هل ما زالت هناك حاجة للإعلام في ظل الهيمنة العسكرية وقوة السلاح؟

إن وسائل الإعلام تشكل أهم وسائل السيطرة، ليس من الضروري أن تكون السيطرة المادية أو الاستيلاء على الثروات واحتلال الأرض، بل يمكنها بسلب الفكر وتغيير الاتجاهات وقلب الموازين وإخلال القيم والمعايير؛ أن تمتلك الأفراد والمجتمعات وتتحكم فيها تحكم كلى وبما يرضى الجهة التي تتبعها. وتكرس القوى المهيمنة جهود ضخمة وتنفق أموال طائلة لذلك.

ترتبط بوكالات الاستخبارات الأمريكية شبكات سرية تعرف بشبكات التدخل الأمريكي أو ما يعرب ب stay-behind والتي تنقسم لوحدات متخصصة، ومنها: فرق الحرب النفسية operation mockingbirg، وتستهدف هذه الفرق الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات كتأسيس خطة “الطائر المحاكي” الخطيرة للتأثير على الإعلام المحلى والأجنبي.

في أول مؤتمر للصهيونية بسويسرا [1] وضع “حكماء” بنى صهيون قرارات تندرج تحت البند الثاني عشر من مقررات المؤتمر ومنها:

  • إن القنوات التي يجد فيها الفكر الإنساني ترجمانًا له يجب أن تكون خالصة في أيدينا.
  • إن أي نوع من أنواع النشر أو الطباعة يجب أن يكون تحت سيطرتنا.
  • الأدب والصحافة هما أعظم قوتين إعلاميتين وتعليميتين خطيرتين، ويجب أن تكونا تحت سيطرتنا.
  • يجب ألا يكون لأعدائنا وسائل صحفية يعبرون فيها عن آرائهم، وإذا وجدت فلا بد من التضييق عليها بجميع الوسائل لكي نمنعها من مهاجمتنا.
  • لن يصلَ طرَفٌ من خبر إلى المجتمع من غير أن يمرَّ علينا؛ فالأخبار تتسلمها وكالات قليلة تتركز فيها الأخبار من كل أنحاء العالم، وحينما نسيطر عليها، لن تنشر إلا ما نختاره نحن من هذه الأخبار.

كيف يؤثر الإعلام في صناعة الشخصيات العامة

وكان الزعيم النازي هتلر خطيبا مفوها ومجيدا لاستخدام الإيماءات وإشارات اليد، كما كان يتدرب مرارا أمام المرآة على خطاباته قبل إلقائها على الجماهير. يقول “ألبرت سبير” -هو وزير الذخيرة في عهده-إن هتلر كان وقبل كل شيء آخر ممثلا بارعا لم يقم مخرج الفيلم الدعائي انتصار الإرادة -والذي أنتج لتصوير الاجتماع السنوي للحزب النازي-بتصوير هتلر من الأمام مباشرة إلا مرتين فقط، بل كان يقوم بتصويره دائما من زاوية عالية أو منخفضة فقط وذلك لإبدائه كشخص مقدس! مما يؤثر في جماهيره، وهذا ما يفعله الإعلام لترويج أي سلعة زائفة؛ فهو يقدم الاهتمام بتحسين المظهر والانطباع والشكل العام للفكرة على إعلان مضمونها وماهيتها وما تدعو له وآثاره وقبول العرف والشرع والمنطق لها.”

وبشكل علمي فان مدى براعة وتطور وجودة عرض الفكرة تبيح استقبالها بدرجة ما عند الشخص المتلقي ولو كان عنده من الدوافع ما يرفضها، ومع استخدام سحر التأثير والإقناع الإعلامي وطرقه التي سنذكرها فيما بعد تتكون لدى الشخص احتمالية قبول بل حب أشد ما كان يكرهه وكذلك عداء أشد ما كان يؤيده ويتمسك به.

