هل يحقق الدستور التركي انتصارًا للإسلام في تركيا؟

ذهب الأتراك الأحد 16/4/2017 إلى صناديق الاقتراع، للتصويت على التعديلات الدستورية التي طرحها حزب العدالة والتنمية للاستفتاء الشعبي، وذلك بعدما فشل في الحصول على موافقة ثلثي البرلمان التركي. وقد انتهى الاستفتاء بالموافقة على التعديلات بنسبة 51.3%. وتعكس النتيجة حالة الاستقطاب بين الأتراك بخصوص هذه التعديلات، كما تعكس خفوت شعبية الحزب الحاكم في مدينتي إسطنبول وقونيا، حيث خرجت النتائج من المدينتين لرفض التعديلات على عكس ما كان يعوّل حزب العدالة والتنمية. فماهي التعديلات التي يناضل الحزب الحاكم لأجل إقرارها في الدستور؟ وماهي أهميتها؟

ماهو شكل نظام الحكم في تركيا؟

تعتمد تركيا النظام البرلماني للحكم منذ نشأة الجمهورية التركية. ويكون شكل الحكم في هذا النظام كالآتي:

  • الرئيس

وهو منصب صوري لا صلاحيات له تقريبا سواء في الجانب التشريعي أو التنفيذي. ففي الجانب التشريعي تقتصر صلاحياته على التصديق على القوانين التي يصدرها البرلمان، وأن يُلقي الكلمة الافتتاحية أمامه، وأن يدعو البرلمان للانعقاد بحسب الحاجة وأن يرأس اجتماعاته.

أما على الجانب التنفيذي فصلاحياته هي تعيين رئيس الوزراء بحيث يكون هو رئيس الحزب ذي الأغلبية في البرلمان، وتعيين وفصل الوزراء الذين يحددهم رئيس الوزراء، ودعوة مجلس الوزراء للانعقاد حسب الحاجة ويرأس الاجتماع، ودعوة مجلس الأمن الوطني للانعقاد وترأُّسه، والتصديق على المعاهدات التي يتم اعتمادها، إصدار قرار الحرب إذا ما اتخذ البرلمان هذا القرار،  واستقبال سفراء الدول الأخرى.

أي أن منصب الرئيس في تركيا هو منصب شرفي يقوم صاحبه بالتصديق فقط على القرارات التي يتخذها البرلمان أو مجس الوزراء، ويمثل الجمهورية التركية في الاجتماعات بصفته الشرفية فقط، ويستقبل ممثلي الدول الأخرى ويلتقط معهم الصور، دون صلاحيات حقيقية مؤثرة.

http://gty.im/452420658

  • البرلمان

يمثل السلطة التشريعية ويتكون من 550 عضو يتم انتخابهم مباشرة من قِبل الشعب. هو المسئول عن إصدار القوانين وتغييرها واتخاذ قرارات الحرب والموافقة على الاتفاقات الدولية. ويتم اختيار رئيس الوزراء والوزراء من بين أعضائه. ويحق للبرلمان مسائلة الوزراء وحل المجلس.

  • مجلس الأمن القومي

يتكون من رئيس الأركان والقادة الأربعة لأفرع الجيش التركي، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الخارجية والداخلية وتتمثل صلاحياته في التنسيق بين مختلف المؤسسات العسكرية في تركيا، وبحث الشئون المتعلقة بالأمن القومي والقيم العلمانية التي تقوم عليها الجمهورية التركية.

ويُعتبر هذا المجلس هو القناة القانونية التي تتيح للمؤسسة العسكرية التدخل في الحياة السياسية في تركيا.

  • المحكمة الدستورية

وهي الهيئة التي تصدر عنها القرارات بحل الأحزاب ومراقبة القوانين التي تسنها الحكومة والتأكد من أنها لا تخالف الدستور.

من الشكل السابق، يتضح أن الحكم في تركيا يتركز في أيدي البرلمان كسلطة تشريعية، وفي مجلس الوزراء ورئيسها كرئيس السلطة التنفيذية، مع الأخذ في عين الاعتبار أن رئيس الوزراء وأعضاء الوزارة يتم اختيارهم من بين أعضاء البرلمان.

يجب الإشارة هنا إلى أن حزب العدالة والتنمية يستحوذ على أغلبية البرلمان منذ عام 2003 وحتى الآن، وتِباعا فإن رئاسة مجلس الوزراء ظلت في أيدي الحزب منذ ذلك الوقت حتى اليوم، حيث تولاها “أردوغان” منذ 2003 حتى 2014 ثم “داوود أوغلو” ثم “بن علي يلدريم” رئيس الوزراء الحالي. كذلك رئاسة الجمهورية ظلت في أيدي الحزب منذ 2007 حيث تولاها “عبد الله غل” وحتى يومنا هذا حيث يتولاها “أردوغان” منذ 2014. أي أنه لأكثر من 14 عامًا يتولى حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا بأغلبية برلمانية.

ماهي التعديلات المطروحة في الاستفتاء؟

طرح حزب العدالة والتنمية تعديلات دستورية بهدف تحويل نظام الحكم من النظام البرلماني الحالي إلى النظام الرئاسي، حيث يتم فصل السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية تمامًا عن بعضهما؛ فيختص البرلمان بالتشريع فقط بعيدًا عن المهام التنفيذية، ويتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية حيث يكون هو على رأسها، ويتم إلغاء منصب رئيس مجلس الوزراء، ويزاول مهامه رئيس الجمهورية حيث يقوم بتعيين وإقالة الوزراء وممارسة جميع مهام الحكومة التنفيذية.

وفيما يلي نعرض بعض التعديلات المطروحة للاستفتاء المعنية بتحويل نظام الحكم:

  • يُلغى مجلس الوزراء (يلغى منصب رئيس الوزراء)، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، بما يتناسب مع الدستور.
  • رئيس الدولة يتولى صلاحيات تنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.
  • يحق للرئيس إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية، لكن لا يحق له إصدار مراسيم في المسائل التي ينظمها القانون بشكل واضح.
  • يعتبر المرسوم الرئاسي لاغٍ في حال أصدر البرلمان قانونًا يتناول نفس الموضوع.
  • يحق للبرلمان طلب فتح تحقيق بحق رئيس الدولة ونوابه والوزراء، ولا يحق للرئيس في هذه الحالة الدعوة إلى انتخابات عامة.
  • تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء.

هل أردوغان وحزبه وحدهم من سعوا إلى تلك التعديلات؟

لا ليسوا هم أول من يسعى لإقرار هذه التعديلات، فقد سبقهم أحزاب وشخصيات سياسية تركية أُخرى، مثل نجم الدين أربكان ذو التوجه الإسلامي، وسليمان ديميريل ذو التوجه الليبرالي الذي كان رئيسا للوزراء لخمس فترات ثم أصبح رئيسًا للجمهورية حتى سنة 2000، أو تورغوت أوزال الليبرالي الذي جاء رئيسا للوزراء بعد انقلاب 1980 وظل باقيا بمباركة الجيش، وشهدت فترته السماح بممارسة الشعائر الإسلامية علنًا.

فهؤلاء كلهم رغم اختلاف توجهاتهم السياسية واختلاف مشاريعهم إلا أنهم اتفقوا على إدخال تعديلات في الدستور التركي لتحويل نظام الحكم إلى النظام الرئاسي.

والسبب في إيراد هذه الحقائق هنا هو التنبيه على أن التعديلات ليس من شأنها الدفع بتركيا في الاتجاه الإسلامي أو التقدم خطوة نحو مشروع إسلامي في تركيا، بحسب ما يروّج لها أنصار الحزب وبحسب ما يهاجمها أعداء الحزب أيضا، فهذه التعديلات ليست إلا خطوة إصلاحية اتفق فيها الليبراليون مع العلمانيين مع الإسلاميين من أجل مصلحة تركيا-فقط-، وزيادة استقرار نظام الحكم بها فقط وتقليل البيروقراطية فيها والقيود الموضوعة على السلطة التنفيذية.

http://gty.im/576538870

وأيضا تأكيدًا على ذلك، فالتعديلات الدستورية لم تمس أي مادة تتعلق بهوية الدولة أو التشريع فيها أو بقيم العلمانية المنصوص عليها في الدستور التركي. فالتعديلات كلها تدور حول تحويل نظام الحكم فقط كما بيّنا ورفع القيود عن السلطة التنفيذية.

إذًا فإقرار التعديلات ليس بداية الخلافة الإسلامية وليس بداية مزاحمة قيم العلمانية كما يتوهم البعض.

هل التمكين لحزب العدالة والتنمية خطوة نحو التمكين للإسلام في تركيا؟

للإجابة على سؤال كهذا، نحتاج إلى الإجابة على سؤال ما إذا كان الحزب يقوم فعلا الآن بخطوات في هذا الطريق، وإذا كان يقوم بهذا فعلا فالإجابة على السؤال ستكون بالإثبات تباعًا، أن نعم تمكينه هو خطوة لتميكن الإسلام. وإن لم يكن الحزب يأخذ خطوات في هذا الطريق الآن، فستكون الإجابة تباعا أن لا. ولنستطيع الإجابة على سؤال: ما إذا كان الحزب يخطو خطوات الآن في هذا الطريق، يجب وضع معايير يكون تقييم الحزب على أساسها، لكي نحكم عليه بموضوعية، بعيدًا عن تعصب أعمى غير مُبرّر سواء للمؤيدين أو للمعارضين. في هذا الصدد، لا بديل لنا عن منهج رسول الله ومعياره الذي اعتمده–صلى الله عليه وسلم-لنا في غزوة بدر أثناء حكمه على أحد أحب الناس إلى قلبه، عمه العباس، وفيما يلي قصتهم يوم بدر والطريقة التي نحن مكلفون بالتزامها.

الطريقة النبوية في الحكم

لما جاء يوم بدر التقى الجيشان، وكان العباس رضي الله عنه يومئذ في صفوف قريش. ولما انتهت المعركة وقع العباس مع الأسرى وجئ بهم إلى رسول الله، فشاور النبي أصحابه في شأنهم حتى أخذ برأي أبي بكر الصديق في أن يأخذ منهم الفدية ويطق سراحهم. فلما جاء العباس إلى رسول الله كان معه الصحابي الذي أسره في المعركة وهو “أبو اليَسَر بن عمرو”. فسأله النبي: ” كيف أسرته يا أبا اليسر؟” قال: “لقد أعانني عليه رجل ما رأيتُه بعدُ ولا قبلُ، هيئته كذا” فقال له رسول الله: “لقد أعانك عليه مَلَك كريم”.

 – ولعل حكمة الله من إرسال مَلَك كريم ليساعد الصحابي في أسر العباس أن يُرسي لنا هذا المنهج في التعامل مع الناس والحكم عليهم بالحكمة والعقل والمنطق، بعيدا عن المسوّغات والتبريرات التي لا يمكن الأخذ بها ولا الاعتماد عليها ولا التحقق منها كما سيأتي –

 فقال النبي للعباس: “افدِ نفسك” فرفض العباس ذلك وقال للنبي: “إني كنت مسلمًا قبل ذلك، وإنما استكرهوني” يقصد أجبروه على الخروج معهم للحرب. فقال النبي: “اللهُ أعلمُ بشأنك، إن يكن ما تدّعي حقا فالله يجزيك بذلك، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، فافدِ نفسك”

والعباس قبل بدر كان قد أسلم وأخفى خبر إسلامه، وكان يذهب ويجئ مع رسول الله، وفي بيعة العقبة الثانية قبل الهجرة ذهب إلى الأنصار يتأكد من جديتهم في إيوائهم للنبي ونصرتهم له على قريش قبل أن يهاجر الرسول للمدينة، حيث حادثهم فقال: “يا معشر الخزرج، إن محمدا منّا حيث قد علمتم، وقد منعناه (حميناه) من قومنا، فهو في عزّ من قومه ومنعة في بلده، وإنه أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم. فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك. وإن كنتم ترون أنكم مسلموه خاذلوه بعد خروجه إليكم، فمن الآن فدعوه”.

فرغم إسلامه ورغم نصرته لرسول الله قبل الهجرة، بما يدل على صدق قوله لرسول الله أنه كان مسلما وانه خرج مُكرها، إلا أن رسول الله لم يتحرّج في الحكم عليه بفعله وإجباره على دفع الفدية. فقد أمره رسول الله أن يدفع الفدية مثله مثل أي أحد تم أسره في المعركة، لأنه خرج يحارب في صفوف قريش. ورغم أن العباس أوضح لرسول الله أنه كان مسلما وأن قريشا أجبرته على الخروج معها في صفوفها، إلا أن رسول الله أخبره أن سريرته هذه الله أعلم بها، وأن الله سيجزيه عليها إن كان صادقا.

وأنه يتعامل معه فقط بأفعاله لا بأقواله ونواياه “وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، فافدِ نفسك”.

وهذه طريقة حكيمة قويمة لا بديل صالح نجده لها عندما نحتاج لمحاسبة شخص ومحاكمته. فالأفعال التي تصدر من أحد هي الشيء الوحيد التي يمكن على أساسها الحكم عليه، فكل شخص يمكنه أن يدّعي ما شاء، وأن يقول ما شاء، وأن يُبرّر أفعاله كيفما شاء، ولا سبيل لمعرفة صدق نواياه ومعرفة حاله بأي شكل من الأشكال، فليس لنا اطلاع على ما في قلبه، فمثل هذا لا يعلمه إلا الله.

 هذه الطريقة النبوية هي الطريقة التي يجب علينا اعتمادها أثناء تقييمنا للشخصيات السياسية وللأحزاب وللحكام في بلادنا، فأفعالهم هي ما يؤثر علينا فعلا، وهي الشيء الوحيد الذي نملكه لتقييمهم وإصدار الحكم عليهم، أما نواياهم وتبريراتهم فلا سبيل لنا لمعرفة صدقها، والله لم يكلّفنا أصلا بمعرفتها وتحرّيها، بل كلّفنا فقط بالنظر إلى أفعالهم والحكم بناءا عليها، كما فعل نبينا الكريم مع عمه العباس.

 واستباقا للردود المتوقعة، فنحن سنسلم في هذا الجزء بأن أردوغان وأعضاء الحزب بدأوا حراكهم وأنشأوا الحزب بهدف تحقيق مشروع إسلامي في تركيا، وهذا المشروع يتبنون فيه مبادئ الإسلام وأصوله وأساسياته. وأن الحزب يدخل في منافسة سياسية على مقاعد البرلمان والرئاسة ضد باقي الأحزاب ليحقق هذا المشروع الإسلامي الذي لا تتبناه الأحزاب الأخرى، بل وتعارضه وتمارس ما يُعاكس مبادئ الإسلام وأساسياته. إذًا فالهدف واضح من إنشاء الحزب ومن أي ممارسة سياسية قد يمارسها الحزب وأعضاءه يوما ما وهو: نصرة الإسلام وتثبيت مبادئه وأساسياته كنظام حكم في الدولة وتحقيق المشروع الإسلامي على الأرض.

مواقف الحزب في الحكم

الآن سنقوم بتقييم الحزب وفقا  لمواقفه وأفعاله ومواقف وأفعال أعضاؤه ورؤسائه أثناء توليهم مناصبهم الرسمية، لنعلم هل اتخذ أو يتخذ الحزب خطوات فعلية لإقامة مشروع إسلامي في تركيا، أم أن هدف الحزب تحول من إقامة مشروع إسلامي إلى هدف البقاء في السلطة وعدم حلّ الحزب؟ واضعين في اعتبارنا أن الحزب يحوز أغلبية برلمانية منذ 14 عاما تجعل في يديه كلتا السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسنقتصر هنا في المواقف والاتفاقيات التي تم اعتمادها أثناء حكم حزب العدالة والتنمية فقط، أي منذ سنة 2003 فقط حتى الآن:

1- التعاون العسكري المشترك مع الكيان الصهيوني 2010: الاتفاق مع وزارة الدفاع الصهيونية بحصول تركيا على عدة أنظمة متطوِّرة في مجال الطيران، وتبلغ قيمة العقد 141 مليون دولار، ويتشارك في تنفيذه سلاح الجو الإسرائيلي وشركة ألبت للصناعات الجوية (Elbit Systems).

2- التعاون العسكري المشترك مع الكيان الصهيوني 2013: حيث يوجد مستشارون عسكريون صهيونيون في القوات المسلحة التركية. وتشتري تركيا من الكيان الصهيوني العديد من الأسلحة وكذلك يقوم الكيان بتحديث دبابات وطائرات تركية، حيث أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية ووزارة الدفاع التركية نجاح تجربة للصاروخ الاعتراضي “أرو-3” بالتعاون مع الوكالة الأمريكية لدفاع الصاروخي.

3- العلاقات مع الكيان الصهوني 2015: الاتفاق بين الجانبين على عودة السفراء وإلغاء الدعاوى المرفوعة ضد الجنود الإسرائيليين وإنشاء صندوق خاص من قبل الاحتلال لتعويض المصابين في حادثة “أسطول مرمرة” و عدم السماح للقيادي من حركة “حماس” صالح العاروري بدخول تركيا وإجراء مفاوضات فورية بين إسرائيل وتركيا حول بيع الغاز.

اقرأ أيضًا: تركيا “أردوغان” تبحث استئناف العلاقات مع الكيان الصهيوني، نحاول أن نشرح لك الأمر!

4- قتل الثورة السورية والاتفاق على بقاء الأسد حاكما لسوريا 2016: عقدت روسيا وتركيا وإيران في موسكو اجتماعا لبحث الأزمة السورية، وقد اتفقت الدول الثلاث على ما أصبح يُعرف بـ “بيان موسكو” وفيما يلي بعض البنود التي اتفقت تركيا معهم فيها:

  • الدول الثلاث متفقة على أن الأولوية في سوريا هي لمكافحة “الإرهاب”، لا لإسقاط النظام.
  • إطلاق مفاوضات جديدة سعيا للتوصل لاتفاق بين النظام السوري والمعارضة. وجاء في البيان أن “إيران وروسيا وتركيا على استعداد لتسهيل صياغة اتفاق يجري التفاوض عليه بالفعل بين الحكومة السورية والمعارضة، وأن تصبح الضامن له”.
  • أكد “بيان موسكو” على احترام سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية كدولة ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان.
  • أكدت الدول الثلاث عزمها على المضي في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة (جبهة فتح الشام)، وفصل بقية فصائل المعارضة المسلحة عن هذين التنظيمين.

ولنتذكر أن هذا يأتي بعد حرق روسيا وإيران لمدينة حلب وكل الفظائع التي قامتا بها، ولا تزالان مستمرتين يوميا في قتل المسلمين. أصبح الآن دور تركيا (التي وعدت مرارا أنها لن تتخلى عن الثورة وعن أهل حلب ولن ترضى ببقاء النظام)… أصبح دورها: (مساعدة روسيا وإيران في محاربة الإرهاب) والتأكيد على دعم علمانية الدولة السورية، مع عدم الممانعة من بقاء الأسد في الحكم!

5- فتح القواعد الجوية التركية للطيران الدولي لضرب الموصل والمدن السنية 2015: فمن المعلوم أن المدن السنية في العراق كانت في ذلك الوقت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. ومعلوم أنه رغم وحشية التنظيم وغلوّه إلا أنه الحامي الوحيد لأهل السنة في العراق من بطش الجيش والمليشيات الشيعية، ومعلوم دعم أهل السنة له في المدن التي يسيطر عليها. ومعلوم عدد المسلمين الذين يتم قتلهم جرّاء قصف الطائرات لهم دون تمييز. رغم كل ذلك فتركيا فتحت منذ 2014 قواعدها الجوية، خصوصا قاعدة أنجرليك، أمام طيران التحالف الدولي لقصف المسلمين في العراق.

http://gty.im/506025524

6- تسليم امرأة مسلمة إلى السلطة الصهيونية 2015: قامت السلطات التركية بتوقيفها ومعها 11000 دولار تحاول العبور بهم إلى سوريا. وقامت بتسليم المرأة إلى السلطات الصهيونية بتهمة محاولة الانضمام لتنظيم الدولة. وقد اهتزت لهذه الوقعة مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاجات “وا معتصماه”!

اقرأ أيضًا: يوم كان في أمتنا رجال

ولا مجال هنا لمهاجمتنا بأننا أوردنا المواقف التي تناقض أساسيات الإسلام وثوابته فقط دون أن نورد مواقفهم التي تدعمها؛ فلا مواقف أو أفعال قام بها الحزب الحاكم أصلا من هذا النوع لنوردها هنا. وابحث إن شئت على الإنترنت في أي موقع، مؤيِّدًا كان أو معارضًا، لن تجد فعلا من هذا النوع قد نُلام على عدم ذكره هنا، ستكون كلها أقوال وتصريحات فقط، حتى أن التصريحات المناقضة ستجدها أكثر من الداعمة، لكن على كلٍ فالأفعال هي أساس الحكم لا الأقوال.

لابد لنا من تبنّي مناهج واضحة نقيّة في تعاملاتنا وتخطيطنا وسعينا لنصرة الإسلام وتحقيق مشروعه على أرض الواقع؛ حتى لا نقترف ما يخالف ثوابت الإسلام بدعوى نصرته! وحتى لا نتبع من تبدّلت أحوالهم وتحوّلت غاياتهم من نصرة الإسلام إلى مجرد السعي للنجاة والبقاء في الحياة السياسية، متّبعين أهوائنا في ذلك. ولا بد لنا كذلك من البحث والقراءة قبل الانطلاق في التأييد المُطلق أو المعارضة المُطلقة أو التهليل أو التطبيل في مواقف معينة، فبعد نتيجة الاستفتاء صاح العديد من الناس بأن النتيجة هي نصرة للإسلام وخطوة لعودة الخلافة، رغم أنه بقليل من القراءة والاطلاع لعلموا أن هذه التعديلات لم تمس القيم العلمانية المنصوص عليها في الدستور، كما أن هذه التعديلات طالب بها من قَبْلُ الليبرالي والعلماني، لأنها لا بُعد أيديولوجي لها كما ذكرنا.


المصادر

العباس بن عبد المطلب، قصة الإسلام.

مجلس الأمة التركي الكبير: المهام والصلاحيات.

إنفوجرافيك: مقارنة بين النظام الرئاسي والبرلماني في تُركيا.

لماذا يسعى أردوغان إلى تحويل النظام السياسي التركي من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي؟

النظام السياسي في تُركيا (نظام الحكم – المؤسسات)

النظام التركي، الجزيرة.

النموذج التركي.. هل هذا هو الطريق؟

تعرّف على الوجه الدنيء لتركيا!

خالد أحمد

كاتب مهتم بقضايا الأمة الإسلامية والسياسة الدولية والشأن الخليجي، أكتب وأسعى من أجل الحرية.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ذكرتم في المقال أن “هذه التعديلات ليست إلا خطوة إصلاحية اتفق فيها الليبراليون مع العلمانيين مع الإسلاميين”(ا.هـ)، كلام جد صحيح! وأضف الى ذلك أن التعديلات الحالية التي تُحَوِّل الجمهورية من برلمانية الى رئاسية، لم تكن لِتُمَرَّر لولا موافقة وتصويت “حزب الحركة القومية” عليه (حزب قومي ليس إسلامي)! فقبل الاستفتاء الشعبي على التعديلات كان يجب تصديق البرلمان اولا على التعديلات بنسبة معينة لم تكن لتحقق لولا تصويت البرلمانيين من حزب الحركة القومية عليه، ثم في الاستفتاء الشعبي صوت اتباع الحزب القومي لصالح التعديلات! اذًا الامر كله لا علاقة له بالاسلام والإسلاميين!

  2. بارك الله في الاخ خالد على البيان القيم، وحبذا لم يتحفنا بمزيد عن اردوغان وتركيا للتصدي لأباطيل المفتونين.
    لدي فقط تعقيب جد بسيط، وهو أن التعديلات الدستورية لا تغير نظام الحكم، بل تغير شكل نظام الحكم فقط، أي شكل إدارة الحكم وليس نظام الحكم نفسه.
    أما نظام الحكم فهو “النظام الجمهوري”، وهو باق لم يتغير. فللنظام الجمهوري أشكال عدة متداولة في العالم، منها “الجمهورية البرلمانية” و “الجمهورية الرئاسية”.
    ففي الشكل الاول للنظام الجمهوري يتولى مجلس الوزراء السلطة التنفيذية (وليس البرلمان كما كتبتَ اخي في مقالك).
    وفِي الشكل الرئاسي للجمهورية يتولى رئيس الدولة السلطة التنفيذية.
    أما كون النظام جمهوري فلأن الشعب هو مصدر السيادة والسلطات وهو الذي يختار ويعزل السلطة التنفيدية سواء كان الرئيس أو رئيس الوزارة، فالشعب هو الذي يُشرِّع القوانين عن طريق البرلمان الذي يختاره الشعب (فليس من صلاحية الرئيس التشريع، ولو كان عنده صلاحية إصدار مراسيم تنفيذية كما فعل مثلا ترامب حين أصدر مراسيم منع دخول مسلمين من بعض الدول الى امريكا)، والشعب هو الذي يضع الدستور عن طريق استفتاء، والشعب يعزل الرئيس او رئيس الوزراء عن طريق البرلمان الذي يختاره الشعب!
    اذًا النظام الجمهوري لن يتغير بهذه التعديلات، فلازال الشعب هو المشرِّع (عن طريق نوابه)، والذي تغير هو فقط كيفية إدارة النظام الجمهوري!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى