الواقع بين سقوط الإسلام السياسي ونهوض إسلام أمة – الجزء الثاني
نكمل ما قد بدأناه في الجزء الأول من التحليل للمواجهة والمكاشفة، وكنا قد توقفنا عند العهد الجديد للحركات الإسلامية بعد التصادمات بين الإسلاميين والحكومات والصراعات على الحكم، والتي شهدتها الأمة خلال القرن الماضي وأن الحركات الإسلامية مع ذلك لم تسعى لتوجيه معركة التحرر للعدو المركزي بكل المكونات، والتي تشمل الأمة في جهاد كبير.
العمل داخل الصندوق
فالإسلام السياسي لم يحدد العدو المركزي في سياسته، وبدا في سياسته واضحًا و متفاعلًا مع ما يطرحه العدو المركزي متماهيًا مع سياسة العدو لما يطرح من أفكار؛ لعل ذلك يحقق له ما يصبو إليه، وبما أنه تنظيم هرمي وتقليدي، فقدرة الجهات الأمنية جاهزة وقوية لاختراق التنظيم، وحرف مسارات استراتيجياته بالتدرج الزمني وتغير القيادات، ومن ثم تحريف الفكر باستدعاء الدين في الخطاب والسياسة؛ ليشكل مظهر من مظاهر الحماية للقواعد التي لا تحسن إلا السمع والطاعة، أو دعوات خافته من بعض الصادقين النخبويين الذين لا يكون لهم كبير أثر في القرار التنظيمي.
ما زلنا نؤكد أن الإسلام السياسي بحركاته وتنظيمه جزء من الأمة، فهم أكثر قدرة عن التراجع والقيام بمراجعة حقيقية من التقييم والتقويم؛ وهم أكثر قوة ليأخذوا غيرهم في كنفهم، ويحددوا عدوهم المركزي وخصومهم المحليين، ويتحدوا مع كل مخلص وصادق لله، والعمل لتجسيد المنهج الطلائعي بدلًا من العمل التنظيمي؛ لتشكيل إسلام شعبي جماهيري، يقود لإسلام أمة كاملة بمكوناتها تكون هي الممثلة بطلائعها وقدراتها وطاقاتها.
فنحن أمام العدو المركزي يجب أن نتجاوز الطائفية والمذهبية، والحركية والتنظيمية، والأهواء الشخصية؛ وكل ما طرحه ويسوقه العدو المركزي -وهو رأس الإرهاب- لتفريق الأمة وتمزيقها، ونعيد معركة التحرر بقيادتها الطليعية الواعية لمشروعها، والتي تقود ثورة الجماهير وهي ملامسة لقواعد المجتمع.
فالأمة هي التي تمتلك وصاية نفسها على نفسها، ما دامت متحللة من إمامها الجامع المانع، لنبدأ من جديد في دحر العدو الإرهابي المركزي؛ ألا وهو الصهيوأمريكي، لتجمع الأمة بميثاق شرف على دَحره، والنيل من رأس الإرهاب في العالم. العدو المركزي يعيش عقدة الإسقاط النفسي؛ لأنه يعي أنه غازٍ وقاتل وإرهابي، بدأ يسقط نظرية الإسقاط النفسي الذي يعاني منها وهي الإرهاب على الأمة الإسلامية ويسوّق لها.
وللأسف هناك من بعض المثقفين تساوق مع العدو الإرهابي بقيادة الصهيوأمريكية في المنطقة، متجاهل القيم الأصيلة في مجتمعاتنا بأن المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره، وهي أساسيات القيم في الإسلام للمجتمع وهي كثر، نعم لا بد من جلد الذات؛ وخاصة نحن في مفترق طرق، وإعلان الهيمنة الصهيونية الأمريكية في مشروع صفقة القرن لكل العالم الإسلامي.
ضرورة الحشد الجماهيري
فلا بد على الإسلام السياسي أن يبتعد عن الاستعلاء بنفسه، والإقصاء لحشود الطاقات الهائلة المجتمعية، وأن يكونوا صادقين في خطابهم الديني وخاصة مع جماهيرهم، مللنا الكذب على الله وعلى عباد الله وعلى الأمة، نحن بحاجة ماسة لِأن يتغير الأداء، وأن تكون الممارسة بإنتاج أدبياتها وفق الاحتكاك المستمر بعموم المسلمين، ليس وقت الضيق تحتاج لعموم المسلمين، ويوم أن يثقوا بك لتنصرهم وتأتي بحقوقهم، تركب على ظهورهم وتدير ظهرك لهم، ولا تقوم بما وعدتهم، والذي استدعيت كل آيات الله وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بأن تحافظ على مصلحتهم العامة وتدبير أمورهم وتسهيل حياتهم والعدل بينهم.
إن التنصل من الأمانة ورعاية الرعية هي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، هل هذا جزاءً وفاقًا لمن يقف بجانبك يوم أن كنت حسيرًا كسيرًا بائسًا، ويوم أن تكبر وتتولى أمرهم تتكبر عليهم وتتركهم يعانون من فقرهم ومطالب الحياة؛ هذا والله ليس بخلق الأولين، وليس بنهج رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، هذا والله قمة العقوق لمن ائتمنوك على حياتهم، وعقم سياسي؛ لأنك فرطت بحاضنة ترسي دعائم حكمك أو تكون أداة في استئصالك.
المؤامرة
وهناك من يقول إنما توجد أصابع شريرة وخبيثة تعمل لخدمة أعداء الأمة وقضاياها المركزية، وهؤلاء عبء على الأمة وجسر للكفار، فأقول لأمثال هؤلاء من المخلصين: أولًا: ما تقدمت به من توضيح في الجزء السابق هو رد على ما يتسألون، ثانيًا: إن قضية المؤامرة هي شماعة ليضعوا عليها كل أخطاءهم، والمؤامرة موجودة لأنها أداة من أدوات ووسائل العدو، وقد نكون جزء كبير منها ومتحققة؛ وذلك بسبب عدم إدراكنا للواقع ومعطياته السياسية، وعدم التحامنا بإسلامنا مع الشعوب الأمية.
وسيبقى التنظيم أسير المراوحة بين تطلعاته الفكرية التنظيمية؛ وقيادته النخبوية المنحسرة على ذاتها مما يجعل انفصاله عن حاضنته مؤكدًا، فالمؤامرة موجودة لكن القضية ليست جلها في المؤامرة؛ فإدراك طبيعة الواقع واستثناء الجماهير من القيادة -كما ذكرت آنفًا- تجعل المؤامرة من صغرى لكبرى، فلماذا لا نسأل سؤالًا قبل المؤامرة: لماذا يعملوا على وصول الإسلام السياسي وقيادته للحكم ومن ثم ينقضّوا عليه؟ لأنهم يعرفون عن طريق عملائهم الداخليين كل شي!
بمعنى أن الإسلام السياسي يعمل وفق أجندة أفكاره التي يعرفها القاصي والداني، فما بالكم بأجهزة الدول التي تراقب على مدار الوقت، فالممارسة للتنظيم وما نتج من أدبيات تكون منعزلة عن واقع الإسلام المعاش لعموم المسلمين، ومن هنا يقدم أعمال التنظيم وأفكاره للوصول لأهدافه التنظيمية؛ بدلًا من أهداف إسلام الأمة وعلى رأسها المصلحة العامة للمسلمين، لأنه يعتقد أن وصوله للحكم هو الذي يجعله يحكم بالإسلام، ولا يدرك بعد التجارب أن وصوله للإسلام كتنظيم سيكون عائق في تطبيق الإسلام؛ لأنه سيلجأ مباشرة للتحالف مع أمريكا بدخوله في اللعبة الديمقراطية.
الديمقراطية لا تناسبنا
وهل يعلم أو لا يعلم أن الديمقراطية خصصت لتمزيق الأمة، فالديمقراطية تعني في مجتمعنا هو تكفير الآخر وسحقه وتهميشه، ولكن تكفير سياسي مما يؤدي للتفرد بحكم الفائز واستنفار الخاسر على الدوام، لهذا فإن فشل الديمقراطية سياسيًا في مجتمعنا الإسلامي واضح؛ لأنها زادت من تقسيمات المجتمع، وزادت مشاحناته لدرجة الكل يريد أن يكشف عورة الثاني.
فالديمقراطية لن تناسب واقع الأمة الأمية التي تعرف حقوقها من خلال الإسلام الذي لا يترك شاردة ولا وارده إلا جاء بها، وجاء ليحقق فطرتها في معرفة حقوقها ومعاملاتها؛ لأنها أمة قيم وأخلاق، كما أن إسلام الأمة الأمي يهدي نحو سياسة وإدارة قائمة على ثابت العدل والإحسان، وكذلك يحفزها للنهوض من كبوتها ونفض غبار الذل والعدوان عليها؛ لأنها أمة جهاد وثورة، فالإسلام السياسي يعتقد أنه يمتلك أدوات الحاوي التي ستنقذه من تبعيته للنظام الدولي.
وهذه مفارقة ومغالطة؛ مفارقة لأن العدو سيسعى التفريق بينه وبين جموع عموم المسلمين، ومن ثم تدجينه وتسويقه بدلًا عن الحكام وأنظمتهم، لكنهم عندما يصلوا للحكم يصطدموا ببعض شرائح المثقفين والأحزاب المجتمعية؛ لأنهم فضلوا طاقاتهم وقدراتهم عن الشعوب، وبهذا يتيح لخصومة التمترس حول عموم المسلمين، ويقودوا التصادمات ضد ما يطرحه من برنامج خاص به من بعض الجماهير. كما أن عقدة الأحزاب السياسية الإسلامية وغير الإسلامية تعرف أن وصول الإسلام السياسي للحكم هو إقصاء وإنهاء الكل.
ومغالطة لأنه يسير بنفس المسار والطريق والأدوات الأيدولوجية؛ التي ستقوده للتحالفات والاتفاقيات التي سبقته من الجهات الرسمية متمثلة بالأنظمة العربية الحاكمة السابقة، لهذا لن يسمحوا له بذلك؛ مما يجعل الأعداء يحاصروه بأسماء أخونة الدولة أو حمسنة الحكم أو أسلمة الدولة، ومن ثم يصبح في حيرة ليتماهى أو يُجبر للتساوق مع الواقع فلا يستطيع، فقيادة التنظيم كانت معزولة عن فئات الجماهير؛ لأنها كانت معتكفة على توصيل برنامجها لعناصرها في دعوة مغلقة، فيكونوا قد أرسوا قواعد المؤامرة بأيديهم لبعدههم عن الدعوة العامة والمفتوحة، فالارتباط بالجماهير والشعب هو المعيار الأساسي لنجاح أي فكرة.
القيادة
فهناك من يقول: أننا نجد أن الأمم في حركتها الحضارية صعودًا ونزولًا وانهيارًا، لا تحركها الجماهير والعامة، بل تقودها النخبة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعلمية؛ إما نحو النهضة والتقدم وتحقيق أهدافها، وإما نحو الانهيار والسقوط في التخلف. فنجيب بأن إسلام الأمة الأمية هو الذي ندعو له وهو يحقق القيادة بامتياز من تزكية مجتمعها لها وليست تنظيمها أو نخبها، لماذا؟ لأن مشروعنا اليوم مشروع مواجهة وتحدي وإنعتاق من الهيمنة للعدو المركزي الإرهابي على الأمة، وليس مشروع حضاري نريد فيه استرجاع حضارتنا فحضارتنا موجودة ولن يستطيع أحد دثرها، ولا مشروع نهضوي لأن النهضة ستتحقق في ظل التحرر ووجود الدولة لأنها تحتاج مقومات دولة.
ولا خلاف أن كانت النخب والمثقفين المنتمين لحركة الجماهير والشعوب أن تمارس دورها النهضوي دون حرف الأمة عن الخط الذي يرقى بنهضتها وازدهارها وتقدمها، ولا عن تحررها من العدو الإرهابي الغازي، فالبرغماتية في واقع براغماتي إقليمي ودولي لن تنجح، فالوضوح في السياسة بإدارتها وأهدافها لكل الجماهير هي جزء من حماية أي مشروع تحرري.
حرب المصطلحات
وهناك من يخرج من بعض المثقفين المنظم في حركة اسلامية سياسية، فيقول إنها حرب المصطلحات؛ ويتابع قوله بأن الإسلام السياسي مصطلح شوهته مخابرات عالمية وإقليمية، لتحريف صورة الإسلام الشامل الذي يعتبر السياسة من صميم الدين، وعزل الإسلاميين الذين يتبنون هذه الفكرة، لأن أعداء الدين يريدون حصر تأثير الإسلام في نطاق الشعائر التعبدية، ويتهم فئات كبيرة من المسلمين بالتساوق مع هذا المصطلح وأنهم أداة يستغلها العدو المركزي.
فمن هنا نوضح الأمر وهو لا بد أن يعلم الجميع أن إسلام الأمة لا بديل عنه؛ لا بحركات سياسية إصلاحية أو جهادية أو فكرية سياسية منفردة بتوجهاتها، وإنما هو إسلام يؤمن بكل مكونات الأمة؛ ويعي أن الصراع يجب أن يكون بكل طاقاتها وقدراتها دون اجتزاء، ونعتقد أن الصلاح والجهاد يجب أن يكون بعقيدة الأمة الإسلامية دون العمل لتجزئتها وأدلجة دينها وتقسيمه، وليس بمعزل عن الشعوب والجماهير، والحفاظ على السير نحو معركة الوعي لتقود الأمة لنهضة حقيقية تقودها معركة التحرير من العدو المركزي بكل تحالفاته.
فعليه، أقول: الإسلام الشامل الكامل الذي ذكرناه آنفًا أين هو من حركات الإسلام السياسي؟، ومن هي التي تتبنى مشروع كامل على صعيد الأمة دعوة وسياسة وجهاد؟، أرى أن حصر وانحسار الإسلام في حركة إسلامية تدعي أنها المخلص هو ما يريده الغرب الكافر، والعدو المركزي الإرهابي وأجهزة مخابراته، فعلينا الاطلاع بكل التفاصيل على تقارير مؤسسة RAND الأمريكية؛ وما سبق من تشخيص في هذا المقال.
وهناك حركات إسلامية كبرى تسعى لإيجاد علاقات دولية مع العدو المركزي بغية الوصول للحكم؛ ولن يرضى عنها العدو، وهو يتطلع لأن تصل للحكم بطريقته الديمقراطية، وهو يريد من وصولها أن تؤدي دورًا وظيفيًا لقتل مشروع التحرر والانعتاق من العدو المركزي؛ والذي تطلع له الأمة بكل الوسائل الذي أتاحها إسلامنا، وتتعاطى معها شعوبنا وجماهيرنا الثائرة.
ومن بين الأخطاء من ينظر لهذا أي الدخول في لعبة الديمقراطية والتي تقول لهم كش ملك بعد وصول حركات الإسلام السياسي للحكم، فصُنعت لعبة الديمقراطية وأدواتها لتكون جزء من إدارة المعركة للتساوق مع سياسة العدو المركزي الذي يريدها، ويعتبرها ممارسة فعلية وأداة مهمة من فك الارتباط بين الإسلام السياسي مع مكونات الأمة ومتصادمة مع شعوبها على الدوام، وأداة تنفيس للقدرات والطاقات التنظيمية مع فتح الدراسات الأمنية لسلوكيات تلك القيادات، وأداة مهمة للانقسامات والاختلافات الشخصية من القيادات نحو سلطة الحكم، كما حدث في كثير من التجارب الإقليمية والدول العربية.
ما البديل؟
فالبديل عما سبق هو إسلام الأمة، والذي يحقق الإسلام الشامل الكامل العادل وهو لا يخفى على أحد، والذي يلتزم بعقيدة المسلمين، ومتجرد ومخلص وصادق مع رب العالمين، وليس من أجل التنظيم، وذلك بهدف واحد؛ هو إجلاء العدو المركزي عن بلاد المسلمين، وأدعو كل أصحاب الفهم الرصين أن يعيدوا قراءة المشهد بكل تفاصيله ويدعوا الجميع لدعوة وسياسة وجهاد أمة.
فهناك من حركات تساوقت مع الرؤية الأمريكية ودخلوا الديمقراطية ولم يجنوا منها سوى الموت والقتل؛ لأن هذا المسار فرضته قوة الغرب بأدواتها الأمنية، وتحت ظل حكم عسكري ونظام عميق، وهم يعرفون السلوك النفسي الداخلي للتكوينات التنظيمية والأحزاب السياسية الإسلامية المتطلعة للحكم، فيعمدوا لإفشالهم في خطة تعد وتحاك من قبل العدو وشركائه.
فالوعي بالمعركة أنها معركة تحرر من العدو المركزي وتحالفاته، وليس حكم وسلطة، فمشاريع الحكم والسلطة والنهضة والحضارة ستكون بعد القضاء على العدو المركزي الإرهابي المتمثل في الصهيوأمريكي، فلهذا أدعو نفسي وكل صادق أن نستنتج أن الحركات الإسلامية تحتاج للخروج من قواعد فقهية حركية نخبوية إلى عمل أمة يحمل التجرد والصدق والبيعة لله، ولا تنحسر ببيعة مجتزئة ومشوهه للتنظيم عن أصل دييننا الحنيف والذي تتمثل بيعته مع رب العباد، وتكون البيعة حائل للتواصل مع الأمة وشرائح المجتمع.
أعلم أن كلامي لا يروق لكثير من التنظيمات والحركات الإسلامية، فلا بد أن نقف مع الحقيقة، فأنا لست ليبراليًا ولا مؤمنًا بمدنيّة الدولة، ولا بالديمقراطية السياسية التي أنشأها من ندعي أنه ومخابراته هم الذين روجوا للإسلام السياسي، فالإسلام السياسي هو الذي تساوق مع مدنية الدولة وديمقراطية الحكم وليبرالية الفكر، وهذا ما جعلها تتناقض مع شعوبها، وجعلت أفكارها منحسرة في فئة متجنبة بقية فئات الجماهير.
فالعدو يعي تكوين ومكونات الحركات الإسلامية، وعليه يجب أن نقف ولا نستدعي الدين لإنقاذ مواقفنا الباهتة مع الأمة، فهناك فرق كبير بين المسلمين وبين المتحزبين لأفكار تنظيمية، وهناك فرق بين الإسلام السياسي وبين عقيدة الإسلام التي تؤمن بها الأمة جمعاء، وهناك فرق بين الكهنوتية للتعصب للتنظيم وبين إجماع الفقهاء للمسلمين، وهناك فرق بين المعابد الكهنوتية وبين مساجد الله، فالمساجد للأمة لم تختص بتنظيم محدد، فالإسلام دولة ودين، ودين ودولة، فالإسلام ليس مبتغاه الوصول للحكم بل مبتغاة تطبيق العدل والمساواة بين عموم المسلمين، لهذا أدعو كل المخلصين أن يعيدوا قراءة الآية:
إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)
أي أن دينكم دين واحد فلا تفرقوه بحزبيتكم وتنظيماتكم، لتصبح الأمة شيء واحد، فكونوا جماعة واحدة لتحقيق القوة، ورص الصفوف في بنيان واحد ليتحقق النصر على العدو، فمشكلة الحركات وأتباعها ستبقى تحرف المسار بأهوائها ومصالحها الشخصية؛ بتشويه كل من يتكلم بصدق ويحمل منهج الأمة بطريقته الأمية أي عموم المسلمين في فهم الدين، لماذا لم يكن بطريقته الحضارية؟ لأنها تحتاج لصنف من نخبة الناس تقيم الحضارة، ولكن الطريقة الأمية تعني كل الناس مسؤولة عن إقامة الإسلام وعودته، والطريقة الأمية تقود الأمة لحقيقة الصراع وتفجر طاقاتها وقدراتها في مسار واحد تقودها للتحرر من التبعية.
فعلى الإسلام السياسي أن يعيد تقييمه لنفسه، ويتأمل في ما أدعو إليه من إسلام أمة، وعليه لا يعتبر من يدعو لهذا المنهج هو مارق ومن الخوالف عن صف التنظيم، لكنني عرفت ربي وديني وسأبقى على عهدي مع ربي نحو إسلام أمة بعقيدة شعوبها وجماهيرها في معركة الوعي تجاه وحدة الأمة بروابط الدين، وليس التنظيم؛ حتى يتحقق وعد ربي؛ خلافة على منهج النبوة.
الخلاصة
فلا يجوز للإسلام السياسي أن يعمل لأجل تعاظم التنظيم على حساب الشعب الغلبان المسكين، ومن هنا نؤكد أن الإسلام السياسي المنحسر في العمل النخبوي وبطريقته الفكرية جعلته يقدم فكرة التنظيم عن منهج محمد-صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي اجتزأ الحكم في تنظيمه، ولم يدرك أن الطاقات والقدرات الشعبية أكثر مما لديه كثير، كما حسر نفسه بالاستعلاء والإقصاء.
وهذا دليل انه لا يستطيع أن يتفق مع شعبه بإسلام عموم الجماهير، ولن يحقق الطريقة الأمية، فيجب أن تكون طريقة العمل ألّا تعتمد على النخب وألّا يكون العمل نوعي محض، وأن يكون منذ اللحظة الأولى مع قواعده الشعبية ويتجنب الانزلاق نحو تضخيم اقتصاده عن شعبه، أو تضخيم موارده دون إشراك بقية فئات الشعب، أو ممارسة السياسة من أجل عملية الإحلال والاستبدال.
وأن تتربى النفسية العقلية على ذهنية تعي حقوق شعبها، حينها لن يخذلها شعبها ويكون بمثابة الحاضنة تتلقى كل الضربات التي تستهدفه، فالذهاب للسلطة بقيادة التنظيم، والعمل على الإحكام التنظيمي للعمل السياسي من خلال إدارة الحكم، هو الذي فتح عليها النار من قبل خصومها، فلا سلطة أصابت، ولا استقرار حازت.
كما على كل الحركات الإسلامية أن تدرك حقيقة الصراع ولا تفقد بوصلتها في إدارته، ولا تنحسر في ميدان على حساب كثير من ميادين الأمة التي تكون بحاجة ماسة لها، وخاصة في حالة المواجهة والتحرر؛ فالإصلاح، والحكم، والإدارة السياسية، وإقامة مشروع نهضوي حضاري لن يكون إلا إذا حققنا الإنعتاق من الهيمنة الصهيونية الأمريكية في المنطقة.
ومن هنا وجب على الأمة أن نلتف حولها وأن نكون ركائز لها، وألّا نستدعي نظرية التنظيم، بل يكون نهجها نهج الإسلام في إقامة الأمة الأمية التي بها سندحر العدو المركزي الإرهابي، وسنعيد الحكم على قاعدة العدل والإحسان وتلبية مصالح عموم المسلمين، وتكون النخب المجتمعية لها ميراثها في إقامة مشروع نهضوي بعد تحرر الأوطان.
يعلم الله أننا صادقون بكل كلمة نصحنا بها، وأن حرصنا على ديننا وإسلامنا هو الذي جعلني آخذ على نفسي عهد التصويب؛ وليس من أجل القدح والذم، هناك من يجيد ذلك، لكن يعلم الله أننا نريد خير إسلام لخير أمة، ما أطرحه نهج أعي كل تفاصيله، وهو الإسلام، هو الإسلام!.
المصادر
- Krämer, Gudrun. “Political Islam.” In Encyclopedia of Islam and the Muslim World. Vol. 6. Edited by Richard C. Martin, 536–540. New York: Macmillan, 2004. via Encyclopedia.com 13
- قناة الجزيرة، في العمق – الإسلام السياسي في عالمنا العربي، اطلع عليه بتاريخ 14 يناير 2019
- Voll، John O.؛ Sonn، “Political Islam”. Oxford Bibliographies Online Datasets. doi.
- “كيف ظهر “الإسلام السياسي” وماهي أهدافه الحقيقية؟”. اطلع عليه بتاريخ 24 ديسمبر 2018.
- “ماذا بقي من الإسلام السياسي والجهادي بعد الربيع العربي؟ – جريدة الشرق”. اطلع عليه بتاريخ 24 ديسمبر 2018.
- المفهوم الأمريكي للاعتدال الإسلامي (قراءة في تقرير راند 2007م)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لكل الأخوة المعلقين… أولاً شكرا لتعليقاتكم، ثانياً: الفكرة تحتاج مزيداً من الإثراء وهي
قائمة على فكرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي تمثلت بالطليعة التي فهمت الاسلام كما نزل عليه صلوات الله وسلام ربي عليه وهنا أبين الفرق بين عمل الطليعة في كل مجتمع من المجتمعات الاسامية وعن التنظيمات وبإذن الله سأكتب في محددات وأسس المشروع، فالطليعة تختلف بالكلية عن النخبوية الحزبية في قيادة الأمة…فلن تستجيب الأمة للقيادة الحزبية الإسلامية (إسلام سياسي)، فمعنى إسلام سياسي هو يقاتل بمبادئه وأفكاره وتصوراته؛ وليست بأفكار الإسلام الذي يلامس هموم الجماهير والشعوب، ويريد أن يعلو بتنظيمه مع منظومته النخبوية فوق طبقات المجتمع، لذا يبقى أسير تصوراته ويجد الكثير من الجماهير ليست متفقة معه في تصوراته، فالطليعة حاضنة لكل التصورات ما دامت تدور في حقل الدين والإسلام الفطري، ولا تنشغل كثيراً في تصورات بعض الفئات ما دام العدو المركزي يترصد الأمة، فهي تحمل رؤية كاملة وشاملة في مواجهة العدو المركزي للأمة، كما أن طليعة الأمة الإسلامية إدارية توجيهية صادقة ومخلصة لدينها، أم القيادة الحركية التنظيمية رئاسية متطلعة لنشر أيديولجيتها لتتبعها الأمة، لهذا فالفارق بَين وشاسع بين الإسلام الفطري والإسلام السياسي، فالطليعة أدركت قول الله تبارك وتعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30). نعم فأكثر التنظيمات والحركات لا تعلم أن الدين هو دين الفطرة، ودين الفطرة هو القيم ليقود المجتمعات في أسوء ظروفها وأحوالها وتمزقها وتفرقها، فالطليعة تعي حقيقة تكوينها الفطروي الذي يمثل حقيقة الدين لدى الجماهير والشعوب الإسلامية، وهي أهم حقيقة كونية يدعو لها دين الفطرة وهي وحدة مكونات الأمة ضد أعدائها وعدوها المركزي، فالطليعة تدرك الاختلافات بين طاقات وقدرات الجماهير والشعوب لكنها تدرك أيضا خطورة العدو المركزي، وأن أهم عوامل النصر في الوحدة الجهادية لمكونات الأمة لتحقيق دحر العدو الصائل.
فالقيادة التنظيمية الحزبية متطلعة لتحقق مصلحتها الخاصة (إسلام سياسي) أما قيادة الأمة متطلعة لتحقق مصلحة عامة (سياسية شرعية)، كما أن قيادة التنظيم والحزب مخلصة ومتجردة لتنظيمها، وقيادة الأمة مخلصة ومتجردة لربها ودينها، فقيادة الأمة تعمل بمبادئ الإسلام وأحكامه وقيادة الحزب تعمل بمباديء التنظيم وأفهامه، فلذا المسار السياسي لقيادة التنظيم الفكري يختلف بالكلية عن مسار طليعة الأمة الإسلامية، كما أن الأهداف متباينة ومختلفة، فهل تستطيع القيادة التنظيمية أن تتحرر من أيديولوجيتها الفكرية وتخرج من عنق النخبوية للتواصل مع الجماهير ملتحمة مع أمتها؟
فالحقيقة تقول يوم انتهاء الحركات والجماعات الإسلامية بتفكيرها التنظيمي النخبوي النوعي هو يوم ميلاد الأمة الإسلامية الواحدة الموحدة حول عقيدة وأفكار الجماهير الشعبية، وأول خطوة لبناء الدولة العادلة، فجميع الحركات الإسلامية تعمل من خلال العمل النخبوي وتركز على كسب طاقتها وقدراتها من خلال الحزب وبالتالي لا تستهدف طاقات وقدرات الجماهير، حتى لو تبنت مبادئ الإسلام وأحكامه تبقى أسيرة العمل النخبوي الذي لا تستطيع تجاوزه فتقع أسيرة المراوحة بالمكان ضمن فكر تنظيمي يكون عائق لالتحامها مع الجماهير.
فالأحزاب والجماعات في الإسلام ستبقى تتلمس طريق النخب والعمل التنظيمي النوعي، الذي لا يجسد الحقيقة الكونية التي خلق الإنسان من أجلها وهي دعوة الناس كافة واستيعابهم، بينما الطليعة تهتدي بما كان علية النبي وصحابته، ويتلبسون بالإسلام حكماً وعلماً ومبدءاً، ويعيشوا بهذا التلبس مع جموع المسلمين دون استعلاء أو إقصاء لطاقات وقدرات عامة المسلمين، ولهذا من فعلوا الإقصاء والاستعلاء يؤكدوا على حزبيتهم وفصيلهم المنفصل عن هموم وأفكار الجماهير، فالحزبيين لا تنطبق عليهم أن يكونوا طلائعيين، فالطلائعيون متصالحون مع ذاتهم ومع مجتمعهم ومع ربهم، كما إن الطليعة هي التي تقيم في الأمة الإسلام، وليست الأمة تقيم الحزب وتفني كل مكوناتها الأساسية من طاقات وقدرات للتنظيم أو الحزب، فالطليعة هي التي تفني حياتها من أجل الأمة ودينها الفطري، فالطليعة تدرك ما قام به الرسول وهو يعيش ويتنفس ويدعو الناس كافة، ولم يقتصر عمله على العمل النخبوي والنوعي، لأنه يعي أن الدعوة ليست لفئة محددة بل أمر الله تبارك وتعالى أن تصل الجميع وأن نتائج الهداية بيد الله، كما أن الجماهير والشعب جله يجب أن يؤمن بالطليعة التي تقاتل بعقيدة الجماهير والشعب وهي الإسلام في ظل وجود العدو المركزي التي يتربص بالأمة، فالطليعة من نشأتها الأولى تعي أن تكون سياستها سياسة أمة وفكرها فكر أمة وجهادها جهاد أمة وأفكارها ومنهجها منهج الأمة الإسلامية ودينها دين الفطرة تعمل من أجل الأمة وليست من أجل نخبتها وأعضائها.
من الأخطاء الفاحشة التي ترتكبها بعض الحركات الإسلامية في الوطن العربي قبولها بفكرة الديمقراطية وطموحها للوصول إلى السلطة، وكأنها لا تعلم أن الديمقراطية هي العلمانية عينها،
وأن الإسلام والعلمانية ضدان لا يلتقيان، وتفصيا ذلك أن الإسلام يدعو الإنسانية إلى الإيمان بالله الواحد خالقا ومشرعا يقول الله تعالى: ( .. أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف ) 54 و يقول أيضا: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) سورة المائدة. ويحث الناس على تقوية الصلة بالله والتحلي بالخلق الحسن، يقول الله عز وجل: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (63) والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما (64) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما (65) إنها ساءت مستقرا ومقاما (66) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (67)والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) من سورة الفرقان. وفي الحديث الصحيح عن رسول الله عليه وسلم اه قال: (: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ .
وأما العلمانية فإلى ماذا تدعو؟ تدعو الناس بالدرجة الأولى إلى الكفر بما شرعه الله لعباده، وقتل الوازع الديني لديهم، وإطلاق العنان للغرائز والأهواء ، وهذا باختصار شديد.
الحقيقة ان هذا المقال فيه خير كبير من جانب التوعية للوضع الراهن ولكن مع ذلك فيه ترهيب من فكرة الجماعات او الاحزاب واتهامهم بانهم ليس عندهم وعي بالقضية كما تم عرضها او هكذا فهمت. ولكن الحقيقة ان اخينا الذي كتب المقال لم يقدم بديل او تطبيق واقعي للرؤية المثالية التي يقدمها. لو اردت فعلا ان تقوم بتطبيق واقعي ستجد انه لا مفر من الحلول الموجودة والمطروحة حاليا التي يقوم عليها الكثير من اخواننا المسلمين الذين يعتبرون بحمل السلاح كوسيلة لازمة للتغيير وليست الوحيدة والتي يطلق عليها الجماعات الجهادية عموما. اقل عمل تريد ان تقوم به سوف يتم كشفه حتي ولو كان عمل توعوي يقتصر علي نشر الوعي بين افراد المسلمين ولذلك ستجد انه يجب عليك التزام الصمت والعمل بشكل غير معلن حتي لا تخسر المعركة قبل بدايتها وعلي هذا ستجد انك ستحصر عدد من يعرفوك ومن يشاركوك وبالتالي لن يكون مشروعك مشروع تساهم فيه الامة . وعلي هذا فقس , هذا مثال بسيط جدا , ولذلك ادعو اخينا كاتب المقال للتطرق للحلول التطبيقية الواقعية او علي الاقل عرض حل واقعي موجود ثم نقده بما يراه صوابا , اما التحديث بشكل عام جدا فلا اظنه سيغير شئ للاسف وهذا رأيي فقط وجزى الله الكاتب والقائمين علي الموقع كل الخير
“إن التنصل من الأمانة ورعاية الرعية” هي … نقطة إنطلاق الخطأ. من ذا الذي له الحق المطلق أن يجعل في الصدارة “خيانة لله ورسوله والمؤمنين” ؟؟؟
القضية في الأساس منهجية و عملية
1. كل من يبني تصوره على مبدإ الإشعار بالذنب فهو في هذه، عن وعي أو غير وعي، يتبع منهجية كل الحركات الإسلامية السياسية و التنظيمات الإرهابية و يسلك مسلكهم.
2. في أرض الواقع يتحرّك من فوق إلى تحت، أي يتحرك و ينشط على أساس تنظيم هرمي بالضرورة و التاريخ… يعيد نفسه.
طالما يُسوق لفكرة “الأمة الإسلامية”، و جمع شمل الأمة، و تثقيف الأمة، الخ … سيظل المسلمون في معاناتهم. و يبقى الطرح سياسيا.
الطرح هو أخلاقيّا و إنسانيّا با الدرجة الأولى.
3. يجب ترك جانبا الطرح المثالي “بأن المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره، وهي أساسيات القيم في الإسلام للمجتمع وهي كثر”.
4. يجب ترك جانبا مفاهيم “الأمة” و “الشعب” و “الرعية” … فهي تحتمل التنوع أي أن المجموعات الإنسانية تتكون من أفرادها الخيرين و ما هم من دون ذلك. و هذا ما أقره صاحب المقال : “وللأسف هناك من بعض المثقفين تساوق مع العدو الإرهابي بقيادة الصهيوأمريكية في المنطقة”.
5. القضية هي في الأساس قضية ترقية مبادإ “العدالة و العدل” في المجتمع الواحد و ليست على أساس ترقية التمييز الديني. وعندما تتحقق هذه المبادئة التي أتى بها دين الله يعمّ الإسلام.
يقتضي التنظيم المنهجي أن يسري من تحت إلى فوق أي تماما عكس ما يذهب إليه صاحب المقال. ثم، و هذا هو الأهم، كل ما إنفصل المسلمون على سائر البشرية التي تعيش تحت القهر و المعانات كلما قلّت مصداقية الخطاب الدعوي و قلت نجاعة نصرة دين الله التي يطمح إليها صاحب المقال.
العدو واحد و ليس عدو المسلمين فقط.
إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)… منهج الأمة بطريقة الأمية أي عموم المسلمين في فهم الدين وتعني الأمية أنها تعلن أنها فقيرة علماً وحكمة اتجاه ربها، وأنها متمسكة بعبادة التوحيد نحو إله واحد، وهي التي تأخذ التكليف من ربها وليس من غيره، وليس معنى الأمية بمعناها اليوم التي لا تعرف القراءة والكتابة وإلا لم تكن صفة تمجيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ آل عمران 157، فالأمة الأمية هي دليل إعجازي لهذه الأمة وليس دليل منقصة، كما أنها تحتاج توجيه نحو هدف التحرر وليست تثقيف فكري، لأن الأمة المسلمة لا تتحزب بل تتبع توحيد ربها كما نقل لها من نصوص القرآن والسنة، فلماذا لم يكن بطريقته الحضارية؟! لأن الطريقة الحضارية تحتاج لصنف من نخبة الناس تقيم الحضارة، ولكن الطريقة الأمية تعني كل الناس مسؤولة عن توحيد الله وإقامة الإسلام وعودته، والطريقة الأمية بتوجهها لله والتي تخلو من الأهواء، وتقود الأمة لحقيقة الصراع وتفجر طاقاتها وقدراتها في مسار واحد تقودها للتحرر من التبعية.