لمحة سريعة حول كتاب «Salt Sugar Fat How the Food Giants Hooked Us»

كتاب يستعرض تاريخ شركات الغذاء الأمريكية وكيف أنها ساهمت بشكل كبير في وباء السمنة الذي أصاب جزءًا كبيرًا من البشر بشكل عام والأمريكيين بشكل خاص، وكيف أن هذه الشركات تعتمد بشكل أساسي على السكر والملح والدّهون في صناعاتها ومُنتجاتها بشكل يُلحق ضررًا كبيرًا بصحّة المُستهلكين.

الكتاب لا يُهاجم الصّناعة الغذائية بشكل مُباشر بقدر ما يهتم بمعرفة الأسباب التي تقف وراء قيامها بما تقوم به، ويُمكن تلخيص الأمر أن ظاهرة السمنة ليست إلا نتيجة مُحاولة قيام كل فرد من أفراد هذه الشّركات أداء واجبه«على أكمل وجه» ، فتجد مثلًا ن الباحث في مُختبره يُحاول إيجاد أفضل الوصفات التي تحتوي أفضل نسبة من المُكوّنات التي تزيد من لذّة المُنتج، أو تُطيل عمره لأطول مُدّة على رفوف المحّلات التّجارية، وتجد المُسوّق يُحاول إقناع كل شريحة من زبائنه المُحتملين بأفضلية مُنتجه عبر استهداف كل شريحة بالإعلانات التي ستؤثّر عليها لدفعها إلى استهلاك ذلك المُنتج، وتجد مُدير المبيعات أو مُدير الشّركة يُحاول إرضاء المُساهمين في شركته برفع الأرباح بأية طريقة مُمكنة. بعبارة أخرى لو استُبِدل عنوان الكتاب بالعنوان التالي «السكر والملح والدهون ووالستريت والتسويق» لجاز لنا ذلك.

من بين الأفكار المُهمّة في الكتاب:

تعتمد الصناعات الغذائية مفهوم«نقطة النّعيم» [Bliss point] والتي تهدف إلى إيجاد نسبة المُكوّنات (السّكر والملح والدهون) في كل منتوج التي تُحقّق أفضل ذوق مُمكن.

  أصحاب الشّركات التي تُصنّع المُنتجات الغذائية عادة ما يتجّنبون استهلاك تلك المُنتجات ويسعون إلى الحفاظ على حميات غذائية صحّية قدر المُستطاع.الحكومة الأمريكية كانت تشّجع/تدعم صناعة الألبان بشكل كبير، مما جعل هذا القطاع يُنتج أكثر مما تحتاجه السّوق، مما كوّن فائضًا كبيرًا كانت الحكومة الأمريكية تشتريه من المُنتجين، وهو ما دفع إلى رفع إنتاج الأجبان (ونسب الدهون فيها) وما رفع بدوره من استهلاك الأجبان لكونها لم تعد كُمنتج يُستهلك لوحده بل أصبح مكوّنًا يدخل في تصنيع وتحضير وجبات أخرى.

  كلما حاولت بعض الشّركات تحسين القيمة الغذائية لمُنتجاتها إلا ويعود ذلك بالسّلب عليها لأن باقي الشّركات ستُحاول تعويض مكانتها.

  شركات التّبغ (خاصة فيليب موريس) كان لديها دور كبير في أزمة السّمنة التي يعرفها العالم حيث أنها وبسبب تحقيقها لأرباح كبيرة استطاعت شراء شركات تصنيع الغذاء وحوّلتها إلى شركات«تنتج الأموال» عبر عدّة طُرق ووسائل قد يكون أكثرها أثرًا هو استعمال نفس أفكار وطرق التّسويق المُستعمل للترويج للتبّغ والسجائر.

  تحول المُجتمع الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية من مُجتمع تمكث فيه ربات البيوت في المنازل وُتحضّر جميع وجبات عائلتها إلى مُجتمع يشكل كلا الأبوين وظائف خارج البيت، دفع بشركات الغذاء إلى توفير مُنتجات يسهل تحضيرها، سهولة التحضير هذه تأتي على حساب القيمة الغذائية للوجبات.

  نسبة قليلة من المُستهلكين تستهلك كميّات كبيرة من المُنتجات الغذائية، وعليه فإن الشّركات أصبحت تستهدفهم بشكل أساسي (ما الذي تريده هذه الشريحة بالضّبط) مما نتج عنه منتجات كبيرة الحجم يفترض أن يستهلكها أكثر من شخص في حين أنها مُنتجات يستهلكها شخص واحد (قنّينات صودا بحجم أكبر، أو ساندويتشات ضخمة).

  أغلب ما تراه من أوصاف على المُنتجات هي أوصاف مغلوطة أو تهدف إلى التغطية على عيوب أخرى في المُنتج. إن كان المُنتوج يدّعي أنه يحتوي على عدد كبير من الفيتامينات المُضافة فهذا يعني بأن المُنتج من دون هذه الفيتامينات المُضافة لا يحمل أيّة قيمة غذائية تُذكر.

  أغلب المُنتجات الغذائية المُصنّعة تحتوي نسبًا كبيرة مما يحتاجه جسمك طيلة يوم واحد.

  العصائر بُمختلف أنواعها ليست عصائر فواكه حتى ولو ادّعت ذلك، حيث أن الطريقة التي تُحضّر فيها تلك العصائر تخلّصها من جميع الألياف التي فيها (الألياف هي ما يجعل من تلك الفاكهة وعصائرها صحّية)، ما ينتج في النهاية هو مجرد سائل سكّري بنكهة تلك الفاكهة. إن أردت أن تشرب عصير فاكهة مفيدًا لك فاعصرها بنفسك مُباشرة.

  الطريقة الوحيدة لضمان دخول الصناعة الغذائية في الصف وتقديم مُنتجات لا تضر بصحة المُستهلك هو فرض قوانين صارمة تُحدّد ماهية المُنتجات التي يُمكن تصنيعها والمكوّنات التي تدخل فيها، يبدو بأن «إدارة الغذاء والدواء» الأمريكية لا ترغب في أن تفرض مثل هذه القوانين. ما يدفع أغلب الشّركات إلى عدم الاكتراث بإنتاج مُنتجات صحّية هو أن المُنتجات الحالية تلبي رغبات المُستهلك (أعطني مُنتجا لذيذًا) ويدرّ مالا وفيرًا.

  بالرّغم من أن المُنتجات ترفق جدول القيمة الغذائية لكل مُنتج إلّا أنه يتم تقديمه بشكل يهدف إلى تغليط المُستهلك. فبدل أن يُذكر إجمالي عدد الكالوري أو كمية السكر أو الملح الموجود في كامل العُلبة فإنه يقتصر الأمر على وحدات أصغر، كأن تذكر كمية الملح الموجود في وجبة واحدة (في حين أن العلبة تحتوي أكثر من ذلك)، أو وزن مُعيّن من المُنتج (في حين أن المُنتج يحتوي أضعاف ذلك).

  إن ذكر المُنتج بأنه يحتوي على سكر أقل مثلًا فهذا لا يعني أولًا بأنه يحتوي على نسبة قليلة من السكر وإنما يعني بأنه يحتوي على أقل مما جرت عليه العادة. إضافة إلى ذلك فإن التقليل من السكر مثلًا سيزيد بشكل حتمي من نسب الدهون والملح فيها. وعليه فإن النسخة قليلة السكر من منتج مُعيّن ليست بالضرورة صحيّة أكثر من النسخة كاملة السّكّر.

  التقليل من استهلاك الملح بشكل كبير لمدة معيّنة يجعلنا لاحقًا في حاجة إلى كميات أقل منه. بعبارة أخرى إن كنت تستهلك كميات كبيرة من الملح الآن حاول التخلص منه بشكل كامل لبضعة أسابيع، وبعدها وبعد أن ترجع إليه ستجد بأنك ستحتاج إلى حوالي 20 بالمئة من الكمية التي كنت تستهلكها سابقًا للحصول على نفس المذاق المُعتاد.

  بسبب النسب العالية من السكر في المُنتجات المُوجّهة للأطفال فإنه تمت برمجتهم على ما يجب أن يكون عليه مذاق الأكل الذي يستهلكونه بقيّة حياتهم. إن اعتاد طفل ما على نسب عالية من السكر في بداية حياته فإنه حتى ولو قدّمت له فاكهة لذيذة جدًا فمن المُحتمل أن يجد بأن مذاقها سيحتاج إلى إضافة المزيد من السكر لها. بعبارة أخرى راقب بشكل دقيق ما يتناوله أطفالك.

  جسم الإنسان يصعب عليه التعرف على السكّريات التي نستهلكها لما تكون سائلة (مشروب) وبالتالي فإننا لن نحسن بالشبع أسرع لما تستهلك وجبة غداء ومعها مشروبًا سكرّيّا (صودا) رغم أن الوجبة لوحدها قد تكون كفيلة بإحساسك بالشّبع. الجسم لن يكتشف بأن المشروب يحتوي على قدر كبير من السكريات.

أنصح الجميع بقراءة هذا الكتاب رغم حجمه الكبير نسبيا (حوالي450 صفحة). إن كنت تعتمد بشكل أساسي على المنتجات الغذائية الجاهزة فستكون رحلتك القادمة إلى مركز التّسوّق عسيرة عليك.

بعد قراءتك لهذا الكتاب، وإن كنت ترغب في الاستزادة حول الموضوع ألق نظرة على الكتب التالية (روابط مراجعاتي لها):

 

أرشيف المجلة التقنية

نعيد نشر أرشيف المجلة التقنية وهي مدونة شخصية للكاتب والتقني الراحل يوغرطة بن علي (مُبرمج… More »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى