الإسلاموفوبيا، خطة من خطط الحرب على الإسلام-الجزء الثالث

استكمالًا لحديثنا حول الإسلاموفوبيا والذي بدأناه في الجزء الأول بالحديث حول مفهوم الإسلاموفوبيا وتابعنا في الجزء الثاني نتائج هذه الظاهرة وكيف حال النماذج التي تأثرت بها، نستكمل هنا الحديث حول:

الشبكة – الـمُـمَـوِّلـون – الشخصية الصانعة – هيكل الشبكة

شبكة الإسلاموفوبيا

إن لفظ الإسلاموفوبيا حديث، ولكن مفهومها قديم وأعمالها قديمة، ووجودها طبيعي ومستمر لأن الصراع بين الإسلام والكفر حتمي وماضٍ إلى يوم القيامة، والباطل يحتاجها لأنه لا يملك حجة يواجه بها الإسلام. ورغم أنها مستمرة لا يخلو منها عصر أو زمن، إلا أنها تشتد وتزداد أو تخف وتضعف، وذلك بحسب يقظة المسلمين على دينهم وتحفزهم لإيجاد سلطانه وتطبيقه، أو لنشره ومدِّ سلطانه. وقد لوحظ بوضوح وجودها وتزايدها في نهايات القرن الفائت، ثم تفاقمت بعد أحداث 11 أيلول في واشنطن، فرصدها الباحثون وكثرت الأبحاث حولها، ثم أخذ ينكشف وجود علاقات وتعاون بين مثيريها، وظهرت معلومات حول التمويل والنشر والترويج، فتبين وجود شبكة إسلاموفوبيا.

وظهرت دراسات وتقارير لمؤسسات بحث تتحدث عن أشخاص ومراكز تُنشئُ قصص الإسلاموفوبيا وأخبارها، فتُنشئ الاستهزاء وتُنشئ الكراهية وتُنشئ الذعر. وعن مؤسسات وشركات تموِّل كل ذلك. وغيرهم ممن ينشر هذا الإنتاج، كالصحف والقنوات التي توزع هذه القصص وتركز على صور وإيحاءات مؤثرة، و(رجال دين) يحُثون أتباعهم على الثقة بهذه القصص والتحذيرات وبهذا الإعلام. وكذلك هناك سياسيون يعتمدونها لاقتراح إجراءات وقوانين ضد الإسلام والمسلمين.

ولقد كثر الحديث عن هذه الشبكة، وعن رجالها ومؤسساتها وأدوار كلٍّ منهم، وعن الممولين وأرقام التمويل البنكية. إلا أن الحجم الذي تكشفه هذه التقارير والمقالات غير مقنع، فالحجم الحقيقي لشبكة صناعة الإسلاموفوبيا أكبر مما يعرضونه، والتمويل لا بد أن يكون أكبر بكثير، كما أنه ينبغي أن لا ينفصل بحث الأمر عن دور الحكام في الغرب وأجهزة المخابرات. فحجم الأمر يُنظر إليه باعتبار الإسلاموفوبيا خطة من خطط الحرب على الإسلام. والحرب على الإسلام اليوم ليست مجرد أفعال وتوجهات خاصة لأفراد أو مؤسسات، وإنما هي استراتيجية أمريكية، وخطة تعتمدها كثير من الدول اليوم، فهي أكبر مما يُعرض عن شبكة الإسلاموفوبيا.

كثيرة هي الأبحاث التي تتحدث عن شبكة الإسلاموفوبيا، منها على سبيل المثال مقال نشره موقع “ساسة بوست” (sasapost) بتاريخ 15 شباط 2015 للكاتب هيثم قطب عنوانه: “صناعة الخوف وموسيقى الكراهية: تعرّف على أكبر شبكة إسلاموفوبيا في العالم“.
ومقال بعنوان: “صناعة الإسلاموفوبيا في أمريكا” نُشر بتاريخ 10كانون الأول 2013.
ومقال عنوانه: “هؤلاء يستهدفون الإسلام في أمريكا“.
ومقال نشره موقع “أخبار الأمريكان العرب” (arabamericannews) بتاريخ 6 كانون الأول 2015 عنوانه: “شبكة إسلاموفوبيا مموَّلة بملايين الدولارات لتأجيج العنف ضدَّ المسلمين في أميركا“.
ومقال بتاريخ 21 شباط 2015 نشره موقع “القدس” عنوانه: “الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة بين الخوف والتخويف“.
ومقال نشره موقع “مؤسسة الدوحة” (dohainstitute)، بتاريخ 10 كانون الثاني 2012، عنوانه: “شبكة الإسلاموفوبيا في أميركا”.
وهناك تقارير تصدرها مراكز بحث (Think Tanks) منها “مركز التقدم الأميركي” (Center for American Progress (CAP)).
وتعتمد معظم المقالات المذكورة أعلاه وغيرها على تقريرين أصدرهما هذا المركز. ويُعتبران كأنهما جزءان لتقرير واحد.
أصدر المركزُ الجزءَ الأول في كانون الأول 2011 بعنوان: “مؤسسة الخوف: جذور شبكة الإسلاموفوبيا في أميركا“.
وأصدر الجزء الثاني في شباط 2015 بعنوان: “تجارة الخوف جهود شبكة الإسلاموفوبيا فـي صناعة الكراهية فـي أميركا.

الـمُـمَـوِّلـون

تتلقى مؤسسات الإسلاموفوبيا التمويل من مؤسسات وأثرياء، ومن تبرعات أفراد عاديين. ومن أبرز الممولين:

1-ريتشارد ميلون سكيف (Rechard Mellon Scaife)، وهو بليونير أمريكي مالك لمجموعة شركات “ميلون” العاملة في مجالات النفط والبنوك. توفي في تموز 2014، يدير المجموعة إبنه ديفيد (David) وابنته جيني (Jennie). تدعم المجموعة مراكز فكر ومنظمات مجتمع مدني، وجماعاتُ مناهَضَةِ الإسلام. بلغ تمويلها لمجموعات الإسلاموفوبيا بين العامين2001 و2012 حوالي 10,5مليون دولار.

2-شركة ألين – برادلي(Allen-Bradley Company)،تتبرع سنويًا لمراكز أبحاث ومنظمات مجتمع مدني وأنشطة أخرى بمبالغ تتعدى30 مليون دولار، وبحسب تقرير CAP))فقد ساهمت المؤسسة خلال الفترة 2001- 2012 بمبالغ تتعدى 6,5 مليوندولار لتمويل أنشطة تؤجج الإسلاموفوبيا، كان النصيب الأكبر منها لـ”مركز ديفيد هورويتز للحرية”(David Horowitz Freedom Center) أحد أهم مروِّجي الإسلاموفوبيا، وقد تلقّى بمفرده أكثر من خمسة ملايين دولار في هذه السنوات.

3- عائلة روزنوالد(Rosenwald) ، وقد ساهمت مؤسساتها ما بين عامي 2001 و2012بحوالي 5ملايين دولار. وهناك منح بملايين الدولارات من هذه العائلة تُنفق على إنشاء تحالف بين اللوبي الصهيوني وشبكة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة.

4- صندوق كلاريون، تابع لما يُسمى “مشروع كلاريون” (Clarion Project)، وهو مؤسسة أميركية إسرائيلية يمينية مقرها نيويورك، تأسست عام 2006. عملها الاصلي انتاج الافلام ضد الاسلام. ومن ذلك إنتاجها في العام 2008 لفيلم تحريضي ضد الإسلام باعتباره إرهاباً، وللدعاية آنذاك للمرشح جون ماكين. وقد وُزِّع من الفيلم آنذاك 28 مليون نسخة، وكان التمويل 50 مليون دولار من صندوق كلاريون. أنظر الرابط .  وهذا الرقم 50 مليون دولار على هذا الفيلم وحده يشير إلى أن الأرقام المذكورة أعلاه لتمويل الإسلاموفوبيا أقل بكثير من الواقع. ولكلاريون نشاطات واسعة في مجال الإنترنت والعالم الافتراضي. ويؤمِّن صندوق كلاريونكافة الاموال الخاصة بدعم التبليغات ضد الاسلام في اميركا.

5- الأفراد العاديون الذين تتواصل معهم مؤسسات الإسلاموفوبيا والأشخاص القائمون عليها، حيث يعتمد هؤلاء على التواصل المستمر مع ملايين الأفراد عبر رسائل اليكترونية تحتوي على التعبئة الإسلاموفوبية، وعلى طلب المساهمة بنشاطات لدعمهم من أجل المحافظة على أمريكا والحريات والديوقراطية… وكذلك لا يكلّون ولا يملّون من طلب التبرعات السخية، وحتى القليلة أيضاً. ويقدمون تسهيلات وإغراءات لتشجيع الناس على ذلك. وسيتضمن هذا البحث نماذج من هذه الرسائل التي تُرسَل لعشرات ملايين الأفراد، ولمضامينها في بث الإسلاموفوبيا وطلب التبرعات.

منظمات وشخصيات صناعة الإسلاموفوبيا وإدارتها

أما أهم المؤسسات والشخصيات التي تتلقى هذا التمويل وتقود إنتاج مادة الإسلاموفوبيا من أخبار وقصص ومقالات، وتعيد تمويل الذين يروِّجون هذه المادة من أشخاص ورجال دين ووسائل إعلام  فأهمها ما يلي:

1- منتدى الشرق الأوسط  (Middle East Forum (MEF))،

2- مركز ديفيد هورويتز للحرية Center)(David Horowitz Freedom،

3- مركز السياسة الأمنية الأميركية، (The Center Of Security Policy (CSP))، .

4- منظمة “أوقفوا أسلمة أمريكا” ((SIOA)Stop the Islamization of America)

5- منظمة ” إعمل لأجل أمريكا” (Act for America)، وهي منظمة سياسية يمينية حاقدة جداً على الإسلام.

الإسلاموفوبيا في أمريكا:

كان ذلك على صعيد المؤسسات التي تستهدف الإسلام، وكذلك مؤسِّسيها وقادتها، وهم من أنشط الناشطين في صناعة الإسلاموفوبيا وإثارتها. وهناك أيضاً شخصيات عامة ونواب وساسة أميركيون،وناشطون مدنيون، ووسائل إعلام، ينشطون بقوة في معاداة الإسلام والمسلمين، فيدعمون ويروجون مادة الإسلاموفوبيا وينشرونها على أوسع نطاق، ويساهمون أيضاً بصناعة الأخبار والقصص وفبركتها.

وقد لوحظ تعاون هؤلاء فيما بينهم بحيث يشكلون كياناً متجانساً أو لوبياً يمارس شتى أعمال التحريض ضد الإسلام. ويلاحظ أيضاً أن أعدادهم تزداد خلال السنوات الأخيرة، ويعلو صوتهم ويتسع نفوذهم في الصحافة والإعلام وبين السياسيين. وقد مرّ أعلاه ذِكر بعضهم باعتبارهم أصحاب مؤسسات ومراكز بحث تتخذ الإسلاموفوبيا هدفاً لها أو قامت على أساسها. من هؤلا مثلاًدانييل بايبس، وديفيد هورويتز، وبريجتجابريال، وباميلا جيلر…

وتهتم أمريكا والغرب عموماً بالعرب والمسلمين  الذين يتبنون الأفكار الغربية، ويحاربون الإسلام وتشريعاته ونبيه r، وينتمون إلى هذه المؤسسات أو المجموعات التي تمارس الإسلاموفوبيا وتصنعها. ومن أمثال هؤلاء بريجيت غابرييل اللبنانية وقد سبق ذكرها، وأيان هيرسي علي  (AyaanHirsi Ali)الصومالية، ووفاء سلطان السورية العلوية. ومِنَ الذين يذكرهم تقرير (CAP) وليد شعيبات.وقد أنشأ شعيبات هذا “مؤسسة وليد شعيبات” لجمع الأموال من اجل دعم عمله في الإسلاموفوبيا والكفاح من أجل الشعب اليهودي. ينشر معلومات مضلِّلة، ويفبركُ قِصصاً خرافـية مثيرة عن المسلمين والإسلام. ويُوصف ما ينشره شعيبات حتى من قِبل مراقبين أميركان  بأنه مغالاة ومبالغات. وقد قال عنه محققون أميركان بأنه تحوَّل من “إرهابي فلسطيني سابق إلى مُغالٍ فـي صهيونيته”.

موقع إلكتروني يشرح هيكل شبكة الإسلاموفوبيا

إضافةً إلى الشرح المقدَّم أعلاه لشبكة الإسلاموفوبيا، وللتقارير والأبحاث التي تعطي معلومات عنها، هناك موقع إلكتروني يبين هيكل الشبكة برسم جميل وفيه إبداع. فيبين الجهات المموِّلة الرئيسية ومقدار ما قدمته من أموال، والجهات التي تلقَّت الأموال  من كل مموِّل ومقدار ما تلقَّت. وكذلك يبين الشكلُ الأشخاص الذين يقومون بالنشر والتوزيع، والمؤسساتِ التي تمولهم. كما يبين الشكل السياسيين، ووسائل الإعلام وكافة صناع الإسلاموفوبيا. وقد جعلتُ لهذا الموقع هذه الفقرة تحت هذا العنوان المنفصل، ولم أدرجه تحت عنوان “شبكة الإسلاموفوبيا” الذي قبله، وذلك للجهد الذي رأيته مبذولاً فيه، وكذلك للتقنية والمهارة، فهو يستحق أن يُطَّلَع عليه ويُدْرَسَ لأجل فهم جيد لشبكة الإسلاموفوبيا، وللاستفادة من المهارة التي فيه.

يتبع….

بقلم: مسلم يبحث ويراقب لأجل أمته

ضيوف تبيان

يمكن للكتّاب والمدونين الضيوف إرسال مقالاتهم إلى موقع تبيان ليتم نشرها باسمهم في حال موافقة… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى