيه. وفي عام 1987م دخل شامل معهد الهندسة الزراعية (كلية الهندسة الزراعية) وتخرج منه عام 1990 ثم عاد للشيشان في العام التالي (1991م) وانضم هناك لقوات كونفدرالية شمال القوقاز (منظمة تسعى لوحدة شعوب القوقاز المسلمة وكان شامل في جناحها المسلح).
شامل باساييف بطل أم إرهابي
اعتبر الشيشانيون شاملًا بطلًا للأمة الإسلامية وليس للشيشان فقط، حيث قام بالعديد من الهجمات على روسيا لنيل الاستقلال، وعلى الرغم من ذلك تم اعتباره إرهابيًا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة، لأنه قام بالانضمام إلى المقاومة الشيشانية.
وُضِعَ على القائمة السوداء كأكثر إرهابي مطلوب في العالم، إلا أن الدول الغربية كانت ترغب في التخلص منه بسبب قوته ورغبته في استقلال البلاد الإسلامية، حيث كان يسعى شامل إلى استقلال بلاده الشيشان، لذا كان من المجاهدين الذين شاركوا في الحرب الشيشانية ضد الروس، وفي عام 1995م احتجز رهائنًا في مدينة “بودينوفيسك” لإجبار القوات الروسية على الإنسحاب.
بداية جهاد شامل باساييف
في أكتوبر من العام 1991 أعلن الزعيم الشيشاني جوهر دوداييف قيام جمهورية الشيشان المستقلة عن روسيا، فأعلن الرئيس الروسي يلتسن حالة الطوارئ في روسيا، وأمر بالتعبئة العامة للجيش على حدود الشيشان لمواجهة الأمر، فأعلنت الحكومة الشيشانية الوليدة تطوّع (60.000) مجاهد للدفاع عن الشيشان ضدّ الغزو الروسي، وكان شامل من بينهم، وعندها بدأت رحلته الجهادية.
وفي 9 نوفمبر من العام 1991، حاول باسييف لفت انتباه العالم إلى القضيّة الشيشانية، فقام ومجموعة من المجاهدين بتحويل مسار طائرة روسية إلى تركيا. وفي العام 1992، قاتل شامل الروس في أبخازيا المجاورة، وأصبح قائد الوحدات العسكرية التابعة للكونفدرالية، ودعم مع هذه الوحدات النضال الذي خاضته أبخازيا من أجل استقلالها عن جورجيا، وقد لعب دورًا فعالاً للغاية في تحرير أبخازيا من الاحتلال الجورجي.
ثمّ انتقل إلى إقليم كاراباخ في أذربيجان، ثمّ توجه إلى ولاية “خوست” الأفغانية عام 1994م حيث بقي هناك بين شهري أبريل ومايو، ومن ثم عاد إلى الشيشان من أجل الدفاع عن الرئيس جوهر دوداييف إثر اندلاع حرب داخلية في الشيشان، وشارك في العمليات التي استهدفت مجموعات المعارضة المسلحة الموالية لروسيا.
الحروب التي شارك فيها شامل باساييف
قاد شامل العديد من الحروب بعد سيطرة روسيا على الشيشان في عام 1994م ومحاولاتهم إسقاط الحكومة والرئيس الشيشاني، ومن أهم الحروب التي شارك فيها:
حرب الشيشان الأولى
في 11 ديسمبر 1994 قامت القوات الروسية بغزو الشيشان، فعيّن جوهر دودييف المجاهد باسييف قائدًا للدفاع في الخطوط الأمامية في جبهة القتال ضدّ الروس، وقد قامت القوات الروسية في العام التالي بقصف منزل عائلة باسييف لتقتل (11) فردًا منها دفعة واحدة من بينهم زوجته، فقرّر “باسييف” تنفيذ عمليات نوعيّة لفك الحصار عن مدينة غروزني عاصمة الشيشان، فقام بعملية نوعية إذ خطط لعملية احتجاز الرهائن في مدينة “بودينوفسك” الروسية في منتصف يونيو 1995.
وقام شامل باساييف بالخروج على التلفاز والإعلان عن وجود متفجرات ومواد قابلة للاشتعال في موسكو، وكان قد أخذ بعض المجاهدين من الشيشان أسطوانات من السيزيوم أثناء احتجاز شامل للرهائن الروس، وهذا الأمر قد سبب القلق والذعر للقوات الروسية.
وكانت هذه العملية الشهيرة الناجحة تهدف للفت أنظار العالم للاحتلال الروسي للشيشان والفظائع التي يرتكبها في الجمهورية ومطالبة موسكو بوقف هجومها على جروزني في مقابل الإفراج عن الرهائن.
استقلال الشيشان على يد شامل باساييف
في عام 1996 قام شامل باساييف بشن حرب على روسيا لاستعادة غروزني وقاد القوات الشيشانية بعد حصوله على رتبة قائد القوات المسلحة الشيشانية.
حيث قام بالعديد من العمليات النوعيّة ذات العيار الثقيل، مما أدّى إلى تقهقر القوات الروسية وانهيارها وتراجعها وفك الحصار عن العاصمة غروزني.
وانتصر شامل في الحرب وأجبر الحكومة الروسية على التفاوض مع الشيشان لإبرام معاهدة سلام، مما أدى إلى انتصار الشيشان وحصولهم على الاستقلال التام عن روسيا بشكل نهائي وقاطع، وفي نفس العام قدم شامل باساييف استقالته من قيادة القوات الشيشانية ليستطيع المشاركة في انتخابات الرئاسة.
ترشح شامل باساييف للانتخابات الرئاسية
قام شامل بالترشح إلى الانتخابات الرئاسية الشيشانية في عام 1996، وعلى الرغم من عدم فوزه إلا أنه قد حصد 24% من الأصوات، واحتل المرتبة الثانية كأكثر المرشحين حصولًا على الأصوات، لهذا قام الرئيس الشيشاني “مسخادوف” بتعيينه كنائب لرئيس الوزراء، وبعد عامين تم ترقيته ليقوم بأعمال رئيس الوزراء.
ولم يُعجب أصلان مسخادوف بأعماله كثيرًا وانتقد العديد من الأمور التي كان يقوم بها باساييف، وعلى الجانب الآخر لم يعجب شامل بقرارات مسخادوف تجاه روسيا، وكان شامل متخوفًا من رجوع الشيشان إلى الاتحاد الروسي مرة أخرى، مما جعله يقدم استقالته ويتجه إلى الجهاد ويؤلف كتاب “المجاهدون”، وانتقل بعدها إلى بلاد القبق “القوقاز” لمساعدتهم في التخلص من الاحتلال الروسي.
اُنتخب شامل باساييف في 26 أبريل 1998، رئيسًا للمجلس الوطني لشعوب القوقاز، والذي أعلن فيه أن هدفه تحرير شعوب القوقاز المسلمة من الهيمنة الروسية، وفي أغسطس 1999، اختير باسييف قائدًا لقوات مجلس شورى المجاهدين في القوقاز.
حرب الشيشان الثانية
في أغسطس من العام 1999، قام باسييف بقيادة مجموعة من (2000) مجاهد بمساعدة الداغستانيين لإنشاء جمهورية داغستان الإسلامية، وبالتالي إقامة وحدة إسلامية بين جمهوريتي الشيشان وداغستان. عندها حاولت القوات الروسية منع هذا التحوّل، ولكنّها اعترفت بخسارتها القاسية لأكثر من (1100) جندي بين قتيل وجريح.
بدأ حصار غروزني في نهاية عام 1999، وفي يناير 2000 صمم باسييف على أن يتَقَدّم جنده لعبور حقل الألغام إيثارًا لسلامةِ إخوانه على سلامةِ فوطأ باسييف لغمًا أرضيًا، مما أفقده إحدى قدميه، لم تمنعه الإصابة من استكمال رحلة الجهاد والتضحية في سبيل الله فأعلن باسييف ترحيبه بالمتطوعين من المقاتلين الأجانب من أفغانستان والدول الإسلامية الأخرى، وشجعهم على الانضمام إلى القضية الشيشانية.
في العام 2004، قاد باسييف مجموعة في أنغوشيا المجاورة حيث اشتبك مع القوات الروسية، واُغتيل وزير الداخلية في هذه الحادثة. وفي نيسان من نفس العام تبنى باسييف عملية نوعيّة قويّة أدّت إلى اغتيال الرئيس الشيشاني الموالي لموسكو أحمد قاديروف. عندها وضعت الحكومة الروسية مكافأة مالية قدرها (10) مليون دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى القبض عليه متهمة إياه بقضية حصار مدرسة بيسلان.
وقد تمّكن بعدها من القيام بعمليات متفرقة قوية في داخل روسيا دون أن تتمكن السلطات الروسية من القبض عليه. في فبراير من العام 2005، أعلنت الحكومة الروسية مقتل شامل باساييف، وقد كان هذا الإعلان السادس عن التمكن من مقتله منذ العام 1999.
وفي أبريل من العام 2005 أعلن القائد شامل مسؤوليته عن انقطاع التيار الكهربائي في موسكو. وفي أغسطس من العام نفسه عاد شامل للالتحاق بالحكومة الشيشانية المقاومة في منصب مساعد الرئيس.
أعلن شامل مسؤوليته عن الهجوم على نالتشيك عاصمة جمهورية قبردينو – بلقاريا الروسية. حيث وقع الهجوم في 13 أكتوبر 2005؛ وأعلن باسييف أنه وقواته بقوا في المدينة لمدة ساعتين ثم غادروها. وانتشرت شائعات عن مقتله خلال الهجوم، لكن هذا يتناقض مع الرسالة التي نشرها موقع “مركز القوقاز”.
وفاة شامل باساييف
في 10 يوليو من العام 2006، أعلنت السلطات الروسية مقتل باسييف في إنغوشيا المجاورة، وبحسب المعلومات الخاصة نقلاً عن مصادر روسية، فقد تمّ اغتيال باسييف في 9 يوليو 2006 وهو يقود شاحنة محمّلة بالمتفجرات بعد مهاجمة الشاحنة التي انفجرت به، وقد أكد مجاهدو الشيشان نبأ استشهاد القائد شامل باساييف في بيان بثه موقع صوت القوقاز.
ارتقى شامل عن عمر يناهز 41 عامًا قضى جلها في الجهاد في سبيل الله ليعلّم شباب أمته بأن التاريخ لا يكتبه الرجال بأعمارهم بل بأفعالهم، رحل شامل إلى ربه بعد أن نصر المسلمين المستضعفين في كل مكان ولم تمنعه المناصب ولا بتر ساقه، ارتقى شامل مقبلًا غير مدبر بعد أن أذاق أعداء الدين الويل كما فعلوا بالمسلمين… فرحمه الله تعالى وجزاه خيرًا عن الإسلام والمسلمين.
المصادر
- شامل سلمانوفيتش باساييف، موقع عريق.
- كتاب الموسوعة التاريخية – الدرر السنية.
- شامل باساييف .. أسطورة الكوماندوز الشيشاني.
رحمه ألله وغفر له وأسكنه فسيح جناته
جزاكم الله خيرا
#هؤلاء من نفخر بهم