لقد استغلت حتى المخابرات المركزية الأمريكية عملا أدبيا لخلق رأى عام وزعزعة الاتحاد السوفييتي بعد الحرب، وهي الرواية المشهورة دكتور زيفاجو للأديب الروسي بوريس باترناك لما وجدت فيها من قيم دعائية كبيرة.

الحروب الإعلامية كبديل للأسلحة

إن أي دولة ذات قوة لابد أن لها أذرع ثلاثة: ذراع اقتصادي، وذراع عسكري، وذراع إعلامي وهذا أهمهم؛ لأنه ببساطة يمهد الطريق لبقية الأذرع، فهو بإمكانه تعزيزها وإثرائها أو تدميرها. إنه من الصعب أن تنجح حرب عسكرية دون أن يتم قبلها شن الحرب الإعلامية، لتبرر وتتهم وتعد وتتوعد ليمر الحدث المنشود سلميا كان أو كارثيا.

يقول الكاتب الأمريكي والسياسي والمؤرخ نعوم تشومسكى: “الأسلحة الصامتة تُطلق وتُحدّد المواقف بدلاً من إطلاق الرصاص، وتقوم بمعالجة المعلومات بدلاً من التفاعلات الكيميائية، وتستخدم الحاسوب بدلاً من البندقية، ويتحكم بها مبرمج الحاسوب بدلاً من المسلّح، وتخضع للأوامر المصرفية بدلاً من العسكرية. عندما يُطبَّق نظام الأسلحة الصامتة تدريجياً سيتكيّف الشعب مع وجوده ولن يشعر حقيقةً بالتعدّي الذي يُمارسه هذا السلاح على حياته إلى أن يصل الضغط النفسي إلى الحد الذي يؤدّي إلى انهيار الشعوب.”

يقول المؤرخ والأكاديمي العسكري الألماني المشهور كارل فون كلاوتز في كتابه المشهور عن الحرب (بغض النظر عن عبقرية القادة العسكريين وقوة وصمود الجيوش والقواعد والقوانين المشكلة لبديهيات المعارك يظل العامل النفسي والروح المعنوية للجنود في الميدان الحد الفاصل بين الهزيمة والانتصار على أرض المعركة).

أساليب إقناع الرأي العام

تستخدم وسائل الإعلام على تعددها أساليب مختلفة للإقناع ونشر البروباجاندا: منها

إثارة العاطفة

ولقد رأينا كيف يتم تنقية المشاهد لعرضها على الشاشات العبرية لتنحصر على لقطات الشبان الفلسطينيين بالمولوتوف والحجارة يرهبون جنود الاحتلال، والأطفال يصرخون بوجوههم، ولكنهم حتى وهم مدججون بالأسلحة لا يردون الأذى بوداعة ومسالمة!

وتضج دور الإعلام بمشهد حرق جندي على يد أحد التنظيمات الجهادية ولكنها لم تضج بالطريقة نفسها عندما وزع الطيران الحربي للتحالف براميل حارقة على الأطفال بكرم كأنه يوزع عليهم الحلوى! والمراد من تلك الوسيلة الأولى تعطيل التفكير المنطقي للمشاهد وإعمال عاطفته، ومع إعلام يستخدم إثارة العاطفة ووسيلة التكرار أيضا يتم الوصول بالمشاهد إلى مرحلة كنّ عدوانية لفئة أو ائتمان فئة وتأييدها.

إحاطة المتفرج بحالة الجهل والحماقة

فيتم انتزاع منه ما يجب أن يعيه من الوعى فلا تكتمل عنده الصورة وبالتالي لا يتصرف تصرف غير مرغوب فيه ،فهم يخبرونك عن خطورة المقاومات المشروعة في البلاد المحتلة وكم هم متخلفون ومتشددون وإرهابيون، يحدثونك عن وحشية نصوص دينك وكيف تبث الكراهية للأديان الأخرى  وكيف لا يستطيع العالم العيش بسلام في وجودها.

