حقيقة الدور الإيراني والوجود الشيعي في غزة
يبدو أن عبارة شكرًا إيران التي تم وضعها على بعض من ميادين غزة الرئيسية لم تكن من باب الصدفة أو رد الشكر لإيران على ما تقوله حركتي حماس والجهاد الإسلامي أن طهران دائمة العون للمقاومة سواءً بالمال والسلاح وهو الأمر الذي لم تفعله أية دولة عربية سنية مع الأسف الشديد، ومع زوال حرب 2012 على وجه التحديد بدا وأن حراكًا ما يجري في الغرف المغلقة لإيجاد مد شيعي في القطاع والذي لا يوجد فيه غير المذهب السني لقرابة نحو مليوني فلسطيني مع نحو 3 ألاف مسيحي على الأكثر.
حدث لأول مرة :
في 12 سبتمبر من العام2011م أذاعت قناة (الكوثر) الشيعية مقطعًا من تقرير إخباري عن احتفال أقامه شيعة في غزة بمناسبة ذكرى ثورة الخميني، شمال قطاع غزة الأمر الذي لم ترد عليه حماس بشكل رسمي؛ بيد أن الشرطة الفلسطينية التابع للحركة داهمت المكان وأصدرت بيانًا أنه المداهمة كانت لشبان يعتنقون فكرًا منحرفًا، غير أن مصادر أخرى تقول أن المداهمة كانت لشبان يعتنقون المذهب الشيعي للاحتفال بذكرى أربعين الحسين، وتسبب الاعتداء في إصابة المجتمعين بجراح ورضوض وإصابة بعضهم بكسور في الأطراف، ومن هنا بدأ السؤال يتداول : هل يوجد شيعة حقًا في غزة؟
حركة الصابرون:
حركة “صابرين – نصرا لفلسطين” (حفص)، بزعامة المسؤول السابق في الجهاد الإسلامي هشام سالم، التي أعلن جهاراً عن تأسيسها ربيع 2014 الماضي في غزة. عندما تبنت مقتل أحد عناصرها بحسب زعمها إثر تفجير أثناء إعداده عبوة ناسفة.
https://www.youtube.com/watch?v=HrqoNpq3svw
فيلم وثائقي ترويجي لحركة الصابرين.
ويعرف عن زعيم هذه الحركة الإيرانية التمويل والدعم، والعاملة في غزة بنشاط، هشام سالم، أنه يعمل مدرسا، فيما كان حتى وقت قريب يشغل منصباً قياديا في حركة الجهاد الإسلامي قبل أن يُفصل منها. وقد تعرض للاعتقال لدى أمن حماس مرتين خلال الأعوام الماضية.
ما الذي تفعله هذه الحركة؟
حتى هذه اللحظة لا يوجد لها أنشطة شيعية ذات بصمة فاقعة، غير أنها تصاحب في كل أنشطتها المتمثلة في مخيمات صيفية للأطفال الأيتام وأبناء الأسرى، يعبر خلالها الأطفال عن شكرهم الكبير لإيران وقيادتها، بالإضافة إلى تقديم أموال ومساعدات عينية لمن دمرت منازلهم نتيجة الحروب الإسرائيلية، ولا تخلوا فعالية من هذه الفعاليات من صورة لعلم إيران مع أشخاص يحملون صورًا للخميني ورموزًا شيعية.
[youtube id=”PL-kd2AvMi4″ “]حركة الصابرين الفلسطينية توضح علاقتها بحزب الله اللبناني، فالحركة تقول عبر لسان قائدها هشام سالم في الخمسينيات من عمره
اللغة المذهبية لا تخدم إلا أعداء الأمة، فنحن كلنا مسلمون سنةً وشيعة، ويجب أن نكون صفاً واحداً في وجه أعدائنا الصهاينة وغيرهم، وذلك لأن أعداءنا لا يميزون بين سنة وشيعة، وإنما هدفهم الأساسي القضاء علينا كمسلمين وكمقاومة، والسيطرة على بلادنا ومقدراتنا وشعوب أمتنا.
وهو كلام فيما يبدو أنه كاتفاق بين حماس صاحبة الكلمة الطولى في القطاع وبين وجود هذه الحركة على أرضه والعمل بحرية، بحيث تتحدد مساحات العمل في المساعدات العينية المختلفة ليس أكثر، حيث لم يتم حتى اللحظة إقامة أية شعائر شيعية كإحياء ذكرى كربلاء أو بكائيات الحسين وغيرها.
الخبراء في غزة يحذرون:
غير أن الموقف الرسمي لهشام سالم وحركته يختلف بالطبع عما ورد في تسجيلات مسربة له، إذ يشبه ما حدث بفلسطين على أنه مشابه لأحادث كربلاء وتغلب معاوية على علي ومقتل الحسين، وغيرها، مضيفًا الرجل في تسجيلات أخرى أن تحرير فلسطين يحتاج إلى حسين جديد لا يعرف للتضحية حدودًا، وهذا كله يثبت أن الرجل شيعيا ويدعو إلى التشيع.
هل تم حظرها؟
لم يتم ذلك، فما زالت للحركة نشاطات على الأرض، ولا يوجد موقف رسمي بالفعل يكشف الحقيقة، تناولت الصحافة المحلية في غزة أن حماس اتخذت موقفًا يقضي بحظر الحركة ووقف أنشطتها، غير أن قيادات الحركة سواء التي تعمل داخل التنظيم أو التي تعمل في الحكومة يرفضان التعليق على الأمر وكل ما يتردد هو أنه يتم الترحيب بكل جهد على الأرض يعمل على دعم شعبنا ومقاومته، ومن غير المتوقّع أن تعلن الحركة عن القرار، الذي حتماً سيجد ردة فعل رافضة من إيران، التي تدعم حركة “الصابرين”، وتشترط على حماس باستمرار عدم التعرض له، لضمان استمرار الدعم المالي “المقلّص” الذي تتلقاه حماس من طهران.
[youtube id=”omwRLi2jq-Q” “]خطاب لزعيم الحركة هشام سالم يتحدث فيه عن الانتفاضة الحالية.
وكان الصحافي الإسرائيلي إيهود يعاري، كتب تقريرا نشرته مجلة “فورين أفيرز”، حول حقيقة الدور الإيراني في غزة وتحديدًا عن حركة الصابرين، قال فيه:
من العدل القول إن حركة حماس تسامحت مع نشاطات الحركة، طالما لم تستفز السلفيين المتعاطفين مع تنظيم الدولة، الذين يعدون الشيعة أعداء. وطالما تجنب سالم تحدي حركة حماس، وامتنع عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وأبدى سالم حذرا من خرق هذا الخط الأحمر.
يشار إلى أن أعداد الشبان الذين تم التحاقهم بهذه الحركة أو تحولهم للمذهب الشيعي، تراوحت لنحو 2500 شاب بيد أن هذه الأرقام تبقى في إطار التكهنات التي لا تستند إلى مصدر توثقي رسمي مستقل.
ما الذي تريده إيران من غزة؟
أنها تحسن صورتها أمام العالم الإسلامي بإظهارها في دور حماية الفلسطينيين والدفاع عن المقدسات، وإيران تفهم الوضع جيدًا ولا تطلب من حماس أنها تعلن دعمها لبشار، لكن في نفس الوقت لا تنتقد نظامه وهذا الحاصل فعلاً من خلال تصريحات حماس عن العلاقة الممتازة بينهم و بين “حكومة سوريا”( مثال تصريح عضو المكتب السياسي لحركة حماس “خليل الحية ” صرح :شكرًا سورية شعبا و حكومة على استضافتها لحركات المقاومة) ، أو في شهر ديسمبر الماضي قال موسى أبو مرزوق وأن حماس كانت تلوم إخوان سوريا علي خلافهم مع النظام و أن ( أكثر ما كان يؤلم مشعل عند ترك الساحة السورية هو تلك العلاقة الحميمة مع الرئيس بشار الأسد).
إيران غاضبة تمامًا من حماس، العلاقة بينهما ليست في إلا في إطار الدبلوماسيات ليس اكثر، والسبب يعود في ذلك إلى موقف الحركة من الثورة السورية وووقفها إلى مطالب الشعب ضد النظام والذي من خلالها عبر الرئيس السوري عن شعوره بالغدر لهذا الموقف.
[youtube id=”esmkC8OL5OA” “]تعليق إسماعيل هنية على دعم إيران لحماس وإن كان مشروطًا بموقفها من الثورة السورية.
الحقيقة أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومنذ بداية الحرب في سوريا أغضبت إيران في أكثر من مرة، ففضلا عن موقفها من سوريًا استفزت إيران بإقامة علاقات مع تركيا، وردت إيران على ذلك بخفض التمويل ومحاولة إيحاد بديل حقيقي لها على الأرض كما تقدم.
ومع ذلك فإن الدبلوماسية الإيرانية والحمساوية على حد سواء ـ رغم البون الشاسع في المواقف من الأزمة السورية ـ حافظتا على شعرة معاوية في العلاقة بينهما عبر بعض اللقاءات المتباعدة والمنخفضة المستوى في بيروت وطهران، إضافة لوجود ممثل الحركة في إيران الدكتور خالد القدومي، رغم توقف كافة أشكال الدعم المادي والسياسي الإيراني لحماس وأخذت في خطب ود طهران من جديد حيث قام مؤخرًا رئيسها في غزة إسماعيل هنية بخطاب متلفز يطالب فيه إيران بدعم المقاومة والحركة في القطاع.
[youtube id=”iam9LCMDHaM” “]إسماعيل هنية يطالب فيه الإيرانيين لدعم “الانتفاضة”.
وشهدت العلاقات بين الطرفين تدهورًا كبيرًا وشن الإعلام الموالي لإيران والمدعوم منها بحملات متتالية ضد خالد مشعل رئيس الحركة وقيادتها السياسية ووصف موقع “تابناك” الشهير والتابع للحرس الثوري الإيراني، رئيس الحركة خالد مشعل، عندما وصفه الموقع قبل عدة أيام بأنه شخص “يتظاهر بالمقاومة”، بالإضافة إلى قول الموقع بأن “ليس من عادة إيران أن تعتمد على أي جهة أو طرف بعد أن ينكشف معدنه الحقيقي” في إشارة إلى حركة حماس وخالد مشعل على وجه الخصوص.
اقرأ أيضا: في ذكرى استشهاد ياسين، اخرجوا من عبائتي ليس لمثل هذا رحلت.
وهذا يؤكد أن إيران ما زالت مسكونة بردة فعلها على حركة حماس الرافضة التدخل في الشأن السوري، أو الانقياد للرغبة الإيرانية في قطع حماس لعلاقتها مع قطر وتركيا مقابل “الوعد” بعودة الدعم الإيراني؛ أي أن المعادلة الإيرانية الجديدة مبنية على المقايضة، وأن أيام زمان انتهت فإيران اليوم ليس إيران الأمس .. ومن هنا كانت حركة الصابرون في غزة .
وتتضح أيضا سياسة خطب الود الإيراني من تصريحات حماس لـ حزب الله، ( وجه رئيس حركة حماس في غزه، إسماعيل هنيه وقائد كتائب القسام في يناير 2015، رسالة إلي الأمين العام لـ حزب الله، تقدم فيها بـأحر التعازي في مقتل مجموعة من قياداته العسكرية في الغارة الإسرائيلية بالقنيطرة السورية )، وأخيرًا أدانت حماس اغتيال المسئول العسكري في حزب الله سمير القنطار … (حزب الله الذي يدعم بشار ويقاتل المسلمين في سوريا ).
المصادر:
ايوا لايش بدك توصل يعني؟ حماس مطرودة من سوريا عشان موقفها من الحق، وخذلها المسلمون من وين تجيب سلاح؟! اخذت دعم مادي بدون تغيير عقيدتها