تعرّف على المشاهد الأكثر تأثيرًا في المأساة السورية خلال عام 2016
منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 سعى النظام بكل ما يملك لفرض تعتيم إعلامي على ما يجري في الداخل من مظاهرات ومجازر يومية بحق الشعب السوري، لكن ذلك لم يمنع الحقيقة أن تأخذ مجراها ليراها العالم على أيدي ناشطين قرروا المخاطرة بحياتهم لإيصال أصوات وصرخات المدنيين في مناطق عدة.
ومع مرور الوقت بدأت قبضة النظام على الجانب الإعلامي تتهاوى حتى أصبحت الحقائق تصل بشكل أسرع من عدة مصادر، وصاحب هذا التهاوي تصعيداً للنظام وميليشياته المحلية والأجنبية التي نفذت مئات المجازر بحق السوريين.
توثيقٌ وتأريخ للمأساة السورية
فيما يلي سنحاول جاهدين تسليط الضوء على الفيديوهات الأكثر تأثيرًا ومأساوية في الثورة السورية خلال عام 2016، والذي شهد مجازر ومآس لا تختلف عما سبقه من الأعوام وانتهت بسيطرة النظام وحلفائه الإيرانيين والروس على مدينة حلب أبرز معاقل الثورة السورية. واستطاع الناشطون السوريون توثيق هذه المجازر لحظة وقوعها في عدة مناطق، وكان لمدينة حلب النصيب الأكبر من هذه المجازر والمشاهد المأساوية.
المشاهد المصورة جُمّعت من مصادرها الأصلية باستثناء عدد محدود منها، وقبل أن تكون المشاهد مأساة مؤلمة هي تاريخ يوثّق نفسه لما حل بالشعب السوري هناك. هذه الفيديوهات نشرها ناشطون سوريون وشبكات إعلامية سورية ومصحوبة بشرح لبعض جوانبها وملابساتها والظروف المحيطة بها، مع مراعاة الترتيب الزمني لها.
أولى هذه المشاهد من ريف دمشق تحديداً من بلدة مضايا التي عانت من حصار لعدة أشهر عاش خلاله الأهالي مجاعة حقيقية غير مسبوقة، الطفل محمد عيسى أحد الذين وثقت الكاميرا معاناته وهو يتحدث أنه لم يتناول الطعام منذ سبعة أيام.
مجزرة حي طريق الباب
في حلب كان للمأساة شواهدها التي وثقها ناشطون بكاميراتهم، وتركت المشاهد القادمة من أحياء المدينة صدمة كبيرة على مستوى الرأي العام، على أن ما خفي أعظم كما يرى آخرون، في26_4_2016 شهد حي طريق الباب في المدينة مجزرة مروعة للطيران الروسي والسوري خلفت عشرات الشهداء والجرحى، واستطاع الصحفي السوري نقل جانباً من هذه المجزرة وتوثيق شهادات لعدد من الأهالي الذين نجوا من القصف بعد تحوّل منازلهم إلى ركام.
مجزرتي حيّي الكلاسة وبستان القصر
كما شهد حيّي الكلاسة وبستان القصر مجزرتين لطيران النظام وروسيا في28_4_2016 قتل خلالهما عدد من المدنيين، ومن بين المشاهد التي وثقت هذه الجريمة فيديو لمواطن سوري يبكي بحرقة فوق أنقاض منزله بينما أفراد عائلته تحت الأنقاض لا يعرف عن مصيرهم شيئاً، وهو المشهد الذي أبكى الصحفي السوري هادي العبد الله الذي وثق تلك اللحظات.
الطفل مالك فوزي برغوث
من حي الصاخور في حلب نشر ناشطون فيديو مؤثر للطفل مالك فوزي برغوث ذو العشر سنوات والذي ودّع أباه باكياً فوق جثمانه بكلمات مريرة طالباً منه ألا يتركه وحيداً في هذه الدنيا، وقضى الأب في قصف للطيران الروسي على الحي بتاريخ 4يونيو الماضي.
مجزرة حي الصالحين
وغير بعيد عن حي الصاخور شهد حي الصالحين في حلب مجزرة بحق المدنيين جراء قصف الحي باستخدام البراميل المتفجرة في الثاني من يونيو ووثقت الكاميرا لحظات انتشال مواطن سوري من تحت الأنقاض وهو ما يزال على قيد الحياة، ليؤكد وبكامل وعيه قائلاً:
قولوا لبشار الأسد أنا طلعت من تحت الأنقاض ولسا بدي حرية.
كما نشر مركز حلب الإعلامي مشهد آخر للمجزرة ذاتها لطفلة سورية ظلت تصرخ طوال الوقت من شدة الألم بينما يقوم الأطباء الذين تأثروا بالمشهد بمعالجة إصابتها في الرأس لإيقاف نزيف الدم.
طفل حي الفردوس
في 14يونيو الماضي تعرّض حي الفردوس شرقي حلب لقصف جوي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وعقب المجزرة مباشرة وثقت الكاميرا مأساة أحد أطفال الحي الذي فقد أباه في المجزرة وظل متمسكاً بجثمانه وهو يصرخ ببراءة “يا رب ليش هيك صار” ولاقى مشهد الطفل تضامناً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
هدية العيد قصف حي الصالحين
وفي حي الصالحين أيضاً وثقت كاميرا المركز الإعلامي في حلب مشاهد قاسية ومؤثرة لإصابة عدد من الأطفال الذين صرخوا بأصواتهم البريئة علّها تخفف من جراحهم بينما غطى الدم وجه طفلة بريئة في هذه المجزرة التي حدثت جرّاء قصف جوي استهدف الحي في ثاني أيام عيد الفطر المبارك الموافق 7يوليو.
مأساة المجازر السورية التي تُرتكب ضد المدنيين لم تستثني دموع الرجال، ففي حي باب النيرب أجهش مواطن سوري بالبكاء الشديد بعد أن فقد طفله وزوجته نتيجة قصف مدفعي للنظام على الحي الواقع شرقي حلب في19 يوليو الماضي.
وفي17أغسطس الماضي كان حي القاطرجي الواقع شرقي حلب على موعد مع غارات جوية للنظام السوري وروسيا أودت بحياة عدد من المدنيين فيما نجح فريق الدفاع المدني في انتشال آخرين ما يزالون على قيد الحياة بينهم الطفل عمران دقنيش ذو الخمسة أعوام والذي شكلت صورته وهو يمسح الدم من وجهه بكل هدوء دون أن يصرخ صدمة كبيرة للرأي العام العالمي، وتفاعل معها ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير.
حي باب النيرب
وكما بكى الرجال من قهر زمان آل الأسد، من البديهي أن تبكي الأمهات على فراق فلذات أكبادهن، على أن عدسات الكاميرا لا تستطيع توثيق كل ذلك، أم حسن سيدة سورية فقدت ابنها في قصف للنظام بالبراميل المتفجرة على حي باب النيرب شرقي حلب في25 أغسطس الماضي، وأظهرت لقطات فيديو للأم وهي تصرخ جوار جثمان ابنها حسن وقد بدت عليها حالة من الصدمة والذهول.
مذبحة بلدة حيان
وإلى ريف حلب حيث كانت بلدة حيان على موعد مع مذبحة بشعة في 12 أغسطس الماضي حيث شن الطيران الحربي غارات على أحياء سكنية ما تسبب بمقتل عشرة مدنيين بينهم نساء وأطفال، ونشر مكتب حيّان الإعلامي صور مروعة للمجزرة تظهر أشلاء متطايرة، وبعضها متفحمة، وتسببت هذه المشاهد بموجة تعاطف شعبي واسعة حول العالم.
وفي حي الوعر بريف حمص وثقت كاميرا الناشطين مشهد مؤلم لطفل سوري يصرخ من شدة الألم بسبب حروق في جسده تسببت بها قنابل النابالم الحارقة التي ألقاها الطيران الحربي على الحي في 27 أغسطس الماضي.
حي الشعار قصف جوي بالقنابل العنقودية
غارات الطيران التي لم تستثني أحد لم تكن بمعزل عن حي الشعار المحاصر الذي تعرض لقصف جوي بالقنابل العنقودية في 20 نوفمبر الماضي ما أسفر عن استشهاد عدد من المدنيين، وقد وثقت كاميرا المركز الإعلامي في حلب مشاهد مؤثرة لامرأة تبكي زوجها وأطفالها الذين قضوا جراء القصف.
قل لا إله إلا الله
قصص الأمهات مع مآسي الحرب في سوريا هي الأكثر حضوراً، فالمرأة السورية حاضرة بقوة في المشهد السوري، في 27 نوفمبر نشر ناشطون فيديو لأم سورية من بلدة الرستن في ريف حمص وهي تقوم بتلقين ابنها المصاب الشهادة، وتخاطبه قائلة: “قل لا إله إلا الله” فيما كان الشاب غائباً عن الوعي على ما يبدو، وقد لاقى المشهد انتشارا كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبروا عن تعاطفهم الشديد، وغضبهم للصمت الدولي تجاه مجازر النظام وحلفاءه في سوريا.
قصف تجمع للنازحين
في حي جب القبة لم تستثني آلة القتل الهاربين من الحرب، فقد قصفت مدفعية النظام السوري في 30 نوفمبر الماضي تجمعاً للنازحين شرقي حلب أثناء نزوحهم من حي جب القبة المحاصر، ما أسفر عن مقتل 50 مدنياً وجرح العشرات، وقد استطاع ناشطون توثيق صور مروعة لمشاهد المجزرة، وشهادات حية شملت فتى سوري فقد أمه وشقيقته خلال المجزرة، وتحدث بحرقة وصعوبة عما حدث.
رحيل الزوجة المقعدة جراء القصف
وفي ظل اشتداد الحصار على الأحياء الشرقية لحلب، تفاقمت معاناة المدنيين وخصوصاً المرضى الذين ماتوا بسبب توقف المستشفيات، أبو محمد مواطن سوري توفيت زوجته المسنّة صباح محمد في حي الشعار المحاصر شرقي حلب بينما كان يبحث عن طبيب أو مشفى لعلاجها، وأظهرت الصور التي نشرتها وكالة أنباء الأناضول أبو محمد وهو يجر زوجته التي كانت مقعدة على كرسي متحرك، وكان قد تحدث لمراسل الأناضول قبل وقت قصير من وفاة زوجته عن منزله المدمر وفقدانه التواصل مع أبنائه السبعة، قبل أن يفجع بمأساة وفاة زوجته، التي شكّل رحيلها صدمة في وجه الرجل، ووجد نفسه وحيداً سوى من بعض الدموع الثقيلة التي غطت ملامح وجهه.
بابا رح عالجنة خيو
مع نهاية غروب شمس الثاني عشر من ديسمبر الحالي استطاعت قوات النظام والميليشيات الاجنبية الموالية له السيطرة على أغلبية أحياء حلب الشرقية، وفرضت حصار مطبق على نحو ثمانين ألف مدني داخل مساحة لا تتجاوز أربعة كيلو متر مربع، فضلاً عن تنفيذ إعدامات ميدانية بحق العشرات، وفي اليوم التالي ومع استمرار القصف بث ناشطون شريط مصور لطفلة سورية تبحث عن أبوها الذي قضى جراء القصف، ليرد عليها المسعف الذي كان يحملها باكياً: “بابا رح عالجنة خيو”.
بس نصير شباب لنيجي نحرر حلب
ومن ضمن الفيديوهات التي لاقت تفاعلا كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي ما نشرته وكالة ثقة لأطفال حلبيين يتحدثون بكل ثقة عن رغبتهم بتحرير حلب عندما يصبحون كباراً، وذلك بعد تهجيرهم من مدينتهم وفقاً لاتفاق روسي مع جيش حلب بوساطة تركية تم التوصل إليه بعد تحذيرات من وقوع إبادة جماعية بحق المدنيين وضغوط شعبية على روسيا، ويقضي الاتفاق بإخراج المحاصرين من مدينة حلب، وذلك عقب سيطرة ميليشيات النظام السوري وإيران على 98%من أحياء المدينة، وهو الحدث الأبرز في مسار الثورة السورية منذ انطلاقها.