تعرف على نشأة النظام الدولي ومكوناته لفرض الهيمنة

* في عرض مختصر وسريع لدراسة د. أكرم حجازي، مرابط النظام الدولي.

تاريخ نشأة النظام الدولي

مؤتمر فرساي للسلام 1919

إذا انطلقنا من التجليات المؤسسية الأولى لما يسمى بـ “النظام الدولي” الراهن فسنتوقف عند الإعلان الرسمي عن تشكيل عصبة الأمم المتحدة التي تأسست بجهود الدول العظمى في أعقاب مؤتمر فرساي للسلام 1919، كانت نشأة استعمارية صارخة وأول تجلي لنظام النهب الرأسمالي ولكن بغطاء سياسي وأخلاقي بعد نهاية الحرب العالمية، ابتداء من 24/10/1945 في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية ظهرت هيئة الأمم المتحدة.

http://gty.im/81490857

حيث كانت الرأسمالية العالمية على موعد تاريخي من الصراع البيني وتقاسم النفوذ الدولي. تم إدارة النظام العالمي طوال أربعة عقود من الحرب الباردة إلى ما قبل القرن العشرين على أسس أيديولوجية بين فلسفتي «الرأسمالية» و «الماركسية». والصراع في هذه المرحلة كان على النفوذ، بأدوات أيديولوجية، وليس على النظام الدولي الذي لا يختلف عليه قطبا الغرب والشرق.

تفكك الاتحاد السوفيتي 1991

25 ديسمبر سنة 1991 تفكك الاتحاد السوفيتي، فلم يكن تفككه إلا نوعًا من الفترة الانتقالية التي تميزت بهيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي برمته، فيما عرف بمرحلة الأحادية القطبية.

11 أيلول/سبتمبر 2001

فجأة؛ ودون سابق إنذار قطعت وسائل الإعلام والفضائيات بثها المعتاد لتنقل ما يكاد يكون أضخم حدث هز العالم، إنه يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001 الحدث الذي استهدف القطب الأوحد المسيطر على العالم،  أما النتائج الممخضة عن هذه الهجمات فلم تكن إلا بداية لمرحلة جديدة دشنت ما يمكن تسميته بـ « النظام الدولي الأمني».

http://gty.im/1660999

وفيه غدا «الأمن» هو المعيار الذي تقوم عليه العلاقات الدولية برمتها وتدور في فلكه، بموجب معادلة رقمية عبر عنها الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن، بعبارة شهيرة:

«إما معنا أو ضدنا!»

الربيع العربي

وبعد عشر سنوات أخرى قامت الثورات العربية فكانت محطة هامة في سياسة النظام العالمي لم يختلف النظام الدولي بالأمس عنه اليوم فهو منذ نشأة حتى الآن نظام إمبريالي متوحش

كانت هذه هي أهم مراحل تكوين النظام العالمي ونشأته، ولكن النظام العالمي يمتلك أربع مرابط أو كما نسميها بـ «المرابط» أو «المعاقد» أو «الأوتاد». فما هي تاريخيتها؟ وما هي آليات اشتغالها؟

مرابط النظام العالمي

1- مربط القومية

أولًا في أوروبا: كانت أوروبا أول ميدان في الصراع على فكرة القومية أواخر القرن 18، وبعد الحروب الدموية والحراك السياسي انتهى الأمر بتفكك الإمبراطورية الأوربية إلي صيغ قومية؛ الفرنسيين، والإنجليز، وهكذا… ولان القومية قامت على أنقاض الكنيسة فهي معادية للدين بصرف النظر إن كان سماويًا أو محرفًا، فهي لا تقيم للدين أي وزن ولا تستعمله إلا في الحشد السياسي. ولكن الطريف أنها شابهت الكنيسة في استلهامها لإرث الحضارتين اليونانية والرومانية وحتى النصرانية، ولم تتخلى أبدا عن ثنائية الأسياد والعبيد، بل إنها أشد دموية من الدولة الدينية؛ فهي التي قادت حملات الاستعباد وقهر الشعوب، وهي من أفرزت قيمها حربين عالميتين وقنابل ذرية، كما زرعت أنظمة الاستبداد ورعتها، وفككت العالم الإسلامي وهدمت الخلافة.

http://gty.im/2665054

ثانيًا في العالم الإسلامي: ففي الربع الأخير من القرن 18 بدأت أولى بواكير التغريب تغزونا أبرزها حملة نابليون على مصر، والبعثات العلمية والثقافية في عهد محمد علي، فكانت لتلك البعثات أثر بالغ الخطورة، أخرجت لنا رموز أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وقاسم أمين وسعد زغلول وغيرهم ممن ساعد في هدم الأمة.

فالدولة القومية لم تستوطن في بلادنا إلا بعد مطاحن دموية في أوروبا، وحروب عالمية وحشية، وتفكك العالم الإسلامي، وفرض نظام الهيمنة، وزرع إسرائيل، وتخريب للثقافة، وإقصاء بالغ العنف للدين.

2- المربط النصيري

عندما تفجرت الحرب العالمية الأولى حتى حلت دول الانتداب بلاد الشام، وعملت فرنسا على تسليم النصيرية البلاد، فقامت بإدخالهم في المؤسسات الحكومية في كل المجالات، حتى إذا ما شارفت على الرحيل عن سوريا يكون هؤلاء استوطنوا في المراكز الكبرى الحساسة في الدولة وتسلمهم السلطة دون عناء.

في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر 1956 تراجعت فرنسا وانجلترا وتقدمت الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة المشهد، وتم تسليم حافظ الأسد السلطة 1970 ومن هنا بدأت الطائفة تستحوذ على الدولة وحتى الأفراد، ثم اشتدت القبضة بعد الثورة في إيران 1979.

http://gty.im/95678057

النصيرية دائما تحافظ على الخطابات ذات الطابع الراديكالي الذي اثبت فاعليته في الخطاب السياسي، وتعرض نفسها كسيدة المقاومة والممانعة، والحقيقة أنهم في الشام كاليهود في فلسطين.

يدعم النظام العالمي النصيرية وبقائها في السلطة فبالرغم من تلك المجازر التي أرتكبها النظام النصيري في الشعب يستمر النظام العالمي في دعمه بشكل كامل.

3- المربط اليهودي

إذا كانت قد حظيت النصيرية بدعم دولي أمني في بلاد الشام، فقد حظيت اليهودية بدعم عسكري في بيت المقدس، بدأت اليهودية في القرن ١٥ بالتعبير عن نواياها بالعودة إلى أرض الميعاد ووجه الإمبراطور نابوليون رسالة إلى اليهود في العالم عام 1799 بالحشد للعودة إلى فلسطين، ثم الحركة الصهيونية بقيادة ثيودور هيرتزل في مؤتمر عام 1897 وإعلان عن نيتهم لإقامة دولة يهودية في فلسطين، ثم وعد بلفور 1907، فقد كان اليهود مشكلة كبيره في أوروبا فكان الحل هو الزج بهم في فلسطين لترتاح أوروبا.

انتقال اليهود إلى فلسطين بمساعدة النظام الدولي

4- المربط العقدي أو الحكم الجبري

من المفترض أن تمر الأمة بخمس مراحل:

  • مرحلة النبوة 23 عام
  • مرحلة الخلافة الراشدة
  • مرحلة الملك العاض
  • مرحلة الحكم الجبري وهذه انطلقت مع بداية القرن 19 إلى يومنا هذا
  • مرحلة الخلافة على منهاج النبوة

تعيش الأمة في مرحلة الجبرية من نهاية الحرب العالمية 1916 التي خضع العالم الإسلامي دفعة واحدة بعدها لسيادة ملل الكفر وفلسفتها الوضعية والهيمنة على كل الحياة منذ قرابة 100 عام. عمل النظام العالمي بعد إسقاط الخلافة على السيطرة على المنظومة العقدية بكل مدخلاتها ومخرجاتها وكان هو الأشد خطرا وفتكا بالأمة، فقد حطَّم الحكم الجبري كل المرجعيات الدينية والأخلاقية والقيمية والتاريخية، فأصبحنا أمة تابعة ممسوخة.

الخلاصة

المرابط ليس فقط معاهدات ومواثيق ولا دساتير ولا أشخاص يوالون النظام الدولي، بل هو قوة مادية تحظى بالحماية الدولية، ومنذ إقامة النظام الدولي إلى يومنا هذا. لم يكن من وظيفة المرابط الأربعة إلا المحافظة على الأمن والاستقرار، وأي إخلال في مواطن نظم المرابط إخلال في أمن النظام العالمي.

يمكن تحميل الدراسة كاملة بالضغط هنا.

المصادر

ليليان أحمد

كاتبة وباحثة في التاريخ والحضارة الإسلامية، وقضايا الفكر الإسلامي، أكتب من أجل إيجاد الوعي في… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى