
تحديات تربية الأبناء في عصر التحول الرقمي
الوالد المعاصر ليس فقط من يربي الأطفال، بل هو أيضًا من يقاوم تحديات العصر الرقمي المفرط ويفكر في كيفية تربية أبنائه ليكونوا قادرين على التفاعل مع هذا العالم المتغير دون أن يتأثروا سلبًا.
هيلين فورد، مستشارة في تطوير التربية الرقمية
نتيجة للثورة التكنولوجية التي غيَّرت أساليب الحياة والتفاعل الاجتماعي فيما أصبح يعرف باسم العصر الرقمي، أصبح الآباء يواجهون العديد من الصعوبات في تربية أبنائهم. فقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وأصبح الأبناء يتعرضون للعديد من المثيرات الرقمية منذ سن مبكرة، تشمل هذه المثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية، والمحتوى الرقمي المتنوع، وغيرها من الأمور التي تخلق للآباء العديد من التحديات فيما يتعلق بمراقبة سلوك أبنائهم وضمان سلامتهم النفسية والاجتماعية.
خاصة أن تأثير التكنولوجيا قد يمتد إلى تحصيلهم الأكاديمي وقدرتهم على التركيز، فضلاً عن صعوبة تحقيق التوازن بين استخدام الأجهزة والتفاعل الاجتماعي التقليدي، وهو ما يشكل مصدر قلق مستمر للآباء الذين يسْعوْن للحفاظ على قيم التربية التقليدية في هذا العصر المعقد. من خلال هذا المقال يمكن أن نتعرف على أبرز الصعوبات التي يتعرض لها الآباء في تربية الأبناء بسبب العصر الرقمي وكيف يمكنهم التعامل معها بشكل فعال.
تشمل قائمة التحديات أو الصعوبات التي يواجهها الآباء من أجل تربية أبنائهم في العصر الرقمي الحديث عددًا كبيرًا من النقاط، موضحة فيما يلي:
أولًا: التحكم في الوقت الذي يقضيه الأبناء أمام الشاشات

يشكل التحكم في وقت الأطفال أمام الشاشات تحديًا كبيرًا للآباء في عصر التكنولوجيا الحديثة. وقد أولى الدين الإسلامي أهمية بالغة لإدارة الوقت، فالقيم الإسلامية تحث على الاعتدال والتوازن في كل شيء، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا، إذ يجب أن يحقق الأطفال التوازن بين الأنشطة اليومية المختلفة مثل الدراسة أو العبادة أو التفاعل الاجتماعي وغيرها. وتضطلع الأسرة -خاصة الوالدان- بدور رئيسي في توجيه الأطفال ومراقبة استخدامهم للتكنولوجيا من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب تبدأ من تقديم نموذج يحتذى به، وتنتهي بمراقبة الوقت والمحتوى، وهو أمر لا يمكن التغافل عنه لتجنب التأثير السلبي لوسائل التكنولوجيا الحديثة على صحة الطفل البدنية والنفسية وضمان نمو الأطفال في بيئة صحية تضمن تطور شخصياتهم بشكل سلس.
ثانيًا: حماية الأبناء من المحتوى غير المناسب
يواجه الآباء في العصر الرقمي تحديات كبيرة في حماية أطفالهم من المحتوى غير المناسب على الإنترنت، خاصة أن هذا المحتوى أصبح واسع الانتشار وسهلًا الوصول إليه؛ سواء كان ذلك من المحتوى الذي يروِّج للعنف أو المحتوى الإباحي، أو الأفكار الهدامة للقيم الدينية والمجتمعية التي يسعى الآباء لغرسها في نفوس الجيل الصاعد. ومن أبرز الأمور التي تزيد من صعوبة هذا التحدي هو أن هذه المواد تتعدد وتظهر بشكل مستمر سواء في تطبيقات الألعاب أو مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع التعليمية والترفيهية، مما يجعل عملية التحديد والتصفية في عالم الإنترنت المفتوح الذي يتعرض له الأطفال أمرًا بالغ الصعوبة.
وعلى الرغم من توفر العديد من الأدوات التقنية التي تساعد الآباء في تصفية المحتوى وعملية الرقابة، إلا أن معظمها ليس تام الفاعلية، فالعديد منها قد يتعرض للتعطل أو التحايل أو الإيقاف من قبل الأطفال أثناء استخدامهم مختلف أنواع الأجهزة.
وتزداد هذه المشكلة تعقيدًا في المجتمعات الإسلامية التي لا يتوافق محتوى العديد من المواقع والتطبيقات الإلكترونية مع قيمها الثقافية والدينية والأخلاقية، وهو ما يعني مجهودًا مضاعفًا ومستمرا لتوجيه الأطفال وضمان قدرتهم على التمييز بين ما يتماشى مع الدين وما لا يتناسب مع مبادئه. ولأن العديد من الآباء قد يعانون من نقص الوعي في إدراك مخاطر الإنترنت، يصبح التقصير في اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة لحماية الأطفال أمرًا وارد الحدوث يترتب عليه العديد من المخاطر والآثار السلبية سواء على الجانب النفسي أو الجانب العاطفي للطفل.
ثالثًا: تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الاجتماعي

رغم فوائدها التي يصعب إنكارها، إلا أن وسائل التكنولوجيا الحديثة أوجدت فجوة كبيرة في العلاقات الإنسانية. أصبح الانغماس في العالم الرقمي عائقًا أمام تنمية المهارات الاجتماعية وتعزيز الروابط الأسرية، وصار الآباء يعانون من صعوبة في التغلب على إدمان الأطفال للأجهزة الرقمية، وتفضيلهم لها على الأنشطة الاجتماعية التقليدية. الأمر الذي ترتب عليه العديد من الأضرار، أبرزها تراجع مهارات التواصل الفعلي لديهم، وفقدان القدرة على الحوار، والتعاطف، وحل المشكلات، وغيرها من المهارات الإنسانية الأساسية. إضافة إلى أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يؤدي إلى انعزال أفراد الأسرة وانشغال كل فرد بعالمه الافتراضي الخاص عن الأشخاص المحيطين به، مما يجعل بناء علاقات أسرية صحية أمرًا بالغ الصعوبة.
ويقع العديد من الآباء أيضًا تحت ضغط المجتمع، وصعوبة مواكبة ثقافة التكنولوجيا ومتطلباتها التي تتمثل في ضرورة امتلاك أطفالهم لأحدث الأجهزة لمواكبة أقرانهم. ويترتب على هذا الضغط ضعف محاولات الآباء للحد من استخدام هذه الأجهزة، خاصة في ظل غياب الأنشطة البديلة التي يمكن أن تجذب الأطفال وتسترعي اهتمامهم. كما أن انشغال الآباء بأعمالهم اليومية جعلهم يعتمدون على التكنولوجيا كوسيلة أساسية لإلهاء الأطفال، وهو ما يؤدي إلى ضعف في المتابعة ونقص في الرقابة، وصعوبة في وضع جداول متوازنة تجمع بين الأنشطة الرقمية والتفاعل الاجتماعي.
رابعًا: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صحة الأبناء النفسية
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال في العصر الحديث، وهو ما جعل منها تحديًا تربويًا كبيرًا على الآباء للحفاظ على صحة أطفالهم النفسية من سلبياتها إذا لم تستخدم بشكل صحيح. ومن أبرز هذه السلبيات عدوى المقارنات الاجتماعية التي تنتج عن رؤية حياة مثالية لأشخاص آخرين على هذه المنصات، مما يؤدي إلى ضعف ثقة الأطفال بأنفسهم وإثارة شعور بالإحباط، وتتكون لديهم قناعة بأنهم أقل شأنا من الآخرين.
يضاف إلى ذلك ما يتعرض له بعض الأطفال من تنمر إلكتروني يظهر في العديد من الصور مثل الإهانة العلنية أو الخاصة عن طريق إرسال رسائل مهينة أو مستفزة، أو من خلال نشر تعليقات ساخرة أو مهينة على الصور أو المنشورات الخاصة بالطفل، أو التعرض لعدد من الشائعات والأخبار الكاذبة التي يراد بها تشويه صورة الطفل أمام أقرانه. كما يمكن أن يتعرض الأطفال للسخرية من تكوينهم الجسماني سواء في الشكل أو في الحجم، أو يتعرض البعض منهم لبعض مظاهر التهديد سواء كانت تهديدات مباشرة عبر الرسائل أو المنشورات لإثارة الخوف في النفس، أو التلميح بأساليب العنف والأذى من خلال مقاطع الفيديو أو الصور المرسلة، وهذه الأساليب وغيرها تولد لدى الأطفال مشاعر القلق والاكتئاب، وقد يتطور الأمر لدى البعض منهم ليصل إلى حد العزلة الاجتماعية.
خامسًا: التشتت وعدم التركيز بسبب التكنولوجيا

أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والشباب، وهو ما أدى إلى ظهور مشكلة التشتت وضعف التركيز التي يعاني منها العديد من الآباء مع أبنائهم أثناء التربية. فنتيجة للاستخدام المكثف للأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بات الأطفال يتعرضون لتحفيز مستمر ومتعدد سواء كان ذلك عبر الألعاب الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤدي إلى فقدانهم القدرة على التركيز أثناء أداء المهام الأخرى. ويزداد الأمر صعوبة في الأنشطة التي تتطلب درجة عالية من التركيز، مثل الدراسة أو القراءة، أو تعلم مفردات لغوية جديدة، وغيرها. كما أن الانتقال السريع بين المهام والأنشطة الرقمية يشجع الأطفال على التعامل مع عدة أشياء في وقت واحد، مما يضعف من قدرتهم على الصبر لإتمام أي مهمة بشكل كامل على أرض الواقع.
يظهر أثر ذلك في العديد من التأثيرات النفسية السلبية مثل زيادة مشاعر القلق، والاكتئاب، أو الشعور بالإحباط، أو الإرهاق الذهني، خاصة لدى أولئك الذين يستخدمون التكنولوجيا بشكل مفرط. كما أن الانغماس في عالم التكنولوجيا يجعل العديد منهم يعانون من الانقطاع عن الحياة الاجتماعية الواقعية، ويضعف من مهاراتهم في التواصل والتفاعل الشخصي مع أقرانهم وأسرهم. كما ينعكس هذا التشتت أيضًا على الأداء الأكاديمي للأطفال، حيث يصعب عليهم التركيز في الدروس أو إتمام الواجبات المدرسية بكفاءة وفاعلية.
سادسًا: تفاعل الآباء مع التعليم الرقمي
يواجه الآباء تحديات متعددة في التفاعل مع التعليم الرقمي، تُبرز الحاجة إلى إعادة التفكير في دور الآباء ضمن هذه المنظومة حيث تتداخل العوامل التقنية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية لتشكل حواجز مانعة أمام تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه النقلة التعليمية الحديثة. أبرز هذه التحديات يظهر في الفجوة التقنية التي تتمثل في العجز عن التعامل مع الأدوات الرقمية، مما يجعلهم عاجزين عن مواكبة متطلبات أبنائهم الدراسية. كما أن الأعباء الاقتصادية تشكل عائقًا آخر، فالعديد منهم يواجهون صعوبة في توفير الأجهزة المناسبة والاتصال الضروري بالشبكة، وهو ما يحدُّ من فرص التكافؤ التعليمي.
على صعيد آخر، يعاني بعض الآباء من نقص الدعم الفني والتربوي، فيجدون أنفسهم أمام منصات تعليمية معقدة دون إرشاد كافٍ، مما يولد لديهم شعورًا بالإحباط والعجز. ويزداد الأمر تعقيدًا مع ضغوط الحياة اليومية، فيعجز الكثيرون منهم عن التوفيق بين التزاماتهم الأسرية والوظيفية وبين الإشراف على تعليم أبنائهم، مما يثقل كاهلهم نفسيًا بشكل تراكمي. وإلى جانب ذلك، يغيب في كثير من الأحيان وضوح الأدوار المطلوبة منهم، مما يضعهم في حالة من التخبط والتردد في تقديم الدعم المطلوب. وعلى الرغم مما يوفره التعليم الرقمي من مزايا، فإنه في ذات الوقت يثير قلق فئة كبيرة من أولياء الأمور بشأن فقدان أبنائهم التفاعلَ الإنساني الذي يعد عنصرًا جوهريًا في بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته الاجتماعية.
سابعًا: المخاوف التي ترتبط بالخصوصية والأمان الرقمي
يشعر الآباء بمخاوف متزايدة حيال التعليم الرقمي وما يفرضه من تهديدات على خصوصية أطفالهم وأمانهم الرقمي. تتجلى هذه الهواجس في القلق من معظم المنصات التعليمية التي تقوم بجمع البيانات الشخصية الحساسة الخاصة بالأطفال، ما يفتح الباب أمام استغلالها بطرق غير أخلاقية أو تجارية، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الأسرة. كما يخشى العديد منهم المخاطر التي ترتبط بالاختراقات الإلكترونية التي تعرض حسابات أبنائهم لهجمات تنتهك خصوصيتهم أو تقدم لهم محتويات غير ملائمة، مما يزيد من درجة القلق المتولدة لديهم.
إضافة إلى ذلك، تظهر احتمالية تعرض الأطفال للتنمر الإلكتروني أثناء التفاعل مع زملائهم أو الغرباء عبر المنصات الرقمية، وهو تهديد يمس صحتهم النفسية ويؤثر على شعورهم بالثقة في ذاتهم. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فإن العديد من الإعلانات العشوائية أو الروابط غير المراقبة تثير المخاوف من انكشاف الأطفال على محتوى قد يؤثر سلبًا في قيمهم الدينية وسلوكهم الأخلاقي. من جانب آخر، فإن الاعتماد المفرط على الشاشات في التعليم الرقمي يعرض الأطفال للتتبع غير المشروع لأنشطتهم، مما يزيد من تعقيد معركة الحفاظ على الخصوصية.
كيفية بناء بيئة رقمية آمنة
يمكن للآباء التغلب على تحديات العصر الرقمي المختلفة وبناء بيئة رقمية آمنة لأبنائهم من خلال اتباع مجموعة من الإرشادات التي تتمثل في النقاط التالية:
غرس استشعار مراقبة الله في نفوس الأبناء

يساعد ذلك في وجود وازع داخلي للطفل يمكنه من التمييز بين الخطأ والصواب حتى وإن غاب عن رقابة الوالدين، كما يجعله يمتنع من تلقاء نفسه عن المحتوى غير الأخلاقي أو عن استخدام التكنولوجيا بشكل مفرط، ويتكون لديه الفكر والإدراك السليم بأن وسائل التكنولوجيا ما هي إلا أدوات ينبغي توجيهها لخدمة القيم وليس لتجاوزها.
التحكم في الوقت الذي يقضيه الأبناء أمام الشاشات
من منطلق مبدأ الاعتدال في كل الأمور الذي حث عليه الدين الإسلامي، يمكن للآباء وضع جداول زمنية تحدد أوقات استخدام الأجهزة الرقمية، مع تخصيص أوقات للأنشطة البدنية والاجتماعية، يُفضل إشراك الأطفال في تحديد هذه الأوقات لإشعارهم بالمسؤولية وتعزيز التزامهم، كما ينبغي العمل على توفير بدائل مشوقة للأطفال بما يتناسب مع مراحلهم العمرية مثل الرياضة أو القراءة وغيرها من الأنشطة التي تعوض وقت الشاشات، ومن التطبيقات التي يمكن الاستعانة بها لتحديد وقت الاستخدام على أجهزة الأطفال، تطبيقات مثل (Google Family Link) أو (Qustodio) أو (Microsoft Family Safety) وغيرها.
استخدام أدوات الرقابة الأبوية
يمكن للآباء استخدام أدوات تصفية المحتوى لضمان ملاءمته لعمر الطفل وتجنب كل ما يفسد فطرته أو يخالف العقائد الدينية والقيم الأخلاقية، يمكن الاستعانة ببعض التطبيقات لتحقيق ذلك مثل (Net Nanny) أو (Kaspersky Safe Kids) أو (OpenDNS Family Shield) وغيرها، بجانب ذلك، ينبغي العمل على بناء لغة حوار وتواصل مستمر مع الأطفال لتوضيح مخاطر الإنترنت وتعليمهم كيفية اختيار المحتوى المناسب بطريقة واعية، وتشجيعهم على عدم الخوف من الرجوع للوالدين عند الحاجة.
العمل على تعزيز التفاعل الاجتماعي
يمكن تشجيع الأطفال على تقليل استخدام الأجهزة أثناء التجمعات العائلية، كما يجب تشجيع الأنشطة الجماعية مثل الرحلات أو المشاريع المشتركة أو الأعمال الخيرية، ينبغي أيضاً الحرص على خلق فرص للتواصل المباشر مع أقران الطفل من نفس مرحلته العمرية، لأن ذلك يُنمّي مهاراته الاجتماعية ويحقق له التوازن بين الحياة الرقمية والحقيقية.
مراقبة استخدام الأبناء لمنصات التواصل الاجتماعي
يجب على الآباء الابتعاد عن زرع شعور انعدام الثقة أو الشك في نفوس الأطفال، فبدلًا من التفتيش في حسابات الأطفال واختراق مساحتهم الشخصية، يمكن أن يطلب منهم مشاركة ما يعجبهم أو ما يحصل على اهتمامهم من منشورات أثناء حوار نقاشي طبيعي يمكِّن الآباء من الاطلاع على المحتوى الذي يتعرضون له، دون إيقاعهم في شعور الريبة أو الشك، كما ينبغي أن يعمل الآباء على تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وحثِّهم على التركيز على إنجازاتهم الذاتية في مختلف الأمور بدلا من مقارنة أنفسهم بالآخرين، وتوجيههم لفهم الطبيعة غير الواقعية لبعض المحتويات لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط النفسية التي قد يتعرضون لها بفاعلية، وفي حال تعرض أحدهم للتنمر الإلكتروني، يجب توفير الدعم والمساندة الفورية من قبل المختصين.
تطبيق مبدأ التخطيط والتنظيم

وهو أحد المبادئ التي حث عليها الدين الإسلامي ويساعد في علاج التشتت وعدم التركيز لدى بعض الأطفال، يعتمد تطبيقه على توفير بيئة خالية من المشتتات أثناء أداء الواجبات الأكاديمية، ووضع قواعد واضحة لاستخدام الأجهزة خلال عملية الدراسة، فلا تستخدم إلا في التطبيقات التعليمية أو عمليات البحث العملي، ويمكن تعزيز عادات تنظيم الوقت من خلال تقسيم المهام إلى فترات قصيرة ومنتظمة مع فواصل زمنية للراحة، ويفضل استخدام تقنية (البومودورو) (25 دقيقة عمل و5 دقائق راحة)، على أن تتضمن فترات الراحة أنشطة غير رقمية مثل اللعب أو الحركة البدنية، كما ينبغي الحرص على مكافأة الأبناء عند إتمام كل مهمة بنجاح، سواءً بتشجيع لفظي أو هدية رمزية أو غيرها من الأساليب التشجيعية.
تجاوز تحديات مواكبة التعليم الرقمي للأبناء
يمكن أن يحقق أولياء الأمور ذلك من خلال التعلم المستمر عن التقنيات المستخدمة في التعليم، والتواصل مع المعلمين لفهم متطلبات المنصات الرقمية، كما يتعين عليهم خلق بيئة تعليمية مناسبة تعزز التفاعل والتركيز، وتشجع الأطفال على تحقيق التوازن بين الأنشطة الرقمية والواقعية، من خلال التحفيز الذاتي والمشاركة الفعالة في حل المشكلات التقنية، يمكن للآباء التغلب على صعوبات مواكبة العصر الرقمي والمساهمة في تحسين تجربة أبنائهم التعليمية.
تعليم الأبناء مبادئ السلامة الإلكترونية
من المهم تعليم الأطفال أهمية الحفاظ على معلوماتهم الشخصية وعدم مشاركتها مع الغرباء عبر الإنترنت، مثل الأسماء الكاملة أو العناوين أو أرقام الهواتف، يجب أيضا تنبيههم إلى ضرورة توخي الحذر عند التعامل مع الرسائل أو الروابط الغريبة، وعدم تحميل برامج أو فتح روابط من مصادر غير موثوقة، كما يجب الحرص على استخدام كلمات مرور قوية لتأمين حساباتهم الشخصية ومنع اختراقها.
خاتمة
وفي الختام، فإن تعدد التحديات التي يواجهها الآباء في تربية أبنائهم في عصر التحول الرقمي تتطلب منهم فهمًا عميقًا لأهمية دورهم كمرشدين تربويين، فالتكنولوجيا بما تحمله من فرص وتهديدات، تستوجب سعيًا حثيثًا لتحقيق التوازن بين الاستفادة منها وبين الحفاظ على القيم والمبادئ التي يتم غرسها في الأجيال الصاعدة، إن مسؤولية الأمر تتجاوز مجرد مراقبة استخدام الأبناء للتقنيات، وتصل إلى حد السعي لبناء شخصياتهم السوية القادرة على التفاعل الإيجابي مع العالم الرقمي، وبناء فكر نقدي يساعدهم على التمييز بين الصواب والخطأ، فالتوجيه السليم نحو استخدام التكنولوجيا بما يعود عليهم بالنفع يُعد السبيل الوحيد لمواجهة مختلف التحديات والحفاظ على أخلاق الإسلام وقيمه، التي توجههم نحو الخير والنفع وتبعدهم الضرر والأذى.