سد النهضة وحرب المياه

تحرير: بشار ولد كباد

جعل الله الماء أساس الحياة وشرط الوجود وجعل جميع المخلوقات تحتاجه فلا عيش ولا حياة بدونه، قال تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي…}.

ولأن الماء ضروري في حياة الناس كان لا بد أن يكون له تأثير في جميع جوانب الحياة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا حتى.

فمثلا نهر النيل والفرات أكبر الأنهار في العالم الإسلامي ولهما أهمية اقتصادية، وترتبط بالنهرين حياة وتطور المجتمع المسلم (بالمناسبة قامت حول هذين النهرين أغلب الحضارات في الشرق الأوسط).

وفي هذا المقال نفتح أبوابا مغلقة عن أهمية المياه وخاصة قضية سد النهضة.

ذكر الله سبحانه وتعالى الماء في القرآن الكريم ثلاثا وستين مرةً، والماء نعمة من الله وكثير من الآيات تذكر بأهمية المياه في حياتنا. وأيضا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى أن بعض أنهار الدنيا من أنهار الجنة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة وعبد الله بن نمير وعلي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر، وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيحان وجيحان والفرات والنيل كلٌّ من أنهار الجنة)).

 وقضت شريعة الإسلام بأن منع الماء للناس جريمة عظيمة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يمنعن الماء والكلأ والنار)). سنن ابن ماجه.

نهر النيل

سد النهضة

يعتبر نهر النيل أطول نهر في القارة الأفريقية والعالم ويتشكل من النيلين الأبيض الأزرق وطوله 6650 كلم ويغطي ما مساحته 3,349,000 كم مربع، وهُو نهرٌ تاريخي يتدفق في شمال شرق إفريقيا، ويجري من الجنوب إلى الشمال على عكس الأنهار العظيمة الأخرى المعروفة، ويصب في البحر الأبيض المتوسط  شرق مدينة الإسكندرية.

ينبع النيل الأبيض بجميع فروعه من بحيرة فيكتوريا، وينبع النيل الأزرق من بحيرة تانا في منطقة بني شنقول المحتلة من قِبل الأحباش.

ويمتد نهر النيل عبر إحدى عشر دولة إفريقية تسمى دول حوضِ النيل: تنزانيا، أوغندا، رواندا، بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، كينيا، إثيوبيا، إريتريا، جنوب السودان، جمهورية السودان، مِصر.

ذكر زكرياء بن محمد القزويني في كتابه (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات): «أنه ليس في الدنيا نهر أطول من النيل لأنه مسيرة شهر في بلاد الإسلام ومسيرة شهر في بلاد النوبة وأربعة أشهر في الخراب إلى أن يخرج ببلاد القمر خلف خط الاستواء».

ونهر النيل له أهمية حيوية في مصر والسودان وخاصة مصر لأنها تعتمد مياه النيل في جميع جوانب الحياة ويمثل مصدرا أساسيا وتحصل مصر مياه النيل حوالي 97% تقريبا من مياهِ الري والشرب وعلى ضفاف النيل قامت أقدم وأعظم الحضارات في العالم (حضار الفراعنة) وهذه الحضارة مصدرها الرئيسي هو الزراعة وأخذت مصر اسم (هبة النيل).

الصراع على المياه

الصراع على المياه صراع وجودي خطير يحدد مستقبل الأمم والدول، والأمن المائي لدولة ما يمثل وجود هذه الدولة أو الأمة واستمرارها في الحياة وتطورها؛ فاستقرار وتحقيق الأمن العسكري يحتاج إلى تطور واستقرار اقتصادي والتطور الاقتصادي مرتبط بمنتجات الدولة وصناعتها وأمنها الغذائي ومن أساسيات الأمن الغذائي: المياه.

وقد أجمع الخبراء والإستراتيجيون أن فقدان أي دولة لاحتياجها من الماء قد يهدد الأمن القومي لهذه الدولة. فالمياه العذبة في الكون قليلة جدا كما تشير الدراسات والبحوث في هذا المجال وندرة المياه العذبة تسبب اشتعال الحروب والحفاظ على الأمن المائي يحتاج إلى إدارة مصادر المياه فمثلا في بعض البلدان -وخاصة إفريقيا- من المعروف أن تأخر الأمطار وتوالي سنوات الجفاف في البادية والريف تشهد بسببه بعض المناطق التي عندها آبار أو بقايا بعض المياه أو بعض الأراضي الصالحة للرعي حروبا عنيفة بين القبائل لأجل السيطرة على أماكن الرعي وآبار المياه، ونزاعات أهل البادية والأرياف أغلبها بسبب نقص المياه.

«وفقًا لقاعدة بيانات النزاعات المتعلقة بالمياه التي يحتفظ بها معهد المحيط الهادي (مركز بحثي في كاليفورنيا) منذ الثمانينيات، كانت هناك أكثر من 900 حالة صراع على مر التاريخ بسبب المياه، وتسارعت وتيرة هذه الصراعات خلال السنوات الأخيرة.

يميز المعهد بين ثلاثة أنواع من العنف، ففي بعض الأحيان استُخدمت المياه نفسها كسلاح عندما سمم الإسبرطيون مياه الشرب في أثينا خلال السنة الثانية من الحرب البيلوبونيزية في عام 430 قبل الميلاد. 

وفي أحيان أخرى، تكون المياه الزناد المطلِق للرصاصة الأولى، مثلما أدى القتال على أراضي الرعي في وسط مالي هذا العام إلى مذابح وتشريد لنحو 50 ألف شخص.

النوع الثالث من النزاعات، هو الذي تكون فيه منشآت المياه هدفًا للأعمال العسكرية، ويلاحظ المعهد زيادة كبيرة في الهجمات على شبكات المياه المدنية، قائلًا إن من بين البلدان التي شهدت هجمات مماثلة هذا العام، سوريا وأوكرانيا.

حذرت دراسة للبنك الدولي من اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط بسبب نقص المياه. وأيضا تشير جميع المعلومات ومراكز البحث أن الحرب القادمة ستكون «حرب المياه» بدلا من حرب النفط، وقد جاء في ورقة تقيم المخاطر أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) أنه توجد على الأقل عشرة مواقع في العالم يمكن أن تنفجر فيها الحرب بسبب تناقص مصادر المياه المشتركة بين دولها».

وقال المدير التنفيذي لمعهد ستوكهولم الدولي للمياه (تورجني هولمجرين): «كل الأزمات المحلية المرتبطة بنقص المياه في جميع أنحاء العالم تتصاعد في الوقت الراهن، وبصدد التحول إلى أزمة عالمية».

وأسباب النزاعات المياه التي من الممكن أن تتحول الي حرب مسلح ثلاثة أسباب مهمة:

  1. نقص المياه لدولة ما والذي يتطلب بحثا عن مصادر المياه خارج حدودها.
  2. وجود منابع المياه في دولة لا تحترم حق الجوار وتحاول حرمان دول الجوار من المياه.
  3. الاحتلال والاعتداء على الحقوق المائية لدولة ما أو سيطرة دولة ظالمة على منابع المياه لدولة أخرى كما فعلت إسرائيل وإثيوبيا.

يقول وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق محمد نصر الدين علام، إن «الصراع المائي حول النيل قديم قدم النهر، فمنذ عهد الفراعنة هناك حروب تتعلق بالمياه وحفظ حقوق مصر منها، واستمرت أيام حكم المماليك وأسرة محمد علي مرورًا بالحروب الصليبية والاحتلال البريطاني والأوروبي لمصر والسودان ومعظم دول منابع النهر، وفي العصر الحديث تجددت الخلافات مع بناء السد العالي، لكن الخلافات لها جذور تاريخية منذ آلاف السنين، والخلاف ظل دائمًا سياسيًا وليس فنيًا أو مائيًا بالمعنى الضيق».

احتلال إثيوبيا منبع النيل الأزرق (بحيرة تانا)

السيطرة على مصادر المياه كانت من أهم إستراتيجيات دول الاحتلال الغربي، وفكرة احتلال منابع المياه في العالم الإسلامي فكرة قديمة بدأت منذ بداية نزول قوات الاحتلال الغربي في العالم الإسلامي لأجل أهمية المياه وإمكانية استخدامها كورقة ضغط سياسي أو اقتصادي على الشعوب المسلمة.

فالخبراء في مجال المياه أجمعوا على أن الصراع على المياه ليس قضية اقتصادية أو تنموية فقط بل أصبح مسألة إستراتيجية وأمنية، ويشكل الصراع على المياه حتى اليوم مثار نزاعات إقليمية وقبَلية ودولية رغم أن العالم الإسلامي يمتلك مصادر المياه المهمة وأنهارا كثيرة يواجه بسببها مؤامرات الاحتلال؛ ففي القرن الماضي احتل الكيان الصهيوني أهم منابع المياه في الشرق الأوسط، وإثيوبيا احتلت منبع نهر النيل، ودول الاحتلال مثل بريطانيا هي التي وضعت الخطط والاستراتيجيات للسيطرة هذه المصادر.

في 2 أبريل/نيسان 2011، بدأت الحكومة الإثيوبية في إنشاء مشروع سد النهضة على النيل الأزرق بمدينة (قوبا) بإقليم بني شنقول.

وإقليم بني شنقول هو إقليم ينتمي تاريخيا للسودان تسكن فيه قبائل البرتا والقمز وقبائل الفونج والجبلاويين والجعليين والدناقلة واليعقباب وكلها قبائل سودانية مسلمة ويتحدثون اللغة العربية  واللُّغات الخاصَّة واللهجات السودانية مثل القمز والكوما والماو والبرتا.

وتبلغ مساحة إقليم بني شنقول حوالي 50 ألف كيلومتر مربع، وعاصمته هي مدينة (أصوصا)، ويقطنه مليون شخص تقريبا.

في القرن الثامن عشر الميلادي، قدم الاحتلال الغربي خطة لتحويل مجرى النيل بمساعدة ملك الحبشة، فأرسل ملك الحبشة في بداية القرن التاسع عشر رسالة تحمل تهديدا ووعيدا لحاكم مصر محمد علي باشا وهذه الرسالة في القرن التاسع عشر توضح لنا اليوم عداوة دولة الحبشة ومحاولتها لبناء سد النهضة وتوضح لنا أيضا خطورة هذا السد على الشعوب المسلمة في القارة الأفريقية وخاصة دول حوض النيل مثل السودان ومصر، وفكرة إثيوبيا للتحكم بمياه النيل تشبه فكرة الصهاينة للسيطرة على منابع المياه في فلسطين والأردن وسوريا فكتب ملك الحبشة هذه الرسالة:

«إن وسيلة عقاب المصريين في أيدينا».

وهذه الرسالة دفعت محمد علي إلى خوض معركة بعد إذن من دولة الخلافة العثمانية فوصل حكمه كل السودان لأجل تأمين منابع النيل الجنوبية والشرقية وخاصة في منطقة بني شنقول المسلمة وهذه المنطقة تقع فيها منابع النيل (بحيرة تانا).

ويتدفَّق من بحيرة تانا سنويا ما يعادل 80% من مياه نهر النيل ويمكن تحويل النيل فيها.

نشرت مجلة المدفعية الملكية -الصادرة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1949-مصر، بقلم البكباشي أ.ح: إبراهيم فؤاد شرف:

 «في كتب التاريخ تم التركيز على أن دوافع محمد علي باشا للحملة على السودان، هي البحث عن الذهب في منطقة بني شنقول، وكذلك البحث عن الرجال، لضمهم إلى جيشه، غير أن السبب الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، هو اكتشاف منابع النيل وتأمينها، حفاظا على أمن مصر فبادر بانبعاثات ابنه إسماعيل على النيل الأزرق وابنه إبراهيم على النيل الأبيض وهمّ بضم الحبشة، لولا وقوف بريطانيا عائقا أمامه».

وأكد الباحث فرج قدري الفخراني، المتخصص في الدراسات العبرية واليهودية بجامعة قنا لـ(للأهرام الزراعي) أن الصراع على نهر النيل بين مصر والأحباش، امتد لسنوات طويلة، لأنهم هددوا بردم نهر النيل، وعدم وصوله لمصر قبل أن يتولى محمد علي باشا حكم مصر، مما اضطره للقيام بفتح السودان، لتأمين المنابع ضد تهديدات الجانب الإثيوبي بمنع نهر النيل عن مصر. 

(07/08/2016) الأهرام الزراعي المصرية.

فبعد سيطرة بريطانيا على الشرق الإفريقي بدأ الأحباش بتوسيع دولتهم واحتلوا مناطق شاسعة في الصومال والسودان بمساعدة الاحتلال البريطاني  ومن بين هذه المناطق منطقة بني شنقول المسلمة، والسيطرة هذا الإقليم تمثل تهديدا للأمن المائي في السودان ومِصر لأنه في هذه المنطقة تقع بحيرة تانا المهمة التي أنشأت إثيوبيا سد النهضة الكارثي عليها.

وفي عهد الرئيس جمال عبد الناصر أنشأت مصر السد العالي لأجل الاستفادة من مياه النيل واستخدامه بمجالات متنوعة وهذا السد لا يضر دول حوض النيل وخاصة إثيوبيا لأن إثيوبيا أصلا تعتبر من الدول التي تستقبل كميات غزيرة من الأمطار، ومع ذلك اعترضت إثيوبيا على بناء السد العالي.

وفي عهد السادات هدد الرئيس الإثيوبي (ماجستير هيلا ماريام) مصر بتحويل مجرى النيل بسبب إعلان الرئيس السادات عن مشروع لتحويل جزء من مياه النيل لري 35 ألف فدان في سيناء، وبعد اعتراض إثيوبيا مشروع السادات وتهديدها بتحويل مجرى نهر النيل وجَّه الرئيس السادات خطابا إلى إثيوبيا وهددهم باستخدام القوة العسكرية.

الصراع على المياه بين إثيوبيا ومصر صراع قديم وأثناء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن عام 1988م بحثًا عن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الموارد المائية في الشرق الأوسط بهدف انتهاج استراتيجية للمستقبل لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة.. وحددت الدراسة أزمة مياه حوض نهر النيل وكيفية معالجتها وأبرزت أن مياه النيل مصدر تحكم في كل من مصر والسودان.

ويذكر أن وزير دفاع مبارك الأول المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة أعلن أن الجيش المصري سيوجه ضربة لأي مشاريع تضر بمصالح مصر في دول حوض النيل!

ولكن سنة 2011 وبعد الثورة والتوتر السياسي في مصر استغلت إثيوبيا هذا التوتر في مصر وبدأت بناء السد النهضة.

من ناحية أخرى، هناك الحركة الشعبية لتحرير بني شنقول Benishangul People’s Liberation Movement، وهي حركة مسلحة خاضت حروبا شرسة بسنوات لأجل الاستقلال وأيضا هذه الحركة أعلنت أنها ضد سياسة إثيوبيا لاستخدام النيل الأزرق كورقة ضغط سياسي على مصر والسودان.

وذكر الدكتور (فريد سختر) وهو أستاذ علم البيئة في جامعة فرجينيا: أنه ليس هناك سلاح أفضل أو أنجح من سلاح المياه لاستخدامه في مواجهة مصر والسودان.

إثيوبيا بعد سيطرتها على بحيرة تانا أبرمت بريطانيا -وهي تحتل أراضي السودان ومِصر آنذاك- اتفاقية 1902م في أديس أبابا، وبريطانيا تلعب دور النائب للسودان ومصر، وهذه الاتفاقية نصت على عدم إقامة إثيوبيا أي مشاريع سواء على النيل الأزرق أو بحيرة تانا ونهر السوباط.

سد النهضة

سد النهضة

سد النهضة كان حلم إمبراطورية الحبشة وسد النهضة سمي عدة أسماء مختلفة منها «المشروع إكس» وبعدها تغير إلى اسم «سد الألفية الكبير» وبداية إنشائه سنة 2011 سمي رسميا باسم «سد النهضة» بتكلفة تبلغ نحو 4.8 مليار دولار، ويقع سد النهضة في منطقة بني شنقول.

ومنذ بداية المشروع طلبت إثيوبيا من الحكومة الأمريكية التعاون معها لأجل بناء السد، ثم كلف مكتب الاستصلاح الأمريكي US Bureau of Reclamation التابع لوزارة الداخلية الأمريكية بالمشاركة في المشروع المشترك بعنوان «البرنامج التعاوني للولايات المتحدة الأمريكية وإثيوبيا لدراسة حوض النيل الأزرق»، وحددت الحكومة الأمريكية 26 موقعاً لإنشاء السدود أهمها أربعة سدود على النيل الأزرق الرئيسي: كارادوبي، مابيل، مانديا، وسد الحدود (النهضة) واستمرت دراسة مشروع السد ما بين 1958-1964.

وتشير بعض الدراسات إلى أن سد النهضة يخزن 11.1 مليار م³ إلى 13.3 مليار م³.

وقد أعلنت حكومة إثيوبيا أن هدف إنشاء سد النهضة هو توليد 5250 ميجا وات من الكهرباء، وتنمية الاقتصاد، بل وتزويد دول «الجوار» بالكهرباء.

يقول مدير سد النهضة السابق المهندس سيمنيو بيكيلي سنة 2011: إن هناك خطة لتوليد طاقة قدرها 700 ميجا وات من وحدتين بالمشروع البالغ إجمالي عدد وحداته 15 وحدة خلال ستة أشهر، على أن يكتمل تشغليه بالكامل تدريجيا.

واغتالت جهة غير معروفة المهندس سيمنيو بيكيلي سنة 2018 في عاصمة إثيوبيا أديس أبابا.

وبالمناسبة إثيوبيا رفضت -فيما بعد- اتفاقية 1902 التي نصت على عدم إنشاء أي مشروع في النيل الأزرق بدون موافقة مصر والسودان وقالت إثيوبيا إن هذه الاتفاقية كانت خلال حقبة الاحتلال وايضا قالت نحن لا نعترف بهذه الاتفاقيات.

 واحتلت إثيوبيا إقليم بني شنقول السوداني وفي لعبة الاتفاقيات رسمت بريطانيا الحدود بين السودان وإثيوبيا، وأعطت بريطانيا هذه الأرض لإثيوبيا كما أعطت أرض الصومال الغربي المحتلة للأحباش.

يقول هاني رسلان الباحث المصري المختص بشؤون السودان ودول حوض النيل:

 «إن اتفاقية 1902 تخص السودان وحدوده، وتخلى عنها عمليا لأنه سمح للإثيوبيين بالسيطرة على إقليم بني شنقول وبناء سد النهضة هناك أيضاً، وهو أرض سودانية وما زال النزاع الحدودي قائما بين البلدين، ولكن هذه الاتفاقية تلزم إثيوبيا بألا تقيم أي منشآت على النيل الأزرق، أما اتفاقية 1959 فكانت مصر والسودان دولتين مستقلتين، ورغم ذلك ترفضها إثيوبيا، كما ترفض أيضا اتفاقية 1929، لكن إذا نظرنا للعلاقات الثنائية بين إثيوبيا ومصر سنجد تفاهما موقعا عام 1993 يلزم إثيوبيا بعدم الإضرار بمصالح مصر المائية».

فخ المعاهدات والاتفاقيات

قبل دخول باب الاتفاقيات والمعاهدات والمفاوضات حول سد النهضة علينا أن نعلم حقيقة هذه الاتفاقيات؛ أي جهة تستفيد ومن الخاسر في هذه المعاهدات، في ظل غياب الخلافة الإسلامية وتفكك العالم الإسلامي بدويلات قطرية وقومية متناحرة بينها فلا يوجد أي تعاون إستراتيجي مبني على الأخوة الإسلامیة بمواجهة التحديات وصراعات العالم الملتهبة، بل على العكس من ذلك نرى أن بينهم صراعات وخلافات تركها الاحتلال الغربي قبل رحيله عسكريا مثل مشاكل الحدود البرية والبحرية مثل  النزاعات بين مصر والسودان في (حلايب) وهذه النزاعات زرعت بين المسلمين الحقد والعداوة بينهم وهذه من الثمرات التي زرعها الاحتلال الغربي في العالم الإسلامي حتى لا يكونوا أمة واحدة.

وفكرة المفاوضات والمعاهدات من أخطر أفكار الاحتلال وهي تقوم على فكرة الحل الوسط بمعنى أنه لا بد لكل الأطراف أن تقدم تنازلات حتى يتم التوافق وتوقيع الاتفاقية ومن كل هذه التنازلات سيستفيد دول الاحتلال.

فمثلا، عبر المفاوضات اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة يهودية وتنازلت السودان عن جنوبها. وهذه الاتفاقيات قابلة للتغيير فقط من قِبل المحتل لأنه يريد مزيدا من المكاسب والفوائد في كل جولات المفاوضات.

اتفاقيات حول سد النهضة

جميع الاتفاقيات حول السد النهضة نصت على عدم المساس بحقوق مصر من مياه النيل واحترام حقوقها، واتفقوا أيضا على عدم إقامة المشاريع التي تضر بالنهر أو تقلل كمية مياه النيل.

ومن أبرز الاتفاقيات:

  1. اتفاقية روما: 1891 أبرمت بريطانيا باسم مصر والسودان اتفاقا مع إيطاليا باسم إريتريا.
  2. اتفاقية أديس أبابا: 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا.
  3. اتفاقية لندن: 1906 بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
  4. اتفاقية 1925: بين إيطاليا وبريطانيا.
  5. اتفاقية 1929: بين مصر وبريطانيا.
  6. اتفاقية 1959: بين مصر والسودان حددت ولأول مرة كميات المياه المستخدمة بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و 18.5 مليارا.
  7. اتفاقية مايو/أيار 2009: عقدت هذه الاتفاقية بدولة الكونغو الديمقراطية لأجل البحث عن الإطار القانوني والمؤسسي لمياه النيل، ورفضت مصرُ علي الاتفاقية بسبب عدم وجود أي بنود تحفظ حقوقها.
  8. اتفاقية عنتيبي مايو 2010: وقعتها أربع دول من دول حوض النيل، وبعض الدول أرسلت بيانات تؤكد موافقتهم لكن دولتي المصب مصر والسودان رفضتا الاتفاقية، واعتبرتا أنها بداية أزمة سد النهضة.
  9. اتفاقية 1 مارس/آذارٍ  2011: كانت اتفاقية تقاسم مياه النيل.
  10. اتفاقية 2015: تعتبر اعتراف مصر لأول مرة ببناء سد النهضة وكانت نقطة التحول بعد توقيع عبد الفتاح السيسي.

ختامًا

واجب الأمة الإسلامية تجاه أراضيها هو الدفاع عن العالم الإسلامي أمام الغزاة ودون تنازلات عن الأراضي المحتلة من فلسطين إلى القارة الأفريقية، وأيضا علينا فهم الواقع ومتابعة أحداث العالم ومن واجبنا أيضا فهم أهمية المياه وحرب المياه وحمل المسؤولية للدفاع عن حقوق المسلمين.

المراجع:

  1. كتاب الصراع وحرب المياه في العالم العربي
  2. كتاب المياه العربي التحدي والاستجابة
  3. كتاب المياه و أوراق اللعبة السياسية في الشرق الأوسط
  4. قناة الجزيرة.
  5. موقع المعرفه. 

عبد الحفيظ علي تهليل

طالب جامعي مهتم بقضايا الأمة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى