هناك بعض الطرق التي يستخدمها أعداء هذا الدين-وهم كثر-للحيلولة بين المسلم ودينه فينظر المسلم إلى دينه من وراء غمامة لا يكاد يراه منها، إنَّ هذا الدين له أعداءٌ كثرٌ حتى وإن تمسحوا ببعض الشعارات ظاهرة الحسن ولكنها قبيحة القصد ولقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم : “وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ” وقال: “وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” فهم لن يرضوا عن المسلمين ما داموا على دينهم وعلى فطرتهم حتى يضلوهم عن دينهم.
الأساليب المتبعة لفصل المسلم عن دينه
ادعاء الدخول في الإسلام ثم الرِّدة عنه
ومن الأساليب التي قد يسلكها بعض أعداء الدين من اليهود والنصارى أن يأتي أحدهم فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فتتعالى الصيحات إلى جواره الله أكبر… الله أكبر ثم تكاد عيناه تذرفان بل قد ذرفت ، فيعجب المؤمن جدًا لهول ما رأى ولعظيم ما رأى و يحبُّ هذا الشخص وهذا طبيعي بل واجب شرعي ،فهذا الرجل قد صارع كل المعوقات التي كانت في طريقه حتى دخل الإسلام وما أدراك ما تلك المعوقات !!
ثم يأتي هذا الشخص بعد أن أحبه الكثير أو قد سمع عنه الكثير فتراه يطعن ببعض الأشياء عن الإسلام أو قد يكفرَ بعد أن أسلم!فيقول المسلم بلسان الحال ألم يكن هذا يبكي لله سبحانه وتعالى من الخشوع بالأمس؟! ألم يكن كافرًا باحثـًا عن الحق حتى وجده ؟! فلماذا تركه ؟!أو لماذا يقول هذا ؟!
فيتزعزعُ إيمانُ المسلم بل قد يرتد لهول ما رأى وهذا يؤثر في نفس أي مسلم لم يتعلم عن دينه تأثيرًا كتأثير السيل الجارف على كومة من التراب.
اقرأ قول الله عز وجل في هذه الطائفة التي تريد أن تصدَّ الناس عن الإسلام : “وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” يعني لعلهم يرتدون عن دينهم.
تبعات هذه الشبهة
فيشك كثيرٌ من المسلمين في أمرهم وذلك لأن حبهم لهذا الشخص وانجذابهم إليه أكبر من انجذابهم لدينهم فهم لا يعرفون عن دينهم إلا ألفاظاً دون أي معنى كالصّلاة والزّكاة وغيرها فيشربون هذه الشبهات في قلوبهم فتبقى غمامةً على القلب تكاد تكون من القطران ولا طاقة لأحد بإزالتها إلا الله سبحانه وتعالى. فأصبحت هذه الشبهات التي تشربها القلب هي عقيدةُ هذا المؤمن فتفقده الثقة في دينه، في أعماق قلبه تعظيمـًا لهذا الدين ولكن ظاهر حاله غير ذلك.
ولأنّه من الشائع اليوم ألا أحد يتعلم شئيـًا عن دينه فلا يتعلم عقيدته ولا يتعلم كتاب ربِّه ولا سنة نبيه صلّٰى الله عليه وسلم.
وقلب الإنسان محالٌ أن يكون فارغـًا ولكن لابدَّ من عقيدةٍ يتبناها هذا القلب فإذا كان لا يتعلم شيئـًا عن دينه أو ثقافة أمّته و لا يجد من يعلّمه أو لا يريد أن يتعلم أصلاً لم يبق له إلا طريـقًا واحداً يعلّمه ولا يجهده في التعلّم بل يقدم له كل ما يحتاجه من رفاهية ومرح وهو التلفاز والنت فيتابعهما بكل ما فيهما فها هو ذا يشاهد فيلمـًا فيسد بعض ما عنده وآخر وآخر وهكذا حتى يتكون إنسانُ جديدٌ يحمل أفكارًا هي من الفساد بمكان وهو لا يدري ، أفكارٌ مناقضةٌ لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن أنّى له أن يعرف ذلك !! ولا سبيل له إلى المعرفة إلا إذا ابتعد عنها فترة وتعلم دينه.
سيطرة وسائل الإعلام على تكوين فكر المسلم
فإذا كانت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هي المسؤولة عن تكوين عقيدة المؤمن في غياب شبه تام للتعليم الديني فما تكون النتيجة ؟
النتيجة هو مؤمن ليس بعقيدة الإسلام ولكن بعقيدة هذه الأفلام والمسلسلات المقتبسة أصلاً من عند أعداء الإسلام والتي لا تكاد تجد فيها معلومةً واحدةً صحيحةً عن الدِّين فما فيه إلا تضليل لشباب المسلمين.
فإذا بالمسلم يرى أنه حتى يلتزم لابدَّ أن يعبر هذه الفجوة-الوهمية-التي بينه وبين دينه وأنّى لمسلمٍ أن يعبر هذه الفجوةِ فإنّها ممتلئةٌ بما ينفر عن اجتيازها فلا تكاد تجتاز شيئـًا إلا ظهر لك غيره فكلمّا وقعت في مشكلة ونظرت إلى هذا الجانب–الدين-وجدته مسدودًا لأنَّ ما تعلمته عن الإسلام ما هو إلّا معلوماتٍ مغلوطةٍ ولو كنت تعلم الإسلام على حقيقته لوجدت فيه حلاً لكل مشكلة أمامك.
معلومات مغلوطة عن الإسلام
ولنضرب مثالًا على ذلك إذا أردت أن تتزوج تقول هل ألتزم بتعاليم الدين ثم لا أرى هذه الفتاة أبداً حتى نتزوج هذا شيء مستحيل!! فيبتعدُ عن الدين ولا يدري أنَّ له أن يجلس معها مع محرمٍ وله أن ينظر إليها وإلى كل ما يدعوه لنكاحها ثم له أن يتكلم معها حتى يعرف شخصيتها فإن عرفها وأعجبته وأحبّها تزوجها وإن كان غير ذلك لم يفعل. وإنه لو تفكر في عقباتِ ما سيجده إن ابتعدَ عن هذا الطريق وجدها كثيرة لا تكاد تحصى وليس هذا موضع بسط للموضوع ولكنَّ القصد أن هذه الأفكار المغلوطة تجعلك تبتعد عن الدين يومـًا بعد آخر.
وهكذا تتوالى الخطوات حتّى يصلَ الشاب إلى مكان سحيق لا يستطيع أن ينظر إلى الإسلام منه، وإنه لو تعلّم دينه وكان على يقين أنَّ الله لا يحرِّم شيئـًا إلا لحكمة وأن رزقه لو هرب منه فإنه مصيبه لا محالة كالموت تمامـًا لما بعُدَ كلَّ هذا البعد عن الدين ولكنَّه التضليل الذي يوجه الشاب إلى وجهة لا يرى منها شيئـًا.
والله سبحانه وتعالى جعل من حكمته البالغة ابتلاء المؤمن في هذه الحياة فمن كان صادقا في الوصول إلى الله الحق وصل فالله لا يضيع أجر من أحسن عملًا “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا” فتعلَّم دينك من كتاب ربك ومن سنة رسولك وتعلم ثقافة أمًّتك ولا تعدُ عيناك عنهم.
تعلَّم عن دينك حتى تسعد في الدنيا(بالتقدم) وفي الآخرة بدخول الجنة. “مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا”
ولكن بعض هذا ممن هم من بني جلدتنا فمال الغرب؟! ألا ترى أنّنا نقلدهم الآن وهذا التقليد إنّما كان بخطواتٍ خبيثةٍ منهم من الاستعمار والاستشراق الذي غيَّب عنّا ثقافتنا نهائيـًا وارجع إلى كتاب “رسالة في الطريق إلى ثقافتنا” لمحمود شاكر ترى هذا المكر الخبيث الذي كان سببـًا كبيراً لما نحن فيه.