وول ستريت جورنال: باكستان تدين الإسلاموفوبيا في الغرب لكنها تتجاهل محنة الايغور
هذا المقال هو ترجمة بتصرف لمقال: “Pakistan Gives a Pass to China’s Oppression of Muslims ” لكاتبه: ساداناند دوم. الآراء الواردة أدناه تعبر عن كاتب المقال الأصلي ولا تعبر بالضرورة عن تبيان.
يرصد ساداناند دوم عبر صحيفة وول ستريت جورنال ما يعتبره «تناقضًا في أجندة السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان؛ الذي يسعى إلى إظهار نفسه كمدافع عالمي عن الإسلام، لكنه لم ينبس ببنت شفه عن واحدة من أقسى حالات اضطهاد المسلمين: وهي قمع الصين لجماعة الايغور في شينجيانغ، ومشروعها لتعديل الإسلام كي يتوافق مع الثقافة الصينية».
واستهل ساداناند دوم مقاله قائلا: في نيويورك أواخر الشهر الماضي، طرح السيد خان رؤيته عبر خطاب مدته 50 دقيقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دافع فيه عن حق المرأة المسلمة في الغرب في ارتداء الحجاب، وقال:
«يمكن للمرأة خلع ملابسها في [بعض] الدول، لكنها لا تستطيع ارتداء المزيد من الملابس، كما أعلن أنه “لا يوجد شيء اسمه الإسلام المتطرف، فالدين الإسلامي واحد فقط وهذا هو إسلام النبي محمد الذي نتبعه».
وذكر المقال أن رئيس الوزراء ألقى مسئولية ظهور «الإسلاموفوبيا على بعض الأشخاص في الغرب الذين حرضوا عليه بصورة متعمدة ، جزئيا عن طريق كتابة روايات مثل رواية آيات شيطانية لسلمان رشدي. وحذر من أن تهميش المجتمعات الإسلامية في أوروبا يؤدي إلى التطرف. كما طلب من الغرب أن يعامل النبي بحساسية تماثل الطريقة التي يتعاملون بها مع الهولوكوست.
نفاق عميق
ويضيف دوم بأنه لا توجد غرابة في أن السيد خان كرس الكثير من خطابه لمهاجمة الهند على قرارها الذي اتخذته في أغسطس/آب الماضي بإلغاء الحكم الذاتي لجامو وكشمير، وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في البلاد. كما اتهم القوات الهندية باحتجاز الكشميريين مثل الحيوانات وحذر من حمام دم وشيك يمكن أن يتحول إلى صراع نووي بين الهند وباكستان.
وسيدعم رئيس الوزراء حماسته بالعمل. فبعد لقاءه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، غرد السيد خان بأن الدول الثلاث ذات الغالبية المسلمة ستنشئ قناة تلفزيونية باللغة الإنجليزية على غرار بي بي سي لتسليط الضوء على القضايا الإسلامية ومحاربة الإسلاموفوبيا. ومن خلال هذه القناة سيتم وضع قضية التجديف (الإلحاد) في سياقها الصحيح ومنح المسلمين حضور إعلامي مخصص.
وتابع الكاتب: ليس كل ما يقول السيد خان غير منطقي. حيث يمكنك التشكيك في خطابه المزهر بشأن كشمير مع الإقرار بأن تصرفات الهند القاسية هناك تسببت في معاناة لا داعي لها. وإذا كانت باكستان وأصدقاؤها يرغبون في نهوض القناة التلفزيونية الأكثر إملالا في العالم، فمن نحن لنشكو؟
ومع ذلك، فإن محاضرة السيد خان للغرب حول كيفية التعامل مع الأقليات المسلمة هي، بعبارة لطيفة، نفاق عميق. ويبدو أنه يتوقع أن تستوعب الدول الغربية مخاوف المسلمين الأرثوذكس(السلفيون / المحافظون) من خلال تقليص حرية التعبير وحقوق المرأة. لكن اعتداء الصين الشامل على الإسلام نفسه يثير الصمت فقط.
مصير مسلمي الايغور في الصين
في مقاطعة شينجيانغ، قلصت الصين تعداد الأغلبية المسلمة عن طريق شحن الملايين من مهاجري الهان الصينيين. وحظرت السلطات الأسماء التي تراها دينية بشكل مفرط، بما في ذلك محمد، وكذلك اللحية «غير الطبيعية» وحظرت على النساء ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. كما يواجه مسلمي الايغور عقوبة إذا صاموا في رمضان. ووفقًا لتقارير المحتجزين، فإن الطرق الودية المستخدمة في معسكرات إعادة التعليم الصينية للايغور تشمل إجبار المؤمنين على تناول لحم الخنزير والكحول.
يتابع المقال: خارج شينجيانغ، أطلق الحزب الشيوعي الصيني برنامجًا استبداديًا لتعديل الإسلام بما يتوافق مع الثقافة الصينية. ففي العديد من الأماكن، تمنع السلطات المساجد والمنظمات الإسلامية من إدارة رياض الأطفال أو برامج ما بعد المدرسة. وحظرت مقاطعة نينغشيا في شمال وسط الصين العروض العامة للخط العربي، بما في ذلك كلمة «حلال»، كما حظرت أيضًا دعوة المسلمين للصلاة في مقاطعة قانسو المجاورة. وفي منغوليا الداخلية وخنان ونينغشيا، قامت السلطات بهدم القبب ودمرت المآذن لإعطاء المساجد مظهرًا صينيًا أكثر.
يلفت الكاتب إلى أن باكستان- منذ استقلالها عن الهند البريطانية وقيامها كوطن للمسلمين- وضعت القضايا الإسلامية عمومًا في صلب سياستها الخارجية، بما في ذلك شؤون فلسطين والبوسنة وكشمير . لكن عندما سئل أحد المراسلين السيد خان في وقت سابق من هذا العام عن الايغور، ادعى أنه «لا يعرف الكثير «عن هذه القضية». وفي مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك قبل شهر قال إن «علاقة بلاده الخاصة» بالصين تمنعه من التحدث عن الايغور علنًا.
ما الذي يفسر هذا الصمت؟
يجيب الكاتب: أولاً، الجواب الواضح: أن باكستان تعتمد على الصين للحصول على الدعم الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي. بالإضافة إلى ما يقوله أفشين مولوي، خبير العلاقات بين الشرق الأوسط وآسيا بجامعة جونز هوبكنز: «هناك نوع من رد الفعل الاحتجاجي في بعض أنحاء العالم الإسلامي يركِّز على الغرب … رد الفعل هذا غير موجود مع الصين».
يضيف الكاتب: لسوء الحظ بالنسبة لباكستان- ولحسن الحظ بالنسبة لبقيتنا- يبدو أن الوحدة الإسلامية تتلاشى. فبالكاد تريد أي دولة إسلامية المخاطرة بإثارة غضب حكام الصين الحساسين بانتقاد سياساتهم. وفيما يتعلق بكشمير، تضع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي اعتمدت باكستان على دعمهما ذات مرة، الروابط الاقتصادية مع نيودلهي فوق التضامن مع إسلام أباد. وشبه السيد مولوي الوحدة الإسلامية بأغنية في «قائمة تشغيل سبوتيفي الدبلوماسية « لم تعد تُعزف بشكل جيد في أماكن مثل الرياض أو أبو ظبي.
ويرى الكاتب في ختام المقال، أن هذا لا يعني أن السيد خان يجب أن يتوقف عن التحدث نيابة عن أتباع دينه. لكن إذا أراد أن يؤخذ على محمل الجد، فعليه التركيز بشكل أكبر على حرب الصين على الإسلام وبدرجة أقل على المشكلات التخيلية التي تواجه المسلمين في الغرب.