المجاهد البطل ساموري توري.. العالم المسلم مؤسس دولة غينيا

يُعد ساموري توري من الزعماء الأفارقة المسلمين الذين لعبوا دورًا مهمًا في غرب القارة قبل الاستعمار وبعده، وقد استمر بمحاربة الغزاة الاستعماريين حوالي سبعة عشر عامًا.

نشأة ساموري توري

وُلد ساموري توري عام 1835م في “سانكورو” في جمهورية “غينيا كوناكري”، وهو ينتمي إلى مجتمع الديولا التجاري، ولما بلغ سن السابعة ذهب للعيش مع خالته على بعد عشرين ميلًا في إحدى القرى المجاورة، وعندما بلغ 18 عامًا أرسله أبوه إلى صديق له بدولة ساحل العاج ليتعلم تجارة السلاح، ومن خلال ذلك عرف ساموري أماكن الحصول على السلاح؛ فبدأ يفكر في بناء إمبراطوريته، ومن خلال هذه المرحلة سافر إلى عدة مناطق في غرب إفريقيا فاطلع على نظام حياة عدة مجتمعات هناك.

وفي عام 1852م أُسرت والدته من قبل ملك “بيساندوغو” الوثني، وعند سماعه هذا الخبر أخذ يفكر بأفضل الطرائق لإنقاذ والدته من الأسر، وقرر خدمة ذلك الملك لسبع سنوات مقابل الإفراج عن والدته، ومن خلال تلك المرحلة استطاع أن يتعلم طرق الدبلوماسية بالإضافة إلى تدربه على فن قيادة الإغارة والحروب.

كون ساموري جماعة تولى رئاستها بنفسه وأقسم على بناء دولة إسلامية في تلك المنطقة، ثم قام ساموري بتدريب رجاله على فنون القتال وتم تسليحهم، ومن ثم بدأ نفوذه يمتد.

في عام 1874م بدأ الغزو التدريجي لكل القرى المجاورة لعاصمته، وتحالف مع المسلمين في مدينة “كانكان”، وبهذا استطاع أن يهزم جماعات مهمة من القبائل، وازدادت سيطرته على كافة “فوتاجالون”، ونجح في تحطيم كل القوى المنافسة له، وصار أكبر قائد لإمبراطورية إسلامية عرفها شعب المالينك.

في الخامس والعشرين من يوليو سنة 1884م جمع ساموري توري أهله في احتفال وأعلن لهم أنه سيلقب نفسه بلقب الإمام، وطلب من أهله ورعاياه أن يعتنقوا الإسلام، وفي نوفمبر من العام نفسه منع الخمر شربًا وبيعًا في مملكته، ومنع العادات الوثنية، وبدأ في تطبيق الشريعة الإسلامية.

دولة ساموري توري

وتفصيل إنشائه الدولة ومقاومته الجليلة -رحمه الله تعالى- للفرنسيين أنه اتخذ من بلدة “بيساندوجو” عاصمة لملكه، وأقامها على الجهاد في سبيل الله تعالى وأحكام الشريعة الإسلامية، وهذا ما أكسبه حيوية وطاقة متجددة لا تنضب، واضطر أن يهادن جيرانه من الإنجليز حتى لا يفتح عليه بابًا ثالثًا هو في غنى عنه فيكفيه أعداؤه.

جيش الإمام

ساموري توري

كان عامة جيش ساموري توري من المشاة وقليل منهم من الفرسان، وسلّحهم بأسلحة أوروبية حديثة كان يشتريها من البريطانيين في “فريتون” مقابل بيع الذهب والعاج وأسرى الحروب، وكان حرسه الشخصي مكونًا من 500 رجل، وكان لأخيه “مالنكي تورو” قوة خاصة تقدر بمائتي فارس وألف راجل، كان الفرنسيون قد عزموا على الاستيلاء على كل المنطقة التي يجري فيها نهر النيجر، فأتاهم الله بهذا البطل ساموري توري الذي كبدهم من الخسائر في الأموال والرجال ما لم يتوقعوه، حتى أن “بيروز” وهو من كبار عساكر الفرنسيين لقبه بنابليون السودان، وهذا البطل العظيم هو في الحقيقة فوق هذا اللقب بكثير، فقد دوّخ الفرنسيين بجهاد جليل دام ثلاثة عشر عامًا بالرغم من بدائية أسلحته أمام آلة الحرب الفرنسية الجبارة، لكنه الإيمان إذا وقر في القلوب فلا يقوم أمامه شيء.

أنشأ ساموري توري جيشًا قويًا نسبيًا قسمه لثلاثة أقسام، على النحو التالي:

  • أفضلها وأعظمها قوة جعلها قائمة في وجه الفرنسيين ليمنعهم من التدخل في البلاد.
  • القسم الثاني جعله لحفظ الأمن في بلاده.
  • القسم الثالث جعله للتوسعات والفتوحات الجديدة للقضاء على الوثنية ونشر الإسلام.

وبلغ من حرصه على جيشه أنه استطاع أن يصنع بعض الأسلحة وقطع الغيار محليًا، وباقي الأسلحة يشتريها من مدينة فريتون بسيراليون.

وقد فرض ساموري توري على زعيم كل قرية أن يأتيه بمجموعة من الشباب الصالحين للجندية، وفي أوقات السلم كانت القوات الاحتياطية تُسرّح ستة أشهر لتعمل في فلاحة الأرض وإجراء المنافع، لتعود بعد ذلك، فإن كان في حاجة لها أبقاها وإلا سرّحها مدة أخرى وهكذا.

قسم ساموري توري بلاده تقسيمًا إداريًا منضبطًا إلى مائة واثنين وستين إقليمًا، في كل منه عشرون قرية على كل منها زعيم، وفوق الزعيم حاكم الإقليم، وفوق حكام الأقاليم الإمام الذي من مهامه نشر الإسلام والقضاء على الوثنية، وتقوية الدولة والمحافظة عليها.

وقد أكثر ساموري توري -رحمه الله تعالى- من بناء المدارس والمساجد، ونشر الوعاظ، واهتم بتحفيظ القرآن الكريم. وكان لرحلات ساموري الأولى التي بدأها من “الدبولا” أكبر الأثر في تأثره بحركة إحياء الإسلام المعاصرة

واكتسب تجربته الأولى عندما كان يعمل جنديًا في خدمة ملك الماندي، واكتسب كذلك خبرة في مجال التوسع، فحلم في فتح دولة إسلامية جديدة من بين دويلات الماندي الصغيرة الواقعة في الجنوب من أملاك الحاج “عمر القوني”. وتمكن ساموري من تأسيس نواة دولته في منتصف الستينات من القرن التاسع عشر الميلادي. وحصل في عام 1871م على لقب الإمام.

وبنى المساجد وطبق أحكام الشريعة الإسلامية على رعاياه. وسيطر على مصادر الذهب في “البوري”، ومد فتوحاته بهمة إلى النيجر، ودخل في حرب مع “أحمد سيكو” عام 1884م. ومن المحتمل أن يكون قد شيد دولة جديدة في مالي، وكان عليه أن يواجه الاستعمار الفرنسي الذي قدم للاستيلاء على الموارد الكثيرة، ودخل معهم في مناوشات يسيرة في بادئ الأمر.

وفي الفترة ما بين 1882-1887م قدم الفرنسيون من جهة واحدة، وطلبوا عقد معاهدة لتحديد الحدود المشتركة بينه وبينهم. وكان الزحف الفرنسي مؤقتًا، ولكن في عام 1891م تصادم بـ”يساندوجو” وأصبح على ساموري أن يتوجه إلى الشرق لمواجهتهم فيما يعرف في الوقت الحاضر بساحل العاج، كما كان عليه أن يتجه إلى الجنوب الغربي من غانا، ولكن في النهاية تمكنت فرنسا من الالتقاء معه مرة ثانية وأسرته وكان ذلك عام 1898م، وفي تلك الأثناء كان ساموري مشغولًا بتشييد دولته الجديدة، ومات في المنفى عام 1900 ميلادي.

موقف جليل في حياة ساموري توري

كان مجاهدًا ضد الإنجليز والفرنسيين والبلجيك لمدة 20 عامًا ولما يئس منه المستخبر الغربي سرقوا ابنه وهو ابن 20 عامًا وأخذوه إلى بلادهم وعلموه مبادئ العلمانية والعصرانية والانفتاح، ورجع لما كبر وأخذ يعلم أبناء بلدته والقرى تلك الأفكار الغربية العفنة وأصبح ضد جهاد والده، فقام إليه أبوه ومنعه ولكن الفتى الذي أصبح شابًا جامعيًا مثقفًا ومحاضرًا في جامعات بريطانيا وفرنسا.

يصرخ في الناس طالبًا منهم ترك مقاومة العلم والمدنية والتنوير والاستسلام والخضوع لنبراس الحضارة والخروج من الظلام، فيقوم الأب المجاهد ساموري توري الزعيم الإسلامي لغينيا ومالي وكينيا وقتها وحامل لواء الجهاد بجمع الناس ويقوم محذرًا ولده أن ما يفعله خيانة للدين وللأمة وخذلان للمسلمين وكفاحهم وردة توجب القتل، فيرفض الفتى نصيحة والده فيقوم الأب بذبحه على رؤوس الأشهاد ويقول بأعلى صوته:

فليعلم الغرب الكافر ألا أثمن وأغلى عند المسلم من دينه، وأنهم لن يمنعونا الجهاد بسلبهم عقول أبنائنا، ولسوف نذبحهم بأيدينا قبل الخروج للجهاد ضد الكفار حتى لا يكون هناك شيء أحب إلينا من الله ورسوله ودينه.

هنا تجرد ساموري توري لله تعالى، وعظمت عنده عقيدة الولاء والبراء، وقتل ولده في مشهد عام بين الناس حتى لا يؤثر على حركة الجهاد، وهذا الصنيع العظيم يصدق فيه قول الله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) [المجادلة:22].

فلله در هذا الإمام العظيم، رحم الله المجاهد ساموري توري مؤسس دولة غينيا.

هريرة

-{‘قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه’}- إِنِي عَزَمْتُ بِأَنْ أَعِيْشُ كَمَا أَنَا .. لِلْهِ مَحْيَايَ… المزيد »

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. نعم ما يكتبونه سيكون له رواج فترة ثم يضمحل ويتلاشى، لأن من سنن الله الكونية ألا يكتب البقاء للكذب والباطل مهما انتشر رواجه، وبهذا الدليل العقلي استدل كثير من علماء الغرب على صحة الإسلام لا ستمراره أكثر من ألف وأربعمائة صادقا شامخا نقيا.
    وأما أمثال هؤلاء فهم يكشفون عن عوراتهم بأنفسهم من حيث لا يدرون، لأن ما كتب عن المماليك القائمة قبل استعمار غينيا فكثير حتى المقررات الدراسية في الدولة لم تثبت فيها أن ساموري كان يسيطر على فوتا جالون، وكذلك في الموسوعة العربية العالمية التي طبعت على نفقة الأمير سلطان مكتوب فيها أن ساموري ارتقى على السلم الديني وحصل على الإمامة لما توطدت العلاقه بينه وبين فوتا جالون.
    ووجود هذه الحقائق لا يعني الإهمال وعدم الكتابه، فيجب الاستمرار في الكتابه على منهج رصين، والإعراض عن هؤلاء الأفاكين الذين ينزحون في الماء العكر.

  2. والله هذا التاريخ الذي ذكرته كذب صراح
    الله المستعان
    هكذا يزورون التاريخ ويشوهون المماليك
    هذا الرجل كان مجرد سفاح ولم ينشر الإسلام قط
    وما ذكرت أنه مدينة فوتاجلون إنما كان مملكة إسلامية عظيمة انشر علماؤها في جميع أصقاع الدنيا مبرزين في العلوم الشرعية ولم يسيطر عليهم هذا السفاح المجرم قط بل تعلم على يدهم الإسلام
    وغالب الذين كتبوا تاريخه قوم بهت استغلوا جهلكم بتاريخ إفريقيا وبعض كثير من العالمين بحقيقة هذا المجرم وافتخروا به وبأمثاله إلا لأنه من قبيلة المانديك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى