مهارات حل المشكلات
مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات
يتعرض الإنسان خلال عمله، و في حياته عمومًا إلى قضايا وأزمات تتضمن خللًا أو انحرافًا عن المسار المستهدف، ولكي يتلافى الأضرار التي قد تنجم عنها يلجأ أحيانًا إلى سبل خاطئة؛ كالهروب من المشكلة، أو تصوّرها على نحو غير سليم، أو قد يستخدم أساليب تقليدية لا تتناسب مع المشكلة، وبالتالي يصل إلى حلٍّ خاطئ أو لا يصل إلى حل أصلًا، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى ما يُسمى بِـ «مهارات حل المشكلات».
تعريف حل المشكلات
يتمثل مفهوم «حل المشكلات» بالعملية التي تتضمن تحديد المشكلة، ومن ثمَّ التعرف على جميع الطرق الممكنة لحلها، واستخلاص القرار المناسب بعد مقارنته بالبدائل المقترحة. وإنَّ حل المشكلات عمليةٌ تتعلَّق بإدراكٍ كاملٍ للمعلومات المكتسبة سابقًا وإحاطة تامَّة بالخبرات، وتوظيفها مع البيانات التي تُجمَع، بناءً على المشكلة الجديدة، من أجل إيجاد حلٍّ لها بأقل الأضرار الممكنة.
ويعد «حل المشكلات» عملية في غاية الأهمية، وذلك لأن أيَّ شخص في عمله أو في حياته قد يواجه العديد من المشكلات يوميا، وعند النظر إلى المشكلة من وجهة نظر أصحاب العمل على سبيل المثال، فإن نجاح أي مؤسسة يستلزم ضرورة حل أي مشكلة قد تواجهها.
مهارات حل المشكلات
على الإنسان أن يتبع أسلوبًا علميًّا مبتكرًا في حل المشكلات القائمة والمحتملة، ويتمثل في مجموعة من النقاط البارزة كما يأتي:
تحليل المشكلة
تكمن أهمية تحليل المشكلة في تحديدها وإدراك جوهرها؛ لأن عدم تحديد المشكلة والإحاطة بها من جميع جوانبها يعني أن الشخص يسير في الاتجاه الخاطئ. وعلى الرغم من أن الظروف والعناصر المحيطة بالموقف نفسه جميعها متشابهة، إلا أنَّ كل شخص يدرك الموقف بطريقة مختلفة؛ نظرًا إلى اختلاف الخبرات والاهتمامات والدوافع، بالإضافة إلى المشاكل التي تتعلق بالبيانات وصعوبة جمعها والتثبت من صحتها. ويمكن تحليل المشكلة من خلال الالتزام باتباع الخطوات الآتية:
- تحديد المشكلة: بهدف تحديد السبب الحقيقي وراء المشكلة، أو ما يسمى «السبب الجذري».
- تحديد إطار المشكلة: وذلك من خلال تحديد أبعادها والدرجة التي وصلت إليها، ليتسنَّى للشخص أو المجموعة التعامل معها.
- تحديد العقبات المتوقعة: وتزداد هذه المهمة صعوبةً كلما ازدادت المشكلة تعقيدًا، وتتمثل في صعوبة توفير البيانات والتحقق منها، أو خطورة أبعاد المشكلة، أو النظر إليها من وجهة نظر معيَّنة، أو تعقيدها، أو التنصُّل منها، أو كون المشكلة مرتبطة بمشاكل سابقة.
دراسة الحلول المحتملة المناسبة
بعد أن يتم تحليل المشكلة ودراستها من جميع جوانبها تتجلى عملية التفكير الابتكاري لإيجاد الحلول المحتملة، مع الموازنة بين الحلول المقترحة والآثار التي قد تنجم عنها. ويتطلب ذلك التفكير الإبداعي وإيجاد حلول تتناسب مع المشكلة من جميع اتجاهاتها، وأن يكون تطبيقها ممكنًا على أرض الواقع، مع إدراك أهمية عدم إهمال أي من الحلول الممكنة.
البدائل والمفاضلة بينها
بعد الانتهاء من عملية التفكير الإبداعي يُفترض أن يتم الحصول على مجموعة بدائل، وهذه البدائل هي عبارة عن حلول جميعها يمكن تطبيقها، إلَّا أن كلًّا من هذه البدائل له إيجابيات وسلبيات، لذلك تتم المفاضلة بينها لاستبعاد البدائل الضعيفة واختيار البدائل القويّة. ومن معايير اختيار البديل المناسب ما يأتي:
- تقديم عائد أكبر من التكلفة المبذولة.
- توفُّر الإمكانيات لتطبيقه.
- إمكانية التعامل مع آثاره الجانبية.
- كونه واقعيًا ويمكن تنفيذه.
- قدرته على القضاء النهائي على المشكلة أو الحد من نموُّها.
اتخاذ القرار
يمثّل «اتخاذ القرار» كمفهوم موقفًا أو أمرًا يتم اختياره من بين البدائل المتاحة التي تمّت مقارنتها مسبقًا وتحديد الأصلح منها، لتحقيق هدف معيّن أو حل مشكلة محددة. واتخاذُ القرار أمر مهم جدًا لأداء المهمّات المنشودة، وضمان تقدُّم سير العمل نحو الهدف، ومواجهة أي مشكلة قد تطرأ. وهناك مجموعة من الأمور التي قد تؤثر في اتخاذ القرار، وهي كما يأتي:
- القيم والمبادئ والمعتقدات.
- المؤثرات والاهتمامات الشخصية.
- الطموح والميول.
- الجوانب النفسية.
الإبداع في حل المشكلات
الشخص المبدع هو الشخص الذي ينطلق في أفكاره إلى نطاق واسع، ويرفض البقاء في حيِّزٍ ضيِّق، بل تجده يقرأ ويطَّلع ويسافر ويجمع المعلومات، كما أنّه لا يخاف من الأفكار الجديدة أو الأحداث المستقبلية، بل يقبل عليها، ويدرِّب الأشخاص الذين يعملون معه.
وإن الإبداع في حل المشكلات يقود إلى إيجاد حلول مبتكرة يمكن الدمج بينها أو مفاضلتها بما يتناسب مع طبيعة المشكلة أو البيئة التي تدور فيها، وتنتج هذه الأفكار والمقترحات عن تصوُّر المستقبل، بحيث يتخيَّل أمرًا لم يحدث وما يمكن أن ينتج عنه، ويقول أينشتاين في هذا الصدد: «التخيُّل أفضل من المعرفة».
والدور الفاعل الذي يقوم به المدير أو صاحب العمل المبدع بعد جمع الأفكار الإبداعية هو المفاضلة بينها، بحيث يتخّذ القرار الأفضل في ظل الظروف المتوفّرة؛ سواء كانت ظروفًا اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية، ويكون ذلك بعد أن يرتب الأولويات، ويتخيَّل جودة الحل ومواءمته على المدى البعيد والمدى القريب.
طرائق حل المشكلات
هناك مجموعة من الأساليب المستخدمة في إيجاد حلول صحيحة للمشكلات، وبالتالي اختيار القرار الصحيح من بين البدائل، وهي كما يأتي:
أسلوب العصف الذهني
ويتمثل في إطلاق العنان للأفكار الإبداعية، والتفكير بأسلوب غير تقليدي في المشكلة الجديدة، ويتم من خلال تتبع بالخطوات الآتية:
- تحديد المشكلة.
- مساعدة الآخرين في إدراك المشكلة.
- طرح أفكار جديدة وتشجيع الآخرين.
- تبادل الأفكار مع أفراد المجموعة.
- تحديد الافتراضات المتعلقة بالمشكلة.
- تحديد معايير انتقاء الأفكار الإبداعية الجديدة.
- تطبيق المعايير المنتقاة على الأفكار.
أسلوب قبعات التفكير
يقوم أسلوب القبعات على فكرة العمل الجماعي في حل المشكلات، بحيث يتكون من ست مجموعات من أساليب التفكير، وهي القبعات، وتمثل القبعة الواحدة ذات اللون المميز خطوة في حل المشكلة، بحيث تعمل المجموعة على حل المشكلة خطوة خطوة مع التركيز على كل خطوة بذاتها، والانتباه إلى الخطوات التي تم التفكير بها مسبقًا.
أسلوب عظمة السمكة
يمكن اعتماد هذا الأسلوب مع المشكلات المعقَّدة والمتشعِّبة، ويتمثل باتباع الخطوات الآتية في حل المشكلة:
- تجزئة المشكلة لمجموعة من الأجزاء (العظام) وفقًا لطبيعتها.
- تحديد العلاقة بين السبب والنتيجة في كل جزء.
- رسم خطٍّ أفقي يصل بين رأس السمكة وعظامها.
- تمثيل العوامل المؤدية إلى ظهور الأثر في نهاية الأجزاء الرئيسية.
- تحديد الأسباب أو العوامل الجوهرية التي تؤدي إلى حدوث المشكلة.
- جمع معلومات إضافية للتأكد من ارتباط السبب بالأثر.
- اتخاذ القرار.
موفق ان شاء الله.