الشباب المسلم في مواجهة العولمة
إن الشباب عماد نهضة أمتنا العظيمة من جديد فأمتنا أمة الشباب، وإن أعلى معدلات الفتوة والشباب في العالم موجودة في معظم دول العالم الإسلامي، ولكن جرى على هذه الفئة الهامة من فئات مجتمعنا الإسلامي ما جرى على الأمة كلها من حالة تراجع وركود، وعانت هذه الفئة -كما حال الأمة-من عديد المشاكل والأمراض التي طرأت عليها. وعلى مدار تاريخ أمة الإسلام كان للشباب دور مفصليٌ في الأحداث الكبرى التي شهدتها أمتنا ,فهم من حملوا همَّ نشر هذا الدين العظيم في أصقاع الأرض ,هم من صدوا وردوا عادية الأعداء على هذه الأمة ,هم من بذلوا دماءهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى ,وهم بالطبع من حملوا مسؤولية طلب العلم ونشره بين الناس ,ولا يتسع المجال طبعاً في هذه المقدمة القصيرة لأذكر أمثلة عن شباب الإسلام وما فعلوه في السابق سواء في ميادين الجهاد ومقارعة الأعداء أو ميادين طلب العلم ونشره وإعمار الأرض, فهذا سأفصل فيه لاحقاً -إن شاء الله- ولكن من منا من لم يسمع بأسامة بني زيد ومحمد الثاني الملقب بالفاتح والشافعي والبخاري وغيرهم؟ الذين صنعوا في شبابهم ما تنوء بفعله العصبة أولي القوة أو الإتيان بمثله أو حتى أقل منه، فكانوا بحق درراً تتلألأ على مر العصور نباهي بها باقي أمم وشعوب الأرض.
الحملات التي تستهدف الشباب المسلم
يتعرض الشباب المسلم الآن –كما حال باقي فئات الأمة -لحملة شعواء منظمة بهدف إحباط معنوياتهم، ومحاولة نشر ثقافة الهزيمة واليأس فيهم ليسهل اختراقهم وبالتالي تطويعهم وإخضاعهم لقيم الحضارة الغربية، وهنا يتحقق للغرب ما كان يصبو إليه منذ زمن بعيد لقتل روح الشباب المسلم وحينها أي أمل لنهضة أمة اغٌتيلت روح الشباب فيها وأحبطت معنوياتهم؟
وأي أمل لإعادة رفع راية الإسلام في أوطاننا من جديد إذا كان شبابنا لا يعنيهم هذا الأمر؟
من أجل هذا عمل الغرب على استهداف الشباب المسلم وخاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدنيس نصف مليون جندي أمريكي لأراضينا المقدسة في الجزيرة العربية، أراد الغرب صناعة جيل جديد من الشاب العربي المسلم في منطقتنا، في سوريا والعراق والجزيرة ومصر وغيرها من البلدان، حيث تم تنشئة مجموعات من الشباب-لا ذنب لهم في صغرهم-على قيم وممارسات وطرائق عيش الحضارة الغربية، شبابٌ ممسوخو الهوية فلا هم حققوا وتمثلوا شخصية الغربي بحق ولا هم حافظوا على شخصية وهوية العربي المسلم الأصيل..
كيف أرادوا للشباب المسلم أن يكون
أرادوا شباباً لا يعرفون شيئاً عن تاريخ الإسلام والمسلمين، شباباً يعرفون عن ميسي ورونالدو أكثر ما يعرفونه عن خالد بن الوليد وعمر بن عبد العزيز.
شباباً إذا حدثت أحدهم عن مآسي المسلمين في العراق والصومال وفلسطين وغيرها أدار ظهره لك ولم يعبأ بما يجري في هذه البلدان.
شباباً يرتدون البناطيل الممزقة ويتبادلون النكات التافهة الهابطة.
شباباً تأخذ عقولهم قصص الحب الوهمية ويتراقصون ويتمايلون أمام مغنيٍ لا قيمة ولا وزن له.
شبابا ً أقصى أحلامهم سيارات ورحلات وسفريات وأفئدتهم خواء إلا من السفاسف.
شباباً يتخرج أحدهم بتقدير جيد من الجامعة أو المدرسة ولكنه يتلعثم ويتأتأ ويفأفأ إذا قرأ أمامك الفاتحة أو سورة الإخلاص.
شباباً يستخدمون في أحاديثهم عبارات (yes، no، please، ok، man، merci، cool) والعديد من الكلمات الإنكليزية والفرنسية –بحسب الاحتلال السابق-ويخلطونها مع لغتهم العربية العامية ويعتقدون أن هذا منتهى الحضارة والرقي. (بالطبع ليس النقد هنا لتعلم اللغات الأجنبية بل هذا واجبٌ علينا كمسلمين لنتعلم العلوم الأخرى الموجودة بتلك اللغات لننهض بأمتنا).
أصبح في لاوعي هذه الفئة من الشباب أن لا سبيل للتقدم إلا أن نأخذ من نبراس الحضارة الغربية وأن حضارتنا وقيمنا قد عفا عليها الزمن.
باختصار أراد الغرب صنع “جيل الكوكاكولا” في بلادنا الذي ينقلب على أمته ويتنكر لقيم تاريخه وحضارته ولكن أراد الله عز وجل أن يصنع جيلاً آخر تماماً…
فبالرغم من تأثر البعض بهذه الحملات الغربية، ورغم انتشار هذه النماذج من الشبان في بلادنا لحد الآن إلا أن الأمر قد اختلف بحق عن السابق.
ما الذي حل بالشباب المسلم
استيقظ الشباب المسلم بعد حربي العراق وأفغانستان على حقيقة هذه الحضارة الغربية التي يريدون نشرها في أوطاننا، حيث بداعي نشر ما يسمى بالديموقراطية يُقتل الآلاف، ويُشرد الملايين من أوطانهم، ويُسجن ويُعذب الناس وتهان كرامتهم على أيدي شذاذ الآفاق وتُدمر حضارة بلدٍ عظيمٍ كالعراق لم تكن أمريكا وُجدت بعد حين كانت عاصمته بغداد تنشر النور والعلم في أصقاع وأرجاء المعمورة بفعل الحضارة الإسلامية وتفوقها وعظمتها.
وبعد أن أدرك الغرب أن الشباب المسلم بدأ يستيقظ من سباته أُريد تطويع هذه الصحوة الشبابية الإسلامية بعد انطلاقة الثورات في منطقتنا عام 2011. وأعيد بيع الوهم في بلادنا من خلال نشر ثقافة الديموقراطية وأفكار الليبرالية والعلمانية بين هؤلاء الشباب ليتفاجؤوا بعدها مرة أخرى بالكذبة الكبرى التي تسمى الديموقراطية حيث جرى ما جرى من انقلاب وتقتيل وسجن وتعذيب، وشن سلسلة من الثورات المضادة في باقي البلدان، وديست الديموقراطية التي يدعيها الغرب بأقدام الانقلابين الطغاة لا بل بأقدام الغربين أنفسهم أسياد هؤلاء الطغاة.
الصحوة الشبابية
تستمر الصحوة الشبابية الإسلامية في الوقت الحالي، وخير دليل أحداث المسجد الأقصى وكيف هب الشباب المسلم للدفاع عن مسرى نبيهم صلى الله عليه وسلم، فمازالت قضية الأقصى والقدس قضيةً عقديةً للمسلمين وخاصة فئات الشباب منهم ولم تنجح حملات الغرب في تحويلها الى قضية تخص العرب أو أهل فلسطين فقط.
ما شاء الله مقال رائع وقع في محله ونفع الله به شباب الامة
ليعلم الجميغ ان الامة في صراع مختلف عن باقي التصادم صراع الهوية والفكر صراع القوة الناعمة فلا بد للمسلمين عامة ان يواجهو هدا الصراع الخطير بكافة أنواعه وأشكاله وبكل جدية وهمة
شكرا للاخ محمد عدنان شيط وجميع القائمين على هدا الموقع المبارك