ولكنهم لم يحدثونك أبدا عن تاريخهم الأسود وبطشهم في بلاد المسلمين، لم يحدثونك عما يعلمونه لأطفالهم بالكنائس بشأن الإسلام والمسلمين، لم يحدثونك عنه أنه لا يوجد شعب  في العالم مضطهد على غير ملة الإسلام، لم يحدثونك عن نشأة كبيرهم الذي علمهم السحر التي جاءت أصلا على دماء الأبرياء من الهنود الحمر، أمريكا ذلك الصنم المقدس النموذج الذي يحتذى به العالم في التحضر والحرية والديموقراطية، لن يحدثونك كم كان ممتعا لعب الكرة بجماجم الشهداء بالجزائر، لن يحدثونك بم كان يترنم الجندي في طريقه لغزو ليبيا المسلمة

“أماه لا تقلقي… أماه لا تحزني… أنا ذاهب إلى طرابلس… فرحًا مسرورًا… لأبذل دمي…
في سبيل سحق الأمة الملعونة!! ولأُحارب الديانة الإسلامية!!! سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن!!”

الإلهاء والصمت

ويأتي ذلك بسحب المشاهد عن طريق الملهيات (وسيلة الإلهاء) لذا يذيع مدير القناة برنامج كوميدي وقت حدوث مذبحة لمسلمي بورما ولفستان النجمة المشهورة المثير أولوية الخبر عن مقتل ضحية للتعذيب. وهذا يتشابه مع وسيلة (الصمت) أيضا.

ولآن لعلك تقول كم هو مخيف هذا الإعلامي اللطيف الذي أسلم له سمعي دائما واصدق على ثرثرته بلا تفكير! كم هو مخيف، ومخيفة صلاحياته ونفوذه! الآن وقد عرفت أبعاد اللعبة: برأيك لمن يتم استغلال تلك القوة الجبارة للإعلام للنيل منه الآن؟ لمن يتم توجيه هذا المدفع الثاقب كثير الغنائم؟ من الهدف؟

بربك لا تقل إنك لا تدري! من هم مصدر الخطر للعالم وللأرض وللكواكب المجاورة المتسببون في جميع الجرائم؟ من هي الأمة التي يتم اغتصابها فكريا كل دقيقة؟ من هو الذي يريدون تحريف عقيدته والتحكم في طريقة سيره وحياته وحتى ميوله واتجاهاته لأنه خطر وخارق جدا؟!

إذا فالخطة كالتالي

زعزعة ثقة المسلم بدينه ليصبح لديه فراغ لا يقنع يما يشرعه الإسلام في الاقتصاد والسياسة والاجتماع، لا يحقق له شيئا من مطالبة فيرتمى في أحضان التجديد والتمدن والتحضر-وتلك بالمناسبة (وسيلة الانبهار) -فتضيع عنده أصوله واعتزازه بها ويصبح تابعا لهم.

حددت الملحدة ذات الجنسية الأمريكية أيان هيرسى في محاضرة لها بعنوان “الأجندة العالمية لإصلاح الإسلام” ما الواجب إصلاحه (التخلص منه) من وجهة نظرها في الدين الإسلامي.

  • وكان أول ذلك التخلص من الشريعة.
  • التخلص من عقيدة الجهاد.
  • التخلص من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
  • الابتعاد اتباع النبي (صلى الله عليه وسلم)
  • حب الدنيا والتعلق بها، وأتبعت ذلك بملاحظة أن هذا لا يمس الأركان الخمسة لدين المسلم!

وتجد بعدها أهل الألسنة المشبوهة ممن يسمونهم مفكرين وفلاسفة وإعلاميين يتحول كل منهم لببغاء فيزعمون أن نصوص القرآن نزلت في كفار مكة فقط ويتحايلون عليها لإثبات عدم وجود الشريعة، وأنك لست موكل من الله لتنهى عن منكر أو تأمر بمعروف، ثم يكتشفوا فجأة أن سيرة عقبة بن نافع سيرة إرهابي وأن زياد بن طارق ليس له حق في فتح الأندلس، وأن الفتوحات احتلال وغزو قام بها الصحابة من أجل المال والنساء. ليطبقوا ما قالته تلك الملحدة نصاً “نريد محو مفاهيم الجهاد في المدرسة والمسجد”، ثم يتطاولون بالهرطقة لإنكار سنة النبي.

تلك القوى المهيمنة لا تستطيع التخلي عن حاجتها لسلاح الإعلام، ليس لأنها لم تنجح بل إنها بكل الأسى حققت نجاحات، وأحتاج هنا لآلة زمن تقارن بين ردة فعل العربي المسلم منذ ثلاثة أعوام مثلا، وبين ردة فعله الآن عندما يتلقى خبر الهجوم على بلد مسلم آخر.

كانت الدماء تفور فينا وقتها وأقل ما نقوم به أن نجوب الشوارع صائحين أن الدين واحد والدم واحد، أما الآن فيوميا نسمع عن قتلى هنا وهناك… “الله معهم الله ينصرهم” ثم يمضي كلٌ في دائرته. كنا نسميه تطبيع واليوم نسميه سلام…ومن النوع الدافئ!

جعلوك تدور في دوامة الحياة والشهادة والوظيفة والزواج فتسعى لتنفق حياتك في ذلك وتغض الطرف عن غيره، وجعلوكِ عبدة الموضة والأزياء، سلعة رخيصة لغت الحجاب والدين وراحت تتهاوى في مهاوِ العاطفة! إنهم يحتاجون الإعلام الآن للإبقاء على ذلك، وتطويره.

سلاح الإعلام الأمريكي

أمريكا بها 20000 قناة فضائية و15 ألف محطة راديو و1300 جريدة، ويتحكم في كل ذلك 6 شركات عملاقة فقط!

  • Viacom: تمتلك قنوات متخصصة مثل mtv و nickelodeon
  • CBS: تمتلك شبكات مثل شبكة CBS وShowtime وشبكات إنترنت مثل cnet و last.fm وهى لصاحبها “روداى رودشتاين” اليهودي.
  • جريدة واشنطن بوست: مديرها التنفيذي السابق هو “ديف جولدبرج” اليهودي ورئيس بعض فروعها هو اليهودي “بارى ديلير”
  • Timewarner: تمتلك قنوات إخبارية مثل CNN ومديرها التنفيذي هو أيضا اليهودي “جيف زوكر” ، وقنوات متخصصة مثل cartoon network و NBA و Adult swim  ،وجرائد مثل time و people وأكبر ملّاكها هو الملياردير اليهودي “آفيف ذوفو”.
  • Walt Disney: تمتلك قنوات إخبارية مثل ABC ومديرها التنفيذي هو اليهودي “روبرت آيغر”. كما تمتلك قنوات متخصصة مثل ESPN وHistory واستوديوهات أفلام مثل Walt Disney.
  • News corp:تمتلك قنوات fox وجرائد إخبارية مثل Sunday times و wallstreet journal و New York post ويملك الآن
  • Comcast: تمتلك شبكات قنوات إخبارية مثل CBN وCNBC والتي يملكها اليهودي “براين روبرتس” واستوديوهات أفلام مثل Dreamworks.

مصادر

[1] لا نناقش هنا فكرة حقيقة هذه البروتوكولات من عدمها، ولكن نناقش البنود المذكورة أيًّا كان قائلها.

  • أسلحة صامتة لحروب هادئة.
  • الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام.
  • هتلر ووسائل الإعلام(ويكيبيديا).
  • الإعلام الإسرائيلي ومحددات الصراع.
  • أرض السافلين.
  • قرار إزالة.
  • إشكاليات الإعلام ومعطيات الواقع.
  • اليهود والحركات السرية.

ضيوف تبيان

يمكن للكتّاب والمدونين الضيوف إرسال مقالاتهم إلى موقع تبيان ليتم نشرها باسمهم في حال موافقة… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى