قصة موسى: معالم في الصراع بين الحق والباطل – قبل التمكين
أبرزت قصة نبيّ الله ورسوله موسى بن عمران -عليه الصلاة والسلام- معالم في الصراع بين الحقّ والباطل تُرسّخ اليقين بغلبة دين الله وانتصار عباده المؤمنين مهما انتفش الباطل وانتشر على مستوى الأسرة الواحدة كما على مستوى الدولة والأمّة؛ فذكر اسم موسى -عليه الصلاة والسلام- في القرآن مائة وستًا وثلاثين مرّة في كثير من السور المباركة وتكرَّرت قصته بطرق عرض مختلفة لتبثّ مفهوم الغلبة للدين والانتصار للمؤمنين أمام الباطل والابتلاءات والفتن مهما اشتدّ أوارها، مبرزة شخصيّة نبيّ الله في مواجهة أكبر طاغية في زمانه ومقدّمة دليلًا لكل مؤمن ينبغي عليه أن يستحضره في وقت الأزمات والملمّات والاستضعاف وأنواع الابتلاءات.
وتميَّزت قصة كليم الله موسى، بتسليط الضوء على مراحل مختلفة من عمر نبيّ من أنبياء أولي العزم لحكم عظيمة تتكرّر مع كلّ زمان ومكان. وسنحاول إبراز معالم في الصراع بين الحقّ والباطل من خلال هذه القصة على ثلاثة أجزاء:
- الجزء الأول: قبل التمكين.
- الجزء الثاني: المواجهة مع الطاغوت فرعون.
- الجزء الثالث: بعد التمكين.
الاستضعاف: مرحلة علو وتمكين للباطل لكن اليقين راسخ
إنَّ أوّل درس نستنبطه من قصة موسى -عليه الصلاة والسلام- هو أنَّ ظلام الظلم مهما اشتدَّ واسودَّ سيرافقه دائمًا بصيص أمل يبثه اليقين لينير قلوب العباد، فقد وقعت أحداث قصة موسى في مصر، في زمن استضعاف شديد اشتهر فيه فرعون بالطغيان والجبروت مدّعيًا الألوهية، يسانده في ذلك وزيره هامان وجنودهما. وفرعون كان لقب كلّ ملك من ملوك مصر كما أنَّ كسرى لقب لكلّ ملك من ملوك بلاد فارس، وكذلك قيصر لقب لكلّ ملك من ملوك بلاد الروم، ولكنَّ فرعون في عصر موسى كان أعتى وأفجر وأشدّ عنادًا وطغيانًا من كل الفراعنة، وأذاق أهل مصر المستضعفين في زمانه ألوان الأذى والشرّ والويلات مما لا يعد ولا يحصى، قال الله تعالى: ﴿نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (القصص: 3-6).
فقد تسلّط فرعون الطاغية المتكبّر على أهل مصر، يذبّح أبناءهم ويستبقي نساءهم للخدمة ويستخدم الرجال منهم في أخسّ الصنائع والحرف وقسّمهم لشيع وأقسام وفرق وأنواع، تحت وطأة الظلم والعدوان وتسلّط الحكام. ومع أن طائفة بنو إسرائيل من أهل مصر كانت من سلالة يعقوب عليه السلام وكانوا يوصفون في ذلك الزمان بخيار أهل الأرض إلَّا أنَّ طغيان فرعون وزبانيته قد نال منهم مثل ما نال من جميع أهالي مصر، بشتّى أصناف الاستعباد والاستغلال والظلم.
لكنَّ الله سبحانه لم يترك عباده دون إشارات للخير تبعث الأمل في قلوبهم في غمرة هذا الاستضعاف. لقد كانت هذه الإشارات هي الأمل والفرج المنتظر، فكان بنو إسرائيل يتناقلون خبر خروج غلام من ذرّيتهم يكون على يديه هلاك طاغية مصر وتحرّرهم. وأصبحت هذه البشرى كابوسًا مفزعًا لفرعون، فأمر وزيره هامان أن يقتل كافّة ذكور بني إسرائيل ويترك الإناث، فعاش أهل مصر أيّام شدّة وهلع بمذابح فرعون المستكبّر بحقّ فلذات أكبادهم ليشتدّ هتين ليل الظالمين. ولكنَّ الله ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾. وفي غمرة الظلام لكلّ صراع ينير يقين الإيمان ويتغذّى الأمل.
لا يغني حذر من قدر
أمّا الدرس الثاني من قصة موسى عليه السلام فإنّ قوة الظالم مهما بلغت من مبلغ، لن تنجيه من قدره، فرغم شدّة حرص فرعون على قتل كل مولود ذكر، وأخذه جميع الاحتياطات الاحترازيَّة لمنع أن يولد الغلام الذي سيهدّد ملكه، وإحصائه لكلّ حبلى ولكلّ ولادة، إلَّا أنّ الله أراد أمرًا آخر والله إذا أراد أمرًا هيَّأ له أسبابه. فاشتكى أقباط مصر إلى فرعون من أنّ إفناء الذكور سيعجّل فناءهم، وستنعدم اليد العاملة في بلادهم، فاضطر فرعون لتخفيف وتيرة القتل، وأصبح يقتل الذكور في عام ويتركهم في العام التالي.
وبمشيئة الرحمن مرَّ حمل أمّ موسى مستترًا فلم تظهر أي أعراض له لكن قدر موسى كان أن يحين موعد ولادته في عام القتل، فخشيت عليه أمّه كثيرًا إلَّا أنّ الله ألهمها أن تتّخذ له تابوتًا وتربطه بحبل، وتضع التابوت في نهر النيل بجوار منزلها. فترضع موسى في خفية وتضعه في التابوت وترسله بحبل في الماء وحين تنتهي دوريات التفتيش تعيده لحضنها ممتنة لله. وصوّر لنا القرآن مشاعر الأم العظيمة التي تخشى على ابنها الهلاك، وكيف تبحث عن حيلة ممكنة لحفظه من الموت، دون استسلام لإرهاب الظالم، فكان دور الأمّ كبيرًا، قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (القصص: 7)، فاطمئن قلب أمّ موسى وتوكّلت على الله مدركة أنَّ شأنًا عظيمًا سيكون لابنها في قلب هذه المحنة.
وبهذه الطمأنينة التي قذفها الله في قلب أمّ موسى كانت تضع ابنها في كلّ يوم في التابوت وتنتظر رحيل المجرمين لتسحبه وتضمّه من جديد لصدرها، إلَّا أنّ القدر كان يخبّأ قصة أخرى لأمّ موسى وابنها، فقد جرف النيل هذه المرّة التابوت، ولم يرجع موسى لأمّه كما كلّ مرة. لتبدأ قصة أخرى للرضيع الصغير يعلو بها شأنه وقصة ابتلاء للأمّ وأسرتها المكلومة. وإنَّما الابتلاء سنة تتداولها الأيّام بين بني البشر.
ويجدر الإشارة إلى أنَّ أمّ موسى رزقت بولد آخر هو هارون عليه السلام، ولد بعد ولادة موسى بثلاث سنوات، وفي السنة التي لا يذبح فيها الأطفال، ليكون له شأن نبي بعد حين وليقوم بوظيفة الأخ والوزير والسند.
لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها
أمّا الدرس الثالث من قصة نبي الله موسى فإنَّ الله سبحانه محيط بمكر الظالمين ويجري الأسباب بمشيئته مهما مكروا من مكر كبار، فقد حطّ التابوت الرحال عند قصر الطاغية فرعون المطلّ على النيل ليكون لهم عدوًا وحزنًا، فالتقطته الجواري من الماء وكان مغلقًا فلم يتجرأن على فتحه، ووضعنه بين يدي آسيا، زوجة فرعون. تلك المرأة الصالحة في بيت طاغوت مجرم. لنشاهد مشهدًا آخر من صراع الحق والباطل في بيت الزوجيّة سيكون له كبير الأثر في قصة موسى عليه الصلاة والسلام.
وكان مع العسر يسرًا، ووقع موسى بين يدي امرأة أحبته حبًّا شديدًا لتكون له الفرج. وواجهت زوجها فرعون حين أراد ذبحه، وقالت: قرّة عين لي ولك، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا. وكان لوقع الكلمات حقائق عجيبة، إذ أنَّ جواب فرعون كان: أمّا لك فنعم وأمّا لي فلا، أي لا حاجة لي به. ذلك أنَّ ما تجريه أقدار الله عليهم كان مقبلًا.
وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا بعدما ذهب موسى عنها، وإنَّ دقَّة الوصف وعظمته لفؤاد أمّ موسى لتعجز الأقلام عن إيفائه حقه، فلم يعد ينشغل قلبها بأي شيء سوى التفكير في حال رضيعها، أين هو، وإلى أين استقرّ؟
وكادت أن تخرج للشوارع وتسأل الناس عن رضيعها لكنّ الله سبحانه عالج هذا القلب المبتلى ووصف القرآن ذلك العلاج بعبارة مهيبة حيث قال الله سبحانه: ﴿لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا﴾ فثبتها ربّها ولم تكشف سرّها، وبدلًا من أن تمشي بنفسها وينفضح أمرها تعاملت بحكمة وطلبت من ابنتها أن تخرج وتبحث عن موسى، وتتحسّس الأخبار وتتتبع أثره. لنشاهد مشهدًا آخر لدور الأخت الرائع ومكانتها في أزمة الأسرة المستضعفة.
وتتدافع الأحداث لترسم مسار هذا الطفل وهذه الأسرة المتماسكة، فأحضرت زوجة فرعون مرضعة لموسى لكنَّه رفضها، وكلما جاءوا بأخرى رفض الرضاعة، ذلك أنَّ الله قد حرّم عليه الرضاعة من غير أمّه. ولأنَّ مشيئة الله أن يعود هذا الرضيع لحضن والدته، فلمّا احتاروا في أمره، أرسلوه مع القوابل والنساء إلى السوق للبحث عن مرضعة، وبينما هم وقوف به والناس عكوف عليه، إذ بصرت به أخته النبيهة، وعلمت بأمر رفضه الرضاعة فتصرفت بكياسة وفي الوقت المناسب، وقد أخفت عنهم معرفتها به، ودلّتهم على أهل بيت يكفلونه، وهم له ناصحون. فكانت طريقة استدراجها لهم لبيت أمّ موسى مقنعة كونها أشعرتهم بأنَّ رغبة هذه الأسرة هي رجاء منفعة الملك وسروره فصدَّقوها.
وجاءت ساعة الفرج رغم كلّ أيام الشدّة، والتقت الأمّ المبتلاة الصابرة برضيعها الذي أقبل عليها يلتمس الدفء والحنان والغذاء كما شاء الله ذلك ورضي. وفرح الجميع بذلك.
وأراد الله العزّة لهذه الأَمَةِ المبتلاة فجعل آسيا تقبل ببقائها في بيتها لترضع الطفل موسى دون أن تجبرها على القدوم للقصر، وأجرت عليها النفقات والكساوي والهبات، وجمع الله شمل موسى بشمل أمه وشمل أسرته مُعزّزًا مكرّمًا بمساعدة زوجة عدوّه.
وهكذا ردّ الله موسى لأمّه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أنّ وعد الله حقّ ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون.
الهجرة سنة نبوية
مكث موسى عليه السلام عند أمّه ترضعه حتّى فطمته ثمّ ردّته لآسيا ليترعرع في قصر فرعون، وشبّ عليه السلام في هذا القصر كابن الملوك مُعزّزًا مكرّمًا يركب مراكبَ فرعون ويلبسُ ما يلبس فرعون. وآتاه الله حُكمًا وعلمًا وهي معالم القوة في صناعة الرجال، ولأنَّ الله يريد مستقبلًا آخر لموسى، جاءت الأحداث لترشده إلى سبيل الهداية والنبوة، فبينما هو يتجوّل في أحد الأيّام وكان الوقت وقت ظهيرة والأسواق مغلقة والناس في بيوتهم التقى برجلين يقتتلان أحدهما من بني إسرائيل والآخر قبطي من آل فرعون كان قد اعتدى على ذاك الإسرائيليّ، وحين استغاث الإسرائيليّ بموسى ليخلصه من اعتداء القبطي، أقبل موسى بفطرة حبّ العدل والخير، ووَكَزَ القبطي أي ضربه بجمع يده ليمنعه عن الإسرائيلي. فقضى عليه وقتله وخرَّ القبطي على الأرض ميّتًا، فندم موسى أشدّ الندم على ذلك وأثّر موت القبطي في نفسيّته وتاب عليه الصلاة والسلام لربّه وأناب، وقَبِل الله تعالى توبته وغفر له، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ (القصص: 14-17).
وقد ذكر القرطبي في التفسير: أنَّ موسى عليه السلام وكز القبطيّ وهو لا يريد قتله، إنَّما قصد دفعه فكانت فيه نفسه، فقال هذا من عمل الشيطان أي من إغوائه، قال الحسن: لم يكن يحلّ قتل الكافر يومئذ في تلك الحال، لأنها كانت حال كفّ عن القتال ﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ خبر بعد خبر.
لكن تلك الحادثة لم تكن لتمرّ بدون تداعيات مما أشعر موسى بالخوف، وأضحى يترقّب السوء يناله من فرعون وأتباعه إذا علموا أنَّ هذا القتيل إنَّما قتله موسى في نصرة رجل من بني إسرائيل فينسب موسى إلى بني إسرائيل.
ولجأ الأقباط إلى سيدهم فرعون ليقتصّ من قاتل أخيهم، ولم يكن أحد يعلم عمّن قتله إلَّا الإسرائيليّ الذي استغاث بموسى. ووعدهم فرعون بأن يقتصّ لهم إن هم وجدوا القاتل، وبينما هم يحقّقون ويبحثون عن هذا القاتل، وقعت حادثة أخرى بين نفس الإسرائيليّ وقبطيّ آخر، وصادف موسى الواقعة مرة أخرى واستغاثه هذا الإسرائيلي على خصمه الفرعوني، فتقدّم موسى من جديد يريد أن يؤدّب القبطيّ من أتباع فرعون، ولكنَّ الإسرائيليّ حين لمح الغضب على وجه موسى، وهو يقول له معنّفًا له على كثرة مخاصمته: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ﴾ خاف على نفسه وقال: يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسًا بالأمس، فسمع القبطيّ هذا الكلام فانطلق مسرعًا إلى فرعون ليخبره أنَّ موسى هو الذي قتل ذاك الرجل القبطيّ، فأمر فرعون جنوده أن يبحثوا عن موسى ويأتوه به ليقتله، ليكون عبرة لبني إسرائيل فلا يتجرأ أحدّ على النيل من أتباعه الأقباط، وبدأت مرحلة التآمر لاعتقال موسى وقتله، لكن في آل فرعون كان هناك رجل مؤمن يكتم إيمانه يقال إنَّه “حزقيل” قد علم بالخبر، فسبقهم إلى موسى وحذّره ونصحه أن يخرج من مصر، فاستجاب موسى وخرج إلى أرض “مدين”. وهكذا جاء موسى المدد من حيث لا يشعر.
ومن يتأمّل هذه القصة يدرك أنَّ الهجرة من دار الطاغية سُنّة نبوية، قد لجأ إليها نبيّ الله موسى حين خشي على نفسه بطش فرعون فارتحل وأرض الله واسعة. وهذا درس آخر مهم نستنبطه من قصة موسى عليه السلام. ومشى موسى خطوات كتب له أن يمشيها بقلب ينبض خشية من الله، يرجو رحمته ونصرته.
قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (القصص: 18-21).
الابتلاء قبل التمكين
وأمّا الدرس الآخر المهمّ في قصة نبيّ الله موسى، فإنّ خروجه لأرض لا يعرفها، إنّما كان بحسن توكّل على ربّه سبحانه فقد دعا الله أن يهديه الطريق إلى مدين وأن ينجيه من شرّ فرعون وأتباعه فسهّل الله النجاة لقدر آخر ينتظره وكثير من الخير.
وعلينا أن ننبّه إلى أنّ خروج موسى لم يكن لجبن منه وحاشاه فهو نبيّ الله المصطفى، بلّ لأنه كان يبحث عن بداية جديدة بعيدًا عن ظلم الطاغية، وقد توجّه ماشيًا على قدميه بغير زاد ولا دابّة يركبها، قال ابن عباس -رضي الله عنه-: “سار موسى من مصر إلى مدين ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر وكان حافيًا فما وصل إلى مدين حتى سقطت نعل قدميه وجلس في الظلّ وهو صفوة الله من خلقه وإنَّ بطنه لاصق بظهره من الجوع وإنَّ خضرة البقل لتُرَى من داخل جوفه وإنَّه لمحتاج إلى شقّ تمرة”. فتأمّل كيف ابتلي نبيّ الله موسى قبل أن يُمكّن الله له.
لا يشقى صاحب المعروف
وفي قلب محنته وبلائه، وصل موسى عليه الصلاة والسلام إلى مدين وقد أثّر به الجوع والتعب، فجلس تحت ظلّ شجرة، فإذا به يبصر امرأتين ترعيان الأغنام وتريدان سقي أغنامهما من بئر كبيرة يستعملها الرعاة في المنطقة، وكانت هاتان الأختان تحبسان غنمهما لئلا يختلط بغنم الآخرين، وتجدان صعوبة في سقي هذه الأغنام، فأشفق موسى عليهما وسألهما -تدفعه المروءة والنخوة- عن سبب تعهدهما لرعاية الغنم بأنفسهما، فقالتا إنّ أباهما شيخ كبير وليس عنده من أولاد ذكور. فسارع موسى لصناعة المعروف رغم ما به من تعب وحاجة، وأزاح صخرة كبيرة كان يضعها الرعاة على البئر بعد أن ينتهوا من سقي مواشيهم، وهي صخرة ضخمة تحتاج لجهد عدّة رجال لحملها، فرفعها موسى لوحده مما دلّ على قوته وبسطة في جسمه عليه الصلاة والسلام، وسقى للأختين، ولما فرغ اتّجه إلى ظلّ شجرة وجلس تحتها يدعو الله تعالى ويشكره، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ (القصص: 22-24).
صنع موسى عليه السلام المعروف ولجأ إلى الظلّ يدعو ربّه، لم يسأل الفتاتين أجرًا ولا مساعدةً رغم شدّة حاجته بعد رحلة عسيرة، فإنّما صناعة المعروف لله سبحانه وإنّما الرجاء من الله وحده جلّ في علاه، لنشاهد بعد ذلك مشهد الفتاتين البارّتين اللتين قدرتا هذا الصنيع وأخبرتا أباهما نبيّ الله شعيب عليه السلام.[1] بخبر موسى الكريم، فسُرّ شعيب من عمل موسى، وأرسل إحدى ابنتيه هاتين لدعوته إليه، فجاءت إلى موسى تمشي على استحياء ووقار وحشمة، وطلبت منه أن يذهب معها إلى أبيها ليجزيه على عظيم صنعه، وهنا نشاهد مشهدًا آخر للعفّة والتقوى فقد خرج موسى مع الفتاة الحييّة وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، كي لا ينظر إليها وهي أمامه، فمشت خلفه تصف له الطريق حتى وصل إلى أبيها والتقاه وقصّ عليه قصَّته بتفاصيلها، وسبب خروجه من أرض مصر، فما كان من شعيب إلَّا أن طمأنه قائلًا له: لا تخف نجوت من القوم الظالمين، ذلك أنَّ فرعون لم يكن يملك سلطانًا على أهل مدين، قال الله تعالى: ﴿فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (القصص: 25).
المرأة الصالحة مطلب كلّ رجل صالح
ومن الدروس التي سلّطت عليها الضوء قصة موسى مع شعيب عليهما السلام، قصة ابنة شعيب التي ازدانت بذكاء عجيب وقوة بصيرة، فقد استطاعت أن تلخّص أهمّ الصفات لاختيار الرجال وهي القوة والأمانة، فقالت: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ (القصص: 26)، فأمّا القوة فلأنّه رفع الصخرة العظيمة وحده عن رأس البئر، وأمّا الأمانة فلأنه أمرها أن تمشي خلفه عندما جاءته تدعوه إلى المجيء إلى أبيها، فعرفت صلاحه وتقواه في وقت لا يراهما أحد إلّا الله، ويجدر الإشارة إلى أنّ هاتين الصفتين تعدّان أهمّ صفتين لانتخاب القادة والرؤساء، القوة والأمانة وقد لخصتهما امرأة بكياسة ونجابة فاستحقت أن تكون زوجة نبيّ مختار، فقد زوّج شعيب ابنته هذه إلى موسى عليه السلام، على أن يرعى له الغنم ثماني سنين يكون فيها أجيرًا عنده وإن شاء يتممها موسى عشرًا، ولكن موسى أتمَّ المدة كلها وهي عشرٌ تفضّلًا منه، ليكون بذلك مهرًا لا نظير له في التاريخ، لقد سخّر عشر سنين من عمره وفاءً لابنة شعيب ووالدها وهي الفتاة التي جمعت بين زينة العقل والخلق، فكانت الذكية التقيّة، صفتها الحياء، رفيقة دربه. قال الله تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ (القصص: 27-28).
النبوة واستلام المهمّة
بقي موسى عند صهره شعيب يرعى له غنمه عشر سنين في أرض مدين، ثم قرّر أن يزور أهله في مصر لشدّة اشتياقه لهم، وسار بأهله في ليلة مظلمة باردة ومعه ولداه وغنمه، وشاء الله أن يتيه موسى مع أهله فبينما هما على هذه الحال، أبصر من جانب الطور نورًا فحسبه نارًا، قال تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي ءانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي ءاتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ (طه: 9-10)، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ءانَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي ءانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي ءاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ (القصص: 29).
فلمَّا وصل موسى إلى مكان قريب من جبل الطور في واد اسمه “طوى”، رأى نورًا عظيمًا ممتدًّا من عنان السماء إلى شجرة عظيمة خضراء هناك قيل: هي العوسج، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ (طه: 14)، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (القصص: 30)، وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: 8).
وبدأت تفاصيل الحدث العظيم، الحدث الذي سيغيّر مجرى حياة موسى عليه السلام جملة وتفصيلًا، وسيحمل معه مسؤولية عظمى وأمانة ثقيلة كبرى، وإنَّ في هذه الحادثة تفاصيل عظيمة من أبرزها اختيار الله سبحانه للعصا، كآية يرسلها لفرعون، فبعد أن خلع موسى نعليه لينال بقدميه الأرض المباركة، قال تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ (طه: 17-18)، فقال الله تعالى: ﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ (القصص: 31)، وقال سبحانه: ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ (طه: 19-20)، فتحوَّلت العصا إلى حيّة عظيمة سريعة فلمَّا رءاها موسى ولَّى مدبرًا ولم يلتفت وناداه ربه يطمئنه: ﴿يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ﴾ (القصص: 31)، و﴿قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى﴾ (طه: 21)، فلمّا وضع عليه السلام يده عليها عادت الحيّة في يده كما كانت عصا بقدرة الله سبحانه وتعالى.
ثم أراه الله الآية الأخرى فأمره أن يدخل يده في جيبه ويخرجها فإذا هي بيضاء تتلألأ كالقمر بياضًا قال تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ ءايَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ (النمل: 12)، وقال تعالى: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلإِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ (القصص: 32)، وكانت هاتان المعجزتان وهما العصا واليد حجّتان من الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام على صدقه حين يلتقي فرعون وأتباعه الكافرين ويدعوهم إلى توحيد الله وعدم الإشراك به، إضافة إلى سبع آيات أخر فكانت تسع آيات تامّات قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءايَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ (الإسراء: 101).
وبعد هذه الحادثة بدأت مهمّة النبيّ وتحمّل موسى الأمانة وسار بأهله باتجاه مصر، حتَّى وصلها ليلًا وليكون أوّل اللقاء مع أخيه هارون عليه السلام الذي جعله الله سنده في هذه المهمّة.
هارون السند الأخوي
لمّا أمر الله سبحانه نبيه موسى عليه الصلاة والسلام بالذهاب إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده وتوحيده سبحانه وترك الكفر والظلم والطغيان، طلب موسى من ربّه أن يشدّ أزره بأخيه هارون ليعينه على تبليغ الرسالة لما علمه من حاجته له، فاستجاب الله لدعوته، فقال موسى لربّه: ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾ (طه: 29-36). وقال موسى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ (القصص: 33-34)، فأجابه الله سبحانه: ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ (القصص: 35)، ولم يتوقّف الأمر على إرسال وزير مع موسى لفرعون بل وطمأنه بأنَّ فرعون لن يستطيع الوصول إليهما وقال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (طه: 25-28)، لتبدأ مرحلة جديدة فصولها مختلفة، تحوَّل فيها موسى الهارب من بطش فرعون إلى نبيّ الله يواجه هذا الطاغوت في معركة بين الحقّ والباطل، نتحدث عن أبرز معالمها في الجزء المقبل إن شاء الله.
[1] اُختلف في أمر شعيب فقيل: هو شعيب نبيّ الله عليه السلام وهذا هو المشهور عند كثيرين، وقيل هو رجل اسمه شعيب وكان سيّد الماء ولكن ليس بالنبيّ صاحب مدين، وقيل هو ابن أخي شعيب، وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب، وقيل غير ذلك. والله أعلم.
المصادر
قصص الأنبياء لابن كثير.
جزاك الله خير
صدق الله حيث يقول :(إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ۚ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿62﴾)ال عمران .
في انتظار الجزء المقبل 🙂