الإسلاموفوبيا خطة من خطط الحرب على الإسلام-الجزء الرابع والأخير

وبعدما أشرنا في الجزء الأول إلى مفهوم الإسلاموفوبيا، وتابعنا في الجزء الثاني نتائج هذه الظاهرة، جاء الجزء الثالث متحدثًا عن شبكة الإسلاموفوبيا ومُموِّلوها، كان لابد من الحديث في الجزء الأخير عن كيفية مواجهتها.

كيفية مواجهة الإسلاموفوبيا

في نهاية سبعينيات القرن الفائت وبداية ثمانينياته بدأت الإسلاموفوبيا تتفاقم إلى أن طفت على السطح، وظهرت أخبارٌ ومقالاتٌ تثير التخويف من الإسلام والمسلمين، وتحرض على كراهيتهم والحذر منهم، واجتـُرّت أقوال قديمة وحديثة، إلى أن قام في العام 1996مركزُ بحثٍ بريطانيٌّ اسمه “رنيميد ترست” (Runnymede Trust)، تأسس سنة 1968، بدراسة هذه الظاهرة، وخرج عام 1997 بتقرير سمّاه: “الإسلاموفوبيا: تحدٍّ لنا جميعاً” .وكان هذا أولَ استعمالٍ لتعبير الإسلاموفوبيا.

ثم قفزت الإسلاموفوبيا قفزة عالية بعد أحداث 11 أيلول 2001، وحظيت ظاهرتها باهتمام كبير ما زال يزداد إلى يومنا، وتصدُرُ فيه مقالات وكتب.

ويسجِّل بعض الكتاب والباحثين أن الإسلاموفوبيا قفزت قفزةً أخرى بعد العام 2008. والملاحظ اليوم وخصوصًا بعد الثورات التي اندلعت في بعض البلاد العربية، أن الإسلاموفوبيا في أمريكا آخذةٌ في التصاعد، وصارت محلَّ تنافس بين المرشحين الأميركيين للرئاسة وسائر المناصب السياسية، والأمر ينطبق على أوروبا أيضاً. ويلاحَظ أيضاً استغلالُ صُنَّاع الإسلاموفوبيا لكثير من المظاهر والأعمال لأجل زيادة الهجوم على الإسلام والمسلمين. وكذلك للتفجيرات التي حدثت وما تزال تتكرر في العديد من المدن الأوروبية…

لقد تبين في البحث أن الإسلاموفوبيا هي من أساليب الغرب لمواجهة الإسلام وخطر تمدده داخل بلاد الغرب، ولتبرير الاعتداء على بلاد المسلمين، وهي جزءٌ من خطةِ أو استراتيجيةِ الحرب على الإسلام. وهي تعتمد على الكذب والافتراء، وعلى التخويف وإثارة الذعر من الإسلام، وعلى استغلال الجهل وضعف الفكر.

إن خطة مواجهة الإسلاموفوبيا جزءٌ من خطة مواجهة الحرب على الإسلام وبندٌ من بنودها . لذلك فالذي أعرضه هنا مقتصرًا فيه على مواجهة الإسلاموفوبيا، ينبغي أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة لحمل الدعوة في الغرب، ولمواجهة حملاتها الفكرية وإجهاضها، وذلك بجمعِه وتنسيقِه مع توصياتٍ ومقترحاتٍ متقاربةٍ ومتكاملةٍ في أكثر من بحث سابق.

وفيما يلي المقترحات أو التوصيات لمواجهة الإسلاموفوبيا وحملاتها

1- ينبغي وجود كوادر من الشباب الفاهمين للأفكار الغربية وسياساتها وأسسها بشكل عميق ومحيط، وأن يتشكل من هؤلاء مكتبٌ يتَّسِم بحسن الإدارة للصراع الفكري، بحيث يوجه أعمالَ الصراع الفكري وما يلتحق بها من أعمالِ كفاحٍ سياسي، ويقدم التوجيهات اللازمة بشكلٍ دائمٍ للجسم الذي يخوض الصراع، وبحيث تتم مواكبة الأفكار المتعلقة بالإسلام والمسلمين التي يطرحها الإعلام ويروّج لها، ويتم إصدار الرد على كل أسسها الفكرية. أنظر البند رقم 3 أدناه.

2- تقديم أفكار القيادة الفكرية الإسلامية بشكلٍ دائميٍّ عبر الاتصال الفردي والجماهيري إذا أمكن، وعبر وسائل الإعلام الممكنة، بشكل يُوجد الصراعَ الفكري. أنظر البند رقم 3 أدناه

3- البندان السابقان 1 و2 يتطلبان التفاصيل التالية (مستفادةٌ من بحث سابق) وهي:

  •  بيان عُلُوِّ شأنِ العقل والتفكير في الإسلام، والنعيُ على اتِّباع الآباء والعادات، وعلى التسليم بالشائع المستقر في المجتمع بغير تفكير وتمحيص، وبخاصةٍ إذا جاء من يقدم لهم ميزاناً للحكم والاختيار.
  • السعيُ الحثيثُ والدائمُ لوضع مُسَلَّمات الغرب الباطلة موضعَ البحث والنقد وإعادةِ النظر، وذلك مثلما يُسَلِّمون به من فكرة فصل الدين عن الحياة، والأفكارِ المرتبطة بذلك.
  • بيان التناقضات في أفكارهم، والتحيُّزُ في تعاملهم، وانعدامُ الأخلاق في افتراءاتهم.
  • إعداد ثقافة في هذه المواضيع تكون سلاحاً فعالاً في المواجهة الفكرية، وتُدَرَّسُ بشكلٍ مركز.

4- ستكون مواجهة الإسلاموفوبيا مزيجاً من الصراع الفكري والكفاح السياسي. ويجب أن يندرج فهمها ومواجهتها ضمن مسؤوليات المكتب المذكور في البند رقم 1. وبما أن الإسلاموفوبيا صارت ظاهرة وخطة استراتيجية عند الغرب، فصارت هي عنوانَ الصراع الفكري ومظهرَه، ولا تخلو مواجهتها من الكفاح السياسي، لذلك فهي مادة عملٍ مفيدةٌ جداً للدعوة. لذلك يجب وضعُ خطط لها بحيث تكون مواجهتُها في الغرب جزءاً رئيسياً من استراتيجية العمل. والبنود المذكورة في هذه التوصيات جزء منها.

5- إعطاءُ اهتمامٍ خاصٍّ في الغرب للمفكرين والفلاسفة والقانونيين ممن يُلمس فيهم إمكانية تلقيهم للخطاب بعقل ونظر، أو بشيء من الاهتمام، ومخاطبتُهم بالعقل والفكر والبرهان في شتى القضايا الممكنة، بقصد لفت نظرهم إلى الإسلام ودعوتِهم إليه.

6- بناءً على البند (رقم4) ينبغي التركيز على مواجهة الإسلاموفوبيا وَفقاً لما يلي:

  •  التركيز الدائم على أصل العقيدة الإسلامية، وأنها عقلية، وإظهار التحدي الفكري، والبيان الدائم أن الفكر الغربي هو الذي يفتقر للبناء على العقل، بخلاف الإسلام. ودوامُ إظهار الاستعداد للحوار الفكري والنزول عند الحقائق التي تثبت بالعقل والبرهان.
  • ملاحقة الأطروحات الإسلاموفوبية بتناول مزاعمها وقصصها، وتفنيدُها وبيانُ الكذب والافتراءِ الذي فيها، والاستمرار بهذا الأمر طالما أن هذا الصراع مستعِرٌ. والحرص على إظهار الكذب أو مجانبة الصواب فيها بقصد إقناع من يتأثر بها بأنها كذب وصناعُها كاذبون.
  • بيانُ أحكامٍ إسلاميةٍ تلفت النظر إلى ما في الإسلام من قوةِ فكرٍ، ومن موافقةٍ للفطرة، ومن رحمة، بخلاف ما يروجه الذين ينعتونه بالإرهاب والظلم وهضم الحقوق.
  • بيان أن هذه الإسلاموفوبيا عملٌ سياسيٌّ مخادعٌ وغير أخلاقي، يقف خلفه حكامٌ ومتنفذون استغلاليون، تشكل مصالحُهم محورَ أطروحاتِهم ونشاطاتِهم وسياساتِهم وافتراءاتِهم.

7- استعمال كافة وسائل الإعلام والنشر ووسائل التواصل الممكنة، كاليوتيوب وغيره.

وفي ختامه أسأل الله تعالى أن يكون في ما قدمتُ فيه خيرٌ وفائدة، والله وليُّ التوفيق.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

بقلم: مسلم يبحث ويراقب لأجل أمته

ضيوف تبيان

يمكن للكتّاب والمدونين الضيوف إرسال مقالاتهم إلى موقع تبيان ليتم نشرها باسمهم في حال موافقة… المزيد »

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى