أهل السنة والجماعة: هو المنهج الذي كان عليه الصحابة في عهد الرسول

ونحن نعيش اليوم حربا عقائدية استئصالية ضد أهل السُّنَّة، والكل يتكلم عن أهل السُّنة، وجب علينا أن نعرج قليلا على مصطلح “أهل السنة والجماعة”، لنحرره، خصوصا وأننا نرى كثيرا من الناس يربطون المصطلح بظهور تيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد وشبه جزيرة العرب، وبالتالي ينفر منه بعضهم.

تحرير لمصطلح “أهل السنة والجماعة”

مصطلح «أهل السنة والجماعة» بدأ ينتشر بشكل واسع حوالي القرن الثاني/الثالث الهجري، وليس كما يظن البعض انه اختراع “التيار الوهابي” الذي ظهر في القرن الثاني عشر الهجري. فقد أخرج اللَّالْكَائِيُّ (متوفى سنة 418هـ) في شرحه لقول الله {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (106)} (آل عمران) بسندٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما: [فأما (الذين ابيضت وجوههم): فأهل السنة والجماعة وأولوا العلم، وأما (الذين اسودت وجوههم): فأهل البدع والضلالة] [i]

وقال الفضيل بن عياض (متوفى سنة 187هـ): [أهل الإرجاء يقولون: الإيمان قول بلا عمل، وتقول الجهمية: الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل، ويقول أهل السنة: الإيمان المعرفة والقول والعمل] [ii]

وقال ابن كثير (متوفى سنة 774هـ) في تفسيره لقول الله تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) يعني: [يوم القيامة، حين تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عباس، رضي الله عنهما] (أهـ).

إلا أن معنى المصطلح قديم قِدَمَ الإسلام نفسه، فألفاظ مصطلح «أهل السنة والجماعة» وردت قطعًا في السنة النبوية: لفظ “جماعة” ولفظ “سُنة”، وكذلك معنى المصطلح، وَرَدَ قطعًا في السنة والقرآن!

فمعنى المصطلح هو ما كان عليه الصحابة والمسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. فأهل السُّنة تعني اتباعهم للرسول وتحري طاعته.

لِمَ هذا المصطلح تحديدًا؟

وقد يسأل البعض لماذا يُقال “أهل السنة” وليس مثلا “أهل القرآن”، والجواب أن الرسول هو الذي يُبلِّغ عن الله، يبلغ القرآن والسنة، وبالتالي فالمسلم يتبع الله باتباعه للرسول، فالرسول هو الذي بلغ القرآن والسنة، فمن اتبع الرسول فقد اتبع بداهة الله، اتبع بداهة القرآن.. ولذلك تجد من يسمون أنفسهم “قرآنيون” لا يؤمنون بالسنة، فكفروا بذلك بالقرآن والسنة، لان فهم القرآن واتباعه لا يتأتى إلا تحت ضوء السنة!

فبطاعة الرسول تتحقق طاعة الله {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)} (النساء)، ومعنى (من يطع الرسول) أي يتبع سُنَّته، أي يجتهد ويبحث ليعرف أحاديث الرسول الصحيحة ليعمل ويلتزم بها، ومن سُنَّةِ الرسول اتباع القرآن وتطبيق أحكامه كما بَيَّنَ الرسول.

  • معنى أهل السنة

يتمثل جليا مثلًا في قول سعد بن معاذ رضي الله عنه في غزوة بدر للرسول: [فوالَّذي بعثَكَ بالحقِّ لوِ استَعرضتَ بنا هذا البحرَ فخُضتَه لخُضناه معَكَ ، ما تخلَّف منَّا رجلٌ واحدٌ ، وما نَكْرَه أن تَلقى بنا عدوَّنا غدًا ، إنَّا لصُبرٌ في الحَربِ ، صُدُقٌ في اللِّقاءِ ، لعلَّ اللَّهَ يُريكَ منَّا ما تقرُّ بِهِ عينُكَ ، فسِرْ بِنا على برَكَةِ اللَّهِ](عمدة التفسير لأحمد شاكر).. هؤلاء الصحابة هم أهل السنة بكل ما يحوي المصطلح من معنى، طاعة تامة للرسول دون شرط وقيد ودون تلكؤ “لوِ استَعرضتَ بنا هذا البحرَ فخُضتَه لخُضناه معَكَ ، ما تخلَّف منَّا رجلٌ واحدٌ»، هكذا أهل السنة حينما يأتيهم حديث صحيح عن الرسول (يأتيهم أمر الرسول) فلا يتلكأ، بل يقول سمعنا وأطعنا!

  • معنى الجماعة

ومصطلح “الجماعة” ومعناه وردا في سنة رسول الله. فمعنى الجماعة هو ما كان عليه الصحابة والمسلمون في عهد الرسول.

الجماعة: تعني أن يجتمع المسلمون على أمير وخليفة يقيم شؤون دينهم، فيرفع الظلم ويقيم الحدود ويحمي بيضة المسلمين ويجاهد بهم في سبيل الله. وقد أمر الرسول بلزوم الجماعة وبتعيين أمير على جماعة المسلمين يطيعونه فيما لا يخالف شرع الله. وهذه بعض الأحاديث التي تكلمت عن “الجماعة”:

فعن الخليفة عمر بن الخطاب خطب فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا فَقَالَ: “أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ”(سنن الترمذي)..

وقال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَتِهِ وَيُقَاتِلُ لِعَصَبَتِهِ وَيَنْصُرُ عَصَبَتَهُ فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى لِمُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ”(مسند احمد).

وقال رسول الله: “ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ”(مسند احمد).

فالحديث هنا يتكلم عن جماعة المسلمين وكيف أن لهم أميرًا يتولى أمرهم، وبَيَّنَ بعض خصال هذه الجماعة: إخلاص العمل لله، ومحاسبة ولي الأمر، وعدم الخروج على الأمير والجماعة، وان الجماعة بأميرها هي من بوسعها حماية المسلمين من كل ما يحيط بهم من أعداء وفتن الخ… ولذلك سارع الصحابة لتعيين خليفة بعد وفاة الرسول حفاظًا على الجماعة.

ولذلك قال الرسول “إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا”(صحيح مسلم)، فللحفاظ على جماعة المسلمين ولأهمية ذلك، لما فيه من حفاظ على الإسلام نفسه وعلى دماء الناس وأعراضهم وأموالهم، وجب قتل من يريد تفرقة أمة الإسلام إلى دويلات كلٌّ منها يحكمها أمير!

حقيقة “أهل السنة والجماعة”

ومعنى وحقيقة «أهل السنة والجماعة» هو ما كان عليه المسلمون في عهد الرسول، أما نشأة المصطلح ابتدأ من حوالي القرن الثاني/الثالث الهجري وليس في عهد الرسول، فلأن المسلمين في عهد الرسول لم يتفرقوا ولم يخالفوا الرسول ولَم تنتشر بدع في عهده، فلم تكن حاجة للتمييز، فالتمييز الذي كان هو بين المسلمين والمنافقين فقط، وقد فصَّل الله الصفات المميزة لكل فئة منهما.

لكن بعد عهد النبوة وفترة من عهد الخلفاء الراشدين أصبحت هناك الحاجة لاستعمال مصطلح «أهل السنة والجماعة»، إذ ظهرت عدة طوائف للبِدَع والانحراف، منها من فرَّقَ جماعة المسلمين وخرج عن طاعة الخليفة وأولهم الخوارج الحرورية، وظهرت طوائف الشيعة المختلفة التي تنكر غالب أحاديث الرسول (تنكر السنة)، إذ تُفَسِّق أو تكفر الغالبية الساحقة لأصحاب الرسول الذين نقلوا سُنَّة الرسول، وتَكِنُّ عداءً شديدًا لمن يلتزم بسنة الرسول، كما ظهرت طوائف في مختلف أنواع البدع كالقدرية والمرجئة والمتكلمين الذين قَدَّموا العقل على الوحي الخ. فكان لزامًا تمييز من بقي على عهد النبوة من اتِّباع سنة الرسول والحفاظ على جماعة المسلمين، عن الذين طغوا بالغلو أو التفريط!

فكان أهل السنة والجماعة منذ عهد الرسول، وما زالوا، هم الفئة الحريصة على دين الله، تدفع عنه كل الشوائب والشبهات، وتتصدى لأهل الهوى والفسق والضلال والكفر، وتعمل لجمع شمل أمة الإسلام تحت خليفة واحد يحكمها بكتاب الله وسنته، وتتصدى لكل قوى الكفر الذين يريدون القضاء على الإسلام وأهله!

هل تُكفَّر طوائف المبتدعة؟

وقد يقول البعض لماذا لا تُسمى تلك الفرق المختلفة عن منهج “أهل السنة والجماعة” بالكافرة، فتكون فئة المسلمين وفئة الكفار؟ والجواب انه لا يمكن في كثير من الأحوال تكفير طائفة أو كل أفراد طائفة، فلا يجوز أن يُحكم بتكفير شخص بعينه لمجرد كونه من طائفة كافرة أو طائفة ذات بدع كفرية، دون أن يُبحث في أمر المعين هل توفرت فيه شروط الكفر وانتفت موانعه وقامت عليه الحجة بتبيان بطلان ما عنده من شبهات الخ… ثم ليس كل البدع مُكفِّرة، فهناك ما هو فسق أو ضلال، إثمه عظيم لكنه غير مُخرج من ملة الإسلام في الحياة الدنيا، وحكم حاله في الآخرة لله!

ولذلك من كان منهجه منهج فسق وضلال فهو خارج عن «أهل السنة والجماعة» لكن ليس عن الإسلام!

وهناك فرق بين «منهج الفسق والضلال»، وبين «فعل الفسق أو الضلال»، فأهل السنة والجماعة ليسوا معصومين من الفسق والضلال، لكنها تكون أفعال يقِرُّون بفسقها وضلالها ويجاهدون أنفسهم للتوبة منها، لكن «منهج الفسق والضلال» يُسَوِّغ الفسق والضلال ويُؤصِّله ويجعله منهجًا في الحياة!

ملاحظة:

مصطلح “الجماعة” لا علاقة له بالحزب والجماعة الإسلامية، فكل الأحزاب والجماعات التي تتبع سنة رسول الله وتسعى لجعل أمير وخليفة للأمة الإسلامية أو تؤمن بذلك ولو لم تعمل له، تدخل ضمن “أهل السنة والجماعة”، بغض النظر عن الاختلافات الفرعية الاجتهادية!)


المصادر

[i] (كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، الصفحة ٧٢).

[ii] (تهذيب الآثار لابن جرير الطبري، ج 2/ص 182).


مُلحق:

اكتفيت بذكر بضعة أحاديث تبين الأصل الشرعي لمعنى مصطلح “أهل السنة والجماعة”، لكن هناك أحاديث أخرى كثيرة تؤيد معنى المصطلح، أختارُ منها:

١-عن الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ” قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ “(مسند احمد وغيره).

٢- وعن ابْن عَبَّاس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ: ” قَدْ يَئِسَ الشَّيْطَانُ بِأَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَاحْذَرُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”(المستدرك على الصحيحين للحاكم  النيسابوري وصحح الحديث ليس واحد من أهل الحديث ومن بينهم الألباني)،

٣-وعن حُذَيْفَة بْنَ الْيَمَانِ قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: “نَعَمْ”، قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: “نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ”، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: “قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ”، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا”، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؟ قَالَ: “هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا”، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: “تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ”، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: “فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ”(صحيح البخاري)،

وكما ذكر النووي: [لدخن” هُوَ الْحِقْدُ، وَقِيلَ الدَّغَلُ، وَقِيلَ فَسَادٌ فِي الْقَلْبِ، وَمَعْنَى الثَّلَاثَةِ مُتَقَارِبٌ. يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ الشَّرِّ لَا يَكُونُ خَيْرًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ كَدَرٌ] أهـ

فهاته الأحاديث تزيد دلالة على الأصل الشرعي العقائدي الفقهي لمعنى مصطلح “أهل السنة والجماعة”، فالرسول تكلم عن اختلافٍ كثيرٍ سيحصل بين المسلمين وضلال سيتَّبعه الناس، وقوم يهدون بغير هدي الرسول (أي لا يهدون بسُنَّة الرسول)، وهذا كله حصل وحاصل، وذكر الرسول أن النجاة من الاختلاف والضلال هو الالتزام بسُنَّته وبالجماعة وطاعة الخليفة، أمير الجماعة، المقيم للشرع.

فاروق الدويس

مسلم مُتابع للأحداث في البلدان الإسلامية خاصة، يحاول المساهمة في معركة الأمة المصيرية بأبحاث ومقالات… المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى