لمحة سريعة حول كتاب العناصر الخمسة للتفكير الفعّال«The 5 Elements of Effective Thinking»
كتاب موجّه بشكل أساسي إلى طلبة الجامعات، رغم أن الأفكار التي فيه يُمكن تطبيقها بشكل عام على جميع مناحي الحياة.
الكتاب يشرح منهاجية يُمكن لنا من خلالها التفكير وفهم الأمور التي تبدو ظاهريًا مُعقّدة أو تحتاج إلى جهد فكري عميق بشكل جيّد. الكتاب يركّز على النقاط الأساسية التالية:
افهم الأساسيات بشكل جيّد قبل أن تحاول فهم أمور أكثر تعقيدًا/تركيبًا
من بين الأفكار الجميلة المعروضة حول هذه النقطة، قصّة حدثت لعازف مُحترف مع مجموعة من طلبة الموسيقى. طلب منهم عزف ما يعتبرونه أصعب مقطع من قطعة موسيقية مُعيّنة وحاول كل واحد منهم أن يعزفها بأفضل شكل ممكن. ثم ليبين لهم مدى أهمية إتقان الأساسيات طلب منهم إجراء نوع من «الإحماء الموسيقي»، وهي تلك الأصوات والنغمات التي يشرع كل عازف في عزفها كنوع من الإحماء. وبعد ذلك أعاد هذا العازف المُحترف تلك النوتات القاعدية وتبين للجميع الفرق الشاسع ما بين ما عزفه هو وما عزفه كل واحد من الطّلبة رغم أن المعزوفة في كل حالة لم تكن سوى نوتات إحمائية بسيطة. بعبارة أخرى إتقان الأساسيات بشكل جيّد هو الخطوة الأولى الأساسية قبل الانتقال إلى الأفكار المركّبة. فكرة أخرى جميلة وتتعلّق بوكالة ناسا، حيث أنه وبعد أن سطّر الرئيس كينيدي هدف إرسال رحلة مأهولة بالبشر إلى القمر، لم يشرع المهندسون في ناسا في التخطيط لتلك الرحلة مباشرة بل كانت أولى أهدافهم هو التّحكم في أمر قاعدي وأبسط، ويتمثل الأمر في إسقاط مجسم ما على سطح القمر (يعني أن يصل المركب إلى هدفه) وهو ما تم، وما لم يكن إرسال رحلة مأهولة إلى القمر من دونه.
التّعلم من الأخطاء
من بين الأفكار الجميلة حول هذه النقطة هو وجوب تغيير نظرتنا إلى الأخطاء، من أمر يجب تجنّبه مهما كان الثمن، إلى أمر ننشده لنحصّل فهمًا أفضل وتحكّما أقوى بالموضوع أو المجال الذي نحن بصدد دراسته. فعلى سبيل المثال، بدل أن تقول «يجب أن أتجنب الخطأ» تستبدلها بـ «لكي أنجح سأحتاج إلى ارتكاب 10 أخطاء، وما هذا الخطأ إلى أولها» وحينها سيتحول الخطأ إلى خطوة لبناء الهدف المنشود. فكرة أخرى جميلة وهو أن الأخطاء التي ترتكبها الآن (أو الإجابات الخاطئة التي تقدّمها الآن) قد تكون إجابات لأسئلة لم تطرحها من قبل. فعلى سبيل المثال أجرى بعض الباحثين في شركة 3M المُتخصّصة في إنتاج الغراء أبحاثًا لإنتاج نوع أقوى من الغراء، لكن ما حدث هو أن النتيجة التي تحصل عليها هو غراء لا يصلح حتى لإلصاق ورقة على ورقة أخرى، حيث يمكن فصلهما بكل سهولة. بعد فترة أصبحت هذه الفكرة أحد أهم مصادر دخل الشركة بعد إطلاق مُنتج الملصقات Post it. يعني الإجابة التي كانت تُعتبر خاطئة كانت إجابة صحيحة على سؤال لم يُطرح بعد.
اطرح الأسئلة باستمرار واطرح الأسئلة الأنسب
من بين الأفكار الجميلة حول هذه النقطة هو أنه لما تتابع درسًا أو مُحاضرة بنية طرح أسئلة في نهايتها فسترتفع نسبة تركيزك أكثر، لأنك ستتحول من مجرد مستقبل سلبي إلى مستقبل متفاعل وهو ما سيزيد من استيعابك لمُحتوى تلك المُحاضرة أو الدرس. يشير المؤلفان إلى أنهم يعيّنان دائمًا طالبًا في المُحاضرات التي يقدّمانها ليكون المسؤول عن طرح الأسئلة ويشيران إلى تحسنّ مستوى وفهم الطالب الذي يقع عليه الاختيار بفضل هذا الأمر. نقطة أخرى جميلة أشار إليها الكتاب وهو أنه في الكثير من الحالات نطرح الأسئلة غير المُناسبة ولهذا لا نصل إلى إجابات أو نتائج جيّدة، وعرض هنا قصّتين. الأولى إن كنت تعيش في مدينة كبيرة معروفة بكثرة الزحام فيها في ساعات الذروة فمن الأكيد أنك تساءلت عن طريقة للتخلص من هذا الزحام، في حين أنه يتوجّب عليك -على الأقل حسب الكتاب- أن تطرح سؤالًا مُختلفًا وهو «كيف يُمكنني أن أستغل وقتي الذي أقضيه في الطريق بشكل أفضل»ومثل هذا السؤال يملك إجابات عديدة قد يكون الاستماع إلى بودكاست أو كتاب صوتي أحدها. القصة الثانية (والتي تبدو مستوحاة من وحي الخيال) وهي قصة صديقين في غابة فاجأهما دب فشرعا في الجري، فسأل أحدها الثاني «هل فعلًا يمكننا أن نسبق الدّب، فأجابه صديقه» «أتساءل فقط إن كان بإمكاني أن أسبقك أنت» (بحكم أن الدب سيلتهم أبطأهما). رغم أن القصة خيالية إلّا أنها تبيّن قوّة طرح الأسئلة الأنسب.
تتبّع سيل الأفكار
الأفكار لا تولد من عدم وإنما يبني بعضها على بعض عكس ما نعتقد، حيث أنه في المخيال الجماعي عادة ما تمثّل الأفكار على أنها مصابيح تشتعل «فجأة» في حين أنها بُنيت على نتائج أفكار أخرى سبقتها. أفضل مثال على هذه النقطة في الكتاب هو اكتشاف مبادئ التفاضل والتكامل، فنجد بأن نيوتن وليبنتز اكتشفا تلك المبادئ تقريبًا في نفس الفترة وبشكل منفصل عن بعضهما البعض. يعود الفضل في ذلك إلى أن جميع الأفكار التي يُبنى عليها التفاضل والتكامل قد تم اكتشافها من قبل، ولم يكن الأمر -إن صح قول ذلك- سوى مسألة وقت قبل أن توضع مبادئ هذا المجال. أضف إلى ذلك بأن تلك المبادئ لما نشرت في تلك الفترة لم تشكل سوى ورقات معدودات، ولو بحث في مكتبة جامعتك أو حيّك عن كتاب حول التفاضل والتكامل لوجدت كتبًا تتراوح أعداد صفحاتها ما بين بضعة مئات وبعضة آلاف، وهو راجع إلى أن هذه الكتب تبني على الفكرة الأصلية وتضيف إليها أمثلة وشروحًا. فكرة أخرى يُشير إليها الكتاب وهو التحذير من فخ النظر إلى الأفكار والمبادئ التي توصلنا إليها على أنها نتائج نهائية، بل يجب النظر إليها على أنها بداية أمر جديد. يضرب الكتاب مثالًا بمصنع عربات حقّق قفزة نوعية في عدد العربات التي ينتجها سنويًا عبر إدخال تحسينات كثيرة على آلية التصنيع، وهو ما اعتبر حينها على أنها قفزة كبيرة نحو الأمام لا نظير لها. لكن ما لبث أن أتى هنري فورد وبنى على تلك الأفكار (التي كانت تعتبر إنجازًا عظيما) وأدخل عليها تعديلات لينتج نظام التصنيع الذي اشتهرت به شركته بعد ذلك.
التغيير المستمر
لجعل الأفكار السابقة جزءً من حياتك ومن طريقة تفكيرك فستحتاج أن تتقبل فكرة التغيير وأن تجعلها جزءً لا يتجزأ منك. فالتغيير لا يتم دفعة واحدة ولا يتم مرة واحدة فحسب، وإنما هو عملية متواصلة مستمرة، تمامًا مثلما تتغير المدن وتكبر ويتم تجديدها باستمرار ورغم ذلك لا تتوقف الحياة فيها، فإنه يجب على الواحد فيها أن يتقبل فكرة التغيير وأن يجعلها ركيزة من الركائز التي يعتمد عليها.
الكتاب صغير الحجم وسهل الهضم، موجّه بشكل أساسي للطلبة (للتذكير فالكاتبان أستاذان جامعيان) وينصح الكاتبان بقراءته 3 مرات متتاليات (أشارا مازحين بأنهما رغبا في تكرار محتوى الكتاب 3 مرات، لكن الناشر رفض الفكرة ).
الكتاب متوفّر على أمازون من هنا: http://amzn.to/2ytluL4