وسط صمت عربي: مئات القتلى في مجازر للتحالف الدولي بمدينتي الموصل والرقة.

صعَّدت قوات التحالف الدولي من عملياتها العسكرية ضد المدنيين في العراق وسوريا، باستهدافها لأحياء سكنية، ومبانٍ يقطنها مدنيون، في مدينتي الموصل العراقية، والرقة السورية، خلال الأيام القليلة الماضية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 700 مدني في حصيلة غير نهائية.

وتأتي هذه المجازر تزامناً مع اشتداد المعارك في مدينة الموصل، بين القوات العراقية، وميليشيات الحشد الشيعي، المسنودتين بدعم جوي من التحالف من الدولي، وبين عناصر تنظيم الدولة، من جهة أخرى، وأيضاً الأنباء عن قرب عملية عسكرية للقوات الكردية، للسيطرة على مدينة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.

مصير مجهول لعشرات العوائل في ريف الرقة

البداية كانت في بلدة المنصورة الواقعة بريف الرقة، عندما استهدف طيران التحالف الدولي، فجر الثلاثاء 21 مارس، مدرسة البادية التي تقطنها 50عائلة، نزحت في وقت سابق من مناطق بريفي حمص وحلب، وبحسب إحصائيات غير نهائية نشرها ناشطون، فقد أسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 200مدني، بينما تحدثت لنا مصادر خاصة أن: “إجمالي القتلى يفوق ضعف هذا العدد، نظراً لإن هناك عشرات العوائل ما تزال تحت الأنقاض، ويصعب إخراجها” بحسب المصادر ذاتها.

كما شهدت بلدة الطبقة في ريف الرقة، مجزرة للتحالف الدولي خلفت عشرات القتلى، في اليوم التالي، نتيجة قصف أحد مخابز المدينة بصواريخ شديدة الانفجار.

أنقاض الموصل تكشف المزيد المجازر

أما مدينة الموصل العراقية فقد كانت مسرحاً لمجازر مستمرة نفذتها طائرات التحالف الدولي، على مدار الأسابيع الماضية، لكن المجزرة الأخيرة، والتي حدثت الخميس الماضي، كان لافتاً فيها العدد الكبير من الضحايا، إذ تشير آخر الإحصائيات غير النهائية، إلى مقتل 500 مدني غالبيتهم من النساء، والأطفال، قضوا في غارات للتحالف على منازل المواطنين، في حي الموصل الجديدة، غربي مدينة الموصل.

وفي نفس السياق قالت رئيسة المجلس المحلي للموصل بسمة بسيم، في تسجيل مصور من الحي الذي شهد المجزرة، أن ما حصل يكاد يكون أمراً مقصوداً كونه لم يستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين لم يتجاوز عددهم ستة أشخاص قبل خروجهم من الحي.

وبينما تستمر عملية انتشال الضحايا من تحت الأنقاض، ذكر مصدر في الدفاع المدني لوكالة الأنباء الألمانية، أن العمليات العسكرية الجارية للسيطرة على مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، خلفت أكثر من ثلاثة آلاف ضحية من المدنيين في غضون أقل من شهرين حيث بدأت عملية السيطرة على المحورين الجنوبي والغربي من الموصل.

مضيفاً أن مئات العوائل التي يقدر أعدادها بـ 2070 مدنيا بينهم نساء وأطفال ومسنون، ما زالوا تحت الأنقاض في مناطق الموصل الجديدة والمشاهدة والعكيدات وباب الجديد والفاروق والمطاحن، موضحاً أنه لم يتم انتشال هذا العدد من الجثث، بسبب وجود قناصي التنظيم وعدم تمكن فرق الدفاع المدني وآليات بلدية الموصل من رفع الأنقاض.

تحيّز وصمت عربي وتمييع للجريمة

وفيما يخص ردود الفعل تجاه المجازر التي نفذها التحالف، لم تسارع أي جهة رسمية حتى اللحظة، لإدانة واستنكار مجازر التحالف الأخيرة، في وقت أعلنت فيه قيادات التحالف الدولي اعتزامها فتح تحقيق في الحادثة، لكن قيادات عسكرية أميركية أعلنت أن الغارات الأخيرة التي نفذها التحالف في الموصل جاءت بطلب من حكومة العبادي، فيما لم تصدر أي جهة عربية، أو إسلامية، أي بيان بخصوص المجازر.

أما على التناولات الإعلامية، فقد عمدت عدد من وسائل الإعلام، إلى إلقاء اللوم على تنظيم الدولة الإسلامية، واتهمته بالقيام بتجميع عدد من العوائل، في مبانٍ بحي الموصل الجديدة، واعتلاء أسطح هذه البنايات، ورفع شعارات التنظيم، وأضافت أن التحالف قصف هذه المنازل، لاستهداف عناصر التنظيم، في محاولة لهذه الوسائل الإعلامية “لتمييع أحداث المجزرة، وتبرير جرائم التحالف” بحسب ناشطين.

بينما لم تتطرق عدد من وسائل الإعلام لمجزرة الرقة، التي حدثت في منطقة لم يكن فيها أي تواجد لعناصر تنظيم الدولة، لحظة القصف، ما يثير عدد من التساؤلات حول النمط الذي تتبعه بعض وسائل الإعلام، في تعاطيها مع بعض الأحداث.

ويضم التحالف الدولي للحرب على تنظيم الدولة، والذي تأسس أواخر العام 2014 أكثر من60دولة، بينها 10دول عربية، تنقسم مشاركتها في التحالف ما بين تقديم الدعم العسكري، والمساعدات العسكرية، والدعم اللوجيستي.

منذر فؤاد

كاتب ومُدوِّن يمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى