الوجه المشرق للفنّ: 25 صورة تُريك توحّش الرأسمالية والاستهلاكية

قد يتشارك كثيرون بالنظر إلى “الفنّ” بمفهومه العصري بأنّه هراء لا قيمة له، وإضاعة للوقت والمال ومجرّد توفير فرص عمل لمن لم يتمكّن من العلوم أو الحِرف اليدوية. إلّا أنّ الجانب المشرق للفنّ موجود وإن كان على نحوٍ ضيّق، خصوصًا بعد تطوّر التكنولوجيا وتوفّر أدواتٍ أسهل لصناعته، وعندما يكون هدف الفنّ ساميًا كصناعة الوعي.

في هذا الموضوع نستعرض لكم 25 صورة فنيّة من تصميم الفنان Steve Cutts، تصوّر لكم توحّش الاستهلاكية والرأسمالية في حياتنا اليومية، وتُريكم إلى أي مدى قامت باستعباد البشرية. لهذه الصور تفسيرات وشروحات مختلفة، تمامًا كأي قطعة فنيّة أخرى.

1- المواصلات والاكتظاظ

تصوّر هذه الصورة الحال اليومية للمواصلات في الكثير من دول العالم، حيث يحتاج الملايين من الناس التنقّل يوميًا من مكانٍ إلى آخر للحصول على قوت يومهم. يُلاحظ استبدال البشر بالفئران حيث يُمكن أن يرمز هذا الاستبدال إلى انعدام قيمة البشر الحقيقية، حيث يمكن استبدال أي شخص في أي وقت. لا يوجد أشخاص مميزون، بل الجميع مجرّد فئران تركب المواصلات كلّ يوم لتقوم بعملها. لاحظ الإعلانات التي تقول لك “اشتري.. اشتري..” ولافتة عنوان القطار التي تقول أنّ الوجهة إلى “لا مكان”.

2- الاثنين

يوم الاثنين كابوس للكثيرين، فهو يوم انتهاء العطلة والعودة إلى العمل في معظم الدول والبلدان الغربية. الجميع يهرول للوصول إلى مكان عمله بأسرع وقت ممكن والجميع يريد إتمام مهامه ونشاطاته قبل أن يصل إليه ويمتصّ دمائه.

3- طعام معلّب

تُظهر هذه الصورة نوعية الأطعمة المعلّبة اليوم، فهي رديئة وغير مضمونة ورخيصة. العلبة التي في الصورة هي سخرية من المنتجات المعلّبة حيث قد تجد أنّها “قد تسبب الموت”. كما أنّ معظم هذه المنتجات المعلّبة تعتمد على مصانع يعمل فيها ملايين الفقراء ممن خسروا طموحهم وأحلامهم واضطروا ليعملوا فيها بأجرٍ زهيد. هذه العلب مصنوعة من دموع الفقراء.

4- شخصيات متعددة

مع ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة، صار الكثير من الناس يمتلكون أكثر من شخصية ووجه مختلف. فهو قد يكون المثقّف الواعي على فيسبوك بينما يكون المُخادع الماكر في الحقيقة. وهو مستعد لاستخدام أيّ الشخصيات المناسبة له وفق أي موقف يتعرّض له.

5- آلهة من قمامة

لهذه الصورة معانٍ متعددة، قد تُظهر لك مدى استهلاك الناس لأشيائهم ورميها لتكوين جبال من القمامة تبدو كالآله، حيث تحوّل الاستهلاك إلى إله للكثير من البشر الغارقين فيه. نلاحظ أيضًا وجود سيجار كوبي كنوع من السخرية.

6- شفط العالم

لعل الصورة – كبقية الصور – تشرح نفسها بنفسها، حيث تُظهر شخصًا ذا بدلة (رجل أعمال) يقوم بمحاولة إدخال العالم في آلة الشفط لتحويله إلى مال. مغزى الصورة هو قيام رجال الأعمال الرأسماليين بشفط كل خيرات العالم لتحويلها إلى ربح، وأنّهم قد يقومون بشفط العالم نفسه لو تمكّنوا من ذلك.

7- سانتا كلوز

الصورة معبّرة جدًا في وصف ما يحصل عند اقتراب “عيد الميلاد” لدى النصارى، حيث يُجبر العاملون في المصانع على العمل أكثر لتعليب المنتجات من الشركات الكبرى ويتلقّون أجورًا زهيدة ومعاملة سيئة للغاية. بدلًا من أن يكون سانتا كلوز مصدرًا للسعادة لهؤلاء، صار مُساهمًا في سبب بؤسهم وشقائهم. من يتلقّى تلك الهدايا الجميلة لا يدري ما يحصل هنا.

8- الرئيس القادم

تُظهر الصورة توقّعات نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. في 2016، انتصر دونالد ترامب على كلنتون وفاز بالرئاسة، في 2020، يتوقّع الفنان أن يفوز زوج كيم كاردشيان (مغنية أمريكية وعارضة إباحية) بالرئاسة، لتصبح السيدة الأولى عبارة عن ساقطة. بعدها يتوقّع أن يفوز أشخاص لا يزيد مستوى ذكائهم على مستوى ذكاء بطوط أو حجرة أو شطيرة همبرغر. تسخر الصورة من واقع الانتخابات الأمريكية المزري.

9- الأرض

بعد تحويل الكوكب إلى مكب نفايات ومكان لاستخراج الخيرات والثروات، تُحاول الأرض أن تصرخ من الألم والمعاناة نتيجةً لما أحدثه البشر فيها من قتل ودمار وحروب. إلّا أن صراخها لا يُخرج سوى المزيد من النفط.

10- الرأسمالي

يحمله الفقراء على ظهورهم ولا يعطيهم ما يكفيهم، تصير حياتهم بؤسًا ويصيرون أفقر كلّ يوم، بينما يصيرُ هو أغنى فأغنى.

11- رجال الأعمال

على حطام المدن وفوق الدمار، تجد رجليّ أعمال يقومان بعقد صفقة على الرغم من كل الدمار والخراب حولهما غير آبهين بما يجري. لعلها قد تصوّر صفقات إعادة الإعمار التي تجري حول العالم.

12- هواتف محمولة

في المواصلات والأماكن العامّة وفي المطاعم وأينما تذهب، لا تجد الناس إلّا ناظرين إلى شاشات هواتفهم الذكيّة تمامًا كالزومبي. الاستخدام الإدماني لهذه الهواتف ضعّف العلاقات البشرية بشكل كبير وجعلنا سجناء لتلك التطبيقات والخدمات.

13- فضلات الطعام

سمين وبدين يستمر في أكل فضلات الطعام من وجبات سريعة ومشروبات غازية. الصورة تصوّر تلك المشروبات وكأنها كيس أنسولين لا بد أن يبقى موصولًا بجسد المريض لتستمر حياته. وهي عادة لهذه العائلة حيث تجد في الصورة المعلّقة على الجدار الأب والأم وهم يقومان بنفس اﻷمر.

14- موظف جديد

موظف جديد في العمل يظنّ أنه حصل على أفضل عمل في العالم، لا يدري فيما دخل فيه لتوّه، ضبّاط الأمن يتجهون نحوه ليضربوه والموظفون من حوله يعملون بقلق وإجهاد خوفًا من الفصل والطرد.

15- الهاتف الذكي.. مجددًا

الهاتف الذكي يتحكّم بحياة الإنسان، الذي بدوره يتحكّم بالكلب والذي بدوره يتحكّم بالقطة.. وصولًا إلى أصغر مخلوق. كل واحدٍ من هؤلاء يتحكم برقبة من هو أكثر تأثيرًا وقوة منه. المشكلة هي أن الهاتف الذكي صار هو الموجّه لأفعالنا، وليس العكس.

16- ماركة

العلامات التجارية صارت هي كل شيء يوم، أن يكون هاتفك آيفون ويكون حذاؤك من أديداس يعني الكثير. الصورة تبيّن كيف أن دماغ المرء صار مفصّلًا على مقاس العلامات التجارية الحديثة وكيف أنّها تتحكم بعقولنا كيفما شاءت. انظر إلى الكم الكبير من الناس حوله الذين يعملون على نحت تلك الصورة النمطية فيه.

17- سلفي

لعل هذه الصورة واضحة لوحدها هي الأخرى. التقاط ما يُعرف بصورة “سلفي” لنشرها فقط على مواقع التواصل والتباهي بها بدلًا من أن تكون صورة عادية للذكرى.

18- التعليقات

في قسم التعليقات على مواقع الإنترنت المختلفة، بمجرّد أن تقوم بإدلاء رأيك وإذا بوحوشٍ بشرية تحاول افتراسك ومهاجمتك فقط لأنك أدليت برأيك. التعليقات غالبًا ما تكون سليطة وغير محترمة وهي انعكاس لظاهرة التنمّر عبر الإنترنت.

19- التلوّث

هذه القصاصة تُظهر سمكة ميتة وبداخلها العشرات من نفايات المصانع والمعامل التي يتم قذفها في المحيطات. التلوّث الناتج عن هذه المصانع كارثة حقًا ويسبب دمار وموت آلاف الكائنات في اليوم. يبدو أنّه حتى الأسماك لم تسلم من النزعة الاستهلاكية.

20- بوكيمون

لعبة بوكيمون الجديدة هي لعبة للهواتف الذكية، تجعلك تتحرك خارج المنزل للبحث عن أماكن تواجد أنواع مختلفة من “البوكيمون”. كلّما وجدت واحدًا كلّما ازدادت نقاطك. الصورة تبيّن كيف أنّ هذه اللعبة وصلت إلى درجة أن تتحكم بخطوات سير البشر وإلى أين يذهبون، فقط من أجل لعبة! البوكيمون يجلس على الكرسي كالرئيس غير مكترثٍ بما يجري طالما أنّه يحصد الأرباح.

21- سانتا المتوحش

في شهر نوفمبر من كل عام، تبدأ الكثير من التخفيضات على مختلف أنواع المنتجات الاستهلاكية مثل ما يعرف بـ”الجمعة السوداء”. تبيّن هذه الصورة كيف أنّ سانتا كلوز تحوّل إلى أداة بيد رجال الأعمال للتسويق لبضائعهم وحث الناس على المزيد من الاستهلاك والشراء خلال هذه الفترة.

22- حياة تعيسة وهمية

الحياة الحقيقية ما هي إلا جبال من الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة التي تتفاعل فيما بينها خاليةً من أي روح أو صفاء بشري. ترى هنا كيف يقوم أحدهم بطلاء الشجرة الميتة باللون الأخضر ليحاول إضفاء الحياة عليها رغم أنّه هو بنفسه إنسانٌ آخر تعيس. لعل الصورة تصوّر كيف يقوم الناس بإبراز أنفسهم عبر الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية على أنهم سعداء بالحياة، بينما يقتلهم البؤس والشقاء في الواقع.

23- باركود

الصورة بسيطة وواضحة جدًا: حتّى قيء الإنسان صار مجرد خليط من منتجات استهلاكية مختلفة يمتلك كلٌ منها باركود مختلف. لاحظ جسده المتعب والمترهّل بسببها.

24- الإعلام

مالذي سنشاهده في التلفاز اليوم؟ لا شيء سوى ما كنت لتقرأه في الجريدة. أي قمامة فكرية تتقيأها الصحافة ستكون هي ما تشاهده أنت وأسرتك كل يوم. لاحظ كيف أنّ اسم الصحيفة هو “الهراء اليومي”.

25- الوحدة

في عصر الهواتف المحمولة صار الإنسان الذي لا يستخدم الهاتف وحيدًا; لا يوجد من تتحدث معه. الجميع ينظر إلى هاتفه ويعمل عليه كأنّه مدمن مخدرات. إذا نظرت حولك فلن تجد سوى نفسك.

خاتمة

لدى ستيف كوتز الكثير من الأعمال الفنيّة التي تصوّر الهيمنة والرأسمالية العالمية كما هي اليوم. يمكنك الاطلاع عليها جميعًا من موقعه الرسمي. من الجميل أن نرى توظيف شيءٍ مثل الفن كأداة نافعة في مواجهة العولمة الحديثة، ولعل هذا يفتح المزيد من الآفاق لاستعمال مجالاتٍ أخرى في نفس الطريق.

محمد هاني صباغ

شاب مسلم، مؤسس عدد من المبادرات العربية والعالمية عن البرمجيات الحرّة والمفتوحة. مبرمج ومدوّن. كاتب… More »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى