توظيف الأنظمة الحاكمة للسلفية المدخلية لضرب التيار الإسلامي

كان الشيخ محمد بن هادي، شقيق ربيع المدخلي، قد أعلن عن تأييده للتمرد الذي يقوده اللواء خليفة حفتر في البلاد، واصفًا جماعة الإخوان المسلمين بأنها شر من القذافي. وقال ربيع المدخلي: على السلفيين في ﻟﻴﺒﻴﺎ -ويقصد السلفية المدخلية-ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ؛ ﻓﺎﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﺍﻟﻔِﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﺬ ﻗﺎﻣﺖ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺾ؛ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﺣﺪﺓ ﺃﺩﻳﺎﻥ، ﻭﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻠﻤﺎﻧﻴﺔ.

يعد الشيخ ربيع المدخلي رمزًا من رموز السلفية المدخلية فمن هم؟ وما هي ملامح فكرهم؟

النشأة

ربيع المدخلي
ربيع المدخلي

نشأ التيار المدخلي في المملكة العربية السعودية إبان حرب الخليج الثانية 1991م،  والتي قامت نتيجة غزو العراق للكويت، نادي هذا التيار بجواز دخول القوات الأجنبية مع تجريم من يعارض هذا القرار أو يرى بحرمته. يُسمى بالتيار المدخلي نسبة لربيع المدخلي أو الجامي نسبة لـ محمد أمان الله الجامي.

ومن أشهر رموز التيار في مصر:

محمد سعيد رسلان، محمود لطفي عامر، طلعت زهران، علي حشيش، عبد العظيم بدوي، أبو بكر ماهر عطية، حسن عبد الوهاب البنا، أبو عبد الأعلى خالد عثمان، خالد عبد الرحمن.

طلعت زهران كانت بدايته مع سلفية الإسكندرية ثم فارقهم، وقد انتقل التيار المدخلي لمصر على يد أسامة القوصي الذي تتلمذ على يد الشيخ مقبل الوادعي ثم عاد لمصر وطبع معظم مؤلفات الشيخ، والتقى ربيع المدخلي في السعودية، ثم نشأ بينه وبين التيار خلافات عديدة فارقهم على إثرهـا وشهد هو تحولات فكرية.

أهم ملامح السلفية المدخلية

  • لا يجوز معارضة الحاكم مُطلقًا ولا إبداء النصيحة في العلن
  • لا تتم الطاعة المطلقة الواجبة للحاكم إلا بالاعتراف بجميع مؤسسات الدولة
  • لا يجوز لأحد مخالفة فتوى علماء البلاد الرسميين حتى لو أحلوا حرامًا
  • تعتبر الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان؛ لذلك فهي تناهض الأحزاب والجماعات جميعهـا وتراهم مبتدعة وعلى طريق الخوارج، وتدعو لنبذ الفرقة في الأمة الإسلامية والالتفاف حول السلطان.
  • هم وحدهم يمثلون السلفية الصحيحة، وللتأكد من سلفية الفرد فلابد من التبرؤ من الإخوان وبن لادن وسيد قطب والمودودي، والولاء المطلق للنظام.

في ضوء ملامح التيار الفكرية نستطيع فهم أقوالهم في كثير من الأحداث

*عن المقاطعة

ما هو الموقف الشرعي تجاه بضائع ومنتجات هذه الدول؟ إن مقاطعة منتجات هذه الدول ليس له أصل في الدين حتى ولو كانوا أعداء “محاربين”، بالطبع استثنى من ذلك إذا رأى ولاة الأمر أن مصلحة المسلمين لمقاطعة سلعٍ لبلدٍ معينة، هنا تكون المقاطعة سليمة وشرعية والتحريم هنا ليس لذات هذه السلع المُقاطَعة وإنما التحريم هنا للمصلحة التي يراها ولاة الأمر.

كما قال: لا ينبغي أن يعول المسلمون على أي أوراق تلصق أو توزع بها قوائم سلع معينة لمقاطعتها إلا إذا صدر بذلك مرسوم رسمي من قبل الدولة من الجهات المختصة بذلك كرئيس الدولة ورئيس الوزراء أو وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، أما ما دون ذلك فلا يعتد به شرعاً وعقلاً.

*عن إسرائيل

كان أسامة القوصي يحث حماس على قبول الصلح مع إسرائيل اقتداء بالسادات، وبفعل الرسول-صلى الله عليه وسلم-يوم الحديبية، كما يرى القوصي أن الجهاد في زمننا فرض كفاية وليس فرض عين، إذ لكل بلد جيش يعمل على حمايتها والدفاع عنهـا حال اختلالها. ويقول:

“ليس تنازلا وإن كان فهذا التنازل جعلنا نسترد سيناء. حتى لو قال قائل ليس هناك جيش في سيناء، هناك جيش أم لا ليس هناك مشكلة “

وكتب محمود لطفي عامر مقالًا بعنوان تصدير الغاز لإسرائيل جائز وقال:

أنه لا يجوز لأحد أن يحلل شيئا أو يحرم شيئا من تلقاء نفسه وإلا كان ممن شمله وعيد الآية: “إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ”. ثم تسائل أين هو الدليل الشرعي الذي يحرم التصدير للعدو أو للصديق؟

*بعد أحداث غزة

يقول عامر: ليس لمصر كولاة أمر ولاية على فلسطين المحتلة، وبيننا-كمصر-وبين العدو اليهودي معاهدة سلام، أقرتها حكومة مصر. وبالتالي وجب علينا الالتزام بها ما لم يصدر بيان نقض لهذه المعاهدة من قبل ولاة الأمر، أما همجية اليهود فمواجهتها بالتسديد والتقريب وجمع الشمل وليس بالتشتيت والتشويش مع إعداد العدة والقوة الغالبة التي تمكننا من معاونة إخواننا في فلسطين بالطريقة التي يقرها ولاة أمورنا بمصر. وعلى الذين يطالبون قيادة مصر بالمساعدة لأهل فلسطين لحل مشكلتهم أن يدخلوا في طوع النصائح المصرية لحل المشكلة وفق ما هو متاح وليس وفق أوهام وأحلام بعيدة عن أرض الواقع.

*موقفهم من الثورات

قالوا لا يجوز ما حصل من الخروج على ابن علي-حاكم تونس الذي منع تحفيظ القرآن في المساجد-. وفي مصر أصلوا لحرمة الخروج على الحاكم وأصدر عامر مقال بعنوان “انتصارًا للسنة وليس انتصارًا لمبارك” وبعد تنحي مبارك دعوا لطاعة ولي الأمر الجديد (المجلس العسكري). رغم أنهم بعد الانقلاب لم يروا هذا خروجًا على الحاكم بل تصحيحًا للمسار حيث أطل علينا رسلان بعد الانقلاب بيومين بخطبة بعنوان (حكم الإخوان دروس وعبر).

وما كان من تأييد أبو عبد الأعلى خالد عثمان للإنقلاب، وتذكيره للجيش والشرطة بتجديد نواياهم في قتل المسلمين أو ما يصفهم بالخوارج واحتساب الأجر حتى تكون أعمالهم في ميزان حسناتهم يوم القيامة، وأن ما حدث كان واجب الحدوث واستخدام القوة أمرٌ لا مناص منه!

*قناة السويس الجديدة

التي كتب لها رسلان كتابًا أسماه: (قناة مصر الجديدة، توكل على الله وأخذٌ بالأسباب) يُعلي فيه من شأنها ويصفها أنها مشروع القرن الذي يقيم مصر من كبوتها.

رسلان وقناة السويس

اختلاف السلفية المدخلية مع كل الفئات الإسلامية الأُخرى

* المداخلة والسلفيين

بدأ الخلاف بين السلفية المدخلية والسلفية الحركية التي من رموزها (محمد عبد المقصود، فوزي السعيد، نشأت أحمد، سيد العربي) ثم شمل الخلاف السلفية الجهادية والسلفية العلمية المعروفة بسلفية الإسكندرية. ودارت نقاط الخلاف حول:

  1. الحاكمية وطاعة الحاكم:
    حيث ترى المدخلية من طاعة الحاكم وجوب النصح له سرًا وعدم النصح العلني ومنع الخروج عليه. بينما يرى باقي التيارات أن هذه الحكومات أساسًا حكومات غير شرعية وتحارب الدين.
  2. حكم عزل الحاكم الفاسق أو قتاله:
    فترى السلفية المدخلية من يقوم بهذا من الخوارج.

ووضع المداخلة الحويني في طائفة المبتدعة لقوله: لا يوجد سلطان يحمي حدود الله في الأرض، لا يوجد سلطان شرعي. وقوله: توحيد الحاكمية أخص خصائص توحيد الألوهية.

* المداخلة والإخوان

يقول خالد عثمان:

ولقد أفرخت مدرسة القطبيين في شتى البقاع عن دعاة وحماة لجنابها، ولكن أخطرهم من أراد وضع القطبية في صورة سلفية

ويقول عنهم رسلان أنهم فرقة مبتدعة ضالة. إلا أنه حين تولى الإخوان الحكم دخلوا في السمع والطاعة لهم! وقالوا: حتى لو كان من الإخوان المسلمين نسمع ونطيع، نرد على الإخوان المسلمين، لكن الحاكم حاكمنا ونحن أخلص له من الإخوان المسلمين

السلفية المدخلية والنظام الحاكم

نجد أن السلفية المدخلية دائمًا في صف النظام، تتغير الأحداث وتختلف لكن تبقى أوامر النظام ورغباته هي المحرك الأول وعليها تفصيل الفتاوى!

“قيل لي في أمن الدولة، قل ولي الأمر ونخرجك على الفضائيات، قل ولي الأمر أو أمير المؤمنين” ياسر برهامي.

هذه الأفكار التي تتبناها السلفية المدخلية كان لابد من استغلالها من قِبل النظام لتثبيت عرشه برداء الدين، وغالبًا لا يكون التعاون بشكل مباشر، بل يظهر أكثر ما يظهر في توفير المساحات لهم في ظل التضييق على باقي التيارات الدينية التي تبصر الناس بواقعهم، وتحركهم من خلال العقيدة السليمة. لابد من استغلالها لاختراق المؤسسات الدينية التي توقظ همم المسلمين.

وكما قال كرومر من قبل: لا يمكن ازدراء العقيدة الدينية للشعب، لكن.. لندع هؤلاء الذين يقودون دفة الدولة على حذرٍ، يدكون -وفي مكرٍ- الصرح الروحي للمجتمع الإسـلامي.

وكذلك ينادي الكاتب الإدارة الأمريكية بتأييد جهود الحكومات والمنظمات المسلمة المعتدلة في جعل المساجد صرحًا لخدمة المجتمعات المسلمة، وليس ساحة لنشر الأيديولوجيات الراديكالية.

خديجة يوسف

كاتبة مهتمة بالشـأن الإسلامي.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى